سرّ الاتحاد بالله
“عندما يجري البحث عن مشيئة الله، مِن الأوْفََق، بل مِن الأفْضَل بكثير، أن يُشرك الخالق والسيّد النفسَ الأمينة في ذاته، مُعانقاً إيّاها في حبّها وتسبيحها إيّاه”.
إنّ ذلك الاتّحاد يُعرّفك “معرفةً باطنيّة” بسرّ علاقة اتّحاد قلبك بقلبه، وسرّ ملء الألفة والعشرة بين مشيئته وإرادتك، فتعلمان، وحدكما، سرَّكما الحميم.
إلاّ أنّ ذلك الاتّحاد لا يعني إطلاقاً ذوبانك فيه، أو تلاشي إرادتك في مشيئته، أو امتصاص مشيئتِه إرادتَك الحرّة.
كلاّ! تذكّر أن يسوع القائم، بعدما كشف عن ذاته لتلميذي عمّاوس، “غاب عنهما”، وذلك ليتيح لإرادتهما الحرّة أن تتحقّق في خضمّ الحياة، مثل البحر الذي ينسحب فيسمح للأرض بأن تظهر.
ولذا فقد قالا: “ألم يكن قلبنا متّقدًا عندما كان يحدّثنا في الطريق؟”. فقد أدركا عمق ما اختبراه، لا عندما كان حاضرًا، بل عندما اختفى، وحينذاك حكّما عقلهما ومشاعرهما وإرادتهما الحرّة، وأيقنا ما عاشاه.
وأنت أيضًا، عندما تبحث بصدق عن مشيئته تعالى عليك أثناء رياضة روحيّة، بإرشاد مُرافق ، تختبر شيئاً عميقًا واقترابًا منه حميمًا؛ وعندما تعود إلى حياتك العاديّة، تدرك أنّ قلبك كان مضطرمًا حبّا له.
القديس اغناطيوس دي لويولا