خطورة الحياة المترفة
القديس اكليمندس السكندري
أما النِساء الأكثر تهذيباً يربون الطيور الهندية والطاواويس المديانية. يبقونها على أرائكهم بينما هم يضطجعون، ويلعبون مع هذه الحيوانات ذوات المناقير، ويسلون أنفسهم بهذه المخلوقات غير الجميلة، التي تتصرف مثل آلهة الغابات الإغريقية. يشترون (الحيوانات الأليفة) بثمن باهظ، ويفتخرون بهذه الحيوانات أكثر مما يفتخرون بأزواجهن. يزجرون الأرملة المتعقلة، مع أنها أكثر أهمية للغاية من جروهم المستورد (من ميليتيا).
يهملون الرجل المسن الصالح، الأفضل شكلاً بحسب ما أرى من أي حيوان مُشترى. لا يقتربوا حتى من أي طفل يتيم، بالرغم من أنهم يطعمون ببغاواتهم ودجاجاتهم البرية بأياديهم الخاصة. بل والأسوأ من ذلك، يُهملون الأطفال المولدين لهم حتى الأذى، ومع ذلك يُغدقون العناية بذرية الطيور التي لهم. يضعون الحيوانات غير العاقلة في منزلة وقيمة أعلى من البشر العاقلين، بالرغم من واجبهم هو توقير أولئك الرجال الذين يعززون ضبط النفس، الذين هم أكثر وسامة على ما أعتقد من قرودهم، وقادرين على الكلام بمقاطع أكثر بلاغة من عصافيرهم المغردة (عندليبهم).
أن الكتاب المقدس يقول لنا: “بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ” (مت 25: 40). ومع هذا يفضل هؤلاء النساء الحماقة أكثر من ضبط النفس، إذ أنهم يحولون كل معيشتهم إلى حجارة: لآلئ وزمرد من الهند. في الحقيقة هم يلقون بأموالهم بعيداً، ويهدرونها في الأصباغ التي تبهت، وعلى العبيد التي تشترى بالمال، فهم مثل الدجاج المتخم ينبشون في مزابل الحياة. لقد قيل “الفقر يذل الإنسان”، يقصد هنا فقر البخيل، الذي يجعل من الغني فقيراً في الكرم، كما لو أنهم لم يمتلكوا شيئاً لكي يعطوا.
No Result
View All Result