خميس الجسد
عيش حبّ المسيح في سرّ القربان
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بعيد خميس الجسد بعد عيد الثالوث الأقدس أي الخميس الثاني من العنصرة، فهو فعل تمجيد وتعظيم للقربان المقدّس، جسد ودمّ سيّدنا وإلهنا يسوع المسيح المُعطى لنا لمغفرة الخطايا ولننال ميراث الحياة الأبديّة. كما أنّ خميس الأسرار هو العيد الرئيسيّ للقربان المقدّس، أيّ ليلة العشاء السرِّيّ وتأسيس سرّ الكهنوت، وهي الليلة التي أعطى فيها السيّد المسيح تلاميذه سلطان التّعليم واقتسام الجسد السرّيّ. وقال للرسل وهم مجتمعون معه في العلّيّة يوم خميس العهد: “هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري” (لو 22: 19).
إن الكنيسة تحتفل بهذا العيد المبارك، وهي ترفع آيات الشكر، ونحن نشترك معها بهذا الفرح العظيم، بلقاء مصدر الحياة أيّ خبز الحياة الأبديّة، ونحن نعيد إحياء ذكرى العشاء الأخير وموت المسيح.
ونشهد عند تناول القربان المقدّس أنّنا نتّحد بالمسيح إلهنا ومخلّصنا عن قرب. كما يوحّدنا أكثر تناول جسد الربّ المقدّس مع الآخرين. ومن ثمّ، إنّ القربان المقدّس هو الذي يوحّدنا مع ربّنا يسوع ومع كلّ الإخوة والأخوات المؤمنين في كنيستنا المقدّسة. ويجعلنا القربان المقدّس ندرك عن يقين أنّه سرّ حياة الكنيسة ورسالتها الجوهريّة. من هنا، ينبغي علينا ومن خلال قوّة نعمة الرّوح القدّس أن نجدّد كلّ حين إيماننا بسرّ القربان الأقدس، مؤكدين أنّه محور الكنيسة وغايتها الأسمى في تحقيق ذاتها بفضل إيمانها الراسخ في الإفخارستيا.
وفي النهاية، نسألك يا إله الحبّ، فادينا الحبيب، أن تهبنا نعمة عيش حبّك في سرّ القربان الأقدس، ولنسجد بكلّ نقاء وخشوع أمام جسدك المقدّس ودمك الطّاهر، ولتصبح حياتنا بنعمة روحك القدّوس قربانة بيضاء تنير ظلمة قلوبنا، ولنولد معك كلّ يوم من جديد في سرّ القربان، فانتصارنا الأكبر في الوجود، أن نحيا بك وتحيا بنا قربانًا حيًّا مدى الحياة حتّى انقضاء الدهر.