دير مارت مورا – اهدن
بحسب البطريرك الدويهيّ
مارت مورا (10 تشرين الثاني)
كانت مورا امرأة تقية ورعة من مسيحيي الصعيد في مصر، مقترنة بالزواج مع شماس يدعى تيموتاوس وفي عهد الامبراطور الروماني يوكلتيانوس، عندما اشتد الاضطهاد على المسيحيين في مصر، دعا الحاكم اوربانوس مورا وزوجها إلى ترك المسيحية وعبادة الأوثان، فرفضا بشدة، عند ذاك سامهما ألوانًا مبرحة من العذابات فزادا إصرارًا على التمسك بالمسيح. فحكم عليهما بالموت صلبًا. فصلبوا الزوج أولاً علّ ذلك يخيف الزوجة، فما كان من مورا إلاّ أن أخذت تشجّع زوجها على الشهادة، ثمّ صلبوها إلى جانب زوجها، وكان ذلك حوالي سنة 283 للمسيح.
تكريم القديسة مورا قديم جداً في اهدن، يشهد على ذلك دير مارت مورا الشهير في البلدة الذي تأسس عام 1339. فبعد أن استقر الاهدنيون في زغرتا في بداية العهد العثماني بفترة قصيرة، بنوا معبداً صغيراً على اسم مارت مورا على الجهة الشرقية من زغرتا قرب محلة «معيقل» على ضفة نهر رشعين. وكان يقصده العاملون والمارّون بالبساتين للتبرّك فيضيئون الشموع أمام صورة القديسة مورا.
وقد هدم هذا المعبد الصغير وأعيد بناؤه أكثر من مرة.. ومنذ حوالي عشرين سنة أعيد بناؤه على الطراز الحديث، وعادت الشموع والزيوت تضاء من جديد في داخله طلباً للشفاعة.
إنّ دير مرت مورا من الأديار القديمة في لبنان ومن أشهرها في التاريخ الديني سكنه مطارنة إهدن ردحًا من الزمن وبعدهم سكنه نسّاك ورهبان ملأوا البلاد من عبير قداستهم ونور علومهم. يعود تاريخ بنائه إلى القرن الرابع عشر (عام 1339) كما يقول الدويهي.
كان دير مرت مورا أوّل كرسي لمطرانيّة إهدن، قبل انتقالها إلى دير مار سركيس رأس النهر ثمّ إلى مار يعقوب الأحباش فمار جرجس (القديم) وقد سكنه المطارنة الإهدنيون. وفي هذا الدير أبصرت النور الرهبانيّة اللبنانيّة المارونية.
يقع هذا الدير التاريخي في الجهة الجنوبية الغربية من إهدن في مكانٍ عالٍ يشرف منه على وادي قزحيا السحيق وعلى البحر المتلألئة أمواجه من خلال الجبال الشامخة يتمتّع الجالس في ساحاته بمناظر جميلة خلاّبة.
يتألّف الدير الآن من كنيسة وغرفة كبيرة ملاصقة والاثنتان معقودتان بالحجارة. باب الكنيسة من الجهة الغربية أمّا باب الغرفة ففي الجهة الشرقية ولا يزال المذبح باقيًا على حالته القديمة. تمّ الانتهاء من ترميم هذا الدير التاريخي، ترميمًا أثريًا متكاملاً سنة 1983، ويعتبر مركزًا أثريًا.
تاريخيا
كتب العلاّمة البطريرك المكرّم إسطفان الدويهي الإهدني على كتاب إنجيل كان محفوظاً في كنيسة بجّة في جبيل أن دير مارت مورا في إهدن بُني سنة ١٣٣٩م.
يقع هذا الدير على شير إهدن فوق وادي شوريا ويطلّ على وادي قزحيا وقاديشا ومحاطاً بسلسلة من الجبال الشاهقة.
في هذا الدير اتّفق الآباء جبرائيل حوا وعبد الله قرألي ويوسف البتن على وجوب تأسيس رهبانية. فعرضوا الامر على البطريرك المكرّم الدويهي الذي بارك الخطوة وتأسست الرهبانية المارونية البلدية سنة ١٦٩٥.
اليوم العاشر من شهر تشرين الثاني سنة 1695 لبس الثلاثة، جبرائيل حوا وعبد الله قرألي ويوسف البتن، الإسكيم الرهباني عن يد البطريرك اسطفانوس الدويهي، ورأسوا عليهم الأب جبرائيل حوا، وأقاموا في دير مرت مورا بإهدن بعد أن جدّدوا بناءه وأحاطوه بسور وابتاعوا له أثاثًا… ثم أخذوا بتنظيم قانون لهم.
وأوقف له في آب سنة ١٦٩٥ جيران الدير ارزاقهم المحيطة وتعتبر هذه “الوقفية” الإهدنية أول وقفية رهبانية في تاريخ الطائفة المارونية…
وكان هذا كرسياً لمطرانية اهدن. وقد سكنه المطارنة الإهدنيون بطرس ويعقوب وبطرس ستيتة وبطرس ابن القس سمعان (1316-1409).
بحسب البطريرك الدويهيّ كان دير مرت مورا أوّل كرسي لمطرانيّة إهدن، قبل انتقالها إلى دير مار سركيس رأس النهر. سنة ١٦٩٥ أعطى البطريرك الدويهيّ الدّير لمؤسسي الرهبانيّة الحلبيّة اللبنانيّة ليختبروا قانونهم الجديد وحياتهم المشتركة، فانضمّ إليهم آخر ناسك عاش فيه وهو أنطونيوس الإهدني. سنة ١٦٩٨ انشقّ بعض الرهبان عن قرعلي وأسسوا رهبانيّة جديدة مع جبرايل حوّا في مارت مورا لم تدم طويلًا. يتألّف الدير من كنيسة ذات عقد سريريّ، وغرفة كبيرة ملاصقة.
ورُمّم هذا الدير مراراً وكان آخر مرة في آب ١٩٨٣ حيث اهتمت به ماري سعاده المعروفة بالـ CHERIE MARIE بتمويل من الاستاذ روبير سليمان فرنجية. واليوم أعيدت الحياة الى الدير بعد شق الشارع فوقه والمعروف بشارع العلّامة الاب يوسف يمين الإهدني، وبعد توسيع حدائقه وتحول الدير الى مكان للمناسبات.
ما معنى كلمة “مار ” و “مارت” السريانيتين التي نقولها للقديسين والقديسات وللبطاركة والمطارنة؟
ما معنى كلمة “مار ” و “مارت” السريانيتين
مار ܡܰܪܝ– مرت ܡܰܪܬ:
مار ܡܰܪܝ = كلمة سريانية للمذكر معناها: سيد، قديس، مولى.
مارت ܡܰܪܬ = كلمة سريانية للمؤنث معناها: سيدة، قديسة.
“مارت” أو “مُرْت ܡܶܪܬ” (بضم الميم ) أي السيدة.
مار ܡܰܪܝ: لقب للقديسين، فنقول:مار اغناطيوس، مار سويريوس، مار جرجس، مار انطونيوس.
بين دير مارت مورا ودير مار يعقوب… البطريرك اسطفان الدويهي مرّ من هنا
ورد ذكر دير مارت موراللمرة الأولى في حاشية من إنجيل وجد في كنيسة بجه في بلاد جبيل في عهد البطريرك إسطفان الدويهي يعود إلى عام 1339م.
وفي حقبة لاحقة تسلمه جبرائيل حوّا وعبد الله قرأعلي ويوسف البتن من البطريرك إسطفان الدويهي عام 1695 والتحق بهم جبرايل فرحات، وتنازل المالكون عن حقوقهم للرهبانيّة التي أسسوها بموجب صك رسمي: “… وجه تحرير الأحرف هو أنّنا نحن المحررة أسماؤنا… الواضعين اليد على وقف مرت مورا قد تنزلنا على الدير والوقف المذكور،وسلّمناه في يد الحلبية... وصرفناهم بجميع ما يخص الدير المذكور، يعمروا ويخربوا… ولا أحد منا يعترضهم بشيء، وعلى ذلك وقع الرضا في أول آب عام 1695…”. فرمّم واتّخذ مقر الرئاسة العامة: “…وأخذنا في البنيان وترميم الدير مدة شهرين وكانت النفقة من مال القسّ جبريل والشماس يوسف البتن…”. هجره الرهبان عام 1701.
ولم يبق منه سوى بعض الجدران المزعزعة التي تحمل نقوشاً مزخرفة، إضافة الى النوافذ المكسّرة والأقبية غير الصالحة للسكن. وتسعى الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة منذ 17 كانون الثاني عام 1995 الى إعادة إحياء هذا التراث الرهباني.
أما دير مار يعقوب فلا يزال الغموض يلف تاريخ تأسيس هذا الدير… رمّمه البطريرك إسطفان الدويهي عام 1657 وأسس فيه مدرسة لتعليم الأولاد مبادئ اللغة السريانيّة والعربيّة. ولم يبق منه حالياً سوى بعض الجدران المزعزعة التي تحمل نقوشاً مزخرفة، إضافة الى النوافذ المكسّرة والأقبية غير الصالحة للسكن.
(من كتاب أرض القداسة – محافظة الشمال)