البيان الختامي لسينودس أساقفة الكنيسة المارونية
من 6 الى 9 حزيران 2018
مقدمة
1 – بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق الكلّي الطوبى، إجتمع أصحاب السيادة مطارنة الكنيسة المارونيّة في الكرسيّ البطريركيّ في بكركي للمشاركة في الرِّياضة الرُّوحيَّة السنويَّة وفي أعمال السينودس المقدَّس. وقد توافدوا من أبرشيّات لبنان والنطاق البطريركيّ (سوريا ومصر والأردنّ والأراضي المقدَّسة وقبرص) وبلدان الانتشار (فرنسا وايطاليا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركيّة وكندا والمكسيك والأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وأستراليا وأفريقيا) حاملين معهم هموم أبنائِهم وشجونهم وآمالهم وتطلّعاتهم وشاكرين الله على ما يحقّقون من إنجازات في حمل الرِّسالة الإنجيليّة. وطالبين منه أن يُعينهم على تحقيق ما يصبون إليه في إظهار وجه المسيح الرَّحيم والمحبّ لجميع البشر وبثّ روح الرَّجاء والثقة بالله.
التقوا جميعهم بروح الأخوّة ملتمسين نور الرُّوح القدس، وهم يسيرون في زمن العنصرة، كما اجتمع الرُّسل بعد القيامة في العلّية. واستمعوا في مرحلة أولى، من 6 إلى 9 حزيران 2018، إلى مرشد الرياضة الرُّوحيَّة المونسنيور جورج أبي سعد رئيس الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة، يتأمّل معهم في خدمة الأسقف الرَّاعي مع كهنته لتعليم شعب الله وتقديسه وتدبيره.
وفي مرحلة ثانية، استعرض الآباء جدول أعمال السينودس المقدّس المنعقد من 11 إلى 16 حزيران. فتدارسوا شؤونًا كنسيّة وراعويَّة واجتماعيَّة ووطنيَّة، وناقشوها بروح مجمعيّة وتبادلوا الآراء والخبرات، واتّخذوا التدابير الكنسيّة المناسبة.
وفي ختام المجمع، أصدروا البيان التالي:
أوَّلاً: في الشَّأن الكنسيّ
أ. الإصلاح الليتورجيّ
2 – اطّلع آباء المجمع على أعمال اللّجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة التي قدّم رئيسها، في حصيلة دراساتها، استمارات صوّتوا عليها، وهي تختصّ بمواضيع ليتورجيّة عالقة كانت قد وزّعتها اللّجنة في دورات سابقة على الآباء، ومنها ما يتعلّق بالقدّاس، وبسرَّي العماد والميرون، ورتبة الإكليل، وصلوات الأزمنة الطقسيّة، والدرجات الكنسيّة، والرّتب والزياحات، ومواضيع ليتورجيّة عامّة. وستعمل اللّجنة على تطبيقها وفقًا لنتائج التصويت.
وشدَّدوا في مناقشتهم على أنّ «الإصلاح الليتورجيّ لا يقف فقط عند الهيكليات، بل يهدف أيضًا إلى الولوج في عمق هذا “الكنز الحيّ” الذي يرافق أبناء كنيستنا المارونيّة وبناتها في سَفَرهم نحو ملكوت الله»، كما قال صاحبُ الغبطة في كلمته الافتتاحيَّة: «فالليتورجيّا بكلّ مكوّناتها، من هيكليَّات وصلوات ورموز، إنّما هي مدرسة إيمان».
ب. التنشئة الكهنوتيّة
3 – اطّلع الآباء على تقارير المدارس الإكليريكيّة المولجة تنشئة كهنة الغد، بدءًا بالإكليريكيَّة البطريركيَّة المارونيَّة في غزير التي تستقبل معظم الطلّاب الإكليريكيِّين الموارنة. واستمعوا إلى تقرير المطران المشرف والأب الرئيس اللَّذين توقّفا على مسيرة التنشئة في محاورها الأساسيّة وعلى تنظيم الجماعة في الإكليريكيّة ودور الكهنة المرافقين، وعلى علاقة الإكليريكيّة مع كلّية اللاهوت الحبريَّة في جامعة الرُّوح القدس الكسليك ومع الأبرشيَّات، وعلى خبرة السنة الرعائيّة فرأوا وجوب الجمع بين الناحيتَين الأكاديميّة والعمليّة، وعلى أهميّة التنشئة الدائمة للكهنة الجدد.
ثمّ اطّلعوا على تقارير كلّ من إكليركيّة مار أنطونيوس البادواني في كرمسدّه، وإكليريكيّة سيّدة لبنان في واشنطن في الولايات المتّحدة الأميركيّة، والمعهد الحبريّ المارونيّ في روما.
شكر الآباء الله على نعمة الدَّعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة في كنيستهم، وأوصوا بمتابعة تطبيق “شرعة التنشئة الكهنوتيّة في الكنيسة المارونيّة” وسائر الوثائق الكنسيّة بهذا الشأن، من أجل تعزيز تنشئة روحيّة وثقافيّة وإنسانيّة وراعويّة ورسوليّة ومسكونيّة ومنفتحة على حوار الأديان، بهدف إعداد كهنة يكونون رجال صلاة في علاقة مميّزة مع الربّ يسوع، ورسل محبّة وانفتاح على كنيستهم المنتشرة في العالم وعلى الكنيسة الجامعة مُنطلقين من تراث كنيستنا وروحانيّتها.
ج. الوثيقة اللاهوتيّة
4 – تبادل الآباء الآراء والخبرات حول الوثيقة اللاهوتيّة التي أصدرها صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطوبى في 25 آذار 2018 بعنوان «الحقيقة المحرِّرة والجامعة» وهي رسالته العامَّة السابعة. وتبيّن أنّه كان لهذه الوثيقة الوقع الإيجابيّ في توضيح بعض المواضيع من تعليم الكنيسة المتداولة بين الناس وفي التوجيهات الرَّاعويَّة. وطالبوا بتطبيق كلّ مندرجات هذه الوثيقة لخير شعب الله الرُّوحيّ.
د. الشؤون القانونيّة وخدمة العدالة
5 – عرض رئيس اللّجنة القانونيّة كتاب “الشّرع الخاصّ الجديد بالكنيسة المارونيّة” الذي صدر بمرسوم من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي الكلّي الطوبى في 4 حزيران 2018 ليوضع موضع التطبيق على سبيل الاختبار لمدّة ثلاث سنوات. ويتضمّن الشّرع الخاص الصادر سنة 1996 وقوانين وتوصيات وتوجيهات استُمدَّت من نصوص المجمع البطريركيّ المارونيّ (2003-2006) يُضاف إلى قسم الأنظمة الداخليَّة الذي صدر سنة 2016.
ثمّ استمع الآباء إلى تقارير خدمة العدالة في المحاكم الكنسيّة، وقدّروا الجهود التي يقوم بها القيّمون عليها من أجل متابعة تطوير سير العمل فيها، وذلك عبر تنظيم لقاءات أسبوعيّة لكلّ فئات العاملين في المحكمة ودورات تدريبيّة للمحامين، وحثّ القضاة على التسريع في الدعاوى وتخفيض الرُّسوم، وفقًا لِما ترسمه القوانين الكنسيّة ونظام محاكمنا.
ولاحظ الآباء تدنّي عدد الدّعاوى في المحكمة الإبتدائيّة لهذه السنة، وذلك بفضل ما تبذله الأبرشيّات والمحكمة ومكتب راعويّة الزواج والعائلة في البطريركيّة من جهود مضاعفة في شأن المصالحات الزوجيّة ومراكز الإصغاء والمرافقة والإعداد للزواج.
ه. المركز المارونيّ للتّوثيق والأبحاث
6 – ناقش الآباء التّقرير الشّامل الّذي قدّمه رئيس مجلس إدارة المركز المارونيّ للتّوثيق والأبحاث وهو “عين البطريركيّة وأذنها” يعمل بتوجيه صاحب الغبطة السّيد البطريرك كمركز للدراسات الاستراتيجيّة الّتي “تعوّل عليه الكنيسة المارونيّة في مواقفها وقراراتها وبياناتها ومشاريعها”. عمل المركز منذ نشأته، وعبر لجانه المتعدّدة، على إنجاز دراسات ومذكّرات ومنشورات تهمّ العمل الكنسي والسّياسي والاقتصادي والاجتماعي والوطني بحيث أفاد منها السّيد البطريرك في شرح مواقف الكنيسة ودور البطريركيّة المارونيّة في لبنان عبر التّاريخ وذلك في لقاءاته مع المسؤولين المحليّين والاقليميّين والدوليّين.
أثنى الآباء على عمل هذا المركز والقيّمين عليه وشدّدوا على أهميّته في رسم رؤية شاملة للكنيسة المارونيّة في وجودها ودورها ورسالتها في لبنان وفي بلدان المشرق العربي الإسلامي وبلدان الانتشار. وأكّدوا دعمهم لاستمراره.
ثانيًا: في الشَّأن الرعوي
أ. أوضاع الأبرشيّات وحاجاتها.
7 – استعرض الآباء أوضاع أبرشيّات لبنان والنطاق البطريركي، وتوقّفوا عند مسيرتها في تطبيق تعليم المجمع البطريركي الماروني وتوصياته، وعند الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم وبناتهم، وطرق معالجتها. وآلمتهم كارثة السيول التي ضربت بلدتَي رأس بعلبك والقاع، وأودت بحياة امرأة في بيتها من جرّاء أنهار المياه العارمة والوحول التي اجتاحت البلدتين، وجرفت طرقاتها والبنى التحتيَّة والممتلكات، وخلّفت أضرارًا بالغة. فإنّهم يتطلّعون إلى مؤسَّسات الدولة ولاسيّما الهيئة العليا للإغاثة من أجل تأمين التعويضات في أسرع ما يمكن. وإذ يقدّمون أحرّ التعازي لأسرة المرأة الضحيّة، يسألون الله أن يلطف بأهالي هاتين البلدتين وجوارهما.
8 – ثم استعرض الآباء أوضاع أبرشيّات سوريا الثلاث، دمشق وحلب واللّاذقية. واستمعوا بتأثّر إلى إخوتهم مطارنة هذه الأبرشيّات يعرضون معاناة أبنائهم وسائر المواطنين المستمرّة منذ سبع سنوات، والناجمة عن تفاقم الحرب وتشابك المصالح السياسيّة والاقتصاديّة وتردّي الوضع الإجتماعي وتدهور الاقتصاد. ثم استعرضوا أوضاع أبرشيات حيفا والأراضي المقدّسة ومصر وقبرص. وآلمهم ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في الأرض المقدسة من ظلم واعتداء. ويطالبون الأسرة الدوليّة تطبيق قراراتها بإنشاء الدولتين وعودة جميع اللاجئين إلى أرضهم.
أثنى الآباء على ما يقوم به مطارنة هذه الأبرشيات من سعي إلى تقديم المساعدات الإجتماعيّة والإنسانيّة لتثبيت أبنائهم في أرضهم بالرغم من كلّ التحديات، والمحافظة على الرسالة التي أوكلها إليهم السيّد المسيح. وتقدّموا بالشكر إلى كلّ المؤسّسات العالميّة الكنسيّة والمدنيّة التي ساندتهم في هذه الرسالة.
وهم لا يزالون يتطلّعون إلى لبنان حيث يحمل أبناؤهم الموارنة وسائر المواطنين مسؤوليّة الحفاظ عليه، في بيئته المشرقيّة، وطنًا رسالة في المحبة والانفتاح والعيش الواحد الكريم بين المسيحيِّين والمسلمين في جوٍّ من الحريّة والديمقراطيّة واحترام التعدّدية، ولا سيّما في وقت يواجه فيه تحدّيات من الخارج كبيرة.
9 – وتدارس الآباء كذلك أوضاع أبرشيّات الانتشار وتقدّمها ونموّها وحاجات بعضها. فتوقّفوا بنوع خاصّ عند أبرشيّة سيّدة البشارة في ايبادان نيجيريا لأفريقيا الغربيّة والوسطى الناشئة والزيارة الرسوليّة في أفريقيا الجنوبيّة، وحاجات إكسرخوسيّة كولومبيا والبيرو والإكوادور، والزيارة الرسوليّة في اوروبا الغربيّة والشماليّة مع قرار قسمتها إلى اثنتَين، بعد أن أصبحت فرنسا أبرشيّة قائمة بذاتها. وأكّدوا من جديد أنّ الحاجة إلى كهنة يخدمون الرسالات في هذه البلدان لا تزال ملحّة لجمع أبناء الكنيسة المارونيّة المنتشرين فيها. وكذلك الحاجة إلى الدعم المادي من أجل إنشاء البنى الأساسيّة للخدمات الراعوية الضرورية.
لذا أوصى الآباء أن تضع الأبرشيّات والرهبانيّات في لبنان في سلّم أولوياتها تنشئة متخصّصة لبعض كهنتها ومكرّسيها لإرسالهم للخدمة في بلدان الانتشار، وأن تعمل على تقديم المساعدات المادية للأبرشيّات الناشئة وحيث تدعو الحاجة.
وإذ يقدّر الآباء تنامي الدعوات في هذه الأبرشيّات والمؤسّسات والرعايا القائمة والناشئة، فإنّهم يوجّهون تحيّة تقدير لأبنائهم المنتشرين الذين نجحوا في أوطانهم الجديدة، ويدعونهم إلى تلبية نداء كنيستهم المستمرّ للتمسك بتراثها والتواصل معها ومع أوطانهم الأمّ ووطنهم الروحي لبنان حيث نشأت كنيستهم وحيث الجذور الروحانيّة ومزارات القدّيسين وشخص البطريرك والمؤسّسة البطريركيّة.
ب. مكتب راعويّة الشّبيبة
10 – عرض منسّق “مكتب راعويّة الشّبيبة” في الدّائرة البطريركيّة في بكركي تقريره السّنوي بعد نجاح الأيّام العالميّة للشبيبة المارونيّة في لبنان الصّيف الماضي. وتوقّف على تحضير الشّبيبة المارونيّة للمشاركة في سينودس الأساقفة الخاص بالشّبيبة الّذي سيُعقد في روما من 3 إلى 27 تشرين الأوّل 2018 تحت عنوان: “الشّباب والإيمان وتمييز الدّعوات” برئاسة قداسة البابا فرنسيس. ويعمل المكتب على تنظيم لقاء تحضيري في لبنان من 17 إلى 19 آب 2018 بمشاركة شبيبة من كلّ الأبرشيات المارونية.
شكر الآباء القيّمين على هذا المكتب متمنّين لهم النجاح في بناء مستقبل الكنيسة والوطن مع شبيبتنا الواعدة.
ج. مكتب راعوية الزّواج والعائلة
11 – استمع الآباء إلى نشاط “مؤسسة البابا بولس السادس لدراسة تنظيم الولادات” بالوسائل الطبيعية غير الاصطناعية، في ضوء تعليم الرسالة العامة “الحياة البشرية” للطوباوي البابا بولس السادس. كما استمعوا إلى تقرير “مكتب راعويّة الزّواج والعائلة” في الدّائرة البطريركيّة الّذي يعنى بتطبيق تعاليم الكنيسة واتّخاذ التّدابير اللاّزمة للسّهر على العائلة كي تبقى موحّدة وتقوم بدورها ورسالتها الرّياديَّين في بناء الإنسان والمجتمع والكنيسة. وهذا السّهر يتطلّب مرافقة مُحبّة ومتأنّية في كلّ مراحل نموّ العائلة. وبعد خبرات طويلة ودراسات علميّة موثّقة، أنجز المكتب “الدّليل الموحّد لمركز الإصغاء والمرافقة المتخصّصة” الّتي أثمرت نتائج إيجابيّة في حلّ مشاكل زوجيّة كثيرة وإعادة اللّحمة إلى العائلات المتعثّرة.
أثنى الآباء على عمل المؤسسة والمكتب والقيّمين عليهما وشكروا الله على جهود الكثيرين من الكهنة والأزواج الّذين يتنشّأون في الجامعات ويضحّون بوقتهم ويقدّمون شهادة في عيش الحبّ في سرّ الزّواج المقدّس وفي تعزيز راعويّة الزّواج والعائلة ويضعون أنفسهم في خدمة أبرشيّاتهم للمرافقة والإصغاء وإجراء المصالحات.
ثالثًا، الشأن الاجتماعي
12 – أمام الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور، يلتزم الآباء الوقوف إلى جانب أبنائهم وبناتهم، ولا سيّما المحتاجين منهم، والسعي إلى تقديم المساعدات الممكنة عبر أبرشيّاتهم والمؤسّسات الكنسيّة المختصّة، قناعة منهم بواجب الأبوّة الساهرة والمشاركة في تحمّل وزر الأزمات المتراكمة. وقد توقّفوا عند ما يلي:
أ. المدارس
13 – تداول الآباء موضوع المدارس الخاصة عامّةً والكاثوليكيّة بنوع خاصّ، والواقع التربوي في لبنان ولاسيّما تداعيات القانون 46/2017 على الأسرة التّربويّة في ما يتعلّق بموجبات سلسلة الرّتب والرّواتب والدّرجات السّت الاستئنائية. وهم يطالبون المسؤولين في الدّولة، وبنوع خاصّ المجلس النّيابي الجديد والحكومة العتيدة، القيام بواجبهم للعمل على إيجاد الحلول بما يمليه الدّستور وما يُلزم به مبدأ وحدة التّشريع ووحدة التّمويل وعدم وضع مكوّنات الأسرة التّربويّة في مواجهات مستمرّة. كما يطالبون بحلّ هذه المشكلة الاجتماعية والثقافية، آخذين في الاعتبار هواجس المؤسّسات التّربويّة، وإمكانيّات الأهل، وإنصاف المعلّمين، فتأتي الحلول لصالح مستقبل التربية وجودتها بحيث تساهم الدّولة في تغطية أكلاف التّعليم الخاص كما التّعليم الرّسمي، لكون الاثنين من المنفعة العامة على السواء.
ب. المستشفيات
14 – يجدّد الآباء مطالبتهم الدّولة بدفع ما يتوجّب عليها من أموال للمستشفيات الخاصّة في حينه، لكي تتمكّن من القيام بواجباتها تجاه المرضى، وتحديث آليّاتها من أجل تعزيز الصحّة العامّة. ويشيرون إلى أن الإعتمادات التي تخصصها وزارة الصحة للمستشفيات الخاصة والحكومية لطبابة المواطنين لا ترتكز على معايير موضوعية، مما أدى مع تعاقب الوزراء على مدى سنين عديدة إلى خلل في توزيع هذه الإعتمادات مع إجحاف واضح للمناطق ذات الأكثرية المسيحية. فيطالبون بعدم إخضاع تخصيص الإعتمادات لاستنسابية الوزير بل إلى معادلة مبنية على أسس علمية تؤمّن الطبابة لجميع المواطنين بطريقة متساوية، وهذا ما حاول القيام به الوزير الحالي مشكورًا، راجين أن يستمرّ هذا السّعي من أجل خير الجميع، وتأمين خدمة أفضل للمرضى والصحّة العامّة.
د. المؤسّسة البطريركيّة للإنماء الشّامل
15– استمع الآباء إلى تقرير “المؤسّسة البطريركيّة للإنماء الشّامل” الّتي تعمل بتوجيه صاحب الغبطة البطريرك على دعم دور بكركي ورسالتها في تشجيع المشاريع الإنمائيّة وخلق فرص عمل لشبابنا من أجل استعادة الثّقة بالدّولة والثّبات في الأرض والتطلّع إلى مستقبل أفضل. وقد أعلنت المؤسّسة عن تنظيم مؤتمر إقتصادي في لبنان في تشرين الثّاني المقبل تدعو إليه بعض رجال الأعمال اللبنانيّين والمستعدّين للاستثمار فيه.
أثنى الآباء على عمل المؤسّسة والقيّمين عليها وشجّعوهم على بذل المزيد من الجهود في سبيل المساهمة في خلق جوّ من الثّقة.
ه. المؤسّسة المارونيّة للانتشار
16– استمع الآباء إلى تقرير “المؤسّسة المارونيّة للانتشار” يعرض إنجازات المؤسّسة الّتي تهدف إلى مساعدة المنتشرين اللبنانيين على تسجيل وقوعاتهم الشّخصيّة لدى السّفارات والقنصليّات واستعادة جنسيّتهم اللبنانيّة. وقد فتحت لها مكاتب في بلدان عديدة من العالم بهدف تسهيل عمليّة التّسجيل وإنجاز المعاملات اللاّزمة.
أثنى الآباء على جهود المؤسّسة وجدّدوا ثقتهم بالقيّمين والعاملين فيها ودعمهم لها في ما يتعلّق بتقديم المساعدات الكنسيّة اللاّزمة.
رابعًا، في الشأن الوطني
17 – يساند الآباء مسيرة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بناء الوحدة الوطنية، والسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية، والعمل الدؤوب من أجل النهوض بلبنان، كيانًا وشعبًا ومؤسسات. وإنّهم يطالبون، وتأكيدًا لمواقف غبطة أبيهم البطريرك الأخيرة والمتكرّرة، بتأليف الحكومة الجديدة في أسرع ما يمكن بروح المسؤوليّة الوطنيّة، بعيدًا عن حسابات المحاصصة الخاصة، حكومةٍ قادرة علىإجراء الإصلاحات التي يحتاجها الشعب وتطلبها الدول المانحة على مستوى الهيكليات والقطاعات، كشرط لنيل المساعدات الماليّة التي تقرّرت في مؤتمرَي روما وباريس من أجل النهوض الاقتصادي وتأمين فرص عمل للأجيال الطالعة.
كما يطالبون المسؤولين السياسيين توحيد الكلمة في العمل على عودة النازحين السوريِّين إلى وطنهم وأرضهم وبيوتهم وممتلكاتهم، وهذا حقّ لهم، ويطالبون المجتمع الدولي بمساعدتهم على ترميم بيوتهم. ومن الواجب تشجيعهم على العودة الكريمة الآمنة لا تخويفهم لأغراض سياسيّة.
ويطالبون كذلك بتصحيح مرسوم التجنيس الأخير الذي صدم اللّبنانيين ومنح الجنسيّة اللبنانيّة لمجموعة من الأجانب من أصل غير لبناني فيما المراجعة دائمة لتطبيق ما أبطل مجلس شورى الدولة من مرسوم التجنيس الصادر سنة 1994 الذي أوقع خللاً ديمغرافيًّا كبيرًا في البلاد لم يُصحَّح بعد، وفيما تتكدّس لدى وزارتَي الخارجيّة والداخليّة الآلاف من الملفّات الخاصّة بمنتشرين من أصل لبناني يطالبون باستعادة جنسيّتهم اللبنانيّة، وهذا حقّهم. ويناشدون فخامة رئيس الجمهورية الذي طلب التحقيق في المرسوم الأخير مطالبة المسؤولين المعنيّين بتطبيق قرار مجلس شورى الدولة.
ويدعو الآباء جميع رجال السياسة والمسؤولين عن الشَّأن الوطني العام إلى بناء الثقة فيما بينهم بروح الميثاق الوطني وإلى العمل معًا على القضاء على الفساد المستشري في الإدارات العامة، وإيقاف السرقات والرشوات، والحدّ من تقاسم المغانم في المشاريع العامة وفي التوزير والتوظيف وحشر المستشارين؛ وكلّ ذلك على حساب الشعب الذي بات يفتقر يومًا بعد يوم وقد أصبح أكثر من 30 ٪ منه تحت خط الفقر.
خاتمة
18 – في الختام يتقدّم الآباء من إخوانهم المسلمين بأحرّ التهاني بعيد الفطر السعيد وبأصدق التمنيات للعيش الواحد في المحبة والسلام وفي بناء لبنان الرسالة.
ويتوجّه الآباء إلى أبنائهم أينما وجدوا بالدعوة إلى عيش إيمانهم ورجائهم بالمسيح القائم من الموت والشهادة له بفرح بحياتهم اليومية حاملين رجاءً جديدًا للأجيال الطالعة. كما يحثّونهم على التمسّك بتراث كنيستهم وآبائهم وأجدادهم ويشاركونهم الصلاة والابتهال إلى الله بشفاعة والدة الإله مريم العذراء والقديسين شفعائنا من أجل إيقاف الحروب في الشرق الأوسط وإحلال السلام العادل والشامل والدائم وعودة جميع النازحين والمهجّرين والمخطوفين إلى أرضهم وأوطانهم.
الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة
4 تموز 2018
عقد المطارنة الموارنة في الرابع من تموز يوليو 2018 اجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية
صدر في ختام الاجتماع بيان جاء فيه نقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية:
“توقّف الآباء على سير المشاورات في شأن تشكيل الحكومة العتيدة، واسترعاهم النقاشُ المسيطر في شأن الحِصص والأحجام، علمًا أنّ حكومة تتمثّل فيها الأحزاب يُعمل بالدرجة الأولى على اتّفاق على سياسة الحكومة في الحقول كافّة، حتى إذا أُرسي هذا الاتّفاق على قواعد الخير العام والعدالة الاجتماعيّة، يشرع المكلّفون بالتشكيل باختيار الأسماء التي ليس من الضرورة أن تكون جميعها من السياسيِّين، وإلا يُخشى أن تكون الحكومة مجالاً لتنازع القوى والمصالح الخاصة أو الحزبيّة الضيّقة، وهذا عكس ما يُنتظر منها في المرحلة المقبلة.
يقلق الآباءَ ما تتسبّب به التجاذبات السياسيّة السائدة من اهتزازات بنيوية في القطاعات الاقتصادية في لبنان، ومن تراجع في أكثر من مجال اقتصادي، بالرّغم من الجهود التي تُبذل على هذا الصعيد. ومعلومٌ أنّ القطاع المالي المستقرّ يتطلّب تفعيل البنى الاقتصادية المُنتجة. فكلّ تأخير في تشكيل الحكومة سيمنع تفعيل الاقتصاد ويعرّض الاستقرار المالي إلى الاهتزاز.
تداول الآباء في مراسيم التجنيس منذ سنة 1994 حتى اليوم، وتجاوزاتها للقوانين وتأثيراتها السلبيّة على العيش المشترك. لذا يهمّهم أن يؤكّدوا على أنّ الجنسيّة هي على ارتباط وثيق بهوية الوطن وكرامته وسيادته ومصالحه العليا، وعلى أولي الأمر ألا يفرّطوا بها تحت أيّ مبرّر. ثمّ إنّ المتحدّرين من أصل لبناني في بلدان الإنتشار، والذين من بينهم شخصيّات أثبتت حضورها على المستوى العالمي وفي الحقول المختلفة، هم أحقّ بالجنسية من سواهم. ويأمل الآباء تفعيل قانون استعادة الجنسيّة، وبتّ أمر آلاف الطلبات التي تنتظر جوابًا منذ عدّة سنوات، وإعادةَ هذا الحقّ الى مستحقّيه.
تمّ التداول أيضًا في موضوع النازحين السوريّين وحقّهم في العودة إلى وطنهم، فيشدّد الآباء على مسألتَين رئيسيتَين: الأولى، ضرورة التوصل إلى اتّفاق على خطّة وطنية شاملة في شأن النزوح وعودة النازحين إلى بلادهم تلتزم بها الحكومة، حتى تكون كلمة لبنان في هذا الخصوص مسموعة على المستويَين الإقليمي والدولي. والثانية، ضرورة العمل على أساس هذه الخطّة مع المرجعيّات والمنظّمات الدولية المعنيّة بشأن هذه العودة، لأنّ الأزمة في سوريا أكبر من أن يواجهها لبنان منفردًا، أو بمعزِل عن التنسيق الواضح والهادف مع تلك المرجعيّات والمنظّمات.
يثير مشاعرَ اللبنانيِّين مشهدُ التفلّت الأمني في مناطق البقاع اللّبناني، والتعرّضُ لهيبة الدولة بهذه الطريقة السافرة، وتصفية الحسابات بطريقة خارجة على كلّ القوانين والأعراف التي تحكم الدول، كما يشعر اللبنانيّون بالعار من وجود أماكن في بلادهم تخضع لشريعة الغاب، تُستباح فيها أقدس حقوق الإنسان وهو الحقّ في الحياة، بارتكاب جرائم باستسهالٍ كامل ومن دون وازع. إنّ هذا الوضع يحتّم على الدولة فرض سلطة القانون، من دون تساهل أو تفاوض على حقّ اللبنانيّين، كلِّ اللبنانيّين، بالعيش في أمان وسلام.
ما زال موضوع المدارس وقانون سلسلة الرتب والرواتب والدرجات الإستثنائية التي فرضها يثير قلق أهالي التلامذة والجسم التعليمي وأصحاب المؤسسات التربوية، وقد اضطُرّ بعض هذه المؤسسات أن يقفل أبوابه، وينهي خدمات عدد من المعلّمين والموظّفين. وكم من التلامذة سيُجبرون على ترك مقاعد الدراسة لإنّ أهلهم لا يستطيعون دفع الأقساط المدرسيّة. لذا يكرّر الآباء مطالبتهم الدولة أن تأخذ على عاتقها أقلّه بدل الدرجات الإستثنائيّة، فتخفّف الأعباء عن كاهل الأهل والمدارس، وتتحاشى أن يُحرم عدد من أبناء المجتمع اللبناني من ممارسة حقّهم في اختيار المدرسة التي يريدون لأبنائهم، وهذا من أهمّ حقوق الإنسان وأقدسها.
تحتفل الكنيسة خلال شهر تموز الجاري بأعياد بعض القدّيسين والشهداء الكبار أمثال الشهداء المسابكيّين، وتلامذة مار مارون، ومار الياس النبي، ومار شربل… وفيما يقيم قداسة البابا فرنسيس مع بطاركة الكنائس الشرقية الكاثوليكية والأرثوذكسية، يوم صلاة من أجل السلام في الشّرق الأوسط، السبت المقبل في مدينة باري بجنوب إيطاليا، يدعو الآباء أبناءهم الى مواكبة هذا الحدث بالصلاة سائلين الله أن يُنعم على وطننا لبنان وبلدان الشّرق الأوسط بإيقاف الحروب والقتل والدمار، وبنشر الأمن والسلام العادل والدائم”.
الاجتماع الشهري للمطارنة
الموارنة 1 آب 2018
عقد المطارنة الموارنة في الأول من شهر آب أغسطس 2018 اجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في الديمان، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الآباء العامّين، وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة.
صدر في ختام الاجتماع بيان جاء فيه نقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية:
“يفرح اللبنانيّون اليوم بعيد الجّيش اللبناني، والآباء يهنّئونه، قيادةً وضبّاطًا ورتباءَ وجنودًا. ويهنّئون أيضًا بتخريج دفعة جديدة من الضباط، ويثمّنون ما يقوم به هذا الجيش والقوى الأمنيّة كافّة من جهود ويتحمّلونه من مخاطر ويبذلونه من تضحيات في سبيل الدفاع عن الوطن، ومحاربة الإرهاب، وحفظ الأمن لجميع المواطنين. ويطالبون المسؤولين في الدولة بتأمين كلّ ما يحتاج اليه من دعم مادّي ومعنوي وسياسي، ليستطيع القيام برسالته الوطنيّة على أكمل وجه.
أسف الآباء لمرور أكثر من شهرَين على التكليف الحكومي، من دون أن تُسفِر الاستشارات والاتّصالات السياسيّة عن تشكيلِ حكومةٍ جديدة، فيما الأوضاعُ الاقتصاديّة متدهورة، والتّطورات الإقليميّة مصيريّة. وهم يهيبون بالمراجع الرسميّة والسياسيّة تجاوز الخلافات الناشئة من المحاصصة وتوزيع الحقائب الوزارية وسواها، والإسراع في التوصُّل إلى الاتفاق على صيغةٍ لحكومة قادرة على مواجهة الاستحقاقات الداهمة، ولا سيما على صعيد إدارة المرافق الحياتيّة، ومكافحة الفساد والإفساد في الإداراة العامّة.
بينما يعاني مجتمعنا اللبناني من آفة الإدمان التي تفتك بشبيبتنا، والاتنتشار العشوائي لزراعة الحشيشة وتصنيع المخدّرات على أنواعها وترويجها، تثير أوساط سياسية موضوع زراعة حشيشة الكيف في لبنان، من ثلاثة وجوه: الإنماء المناطقي، ورفد خزينة الدولة بعائدٍ مهمّ، والاستعمال الطّبي. يحرِص الآباء على التأكيد أنّ هذا الموضوع في غاية الخطورة لأسباب إجتماعية وأخلاقية شتى. لذلك تتطلّب مقاربته دراسة أكثر موضوعية، علمية وعملية وافية لمعرفة سلبيات هذه الزراعة وإيجابياتها، وإذا ما كانت السلطات اللبنانية قادرةً حقّاً على إدارتها والإفادة من إنتاجها من دون إلحاق الضرر الصحي بالمواطنين، ولا سيّما الأجيال الشابة.
سجّل الآباء بارتياحٍ إيلاء قمة هِلسِنكي مسألة النزوح السوري إلى لبنان جانبًا من اهتمامها، وتَولّي روسيا الاتحادية تحريك هذه المسألة والإشراف على تأمين عودة النازحين السوريين إلى ديارهم في أسرع ما يمكن، بالتعاون مع الحكومتَين اللبنانية والسورية. يودّ الآباء لفت انتباه المعنيين بهذا الملف، إلى وجوب الاعتناء بمعالجته من دون التوقُّف عند استثناءاتٍ لأسبابٍ سياسية. فكما توافر حل لمشكلة السوريين غير المؤيدين لحكومتهم في أكثر من منطقةٍ سورية من خلال اتفاقاتٍ أو قوانين عفو، من الممكن أن يُطبَّق ذلك على أمثال أُولئك في صفوف النازحين إلى لبنان، بحيث لا يعود قسمٌ منهم وتُعلَّق عودةُ قسمٍ آخر في انتظارِ حلٍّ سياسي ما.
مع بدء العطلة القضائية السنوية في المحكمة الروحية المارونية، يتوجّه الآباء بالشكر إلى الجسم القضائي، وإلى المحامين والموظفين، كما العاملين في ميدان الوساطة والمصالحة، مُعرِبين عن تمنّيهم أن تكون هذه العطلة مناسبة لإعادة تقييم العمل على الأصعدة الذاتية والقانونية والأخلاقية والروحية، حرصًا على حقوق المُتقاضِين، وحسن ممارسة العدالة النّزيهة، وصونًا لقِيَم العائلة الإنسانية والمسيحية.
تحتفل الكنيسة خلال هذا الشهر بعيدي تجلي الرب في 6 آب، وانتقال السيدة العذراء مريم الى السماء بالنفس والجسد في 15 منه. يدعو الآباء أبناءهم للإستعداد لهما بالصلاة والتوبة وأعمال الخير، وللإحتفال بهما بفرح وتقوى، سائلين الله أن ينير عقول المسؤولين كي يعملوا بجدٍ وإخلاص على إيقاف الحروب في منطقتنا، وإحلال السلام العادل والشامل لكل الشعوب”.
الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة
الأربعاء 7 تشرين الثاني 2018
عقد المطارنة الموارنة صباح اليوم الأربعاء السابع من تشرين الثاني نوفمبر 2018 اجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية.
صدر في ختام الاجتماع بيان جاء فيه:
“أطلع صاحب الغبطة الآباء على نتائج المؤتمر الخامس لمطارنة أبرشيّات الإنتشار والرؤساء العامّين للرهبانيّات المارونيّة الذي استضافه سيادة المطران بول-مروان تابت راعي أبرشيّة كندا، وعلى نتائج زيارته الرعائيّة لعشر رعايا فيها، وما رافقها من لقاءات كنسيّة ومدنيّة في الأيّام العشرة الأخيرة من شهر أيلول.
ثمّ أطلعهم على أعمال سينودس الأساقفة الخاصّ الذي عُقد في روما حول موضوع “الشّبيبة وإيمانهم وتمييز دعوتهم في الكنيسة والمجتمع”، وما صدر عنه من توصيات. فشكروا الله مع غبطته على كلّ ذلك، وهم يتطلّعون إلى تثمير تلك النتائج والتوصيات.
فيما كان الشّعب اللّبناني، الرازح تحت عبء الأزمة الإقتصاديّة والإجتماعيّة والمعيشيّة، ينتظر بعد خمسة أشهر إعلان الحكومة الجديدة بين ساعة وأخرى، وكان قد توصّل الرئيس المكلّف وفخامة رئيس الجمهوريّة إلى صيغة تشكيلها، وحُلَّت جميع العقد لدى مختلف الكتل النيابيّة، إذا به يُصاب بخيبة أمل بسبب العقدة الطارئة التي أوقفت كلّ شيء. يأسف الآباء لهذا النوع من التعاطي مع المؤسّسة الدستوريّة المناط بها سير الدولة بوازاراتها وإداراتها العامّة، من أجل تأمين النموّ الإقتصادي وخير المواطنين والصّالح العام. فيدعو الآباء إلى إزالة العراقيل الطارئة من أمام إعلان الحكومة الجديدة، بروح المسؤوليّة والضّمير الوطني والأخلاقي، فتكون هديّة عيد الإستقلال الذي يفصلنا عنه أسبوعان، فلا يأتي حزينًا ومخيّبًا.
يأسف الآباء لهبوط التداول السّياسي إلى حد تصنيف الحقائب الوزاريّة بين وازنةٍ وسياديّة وخدماتيّة وما شابه، فيما المطلوب فريق عملٍ حكومي مُتجانِس، عماد أعضائه الأخلاق والاختصاص والأهليّة والخبرة، يتحلّقون حول برنامجٍ إصلاحيّ واقعيّ وعمليّ، ويُشارِكون بمساواةٍ في تنفيذه. فلا يتفرّد كلّ وزير بوزارته وكأنّه سيّدها المطلق. ولا يُطلق العنان للنافذين السّياسيّين والمذهبيّين لتعطيل القانون والعدالة، فيطبَّقان على شخصٍ دون آخر، وعلى فئةٍ دون أخرى. ولا يُفسح في المجال أمام أصحاب أيّة سلطة مدنيّة أو أمنيّة الإفراط بها واستغلالها لمآرب خاصّة.
إلى أن يُفَكَّ أسر الحكومة الجديدة من قيود الخارج والداخل معًا، يُطالِب الآباء بتفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، حتى تنتظمَ إلى حدٍّ ما شؤون الدولة والمواطنين، ولا سيّما المعضلات الحياتية كالكهرباء والتلوّث وشؤون البيئة وغيرها. فتصريف الأعمال لا يعني عدم السّهر على تنفيذ المشاريع الجارية، ولا إغفال الرقابة الإداريّة والمالية على الوزارات والإدارات وحسن سير العمل، ولا الإحجام عن المشاركة في أعمال اللجان النيابية. وهكذا قد يستردّ العمل العام بعضًا من احترامه في أعين اللبنانيين والعواصم الصديقة والمنظمات الدولية.
يُراقِب الآباء بكثيرٍ من الأسى والقلق، تصاعد لغة النّزاع والعنف في الخطاب السّياسي والصّحافي والإعلامي، كما في وسائل التواصل الاجتماعي. ولكأنّ القتال والتقاتل الداخليَّين لم يتوقّفا بعد، منذ حصل التوافق عام 1989 على وضعِ حدٍّ نهائي لهما. فالتراشق الكلامي من وراء المتاريس الإعلاميّة، لا يقلّ خطورة عن تبادل إطلاق النار، وهو مجددًا مدخلٌ إليه يرفضه اللّبنانيون. لذا يدعو الآباء بإلحاحٍ جميع المعنيّين إلى أن يتّقوا الله ويتَّجِهوا إلى احترام بعضهم بعضًا، وإلى اعتماد الحوار البناء في ما بينهم، ولا سيما أن الانهيارات الداخلية متواصلة على أكثر من صعيد، والتطورات الإقليمية السلبية تُهدِّد بمزيدٍ من الانعكاسات على حرية القرار اللبناني ومصالح لبنان واللبنانيين.
إحتفلت كنيستنا المارونية في بداية هذا الشّهر بافتتاح السنة الطقسية الجديدة وبعيد جميع القديسين وتذكار الموتى. إنّ الآباء يغتنمون هذه المناسبة الجليلة ليذكّروا المؤمنين بالدعوة الشّاملة إلى القداسة، وبواجب الصّلاة لراحة أنفس مَنْ تقدّمونا إلى بيت الآب السّماوي، ومنهم الأجداد والآباء الذين نقلوا إلينا الإيمان، والشّهداء الذين سفكوا دماءهم من أجل المسيح وإنجيل الأخوّة والمحبّة والسّلام ومن أجل الوطن. نرجو أن يكون هذا العيد والتذكار حافزًا لنا جميعًا لمزيدٍ من الاهتداء على الطريق التي شقّها لنا المعلِّم الإلهي، وتسير عليها كنيستنا المارونيّة وكنائس المشرق والكنيسة الجامعة.”
بيان اجتماع المطارنة الموارنة
5 كانون الأول 2018
أصدر أصحاب السيادة المطارنة الموارنة اليوم بيانا في ختام اجتماعهم الشهري الذي عُقد برئاسة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وذلك في الكرسي البطريركي في بكركي
في اليوم الخامس من شهر كانون الأول ٢٠١٨، عقد أصحاب السّيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشّهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطّوبى، ومشاركة الآباء العامّين للرهبانيّات المارونيّة. وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التالي:
يُعبِّر الآباء تكرارًا عن سعادتهم باللقاء الذي جمعهم وقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، خلال زيارتهم الأعتاب الرسولية في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني المنصرم، ودام حوالي ثلاث ساعات. وقد شاءه قداسته حواريًّا حول كلّ ما رغب السادة المطارنة أن يطرحوه عليه من مواضيع كنسيّة عامّة وخاصّة، وتلك التي تهمّ لبنان في ضوء الأوضاع الإقليميّة والدوليّة المُؤثِّرة. وحمّل الآباء رسالته إلى أبناء الكنيسة المارونية، ودعاهم فيها إلى الحفاظ على دعوتهم إلى القداسة والشهادة لإيمانهم بالصلاة والفقر والجرأة والرجاء. كما عبّر قداسته عمّا يكنّه للبنان واللبنانيّين من محبّةٍ وتقدير لدورهم في المنطقة. وهذا أظهره أيضًا في استقباله، خلافًا للعادة، الوفدَ اللبناني المؤلَّف من نوّاب من مختلف الطوائف مع المؤسسة المارونية للانتشار، بالإضافة إلى الإكليروس الماروني، وقد رافقونا جميعهم بمبادرة خاصّة منهم.
التقى الآباء أيضًا الكرادلة والأساقفة رؤساء الدوائر الفاتيكانية، ولاسيّما في مجمع الكنائس الشرقية وأمانة سرّ دولة الفاتيكان حيث تمّ التداول بمجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط وأبعادها الكنسيّة والسياسيّة، إقليميًّا ودوليًّا، وكانت مناسبة اطّلع فيها الآباء على قراءة أمانة سرّ الدولة لهذه المجريات. يُقلق الآباء غيابُ أيّ بصيص أمل بتشكيل الحكومة، بسبب تمسّك كلّ فريق بمطلبه وموقفه، وبسبب الأحداث الداخلية المستجدّة، فيما تتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية. لذا يُجدِّد الآباء دعوتهم المسؤولين السياسيّين إلى اتّقاء الله في وطنهم وشعبه ومؤسساته. فما من مبرّر لتأخُّر تشكيل الحكومة يتقدّم وجوب إقبالهم على العمل لإنقاذ البلاد ممّا هي فيه ويمكن أن يدهمها ويزيد من محنتها، وقد بدت علاماته المشبوهة تظهر في هذه الأيام الأخيرة. ويتّكل الآباء على حكمة فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على مؤسّسات الدولة وخير شعبها، كي يجد الحلّ المناسب للمعضلة التي تحول دون ولادة الحكومة الجديدة، من أجل خلاص الوطن من الأخطار المحدقة به داخليًّا وخارحيًّا.
إن وضع النازحين السوريين في لبنان يزداد تعقيدًا. من دون إهمال الواجب الإنساني الذي يُحتِّم الوقوف إلى جانبهم، لا بدّ من الإشارة بأن البلاد لم تعدْ تحتمل أعباء هذا النزوح على اقتصادها وأمنها وحقوق اللبنانيين. لقد طالب لبنان ولا يزال المجتمع الدولي بتبنّي سياسةٍ واضحة وعادلة في هذا الشأن، تقوم على فصل الحل السياسي في سوريا عن ضرورة عودة النازحين إلى أرضهم ووطنهم، حفاظًا على حقوقهم وتاريخهم. فلا بدّ من التنسيق بين المنظمات الدولية والعواصم الكبرى والسلطات المحلية، لرسم خطةِ العودة إلى المناطق السورية الآمنة، وهي كثيرة، وتأمين موجبات الحياة الكريمة لهم في وطنهم.
فيما نحن على مشارف عيد سيدة الحبل بلا دنس الذي يحييه العديد من أخوياتنا، فإنّا نهنّئها به ونتمنّى لها المزيد من الازدهار في تقديس أعضائها ونجاح رسالتها وشهادة الإيمان والصلاة فيها. وفي زمن الاستعداد لعيد الميلاد المجيد، نرجو أن يكون غنيًّا بالنعم الإلهيّة والتوبة وأعمال الرحمة تجاه العائلات ولاسيّما الأطفال الذين يُحرمون بهجة العيد. إنّنا نكون في الميلاد حقًّا عندما يولد المسيح في قلوبنا، ونشهد له بالفرح والرجاء في خدمة الحقيقة والمحبة، فيتواصل نشيد الملائكة ليلة ميلاده في بيت لحم: “المجدُ لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاءُ الصالح لبني البشر”.