في الرّبع الأخير من القرن التاسع عشر بنيت كنيسة التجلي على تلّة في وسط الغابة الدهرية، من جذوع وأغصان الأرز، وكان يعاد بناؤها كلّما حطمتها الثلوج، وإلى جانبها تنسّك الجرس في عبّ أرزة دهريّة.
يَعودُ بِناءُ كَنيسةِ التَّجَلّي في غابَةِ أَرزِ الرَّبّ – بشَرّي، إلى العام 1884 وذَلِكَ بِسَعيِ وَهِمَّة الخوري “يوحَنّا شِبَّيعا”، الذي استحصَل على قرار بَطرِيَركِيّ بتشييدها، في عَهدِ البَطرِيَرك “يوسُف حبَيش” (1823-1845).
في البَدء، كانَت الكَنيسة مَبنِيَّة مِن جُذوعِ وأَغصانِ شَجَرِ الأَرز، وَكانَ يُعادُ بِناؤُها، كُلَّما تَهَدَّمَت بِفِعلِ تَراكُمِ الثُّلوج. وفي العام 1936، عَمَدَ المونسينيور “إِغناطيوس كَيروز” إلى سَقفِها بِأَلواح التَّنَك، ثُمَ في العام 1983، غَدا سَطحُها مِنَ الباطونِ بِهمَّةِ الخوري “جورج جوريّة رَحمة”، وَكيل الكَنيسة آنذاك. أمّا في العام 1990، فقد أعادَت لَجنَة أَصدِقاءِ غابَةِ الأَرز تَرميمَ الكَنيسة مِن الخارِج والدّاخِل، كَما تَمَّت صِيانَةُ مَذبَحِها وأيقونَةِ التَّجَلّي الَّتي تَعلوه، وَكِلَيهما مَصنوعَين من خَشَبِ الأَرز.
وَمَع مَجيئِهم، إستَمَرَّ المَسيحِيّونَ باستِعمالِ خَشَبِ الأرزِ في بناءِ المَذابِح، ونَحتِ التَّماثيلَ، وصُنعِ الصُّلبانِ، وتَشييدِ الكَنائس… وأشهرها، “كَنيسة القَبرِ المُقَدَّس” في أورَشليم، و”كَنيسة المَهد” في بَيتَ لَحم، و”كَنيسة صور” المَبنِيَّة في العام 75 والَّتي صَلّى فيها “القِدّيس بولُس”، و”كَنيسة القدّيسة مَريم المَلكية” في أورشليم و”كنيسة القدّيس بولس” في روما… كذلك وُجِدَت قِطعٌ مِن خَشَبِ الأَرز في “كَنيسة القدّيس سِرجيوس” في مَدينةِ الرَصافَة في بادِيَةِ الشّام، وفي “كَنيسَةِ التَّجلّي” في سيناء، وفي “كَنيسَةِ القدّيسة ماريّا لابلانكا” في مَدينةِ توليدو الإسبانِيَّة، وتَماثيل “كاتدرائيّة القدّيس مَرقُص” في مَدينةِ البُندُقِيّة الإيطاليَّة، كما أنَّ المَقاعِد الخَشَبيّة في خورُس “كاتدرائيّة القَلب الأَقدَس” في مونمارتر الباريسيّة، مَصنوعَة مِن خَشَبِ الأَرز.
وَوُجِدَت في “كَنيسَةِ قَصرِ الميرامار” في مَدينةِ تريستِ الإيطاليّة، كِتابةٌ على أَحَدِ جُدرانِها، تُشيرُ إلى أَنَّ خَشَبَ الأَرزِ المُستَعمَلِ هو مِن لُبنان…
وفي العام 1674، أَهدى البَطرِيَرك “إسطفان الدُّوَيهيّ” (1670-1704) جِذعَ أَرزَةٍ، إِقتَلَعَتها العاصِفةُ، إلى المَلِك “لويس الرّابِع عَشَر”، بهدف استِعمالِها لِأَعمالٍ فَنِيَّة…
وعَلَيه، وفي السّادسِ مِن شَهرِ آب مِن كُلِّ عام، يُحتَفَلُ بِمُناسَبَةِ عيدِ التَجَلّي، في غابَةِ أَرزِ الرَّبّ، في بشَرّي.