21 حزيران عيد الأب
باسم الآب والابن والروح القدس، آمين ” أما أنا وأهل بيتي فنعبد الرب “(يشوع 24)
أيها الأحباء : كما تعلمون اننا في هذا اليوم المبارك نحتفل معا بعيد الأب، أي نكرم اليوم آباء الاحباء في هذه الرعية المحروسة بقوة الصليب المحيي. اذ نرفع القرابين الالهية على مذبح الرب لاجل توفيق وصحة اباء هذه الرعية وكل المختصين بهم .
أما بعد، من هو الأب الحقيقي لكل عائلة من عائلتكم؟ هل الزوج؟ او الوالد؟.
أن الله هو الأب الحقيقي لكل عائلة ولكل انسان،” فالوالد هو الوالد وليس الأب. لان الله الآب هو الأب. والوالد يلد لكي يسلم أولاده لابيهم الحقيقي.
لقد اعتاد الشعب في العهد القديم ان يجتمع على مائدة الفصح ويتناول تلك الوجبة العائلية المقدسة بتقليد اجتماعي ديني وكانت العائلة كلها تجتمع حول المائدة تاركين راس الطاولة فارغا وذلك ايمانا منهم ان هذا المكان الراس هو لله الأب الحقيقي، بينما الوالدن كاعضاء واخوة اكبر على طرفي الطاولة التي لها الأب الواحد وهو الله .
هذه الصورة الحقيقية والنهائية للعائلة، لكن لم تكتمل الى ان جاء يسوع المسيح في العهد الجديد،ا اذ اخذ رباط العائلة صورته الروحية وشدد على الرباط الروحي اكثر من الرباط الجسدي كما كان في العهد القديم.
لانه لا يفيد الرباط الجسدي للعائلة اذا لم يكن هناك رباط روحي. وتحديد الأب الحقيقي والدور الحقيقي للوالد .
لقد جاء يسوع الى العالم ليكشف للناس ان الله هو ابوهم، وان الله ليس قاضيا ولا حاكما، لذا العهد الجديد يشدد على ان الله أبٌ ليس بصفة حنانه وعطفه ولكن بصفة عضويته .
هنا يسأل القديس مكسيموس لماذا تجسد الابن من الثالوث الاقدس؟ يجيب القديس لكي يظهر الله كأب، عندما سينادي يسوع الله: أبّا، أيها الآب، وهذا اللفظ يعادل لفظا ” يا بابا”، ويحمل نوعا من الدالة لم يكن يعرف لها مثيل قبل يسوع .
في المسيحية يا احبائي: هناك تمييز بين ” الأب” وهو الله وبين الوالد والوالدة، دور الوالد او الوالدة هو ان يسيروا بأولادهم إلى ابيهم الحقيقي، اي الى الله. لذلك لا تبنى العائلة دون الأب وهو الله وليس الوالد، من هذا المنظار بحسب تعبير الذهبي الفم :” الوالد الذي لا يقود اولاده الى ابيهم السماوي هو بالاحرى قاتل” .
لأجل هذا ايها الاباء الاعزاء: فعلى الوالد الذي يحب عائلته طبقا للتعاليم الكتاب المقدس، انما عليه ان يهتم اولا بتأمين الحاجة الروحية لعائلته، فيجعلها متصلة بالأب الحقيقي اي الله اتصالا وثيقا،وهو يدرك ان سعادة عائلته يجب ان تبنى على اساس من العلاقة الابوية الحقيقية بالله، ويكون هذا اعتراف عملي بالمكانة الاولى في حياتهم العائلية .
الواجب الاسمى على الأب المسيحي،الوالد، هو ان يهتم بقداسة عائلته ومثاله على ذلك هو المسيح الذي ضحى بنفسه من اجل عائلته الكبيرة اي الكنيسة لكي يقدسها .
لا يكفي للوالد ان يقود افرد اسرته الى الحياة المسيحية فتنتهي مسؤوليته بل عليه ايضا ان يبذل كل ما في وسعه ليجعلها مستحقة للحصول على بركة الله الكاملة في الكنيسة. وايضا ان يبذل كل ما في وسعه لا لتبقى فقط بل لتصير ثابتة وكاملة في القداسة .
ايها الوالدون: عليكم ان تدركوا ما دعاكم الله اليه لتكونوا رأسا روحيا لعائلاتكم، فكما كان المسيح مسؤول عن العناية بالكنيسة العائلة الكبيرة ونموها، كذلك انتم مسؤولون عن العناية الروحية بعائلاتكم وبنموها، هذا يعني عليكم ان تمشوا امامها في طريق الصليب، فهذا اصدق المثل لمعنى التضحية بالذات.
لذلك رب الاسرة المسيحية اي الوالد لا يعمل لأجل الجاه والمال ولا بكثرة البنون بل يعمل لتكوين اسرة نموذجية، يعمل لعائلة لتكون ايقونة تشرح فعل الروح القدس.
ايضا يعمل الوالد قبل كل شيء تعليم وتسليم الايمان للعائلة، اي تسليمهم الحياة التي تقودهم الى الله الآب، وان يقدم التعليم والاعتماد على أب روحي للعائلة كمعلم للايمان، وان يكون الوالد بقرب ابنائه ليس من حيث السكن فقط بل بتعليمهم حياة الفضائل وتدربيهم عليها وايضا تدريبهم على التسبيح والمزامير ويؤمن لهم المعشر الجيد وهكذا يسعى الوالد الى تكوين بيتا ملوكيا للسيد ويمنع اللصوص من سرقة الوديعة التي فيها .
هكذا يساهم الوالد المسيحي في تكوين الكنيسة البيتية القائمة على المحبة والتفاهم وزرع مخافة الله التي هي بدء الحكمة، فيكون المسيح في وسطهم وتتحول العائلة كلها الى فردوس صغير ويقول لسان حال الوالد انا واهل بيتي نعبد الرب، آمين.
صفحة السراج الأرثوذكسي