النيكوتين هي المادة الكيميائية الأساسية المسؤولة عن التسبب في إدمان تدخين السجائر. بل إن العديد من الدراسات تؤكد أن مادة النيكوتين في السجائر تعتبر أكثر قدرة وسرعة في التسبب في الإدمان من المخدرات الأخرى كالكوكايين والهيروين.
النيكوتيـــــــــن : (Nicotine) هو مركب عضوي شبه قلوي ، يوجد في الطبيعة في جميع أجزاء نبات التبغ، الذي اكتشفت فيه لأول مرة حيث يزداد تركيزه بشكل أكبر في الأوراق.
وقداكتشفت هذه المادة في التبغ عام( 1828م )من قبل العلماء الألمان، لكن أصل التسمية جاء من اسم العالم جين نيكوت الذي أرسل من البرتغال الى باريس عام ( 1550م ) بذور نبتة التبغ المعروفة علمياً اليوم باسم ( نيكوتيانا تاباكيم Nicotiana tabacum )وذلك بغية استخدامها في الأغراض الطبية .
يشكل النيكوتين من 0.3 إلى 5% من النبات بالوزن الجاف، والتركيب الحيوي يوجد في الجذور، ويجمع في الأوراق. ومن المعروف اليوم وجود النيكوتين كذلك، إلى جانب التبغ، في ثمار الطماطم والبطاطا والباذنجان الأسود والفلفل الأخضر، وغيرها من الثمار النباتية. كما أنه يوجد أيضاً في أوراق نبات الكوكا.
تأثير النيكوتيــــن على الجســم
إن تأثير النسب الضئيلة منه على الجسم هو تنشيط الحركة والوعي والذاكرة، وزيادة معدل نبض القلب ومقدار ضغط الدم وانقباض الأوعية الدموية وتقليل الشهية للأكل. وهناك برغم الاختلاف بين الباحثين إدمان عضوي على وجوده في الجسم أسوة بغيره من المواد الكيميائية كالهيروين أو الكوكايين أو حتى السكر والدهون.
وأعراض الانقطاع عنه تظهر على هيئة توتر وصداع وقلق واضطرابات تعتري قدرات الذهن والنوم، وتبلغ الذروة خلال ثلاثة أيام على أقصى تقدير وتستمر بانخفاض الى ستة أسابيع وبعدها تتلاشى.
ويعتمد وصول المادة الى الجسم على حسب طريقة التناول، فمضغ أوراق التبغ يُعطي الجسم كميات مضاعفة عما يعطيه تدخينها، فما يصل الدم هو حوالي 10% من محتوى النيكوتين في ورق التبغ بعد حرقها واستنشاق دخانها، وتقل النسبة على حسب نوع الورق ووجود الفلتر (المرشح) وغيرها من العوامل ، ومن حين دخولها الى الدم عبر الرئة أو الفم فإنها تنتشر بسرعة في الجسم وتصل خلايا الدماغ خلال سبع ثوان، ولو كانت بنسبة ضئيلة كما هو الحل في التدخين فإنها تثير إفراز الجسم لمادة الأدرينالين، مما يرفع النبض وضغط الدم ونسبة سكر الدم، ويتم تحويل النيكوتين الى مادة( كوتينين Cotinine ) التي تبقى في الجسم 48 ساعة.
حينما يبدأ المدخن باستنشاق السيجارة فان النيكوتين الداخل عن طريق الرئتين يمتص إلى الدم وفي غضون ثمانية ثواني يصل النيكوتين إلى المخ وعندها يشعر المدخن المزمن بالراحة وهدوء الأعصاب.
وهذا هو المؤشر على وجود الإدمان. بحيث لو أن المدخن تأخر عن الموعد المعتاد لتناول السيجارة فان الجسم يبدأ بالتململ وتظهر على المدخن آثار القلق والارتباك وعدم الارتياح.
وكلما زادت مدة التأخير كلما زادت حدة هذه الأعراض. حتى ينهي المدخن هذا الشعور باللجوء إلى التدخين وأخذ جرعة من النيكوتين لتعوض النقص المترتب على التأخير في تناول النيكوتين. وهل يكون هذا سوى الإ دمان.
من هنا قد يظن البعض أن التدخين سبب من أسباب راحة الجسم ولكن ينسى هؤلاء أن السبب في ظهور هذه الأعراض – وتسمى أعراض الانسحاب أو الحنين – هو إدمان التدخين (النيكوتين) أصلا.
كذلك يسبب النيكوتين في دخان السجائر زيادة في معدل ضربات القلب, ومعدل ضغط الدم, ويسبب تقلص الأوعية الدموية في الجسم وبالأخص الشرايين, مما يعني أن على القلب أن يضخ الدم بصورة أقوى حتى يستطيع أن يوفي بحاجة الجسم من الغذاء والأكسجين. وهذا مما يتعب ويرهق القلب حتما مع مضي الزمن. كما تعمل مادة النيكوتين على الترسب في الشفاه والأسنان وتحت الأظافر فتغير ألوانها.
ويؤدي النيكوتين في دخان التبغ إلى زيادة قدرة الصفائح الدموية على التجمع والالتصاق والتخثر، وهذا أمر له خطورته لأن هذا الأمر يساعد على سرعة وسهولة تجلط الدم، وقد تحدث التجلطات نتيجة لذلك في الساقين والقدمين, أو في شرايين القلب التاجية, أو حتى في المخ. وعند النساء المدخنات يؤدي النيكوتين إلى إضعاف قدرة جسم المرأة على تصنيع وإفراز هرمون الإستروجين، مما يسبب اضطراب ثم توقف الدورة الشهرية مبكرا, والوصول المبكر لسن اليأس.
علاقة النيكوتين مع السرطان
كشف باحثون أن النيكوتين، وهو المادة الكيمياوية المسؤولة عن الإدمان الموجودة في منتجات التبغ، هو أحد المسببات الرئيسية لسرطانات الرئة وقد يكون هذا الاكتشاف مقلقا للأشخاص الذين يستخدمون لصقات النيكوتين بهدف الإقلاع عن التدخين، لكن الخبراء يقولون إن المنافع الصحية من الإقلاع عن التدخين تفوق بكثير المخاطر التي قد تنجم عن استخدام لصقات النيكوتين حتى إذا ثبتت صحة الاكتشاف الجديد .
ويعتقد العلماء بأن الإصابة بسرطان الرئة تعود إلى المواد الكيمياوية المسببة للسرطان التي يحتويها التبغ ،لكن الاكتشاف الأخير، الذي نشر في مجلة العلوم الأكاديمية الأمريكية، يشير إلى أن النيكوتين وحده يمكن أن يتحول إلى مواد كيمياوية قادرة على إحداث أورام سرطانية ، وتؤكد المنظمات التي تسعى للقضاء على التدخين على أن المخاطر إن وجدت فستكون ضئيلة
ويقول كلايف بيتس مدير حملة مكافحة التدخين “أكشن أون سموكينج أند هيلث :
” إن هذا البحث افتراضي، إذ لم تكتشف حتى الآن أي إصابة بالسرطان كنتيجة مباشرة للنيكوتين “.