أيقونة “العذراء النابتة من أصل يسّى”
من هو يسّى؟
هو أبو داود الملك، وكان يسّى من بيت لحم، وله ثمانية أبناء، وكان داود أصغرهم راعياً للأغنام في ذلك الحين. (1 صم 16: 10 و17: 12). واختار الرب داود ليكون ملكاً على إسرائيل عوضاً عن شاول الملك. فأُرسِل النبيّ صموئيل إلى بيت لحم، إلى بيت يسّى، ليمسح بالدهن المقدس من وقع عليه إختيار الرب من بين أبنائه ليكون ملكاً. فكان داود الملك، أحد أجداد المسيح بحسب الجسد، الذي من ذرّيته جاء المسيح الإله، متجسّداً من أحشاء العذراء مريم، التي هي من نسل داود.
نحو القرن السابع قبل الميلاد، تنبّأ بالروح أشعيا النبيّ العظيم قائلاً: “ويخرجُ قضيبٌ من جِذعِ يسّى وينبُتُ غُصنٌ من أُصولهِ، ويحلّ عليه روحُ الربّ…” (اشعيا1:11) وكانت هذه النبؤة إعلاناً عن مجيئ المسيح المخلّص في ملء الزمان مولوداً من أصل يسّى وذريّته…
في الأيقونة التي أمامنا، نرى جدّي المسيح الإله يواكيم وحنّة واقفين تتوسّطهما طفلتهما مريم، يمسكان بيديها، ونرى العذراء الطفلة تقفُ فوق شجرة يستلقي عند جذعها رجلٌ طاعنٌ في السِنّ، هو “يسّى الإفراتي” أو البيتلحميّ، أبو داود الملك، وكأنّ الشجرة خارجة منه. تُشير هذه الأيقونة الأرثوذكسية إلى تحقيق النبؤة الإلهية المشار إليها في العذراء مريم التي منها أفرع المسيح كما سبق فأخبر بذلك النبيّ أشعيا.
في الأيقونة نشاهد أيضاً بناءين متقابلين يُشيران إلى العهدين، القديم والجديد، حيث كان تجسُّد المسيح الإله من البتول مريم، هو حلقة اللقاء والوصل بينهما. في أعلى الأيقونة ملاكان من السماء يُسبّحان للتدبير الإلهي. ومن خلف القديسة حنة يُطلّ داود الملك ناظراً بفرحٍ وابتهاج كيف تحقّق وعد الرب له قائلاً: “متى كمُلَت أيامُك واضطجعتَ مع آبائك أُقيم بَعدكَ نَسلك الذي يَخرجُ من أحشائك وأُثبّت مملكته” (2صم13,12:7) فهو يتطلّع إلى العذراء النابتة من جذع يسّى أبيه ومن سُلالته، التي منها ولد المسيح رجاء الشعوب. وقد أكّد الملاك جبرائيل للبتول القديسة يوم بشارته لها في الناصرة أن المولود منها “سَيُعطيه الربُ الإله عرشَ داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا فناءَ لمُلكه” (لوقا33:1).
صلوات عيد ميلاد السيدة العذراء تشير مراراً إلى أنها أفرعت من “أصل يسى” ومنها ولد المسيح الإله بحسب الجسد، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
«اليَومَ مِن أَصلِ يَسَّى، وَمِن صُلبِ داود، تُولَدُ لَنا مَريَمُ الفَتاةُ الإلَهيَّة. لِذَلِكَ، كُلُّ البَرايا تَبتَهِجُ وَتَتَجَدَّدُ، وَتَفرَحُ السَّماءُ والأَرضُ مَعًا. فَيا قَبائِلَ الأُمَمِ سَبِّحيها، فَإنَّ يُواكيمَ يَبتَهِجُ، وَحَنَّةَ تُعَيِّدُ صارِخَةً، العاقِرُ تَلِدُ والِدَةَ الإلَهِ المُغَذِّيَةَ حَياتَنا».(طروبارية تقدمة عيد ميلاد العذراء، ٧ أيلول)
وإلى هذا تُشير أيضاً الكاطافاسيّة الرابعة من كاطافاسيات الميلاد، التي نُرتّلها في صلاة السَّحَر في زمن الإستعداد للميلاد: “أيّها المسيحُ المُسبّح، {لقد خَرجَ قَضيبٌ من أصل يسَّى} ومنه قد نبتّ زهرةً، من جبلٍ مُظلل مُدغل، أيّها الإله المنزّهُ عن الهيولى. فأتيتَ مُتجسّداً من البتول، التي لم تعرف رجلاً. فالمجد لقدرتك يا رب”.
بقلم: قدس الأب “رومانوس الكريتي”