المال.. هل هو خير أم شر؟
للمال سطوته حتى أنني اتعجب من قول سيدنا المسيح له المجد: “لا يقدر احد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر لا تقدرون أن تخدموا الله والمال” (مت 6: 24).
فكيف يوضع المال مع الله؟ أو كيف تتصارع محبتنا وخدمتنا للمال مع محبتنا وخدمتنا لله؟
ولهذا نتصور -وللوهلة الأولى- أنه لو كان الأمر هكذا فالمال بلا شك شرًا عظيمًا، غير أننا نحتاج لأن نتأمل بعض الآيات الأخرى والتي تتحدث عن المال لكي نعرف إن كان المال خيرًا أو شرًا.
وقد سبق ورأينا أن الغنى (كثرة المال والذهب والمقتنيات) قد يكون بركة وعطية من الله لمحبيه كقول الرب لسليمان: “وقد أعطيتك أيضًا ما لم تسأله غنى وكرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل أيامك” (1مل 3: 13).
إذن فالمال خير وبركة، وعلينا هنا أن نميّز بين المال من جهة ومحبة المال أو الاتكال عليه من جهة أخرى، فالمال وسيلتنا لإشباع حاجاتنا الأساسية والضرورية، فمن أين لنا -بغير المال- أن نحصل علي الطعام والشراب والملبس والسكن والعلاج… إلخ.؟
باقتنائنا المال نستطيع الحصول على كل ما نحتاجه لكي نعيش.
ولكن هناك من يسعى للحصول علي المال لا ليشبع حاجاته الأساسية فقط، وإنما لاكتنازه وللاعتماد عليه في تحقيق السلطة والقوة أو لإشباع شهواته ونزواته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. والغريب أن بعضهم وبعدما يصيرون أغنياء تجدهم بخلاء جدًا فيجدون لذتهم فقط في جمع المال والمزيد من المال ويرتعب لو أحس أن ماله يصيبه النقصان.
هذه هي محبة المال التي قال عنها معلمنا القديس بولس الرسول:
“لان محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة” (1تي 6: 10).
وبخصوصها أوصى بأن نتجنب محبة المال:
“لتكن سيرتكم خالية من محبة المال كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك” (عب 13: 5).
أذكر أني في افتقادي لأحدى الأسر قابلت رجلًا تكلم كثيرًا عن أمواله وعن أملاكه الكثيرة وكان يرى فيها سبب احترام الناس له وسبب قوته في المواقف المختلفة وبينما يتكلم الرجل تذكرت كلمات سيدنا المسيح له المجد:
“… يا بني ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله” (مر 10: 24).
ثم يأتي السؤال الصعب: هل من الخطأ أن يسعى الإنسان لكي يصير غنيًا؟
قد سبق لنا القول أن الأغنياء ليسو بالضرورة أشرارًا فهناك رجال الله الذين كانوا أغنياء، ولكننا نعمل بأمانة ولا نسرف المال ونتقي الله فننال بركته وقد يهبنا الغنى، انظروا لما يقوله يشوع بن سيراخ:
“طوبى للغني الذي وجد بغير عيب ولم يسع وراء الذهب” (سيراخ 31: 8).
فلا تهتم بأن تكون غنيًا فقط أهتم بإرضاء الله وكن أمينًا في القليل فيقيمك ويأتمنك الرب علي الكثير.
مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية
كتاب التدبير المالي للأسرة – القمص رافائيل نصر
No Result
View All Result