هل الشيطان موجود؟
الأب أنطوان يوحنّا لطّوف
يقول البعض “الشيطان غير موجود ككائن له عقل وإرادة وقوّة، بل هو فكرة مجرّدة والشرّ في الإنسان والطبيعة. وأنا أقول إسألوا آدم وحوّاء مَن سبَّبَ سقوطهما (تكوين 6:3؛ رؤيا 9:12-10). واسألوا بولس الرسول الذي يؤكِّد هذه الواقعة: “أخشى عليكم أن يكون مَثَلُكم مثَل حوّاء التي أغوتها الحيَّة بحيلتها، فتَفسُد بصائركُم، وتتحوّل عن أمانتها للمسيح” (2 كورنتس 3:11). واسألوا التعليم الرسميّ للكنيسة الكاثوليكيّة. واسألوا آباء الكنيسة القدّيسين الذين لم ينكر أيّ منهم وجود الشيطان كشخص. واسألو الليتورجيا في جميع طقوس الكنائس اللاتينيّة والبيزنطيّة والمارونيّة والقبطيّة…
أو اسألوا لشيطانيّين أنفسهم: إسألوا هيلينا بلافاتسكي Blavatsky (1831-1891) التي أسست سنة 1875 الجمعيّة “الثيوزوفية” (الشيطانيّة)، وأنشأت لها فروعًا عديدة جدًا لعبادة الشيطان في أنحاء العالم. واسألوا أليستر كراولي Crowley (1875-1947) الذي أنشأ ديانة “ثيلما” التي تَعبُد عدّة آلهة، وشِعارُها “إفعل ما يحلو لك فهذا كمال الشريعة”. واسألوا أنطون لافاي LaVey (1930-1997) الذي كتَبَ “الإنجيل الشيطانيّ”، مُتأثِّرًا بتعاليم أليستر كراولي وهيلينا بلافاتسكي، وأسس “كنيسة الشيطان” في سان فرانسيسكو سنة 1966. واسألوا تمثال إبليس المسمّى”بافوميت” الذي عبده الشيطانيّون في القرون الوسطى وأعادَ عبادتَه الساحر إليفاس ليفي Levi سنة 1856.
واسألوا الشيطانيّين جميعًا، هل يعبدون كائنًا ذا عقل وإرادة وقوّة، أم يعبدون مجرّد “فكرة”؟ واسألوا عبدة الشيطان والسحرة بأي قوة يقومون بالسحر وينزلون اللعنات؟ هل بقوة “فكرة”؟ ولمن يقدِّمون طقوسهم وذبائحهم الحيوانيّة والبشريّة، من أطفال ونساء حوامل، ويأكلون من لحمها ويشربون من دمها؟ ولمن يقومون بطقوس الفحش والدمّ؟ هل تقدَّم هذه إلى الشيطان كشخص، أو إلى مجرّد “فكرة” هي الشرّ في الإنسان والطبيعة والكون؟
الكتاب يقول إنّ إبليس يظهر في آخر الزمان ويجلس في هيكل الله ويزعم أنه إله، ويأتي بآيات كاذبة ويُضلّ كثيرين (2 تسالونيكي 9:2-12). فهل هذا القول ينطبق على مجرّد فكرة، أو على شخص؟ وأخيرًا، يقول الكتاب إنّ الرّب يسوع “يُبيدُه بنفخَةٍ من نَفَس فمه، ويمحَقُهُ بضياءِ مَجيئه” (أشعيا 4:11؛ 2 تسالونيكي 8:2؛ رؤيا 16:2)، ويُرسله مع أتباعِه إلى مُستنقع الكبريت والنّار، ليُكابدوا العذاب أبد الدّهور (رؤيا 10:20).
وقد سمّاه الربّ يسوع “إبليس الكذّاب أبو الكذب الذي كان منذ البدء قتّالًا للناس” (يوحنّا 44:8). فهل هذا الكلام ينطبق على “فكرة مجرّدة” أم على شخص؟ فمن ينكر وجود الشيطان يشبه شخصًا يتهدّده ويتهدد بيته وأسرته “الدّمار والخراب والهلاك”، وهو يُردِّد إنّ “المخرّب والمـُهلك والمدمِّر” غير موجود – مع الملاحظة إنّ “الدّمار والخراب والهلاك”، و”المـُدمِّر والمـُهلِك والمـُخرِّب الشنيع، ورجاسة الخراب” هي أيضًا أسماء إبليس في الكتاب المقدّس (دانيال 31:11؛ متى 15:24؛ رؤيا 11:9).
No Result
View All Result