ArabicArmenianChinese (Simplified)DutchEnglishFrenchGermanGreekItalianKurdish (Kurmanji)PortugueseRussianSpanishTurkish
موقع سلطانة الحبل بلا دنس
  • الصفحة الرئيسية
  • القداس والقراءات
    • زمن الميلاد – القداس الماروني
    • زمن الدنح – القداس الماروني
    • زمن الصوم – القداس الماروني
    • زمن القيامة – القداس الماروني
    • زمن العنصرة – القداس الماروني
    • زمن الصليب – القداس الماروني
    • أعياد ومناسبات – القداس الماروني
    • أعياد + نافور شرر – القداس الماروني
    • نوافير القداس – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • الروزنامة الروحية 2024-2025
    • المفكرة الليتورجية المارونية 2024-2025
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
  • الصلوات الطقسية
    • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
    • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
    • صلوات زمن الالام – طقس ماروني
    • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
    • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
    • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
    • تساعية الميلاد – 15 كانون الأول
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
    • درب وزياح الصليب
  • الإنجيل الأسبوعي
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – الأعياد الثابتة – طقس ماروني
  • قديس اليوم
    • كانون الثاني – سير قديسين
    • شباط – سير قديسين
    • آذار – سير قديسين
    • نيسان – سير قديسين
    • أيار – سير قديسين
    • حزيران – سير قديسين
    • تموز – سير قديسين
    • آب – سير قديسين
    • أيلول – سير قديسين
    • تشرين الأول – سير قديسين
    • تشرين الثاني – سير قدسين
    • كانون الأول – سير قديسين
  • معرض الفيديو
    • افلام يسوع المسيح – فيديو
    • افلام قديسين – فيديو
    • القديسون المسابكييون الموارنة والرهبان الفرنسيسكان – فيديو
    • الكتاب المقدس – فيديو
    • تراتيل – فيديو
    • صلوات – فيديو
    • قداس ماروني – فيديو
    • تساعيات – فيديو
    • كنائس – فيديو
    • تعليم لغات – فيديو
  • وثائق
    • المجامع الكنسية: نيقيا – الفاتيكاني الاول
    • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكة
    • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الأيقونة وشرحها
  • Donation
  • PayPal
  • اتصل بنا
No Result
View All Result
موقع سلطانة الحبل بلا دنس
  • الصفحة الرئيسية
  • القداس والقراءات
    • زمن الميلاد – القداس الماروني
    • زمن الدنح – القداس الماروني
    • زمن الصوم – القداس الماروني
    • زمن القيامة – القداس الماروني
    • زمن العنصرة – القداس الماروني
    • زمن الصليب – القداس الماروني
    • أعياد ومناسبات – القداس الماروني
    • أعياد + نافور شرر – القداس الماروني
    • نوافير القداس – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • الروزنامة الروحية 2024-2025
    • المفكرة الليتورجية المارونية 2024-2025
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
  • الصلوات الطقسية
    • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
    • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
    • صلوات زمن الالام – طقس ماروني
    • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
    • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
    • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
    • تساعية الميلاد – 15 كانون الأول
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
    • درب وزياح الصليب
  • الإنجيل الأسبوعي
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – الأعياد الثابتة – طقس ماروني
  • قديس اليوم
    • كانون الثاني – سير قديسين
    • شباط – سير قديسين
    • آذار – سير قديسين
    • نيسان – سير قديسين
    • أيار – سير قديسين
    • حزيران – سير قديسين
    • تموز – سير قديسين
    • آب – سير قديسين
    • أيلول – سير قديسين
    • تشرين الأول – سير قديسين
    • تشرين الثاني – سير قدسين
    • كانون الأول – سير قديسين
  • معرض الفيديو
    • افلام يسوع المسيح – فيديو
    • افلام قديسين – فيديو
    • القديسون المسابكييون الموارنة والرهبان الفرنسيسكان – فيديو
    • الكتاب المقدس – فيديو
    • تراتيل – فيديو
    • صلوات – فيديو
    • قداس ماروني – فيديو
    • تساعيات – فيديو
    • كنائس – فيديو
    • تعليم لغات – فيديو
  • وثائق
    • المجامع الكنسية: نيقيا – الفاتيكاني الاول
    • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكة
    • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الأيقونة وشرحها
  • Donation
  • PayPal
  • اتصل بنا
No Result
View All Result
موقع سلطانة الحبل بلا دنس
No Result
View All Result
ArabicArmenianChinese (Simplified)DutchEnglishFrenchGermanGreekItalianKurdish (Kurmanji)PortugueseRussianSpanishTurkish

الرسالة الراعوية السابعة رسالة راعوية إلى الكهنة «كمَا أرسَلَنِي الآبُ أُرسِلُكُم أَنا أيضًاً» (يوحنا٢٢:٢) عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء، ١٥ آب ٢٠٠٤

in الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك
A A
الرسالة الراعوية السابعة رسالة راعوية إلى الكهنة «كمَا أرسَلَنِي الآبُ أُرسِلُكُم أَنا أيضًاً» (يوحنا٢٢:٢) عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء، ١٥ آب ٢٠٠٤
12
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter
Print + PDF 🖨

الرسالة الراعوية السابعة

رسالة راعوية إلى الكهنة
«كمَا أرسَلَنِي الآبُ أُرسِلُكُم أَنا أيضًاً» (يوحنا٢٢:٢)
عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء، ١٥ آب ٢٠٠٤

مقدّمة

إلى أبنائنا وإخوتنا الكهنة الأعزاء
١. عليكم “النَّعمَةُ وَالرَّحمَةُ وَالسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ الآبِ وَالَسِيحِ يَسُوعَ رَبَّنَا” (١ طيموتاوس ٢:١). بتحية الرسول بولس إلى تلميذه طيموتاوس نحييكم ونحن نرى أننا بحاجة دائمة إلى “رَحمَةِ اللهِ وَسَلامِهِ”، كما نشعر أننا بحاجة دائمة إلى تجديد فهمنا لإيماننا وكهنوتنا الذي يربطنا بصورة خاصة “باللهِ الآبِ وَالمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”، لنصبح أكثر كفاءة لقبول كهنوتنا ولحمل رسالتنا في مجتمعنا.

الاجتماع الثاني عشر في الربوة (لبنان)
٢. عقَدْنا اجتماعَنا السنوي الثاني عشر في الربوة (في لبنان) في ضيافةِ أخينا غبطةِ البطريرك غريغوريوس الثالث، بطريرك أنطاكية والإسكندرية وأورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك في الفترةِ بين ٢٧-٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٢. وتباحَثْنا في طبيعةِ الكهنوتِ وقداستِه وفي شؤون كهنتِنا الموكولين إلى رعايتنا والأعزّاء على قلبنا. وإنَّنا نوجَّهُ إليكم هذه الرسالة، أيها الكهنةُ الأعزاء، إثرَ ذلك الاجتماع، لنعيِّرَ لكم جميعا، أنتم السائرين في طريقِ البتوليةِ أو في طريقِ الزواج، عن تقديرِنا لجهودكم فى جعل كلمة الله ومحبته حاضرتين . في کنائسنا و في مجتمعاتنا.

هدف الرسالة
٣. الأوسط، وفي بلدان الخليجِ وفي بلاد الانتشار البعيدة. “ونذكُرُكُم فِي صلَواتِتَا، وَلا ننفَكُّ نَذكُرُ مَا أَنتُم عَلَيهِ مِن نَشَاطِ الإيمانِ وَجَهدِ المحبَّةِ وَثْباتِ الرَّجاءِ بربِّنا يَسُوعَ الَمَسِيحِ” (١ تسالونيقي ١: ٢- ٣). وإنّنا لنقدِّرُ العناءَ والعُزلةَ ومختلفَ الصعابِ التي تواجهُونها في حملِ الرسالة، ونَحمَدُ الله في الوقتِ نفسِه على ثباتِكم وأمانتِكم، وعلى التقديرِ والمحبَّة التي يكِنُها لكم أبناؤكم في رعاياكم.

٤. إننا نوجّهَ إليكم هذه الرسالةَ لكي نتأمَّلَ معا في معنى كهنوتِنا ومسؤولياتِنا الكهنوتية. نعيشُ في هذه الأيام فترةَ إيمانٍ وتجدُّدٍ في جميعِ كنائسِنا، التي نشطَت لتجدَّدَ نفسها من خلالِ السينودسات والمجامعِ الكنسيةِ المنعقدةِ فيها، ابتداءً من السينودس من أجلِ لبنان، ثم مجمعِ الكنيسةِ الكلدانيةِ في العراق، ومجمع كنيسةِ الإسكندرية للأقباطِ الكاثوليك، والمجمعِ الماروني العام، وسينودس الكنائسِ الكاثولكيةِ في الأرضِ المقدَّسة، والمجمع البطريركي للكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، والمحمع الأبرشي الدمشقي للروم الملكيين الكاثوليك، والمؤتمرات العامة التي عقدت سابقا على مستوى كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك.

٥. وإننا نعيشُ في الوقتِ نفسِه في شرقِنا أيامًا مليئةً بالصعابِ والتحدِّيات. فما زِلْنا نعيشُ صراعاتٍ داميةً في الأرضِ المقدسةِ والعراق، وما زِلْنا في جميع بلداننا في مسيرةٍ كأداءَ نحو الحريةِ ونحو ديموقراطيةٍ حقيقية تنبثق من تقاليدنا وحضارتنا. كما أنّنا نواجهُ أيامَ عولمةٍ تغزو مجتمعاتِنا سلبًا وإيجابًا. وينجُمُ عن ذلك تطوُّرٌ متسارعٌ في مجتمعاتِنا فيبدُلُها ويبدَّلُ مواقفَ الإنسانِ فيها، المؤمنِ والمواطنِ على السواء. وكلُّ ذلك يؤثَّرُ مباشرةً على رسالتِنا في جهادِنا لتثبيتِ الإيمانِ والإسهامِ في تكوينِ الإنسانِ المواطنِ والمؤمنِ الملتزم في رعيته ومدینته أو قريته وفي البلدِ کله.

٦. مجتمعاتُنا تبحثُ اليوم عن استقرارِها وعن زعماءَ قادرين على خدمتها بأمانةٍ وتجرُّد. مجتمعاتنا اليومَ تحتاجُ بصورةٍ خاصةٍ إلى من يبذِلُ نفسَه في سبيلِها. وهذا هو مكانُ الكاهنِ ومعنى تكريسِه نفسَه لله لخدمة الناس، ليبذل نفسه في سبيل الغير، وليكونَ خادمًا متجرِّدا واهبًا لخيراتِ الروحِ ومشاركًا قدر الإمكان في إدارة خيراتِ الأرض وتوزيعِها، وَفقَ ما تقتضيه العدالةُ وكرامةُ كلِّ إنسان.

مجتمعاتنا بحاجةٍ إلى من يَصِلُها بالله، أمامَ القِوى الكثيرةِ التي تريدُ أن تُبعِدَ الإنسانَ عن الله، سواء بإقصاءِ الله بصورةٍ كاملة عن الحياة، أو بإدخالِ البلبلةِ في نفوسِ المؤمنين عن طريقِ البدعِ الكثيرة، أو بتمييع المواقفِ الأخلاقيةِ عامّة. وهناك من يحوِّلُ هذه الصلةَ بينَ الله والإنسانِ إلى مخاصمةٍ بينَ المؤمنين في مذاهبهم ودياناتهم المتعددة. المجتمعُ بحاجةٍ إلى رجالٍ لله يَربطونهِ بالله في وجهِ جميعِ التحديات والقِوى المعارضة، ومن ثمَّ يتعاونون مع كل مؤمنٍ بالله، لبناءِ مجتمعٍ إنساني جديد.

الوثائق الكنسية
٧. خَصَّص المجمع الفاتيكاني الثاني وثيقتين للكهنة وهما: القرار عن “خدمة الكهنة”، والقرار عن “إعداد الكهنة وتأهيلهم”. ولكنه تكلم أيضا على الكهنة في وثائق أخرى، منها: الدستور العقائدي عن الكنيسة: “نور الشعوب”، والقرار عن مهمة الأساقفة الرسولية: “المسيح يسوع”، والدستور العقائدي عن الليتورجية: “المجمع المقدس”. ومن بعد ذلك، أصدر قداسة البابا، كما وسائر المجامع الكنسية، وثائق كثيرة تنظر في تأهيل الكهنة وحياتهم وخدمتهم. وأهم تلك الوثائق: الرسالة البابوية “أعطيكم رعاة”، الصادرة في ٢٥ آذار مارس ١٩٩٢، لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني، “ودليل خدمة الكهنة وحياتهم”، من مجمع الإكليروس، في ٣١ كانون الثاني يناير ١٩٩٤، و”الكاهن الراعي والدليل في الجماعة الرعوية”، من مجمع الإكليروس، في ٤ آب أغسطس ٢٠٠٢.

تتضمن هذه الوثائق كلها غنى لاهوتيًا وروحيًا وافرًا. وإننا نشجعكم، ايها الأبناء والإخوة الكهنة الأعزاء، على الرجوع إليها وقراءتها مرارًا وتكرارًا فتجدوا فيها مزيدًا لمعارفكم ومادة لتأملكم. وقد استلهمنا في هذه الرسالة الكثير من مضمون هذه الوثائق كما سوف ترَوْن.

أقسام الرسالة
٨. في الفصل الأول من هذه الرسالة، نحاولُ أن نفكِّرَ في هوية الكاهن ودعوته إلى القداسة. فهو موسوم بوسم المسيح، وقد أحدث الكهنوتُ يومَ الرسامة تحوُّلاً في كيانه ووجوده. وهو مقدِّمُ الذبيحة مع المسيح، وهو مرافِقُ الشعبِ في مسيرتِه الأرضيةِ وهادِيه. وفي الفصل الثاني، نتكلَّمُ على الصفاتِ الإنسانيةِ التي يجبُ أن يتحلَّى بها الكاهن. وفي الفصلِ الثالث، نبيِّنُ أهمَّ مجالاتِ العملِ الراعوي في حياته. ونتكلَّم أخيرًا في الفصلِ الرابعِ على ضرورةِ التنشئةِ الدائمةِ للكهنةِ في محتلفِ أعمارِهم ومراحلِ حياتِهم.

الفصل الأول: الكاهن: هويته ودعوته إلى القداسة

التدبير الإلهي للخلاص
٩. ترتبط هوية الكاهن قبل كل شيء بالتدبير الإلهي لخلاص العالم: “إنَّ اللهَ أَحَبَّ العَالَمَ حَتَىَّ إنَّهُ جَادَ باينِهِ الوَحِيدِ لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِهِ بَل تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (يوحنا ٣: ١٦). وبحسب هذا التدبير الإهي صار كلمة الله إنسانًا وغدا حبرَ الإنسانية الجديدة التي افتداها بدمه: “لم تَشَأُ ذبيحَةً وَلا قُربَانًا، وَلَكِنَّكَ أَعدَدْتَ لِي جَسَدًا. لم تَرتَضِ المُحرَقَاتِ وَلا الدَّبَائِحَ عَنِ الخَطَايَا. فَقُلْتُ حِينَئِذٍ (وَقَد كَانَ الكَلامُ عَلَيَّ فِي طَيِّ الكِتَابِ): هَاءَنَذَا آتِ اللَّهُمَّ لأعمَلَ بِمَشِيقَتِكَ” (عبرانيون ٥:١٠-٧). والكاهن مشارك في هذا التدبير الإلهي وفي كهنوت المسيح بالرسامة الكهنوتية التي قَبِلَها. فأوَّلُ مكوِّناتِ هوّية الكاهن هو هذا الرباط بالأبدية، وبإرادة الله الأزلية لخلاص البشر. وثانيها هو قبوله وطاعته لمشيئة الله الآب. فمع مريم العذراء وعلى مثالها هو أيضًا يقول: “هاءنذا. ليكن لي بحسب قولك” (راجع لوقا ٢: ٣٨). وعلى مثال المسيح الذي “تجرد من ذاته وأطاع حتى الموت موت الصليب” (راجع فيلبي ٢: ٦- ٩)، يطيع الكاهن مشيئة الله ويطيع هو أيضًا حتى الموت وقبول جميع أشكال الموت التي تتعرض لها حياتُه الكهنوتية.

ومع هذا القبول لنداء الله، يرسلنا يسوع المسيح، أساقفةً وكهنة، كما أرسله الآب: “كَمَا أرسَلَنِي الآبُ أُرسِلُكُم أنَا أيضًا. خُدُوا الرُّوحَ القُدَّس، مَن غَفَرَتُم لَهُم خَطَايَاهُم تُغفَرُ لَهُم، وَمَن أَمسَكُتُم عَلَيهِمِ العُفرَانَ يُمسَكُ عَلَيهِم” (يوحنا ٢٠: ٢٢ – ٢٣). وكما أمر يسوع الرسل بتجديد الذبيحة الإفخارستية مدى الدهور، فهو يوجه إلينا الأمر نفسه ويقول: “اصنَعُوا هَذَا لِذِكرِي” (لوقا ٢٢: ٤١٩ ور. متى ٢٦ – ٢٨؛ مرقس ١٤: ٢٢- ٢٤). أرسَل المسيح الرسل، وبهم، وبحكم الخلافة الرسولية، ما زال يرسل الأساقفة، والأساقفة يَدْعُون الكهنة إلى المشاركة في كهنوتهم ويقيمونهم معاونين لهم.

١٠. تُحدِثُ الرسامة الكهنوتية في الكاهن تحوُّلاً على مستوى الكيان، كما حصل ذلك في الرسل في المرة الأولى بقوة كلمات المسيح المباشرة لهم لمّا سلّمهم سلطاته، سلطاتِ الوسيط بين الله والناس، فمنحهم سلطان مغفرة الخطايا وتقديم ذبيحة الكفارة. فالكاهن يصنع ما صنع المسيح. ويمارس السلطاتِ نفسَها. إن كهنوتنا هو شرة لعمل الروح القدس في السر الذي يمُنَحُ للكاهن، وهو موجَّة بصورة كاملة لخدمة عمل الكنيسة الذي تقوم به عبر الأجيال … الكاهنُ خادمٌ ليسوعَ المسيح، وبه ومعه ومن أجله يُصبح خادمَ الناس. كيانُه المتَّحدُ بكيان المسيح هو أساس كيانه الكهنوتي الموجَّه لخدمة الجماعة. ومن ثم فبقدر ما يكون الكاهن مرتبطًا بالمسيح يكون قادرًا على خدمة الجميع، لأن كيانَ الكاهنِ وعملَه، أي شخصُه المكرَّس وخدمتُه الراعوية، أمران متلازمان من حيث الوجود لا يمكنُ الفصلُ بينهما١.
يمكننا إذًا أن نقول إن هوية الكاهن تُعرَّف بعدة علاقات، العلاقة الأولى بالتدبير الإلهي للخلاص، والثانية بالكنيسة بوساطة الأساقفة الذين يقيمون الكهنة معاونين لهم، والثالثة بالعالم الذي يُرسَل إليه الكهنة ليكمَّلوا فيه عمل الخلاص. فمن جهة، الرباطُ بالله والطاعةُ لمشيئته، ومن جهة ثانية، توصيلُ نعمة الله إلى الناس في إطار عمل الكنيسة انطلاقًا من الرسامة الكهنوتية التي منحهم إياها الأساقفة.

الكاهن رجل الذبيحة والصلاة
١١. كهنوتُ المسيح وساطةٌ وشفاعةٌ لدى الله. والوساطةُ كائَت ابتهالاً حتى بذلِ الحياةِ وحتى الموتِ على الصليب. فكائت ذبيحةً ومغفرةً ومصالحة، ولهذا “استُحِيبَ لِتَقوَاهُ” (عبرانيون ٥: ٧)، “هُوَ عَظِيمُ الكَهَنَةِ الَّذِي يُلائِمُنَا، قُتُوسٌ بَرِيءٌ نَقِيٌّ وَمُنفَصِلٌ عَنِ الخَاطِئينَ، جُعِلَ مِن أعلَى السَّمَاوَاتِ” (عبرانيون ٧: ٢٦).
وهكذا يكون الكاهنُ الذي يقدِّمُ الذبيحة. هو الذي يصلِّي ويَشفَعُ بالناس. والذبيحة القربانية أو الليتورجيا الإلهية هي أهمُّ صلاةٍ يرفعها. والكاهن الذي يقدِّمُ الذبيحةِ يجب أن يحوَّلَ جميعَ مجالاتِ حياتِه الخاصة والعامة إلى ذبيحة، فيتحرَّرُ من كلِّ ما هو “إنسانٌ قديم”، أي من كلِّ قِوى الشرِّ فيه، فيصبحُ أهلاً لأن يكونَ وسيطًا يُصلِحُ الخطأةَ ويصالحُهم مع الله. ومن ثمَّ لا بد للكاهن من فترات خاصة يَمثُلُ فيها أمام ربه، وفي الصمت والصلاة يضع أمامه عمله ورعيته كاملة بكل نعمها وهموم حياتها، ويحدِّدُ أمام الله قبوله لدعوته، ويسأل المزيد من القوة لمتابعة حمل الرسالة. ولحظات الصلاة والصمت هذه أمام الله هي التي تجعل رسالته ممكنة، وتملأها بفرح الحياة في وسط الصعاب الجمة. لأنه من المحزن أيضًا، إذا ابتعد الكاهن عن الأصول الروحية واللاهوتية لدعوته، أن ينال منه التعبُ والملل والإحباط في تعامله مع الناس. إنه من المحزن حقًّا أن يصبح الكاهن إنسانًا مُحبَطًا منعزلاً منغلقًا على ذاته، يحرم نفسه الحياة، وهو المرسَلُ ليكون مانحَ الحياةِ وفرحِها لغيره. وَعيُ الكاهن أن الناسَ بحاجة إليه يجب أن يجدِّدَ دوما فيه الهمة والقوة، مهما واجه من الصعوبات من قِبَلِ الناس الذين يتعامل معهم، سواء کانوا رؤساء أو مخدومین.

١. راعي ودليل، ٥,

١٢. الصلاة، وخاصة الصلاة الليتورجية الكنسية مع الكنيسة وباسمها، هي المثولُ المستمِرُّ أمامَ الله وهي من المقوِّماتِ الأساسيّةِ في طبيعة الكهنوت. ومهمّةُ الكاهنِ هي أن يجعلَ اللهَ حاضرًا بينَ البشر. ويمكنه أن يقومَ برسالتِه هذه إذا ما كانَت حياته هو حضورًا مستمرًّا أمامَ الله. إنه الشفيعُ ومقدَّمُ الذييحةِ والدليلُ إلى الله، فلا بدَّ من أن يجعلَ كلَّ لحظةٍ في حياتِه وكلَّ موقفٍ له حضورًا أمامَه تعالى. “ألَم تَعلَمَا أنَّهُ يَجِبُ عَلَيَّ أَن أَكُونَ فِي مَا هُوَ لأَبي؟” (لوقا ٢: ٤٩) هكذا قال يسوع يوما لوالديْه، وهكذا يقول الكاهن دائمًا. فهو رجلُ الأسرارِ المقدَّسةِ مانحةِ النعمةِ للناس. وهو المتعاملُ كلَّ يومٍ مع المقدَّسات، وهو رجلُ الله. كذلك هو، وكذلك يريدُه الله وكذلك يريدُه الناسُ أن يكون، وكذلك ينظرون إليه.

الکاهن رفیق الناس في دروب حیاتهم
١٣. الكاهن رفيقٌ للناس في مسيرتهم الأرضية نحو الله. قال صاحب الرسالة إلى العبرانيين: “قَد أرَادَ أن يَقُودَ إلَى الَمجدِ كَثِيرًا مِنَ الأبنَاءِ” (عبرانيون ٢: ١٠). وهذا هو أيضًا أحد المعاني لمهمّةِ الكاهن، أن يقودَ إلى مجدِ الله الكثيرين، من الفقراءِ والأغنياء، والضعفاء والأقوياء والمظلومين، فيعي كل واحد منهم أن عظمته الحقيقية وكرامته أمام الله والناس ناجمة عن محبة الله له.
وقلبُ الرسالةِ وأساسُها هو حبُّ اللهِ للناس: “إنَّ اللهَ أَحَبَّ العَالَمَ .. ” (يوحنا ٣: ١٦). ومن ثُمَّ تقوم رسالة الكاهن بأن يُرشِدَ الناسَ إلى هذا الحبِّ ليُدركوه ويستجيبوا له، فيصبحَ حبُّ الله لهم مبدأَ استقرارٍ وطمأنينةٍ في حياتهِم اليوميةِ وفي مختلِفِ الاضطراباتِ التي يتعرَّضون لها. أحبَّ اللهُ العالمَ فأرسلَ ابنَه الوحيدَ ليخلِّصَ به العالم. إن هذا السرَّ منْزَرعٌ في وسطِ أحداثِ حياتِنا الخاصةِ والعامة، وهو دليلٌ لنا، وبنوره نتحاول أن نفهم معنى ما يُصنَعُ اليوم في تاريخِنا. والكاهنُ هو المذكَّرُ بهذا الحضورِ والعملِ الإلهيَّيْن، وهو المعلِّمُ والمطَمْئِنُ ومانحُ السلامِ والاستقرار، تحت إشراف الروح القدس وعمله المحوِّل والمقدِّس.

دعوة إلى القداسة
١٤. “إن الدعوة الى ملء الحياة المسيحية وحياة المحبة موجّهةٌ الى جميع المؤمنين بالمسيح أيًا كانت حالتهم ومكانتهم في المجتمع٢. إن قول المجمع هذا الموجَّة إلى جميع المؤمنين بالمسيح ينطبق خصوصًا على

٢. تور الشعوب، ٤٠,

الكهنة: “فهم مدعوون، ليس فقط لأنهم معمّدون، بل أيضا وخصوصًا لأنهم كهنة ٣. قال يسوع المسيح: “كُونُوا أَنتُم كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ كَامِلٌ” (متى ٥: ٤٨). وهذا الكمال مفروض على الكهنة بصورة خاصة: فهم، بقبولهم الكهنوت، كُرّسوا لله بطريقة جديدة ليكونوا أدواتٍ حيّةً بيد يسوع المسيح الكاهن الأزلي، أهلاً لأن يواصلوا، على مدى الزمن، العمل العجيب الذي به رَمّم الأسرة البشرية بقدرته السامية٤.
يسوع المسيح هو الهدف وهو المثال الذي يسعى الكاهن الى التشبّه به. هذا هو مقياس العمل وميزان المحاسبة في حياة الكاهن. على هذه القاعدة يحاسب الكاهن نفسه ويحدِّدُ قيمة كلِّ ما يقوم به من أعمال أو مشاريع. الارتباط بيسوع المسيح، مثل الارتباط بقداسة الثالوث القدوس، يَنبُعُ مباشرة من السرّ الذي يجعل وجودنا وكياننا، نحن الكهنة، على صورة يسوع المسيح الكاهن والمعلّم والمقدِّس وراعي الشعب”٥.

١٥. ولهذا فهناك قِيَمٌ ومقتضيات أساسيّة للمسيرة الكهنوتية. وفي طليعة هذه القيم والمقتضيات أن نعيش في اتحاد حميم مع يسوع المسيح. قال يسوع المسيح: “أنَا الكَرمَةُ وَأَنتُمُ الأغصَانُ. مَن ثبَتَ فِيَّ وَتْبْتُّ فِيهِ فَدَاكَ الَّذِي يُثمِرُ ثمَرًا كَثِيرًا” (يوحنا ٥:١٥). ويبيِّن الإرشاد الرسولي “أعطيكم رعاة” موقفًا روحيًا آخر له أهميته في حياة الكاهن وهو الاستمرار في البحث عن يسوع: “البحث عن المعلّم والعثور عليه واتباعُه والإقامة معه. ولا بدّ للكاهن، طوال حياته وخدمته الكهنوتية، ان يواصل هذا البحث عن يسوع”٦. حياة الكاهن إذًّا جَهدٌ واحد موصول يسعى إلى الكمال. ومن ثم من الطبيعي أن تكون جهوده ونشاطاته الكثيرة موسومة بهذا التوق المستمر إلى الكمال، بل يجب أن تكون ثمرة له. وما لم تكن النشاطات ثمرة لهذا التوق ولهذا الاتحاد سيُفصلُ كما يُفصَلُ الغصنُ الجافّ عن الكرمة.

ينابيعُ حياةِ الكاهنِ الروحية
١. كلمة الله

١٦. يستنِدُ الكاهنُ في مسيرته إلى القداسة، ويغدِّيها بكلمة الله وبالإفخارستيا وبسائر الأسرار مانحةٍ النعمة، ولا سيما سرِّ التوبة. كلمةُ الله هي أول ينبوعِ لحياةِ الكاهنِ الروحيّة. “الكهنةُ هم خدَّامُ كلمةِ الله، يقرأونها ويُصعُون إليها كلَّ يومٍ لكي يعلِّموها للآخَرين. فإذا اهتموا بقبولها في ذاتهم ازداد بها كمالهم يوما بعد يوم وكانوا حقا تلاميذَ للمسيح٧. الكاهنُ هو قبلَ كلِّ شيء، خادمُ كلمةِ الله، وهو المكرَّسُ والمرسَلُ ليبشَرَ الجميعَ

٣. أعطيكم رعاة، ١٩.٤. أعطيكم رعاة، ٢٠.
٥. دليل، ٦.
٦. أعطيكم رعاة، ٤٦.

٧.  خدمة الكهنة، ١٣.

بإنجيلِ الملكوت. عليه إذًا أن يخلِقَ في ذاته عَلاقةً حميمةً وعميقةً مع كلمةِ الله، ليس فقط على صعيدِ اللغةِ والتفسير، وهو أمرٌ ضروري، بل عليه أن يتقبّلَ الكلمةَ بقلب طيّعٍ مُفعَمٍ بالصلاة، فتتغلغلَ الى صميمِ أفكارِه ومشاعرِه وتخلِق فيه روحًا جديدًا، وفكرًا جديدًا هو “فكرُ الرب” (١ قورنتس ٢: ١٦). فلن يكونَ الكاهنُ تلميذًا كاملاً للربّ، الا إذا “مكث” في الكلمة. ولهذا عليه أن “يكونَ أوّلَ مَن يؤمنُ بكلمةِ الله، متيقّنًا أنّ الله هو الذي يفتح القلوب وأن قوة عمله ليست منه بل من قدرة الله. وأن الكلمةَ ليست له بل للذي أرسله، وأنه خادمُها لا سيّدُها، ولا هو مالكها الأوحد بل وكيلُها ومقدِّمُها لشعب الله “٨.
ولذلك فهي كلمةٌ يجبُ التأمَّلُ فيها يوميًّا ودراستُها وتعميقُها وفهمُها و”هضمُها” وتطبيقُها على الحياة وإعلانها. وهذا أمرٌ يستحيلُ الوصولُ اليه من غيرِ حياةٍ روحيَّةٍ في داخلِ الذاتِ تسمحُ بتذوِّقِ كلمةِ الله بهدوءٍ وصمتٍ. والصمتُ في حياةِ الكاهنِ روحانيّةٌ قائمةٌ بذاتها. فهو لحظاتُ حضورِ أمامَ الله فيها السجودُ والاستسلامُ لمشيئته تعالى، وفيها الابتهالُ والشفاعة، وفيها محاسبةُ النفسِ والعودةُ بها إلى الجوهرِ والأساسِ في حياةِ الكاهن، بإرشاد “الروح القدس الذي سيعلمنا كل شيء ويذكرنا كل ما قاله لنا يسوع المسيح” (راجع يوحنا ٢٦:١٤).

جاء في الإرشاد الرسولي “نور الشرق”: “إن نقطة انطلاق الراهب – الكاهن – هي كلام الله، كلام ينادي ويدعو ويتوجّه شخصيًا إلى الإنسان، كما حصل مع الرسل. وذلك الكلام عندما يصيب مسمعًا فحينئذ تولد الطاعة اي الإصغاء الذي يبدَّل الحياة. كل يوم يتغدّى الراهب – الكاهن – من خبز الكلمة. وإذا ما حُرِمَ هذا الخبز يصير إلى الموت، ويفقد كل صلة بإخوته، لأن الكلمة هو السيد المسيح الذي يدعى الراهب – الكاهن – الى التشبّه به٩.

٢. الإفخارستيا
١٧. والإفخارستيا تشكّلُ مركزًا آخر لحياةِ الكاهنِ الروحيّة، وهي أساسُها وقِمتُها. فالكاهنُ يعيشُ بقوةِ الإفخارستيا ومن أجلِها. ذلك أنَّه بتقديمه الذبيحةَ واحتفاله بالليتورجيا الإلهية في كلِّ يومٍ يتعلّمُ كيف يصبحُ هو نفسُه ذبيحةً مقدَّسةً أمامَ الله. “إنّ الأسرار المقدَّسةَ، وجميعَ الخدَماتِ الكنسيّةَ والمهامَّ الرسوليّة، مرتبطةٌ كلُّها بالإفخارستيا ومترتَبةٌ عليها. ذلك أنّ الإفخارستيا تحتوي على كنزِ الكنيسةِ الروحيِّ بأجمعِه، أي على يسوعَ المسيح بالذات … ومن ثمّ فإنّ الإفخارستيا هي حقًّا مصدرُ التبشير بالإنجيلِ وقِمتُه”١٠. وهي قِمَّةُ الصلاةِ المسيحيّةِ، وقِمّةُ الأسرارِ وسائرِ الفروضِ الليتورجيةِ ومَعِينُها. وفي هذا

٨. أعطيكم رعاة، ٤٧.
٩. تور الشرق، ١٠.
١٠. خدمة الكهنة، ٥.

دليلُ أهميّةِ الإفخارستيا ودورِها الجوهريِّ في حياةِ الكاهنِ وخدمتِه. ولهذا يجتهدُ الكاهنُ في اكتسابِ الفضائلِ المستوحاةِ من سرِّ الإفخارستيا أي الشكرُ، والاستعدادُ لأن يقدِّمَ ذاتَه مع القربانِ المقدَّمِ في الإفخارستيا، والمحبّةُ المستمدَّةُ من سرِّ القربانِ علامةً للوحدة والمشاركة، وأخيرًا الرغبةُ في التأمل والسجودُ ليسوعَ المسيحِ الحاضرِ حقًّا في القربان١١. ويكونُ الكاهنُ بذلك مثالاً للجماعةِ المؤمنة، بتقواه الإفخارستيةِ ومثابرتِه على التأمّلِ، قدَرَ الإمكان، أمامَ الربِّ الحاضرِ في القربان. وقد يكونُ من الأوقاتِ الممتازةِ للسجودِ أمامَ العزة الإلهية الوقتُ الذي يحتفل فيه الكاهن بالصلاة الطقسية فتكونُ صلائه هذه امتدادًا حقيقيًّا، في أثناءِ النهار، لذبيحةِ الحمدِ والشكرِ الإفخارستيّة ١٢.
ولا بد من التذكير بالبعد الجماعي للإفخارستيا ولأهمية الإنعاش الليتورجي ومشاركة الجماعة فيه، فالليتورجيا الإلهية هي سر الشركة والوحدة في حياة الجماعة المسيحية. وبالاتحاد الصميم مع الجماعة البشرية الموكولة إليه يتغدّى الكاهن بخبز الحياة الذي يجعل حياته اكثر اتحادًا بالله وبرعيته، بل يذهب به إلى أبعد من الرعية إذ يوحِّدُه بجسد المسيح في العالم كله. هذا الخبز النازل من السماء يجعل عمله خصبًا بالنعمة والقداسة لنفسه وللناس الذين وُكِلَت إليه مهمةُ تقديسهم. والقداسة في حياة الكاهن ليست أمرًا منفصلاً عن حياة الجماعة الموكولة إليه. بل هي مسيرة مشتركة بين الراعي والرعية. فالراعي يقدِّسُ نفسه، وتسيرُ معه الرعيةُ وتُسنِدُه في سعيه إلى القداسة.

٣. سر التوبة
١٨. سر التوبة تابعٌ ونابعٌ من سرِّ الإفخارستيا، وقد أقيمَ الكاهنُ خادمًا له، ليكونَ بينَ البشرِ علامةً وشاهدًا لرحمةِ الله التي تستقبلُ وتغفرُ. ويبدأُ الكاهنُ بنفسه فيمارسُ هو سرَّ التوبةِ، إذ إنه يحتاج هو أيضًا، مثلَ كل مؤمن صالح، إلى أن يعترف بضعفه وبخطاياه. وهو أول من يَعلَمُ أن ممارسة هذا السر تثبَّئُه في الإيمان والمحبة الله وللقريب. وحتى يتمكَّنَ من أن يُظهِرَ بصورة فعّالة جمال هذا السرّ، من الضروري أن تكون شهادته نابعة من خبرته الشخصية، فيكون في مقدّمة المؤمنين في طلب المغفرة١٣.
“إنّ خدّامَ النعمةِ في الأسرار يتّحدون بيسوعَ المسيحِ المخلِّصِ والراعي عندما يَقبلون الأسرارَ قبولاً يثمر فيهم أيضا النعمة، ولا سيما إذا تقدموا للاعتراف بخطاياهم في سرِّ التوبة. فالاعترافُ المهيّاُ بفحصِ الضميرِ اليوميِّ سندٌ ثمينٌ وضروريٌّ لتوجيهِ القلبِ نحو حِّ أبي المراحم،”١٤. ويركِّزُ البابا يوحنا بولس الثاني على هذا الموضوع في الإرشاد الرسولي “أعطيكم رعاة” فيقول: “أوَدُّ ان أخصَّ بالذكرِ سرَّ التوبةِ الذي يجبُ على الكهنةِ ليس فقط أن يمنحوه، بل أن يستفيدوا منه أيضًا، فيصيروا بذلك ليس فقط وسطاءَ

١١. ر.أعطيكم رعاة، ٤٨.
١٢. دليل، ٥٠,
١٣. دليل، ٥٣,
١٤. خدمة الكهنة، ١٨.

بل شهودًا لرحمةِ الله وعطفِه على الخطأة. وأكرِّرُ هنا ما ذكرتُّه في رسالتي السابقة في “المصالحة والتوبة”: “حياةُ الكاهنِ الروحيّة وحرارتها، كمثل حياة إخوته الرهبان والعلمانيين، منُوطةٌ بممارستِه سرَّ التوبةِ ممارسةً شخصيّةً والإقبالِ عليه بصورة واعية ومتكررة. فالاحتفال بالإفخارستيا والأسرارِ الأخرى والغَيْرةُ الراعويةُ والعلاقاتُ مع المؤمنين والشركةُ مع الإخوةِ الكهنةِ والتعاونُ مع الأسقفِ وحياةُ الصلاة، بل حياةٌ الكاهنِ كلُّها تنهارُ انهيارًا مختومًا اذا أخلَّ بممارسةِ سرِّ التوبة ولم يلجأ إليه بصورة منتظمة وبإيمان وتقوى حقيقيَّيْن. الكاهنُ الذي يُهمِلُ الاعترافَ او يُسيءُ الإقرارَ بخطاياه، سرعان ما ينعطبُ جوهرُه الكهنوتي وعملُه الراعوي، وسرعان ما تلاحظ ذلك الرعية نفسها١٥.
وفي الختام حتى يتمكن الكاهن من أن يعيش بحسب هويته بصورة كاملة يجب أن تكون فيه حياة روحية وافرة. ولهذا يجبُ ان تكونَ التنشئةُ الروحيةُ، في حياةِ كلِّ كاهن، “القلب” الذي يوحّدُ ويُحيي كيانَه وحياته الكهنوتية. “وعليه أن يتعوّد الاتحادَ بيسوعَ المسيح، فتصبحُ حياتُه منصهرةً في حياتِه. وعليه أن يجعل سرَّه الفصحيَّ قِوامَ حياتهِ بحيثُ يصبح قادرًا على أن يُشرك فيه الشعبَ الذي يُوكَلُ اليه”١٦.

الفصل الثاني: الكاهن الإنسان

الهوية وضرورة التنشئة
١٩. “إنَّ كُلَّ عَظِيمَ كَهَنَةٍ يُؤخَدُ مِن بَينِ النَّاسِ” (عبرانيون ٥: ١)، فتملأُه نعمةُ الله وتبدلُه. ويَبقَى مع ذلك شبيهًا “بإخوتِهِ فِي كُلِّ شَيءٍ لِيَكُونَ عَظِيمَ كَهَنَةٍ رَحِيمًا مُؤتَمّنًا عِندَ الله” (عبرانيون ٢: ١٧). يبقى الإنسانُ في الكاهن أداةَ النعمة، بما فيه من صفات أو نقاط ضعف، فيما يحاول أن يطوِّرَ ذاتَه بنعمة الله وبالتربية التي يتلقّاها قبل الكهنوت كما وبالتنشئة الدائمة بعده. وسيقويه الروح القدس ويُحدِثُ فيه التحوُّلَ اللازم إن اجتهد هو نفسُه فبدَّل مما في نفسه، وجعلها أداة طيّعة لعملِ الله فيه. تقول الرسالة البابوية “أعطيكم رعاة” إنه بدون تنشئة انسانية ملائمة، تمسي التنشئة الكهنوتية كلها من غير أساس، ومعزولة عن مرتكزها الضروري. وإن “الكاهن المدعو الى أن يكون صورة حيّة ليسوع المسيح، رأس الكنيسة وراعيها، عليه أن يسعى ليعكس في ذاته، قدر المستطاع، الكمال البشري الذي تلألأ في ابن الله المتأنس”. فيُقبل على اقتناء “مجموعة صفات بشرية، لا بدّ منها لبناء شخصية متوازنة، قوية وحرّة، قادرة على الاضطلاع بأعباء المسؤوليات الرعوية”. من هنا ضرورة التربية على “حبّ الحقيقة

١٥. أعطيكم رعاة، ٢٦.
١٦. التنشئة الكهنوتية، ٨.

والتزاهة واحترام كل انسان، وعلى مفهوم العدالة والوفاء بالوعد والرحمة الحقيقية، وعدم التناقض في المواقف، وخصوصًا على الاتزان في الرأي وفي التصرّف١٧. وللتعامل مع الرعية ومع الناس، هناك صفات يقدرها الناس بحق إذ تدعوهم إلى التجاوب والبناء معًا، وهي “الطِّيبة والصدق والقوّة الأدبية والثبات وحب العدالة واللطف والصمود والصبر في عمل الخير، وصفات أخرى أيضًا عدَّدها القديس بولس، حيث قال: “مَا كَانَ حَقًّا وَشَرِيفًا وَعَادِلاً وَخَالِصًا وَمُستَحَبًّا وَطَيَّبَ الذُكرِ وَمَا كَانَ فَضِيلَةً وَأَهلاً لِلمَدحِ، كُلُّ ذلِكَ قَدِّرُوهُ حَقَّ قَدرِهِ” (فيليي٤: ٨)١٨. وعلى هذا الأساس الإنساني المتين تُرسَّخ حياتنا الکهنوتیة.

معرفة الذات
٢٠. أولى الفضائل الإنسانية هي فن التعامل مع الذات ومع الآخرين. يعرف الكاهنُ ذاتَه ويقبلُها هبةً من الله ومن محبته. فهو كما هو، بكل ما فيه من ضعف وقوة، مدعوٌّ إلى جهادٍ داخليّ مستمِرٌ ليطوِّرَ صفاتِه ويحرِّرَ نفسَه من الضعف الذي فيه والذي يعيق خدمتَه الكهنوتية. يجب أن يعرفَ الكاهن نفسَه ليعرفَ كيف يتعاملُ مع المؤمنين الذين أُرسِلَ إليهم. وقد يجد بينهم، وبين جميع الذين يلاقيهم على دروب خدمته، من هم دونه نصيبًا في هذه الحياة، كما يجد من هم أوفرَ نصيبًا منه، يفوقونه علمًا وفضيلة. وسوف يجد بينهم الصديق والمخاصم. ومع الجميع عليه أن يكون متواضعًا واعيًا في الوقت نفسه لما وهبه الله من نِعَم ولما في شخصيته من حدود. ومع الجميع، يبقى أمينًا لأصالة دعوتِه فيحافظُ على كرامة نفسه وعلى الاحترام الواجب للآخرين.

العلاقات بين الكهنة والأسقف
٢١. إنّ العلاقة بين الكاهن والأسقف مهمة جدا في حياة الكاهن اليومية، المادية والفكرية والروحية والراعوية. وهي مبنيّة على سر الكهنوت نفسه: “إنّ جميع الكهنة يشتركون، باتحادهم مع الأساقفة، في كهنوت المسيح الواحد، وفي رسالته الواحدة. فوحدة الرسامة والرسالة اذًا تفرض الشركة الكنسية بينهم وبين الأساقفة١٩. “تشمل هذه الصلة بين الكهنة والأسقف كل الأمور الخاصة برسالة الكاهن، والعلاقات الإنسانية المتبادلة المبنيةَ على الاحترام والمحبة، حتى ولو اختلفت أو تعارضت المواقف الإنسانية في حمل الرسالة، لأنهم، أي الكهنة والأساقفة، يحتفلون في كل صباح بتقديم الذبيحة نفسها، والإفخارستيا نفسها، وبطلب الشفاعة نفسها من أجل البشرية. فهي علاقة صلاة ومثولٍ أمام الله، يقدرون بها حملَ رسالة الخلاص “والحياة الوافرة” لكل من وُكِلَتْ إليهم رعايتُهم.

١٧. أعطيكم رعاة، ٤٣.
١٨. خدمة الكهنة، ٣.
١٩. خدمة الكهنة، ٧.

هذا يعني أن يعتبر الأساقفةُ “الكهنةَ إخوةً لهم وأصدقاء، فيهتمّون، وسع طاقتهم، بأمرهم المادي أوّلا، وخصوصًا بأمرهم الروحي … وبتوفير التنشئة الدائمة لهم. ليعملوا على الإصغاء إليهم، واستشارتهم، والحديثِ معهم في متطلبات العمل الراعوي”. وتضيف الوثيقة المجمعية فتقول: “وأمّا الكهنة فيعلمون أن الأساقفة مُنِحُوا ملءَ سرّ الكهنوت، فعليهم أن يحترموا فيهم سلطة المسيح الكاهن الأعظم.
وليُغدُّوا في أنفسهم لأساقفتِهم مشاعرَ صادقة تغذِّيها المحبة والطاعة٢٠. وتمتد هذه الوحدة بين الأسقف والكاهن لتكون وحدة بين الكهنة أنفسهم. فمن مقتضيات المحبة الرعوية ان يظلّ الكاهن، بطريقة خاصّة ومميّزة، على اتصال شخصي مع الجسم الكهنوتي بإشراف الأسقف ورعايته٢١. وإن ما يقيم بين الكهنة اتحادا صميما هو رباطُ الأخوَّةِ الناجمةِ عن قبول سر الكهنوت نفسه. “ولذلك يتوجب على المتقدّمين في السن أن يستقبلوا مَن هم أحدثُ منهم سنَّا، فيساندونهم في جهودهم الأولى، ويعملون على تفهّم عقلياتهم حتى ولو كانت مختلفة. وكذلك يتوجب على الكهنة الشباب ان يحترموا سنّ القدماء وخبرتهم فيتحاورون معهم في المعضلات الرعوية ويشاركونهم فرح الرسالة٢٢.

الحياة المشتركة
٢٢. الحياة الكهوتية المشتركة وسيلة للتعاون الأخوي وللتجدد في الحياة الكهنوتية. وهي خبرة جيدة، وإننا نُوصي بها حيث يمكن العملُ بها، ولا سيما في المدن حيث توجد رعايا كثيرة. وإذا كانت إقامة الكهنة معًا في مكان واحد أمرًا صعبًا بسبب مقتضيات العمل الرعوي نفسه، فَلْيُعمَلُ الكهنةُ المتواجدون في المدينة الواحدة على الالتقاء معا أقلَّه في بعض أوقات النهار، مثلاً للطعام والصلاة، فتكون تلك الأوقات لهم وسيلة للتعاضد الأخوي والتجدد الروحي. وبصورة عامة، يجب أن تنفتح الحياة الشخصية للكهنة على الأخُوَّة الكهنوتية، فيكونُ بينهم ضيافةٌ ولقاءاتٌ وصلوات. وكذلك يكونُ مكانُ إقامة كاهن الرعية، مكانًا يرحِّبُ في كل لحظة باستقبال الإخوة الكهنة. هذا الاستعداد للاستقبال هو في حد ذاته سندٌ للكاهن في وحدته وحمايةٌ له من مخاطر العزلة والتعويضات التي تسبَّبُها. وعلاوة على ذلك فإن “هذه الحياة الكهنوتية المشتركة تعود بالنفع على الحياة والنشاط الراعوي، وتقدم للجميع، للكهنة والعلمانيين، مثالاً نيّرًا في المحبة والوحدة”٢٣.

التربية العاطفية في حياة الكاهن
٢٣. النضج العاطفي أمر مهم وحاسم في التنشئة على الحب الحقيقي المسؤول، ويفترض الوعيَّ والتنبُّه

٢٠. حدمة الكهنة، ٧.
٢١. أعطيكم رعاة، ٢٣.
٢٢. خدمة الکهنة، ٨.
٢٣. أعطیکم رعاة، ٨١.

لأهمية الحب ومكانته الأساسية في حياة الانسان. والواقعُ أن الانسان، بالرغم من أنّ المجتمعَ المعاصر المنفتحَ اليوم على رياح العولمة الغازية يتَّجه أكثر فأكثر نحو الإباحية، لا يقوى على الحياة بدون حبّ. ومن ثم لا بد للكاهن في وسط هذا المجتمع من تربية عاطفية سليمة مؤسَّسةٍ على رؤية مسيحية شاملة ومتَزنة في كل ما يختص بالجسد وبالسلوكيات الأخلاقية المسيحية، ليتمكَّنَ هو من الأمانة لتكريسيِه نفسَه لله، في طريق الحب المتطلِّعِ إلى المطلق، وليتمكَّنَ من إرشاد المؤمنين في الحياة المسيحية، التي تعتبر الجسد بكل متطلباته المادية والروحية مرتبطًا بقداسة الله نفسها. وفي هذا يقول الرسول بولس: “أَوَمَا تَعلَمُونَ أنَّ أَجسَادَكُم هَيَكَلُ الرُّوحِ القُدُسِ، وَهُوَ فِيكُم وَقَد نِلْتُمُوهُ مِنَ الله، وَأنَّكُم لَسْتُم لأنفُسِكُم؟ فَقَد اشتُرِيَ وَأُدِّيَ الثَّمَنُ. فَمَجِّدُوا اللهَ إذًّا فِي أجسَادِكُم” (١ قورنتس ٦: ١٩).

يصل الكاهن الى هذا الاتزان العاطفي عندما يستطيع أن يجمع بين نمط حياته كإنسان مكرَّس وبين الرغبة الطبيعية الموجودة فيه في أن يُحِبَّ وأن يُحَبّ. ويظهر ذلك في قدرته على إقامة صداقات كهنوتية سليمة. وهذا أمر ممكن إنْ وضع الكاهن لنفسه هدفًا كهنوتيًا واضحًا وساميًا، ووجّه اليه كلَّ ما في داخله من أحاسيسَ وعواطف. ولا يمكن أن يكون هذا الهدف الاّ الحبَّ السامي والمطلق، لأن هذا الحب وحده يستطيع أن يستوعب طاقةَ الحبِّ الكبيرةَ الموجودةَ في الانسان، والمتطلِّعةَ الى الخير السامي والمطلق.

حياة البتولية
٢٤. هذا الكلام يمهّد الطريقَ لحبّ العفة المكرّسة وتقديرِها، وهي دعوةٌ الى حياةٍ مبنيّةٍ على الحب المطلق. والتربية على الحبّ المسؤول أمر لا بدّ منه لكل من كان مدعوا، مثل الكاهن، الى العزوبية المكرّسة، أي إلى أن يهب ذاته وحبه وكل اهتمامه ليسوع المسيح وللكنيسة، وذلك بموجب قرارٍ حر وإرادة واعية. ومن ثمَّ، ليست العفّة المكرّسة، لمن اتخذ مثل هذا القرار، مجرّدَ قانونٍ كنسي، بل هي خيارٌ ناجمٌ عن حبِّ حيّ وشخصي ليسوع المسيح وللكنيسة، بكل ما في ذلك من تضحيةٍ بالذات شاملةٍ و کاملة.

وهذا يفترض معرفة صحيحة للذات، وتقييمًا صحيحًا للحياة العاطفية، ومعرفة واضحة لما تتطلَّبُه حياة العفة المكرسة من بذل للذات في سبيل الله والإخوة. ومن المهم في جميع الأحوال أن يكونَ الخيارُ واضحًا وصريحًا، وأن يُعاشَ بفرح في سبيل الملكوت أي في سبيل الخير الأفضل. وهذا أمر يتطلَّبُ صلاة عميقة وحضورًا مستمرًّا أمام الله، وتواضعًا مقرونًا بثقة كبيرة بنعمة الله الذي ليس لديه أمر مستحيل.
وللصداقة الكهنوتية دورٌ في ما دُكر، خصوصًا عندما يمرّ أحد الكهنة بلحظات صعبة في هذا المجال. فالمحبة الأخوية والحياة الأخوية مع الجماعة هي أفضل عون له لمواجهة الصعاب. “لا جَرَمَ أنَّ في العالم اليوم أناسًا كثيرين يصرّحون بأن العفة الكاملة أمرٌ مستحيل. وما ذلك الا باعثٌ آخر وحافزٌ للكهنة ليطلبوا بتواضع وباستمرار، وبالاتحاد مع الكنيسة، نعمة الأمانة التي لا يرفضها الله للذين يطلبونها”٢٤. ولا سيما إذا بذلوا من جهتهم الجهود اللازمة في المحافظة على حياة العفة وتحويلها إلى محبة كبيرةٍ مشرقةٍ في حياتهم.

دعوة الكهنة المتزوجين
٢٥. وإننا نتوجه هنا إلى كهنتنا الذين اختاروا أن يخدموا الرب في الزواج. وبهذا ارادوا أن يحملوا معا مسؤولية أسرةٍ بشرية خاصة بهم وأسرةِ الله الكبيرة التي هي الرعية وجميعُ المؤمنين الموكولين إلى رعايتهم. فهم من جهة يؤدون الشهادة لما في الزواج من قيمة وقداسة جعلها له الله، ومن جهة أخرى فإنهم يتطلعون هم أيضًا إلى اكتمال حبهم وتضحيتهم على مثال حب المسيح الذي بلغ أوجه وكماله في تكريس كيانِه وبذلِه ذاتَه في سبيل من أحب (راجع يوحنا ١٣: ١). وهم أيضا أرسلهم الله ليكونوا في الزواج وفي الكهنوت شهودًا للحبّ السامي الذي لا حد له والذي يقدر وحده أن يخلِّص البشرية. ونوَدُّ هنا أن نعبر لهم عن تقديرنا للخدمة التي يقدمونها وللنعمة التي هم أداة لها ويوفرونها للمؤمنين الموكولين إلى رعايتهم. وإنا ندعو جميع الكهنة المتبتلين والمتزوجين إلى التعاون وتبادل الخبرات الكهنوتية والمساندة الأخوية في حمل الرسالة.

التعامل مع المال
٢٦. ومن الفضائل الإنسانية أيضًا تعامل الكاهن مع المال. هذه العلاقةُ بالمال، مثلَ كلٍّ علاقة أخرى في الحياة، تتوقف على مدى الحرية التي يتمتع بها الكاهن. فقد وضعَ حريتَه بين يدي ربه يوم تقدم ليُسامَ كاهنًا، وبذلك حرَّرَ نفسه من كلّ رباط أرضي ليكون أكثر كفاءة لتقديس الأرض بكل خيراتها، وليصير هو نفسُه وكُلُّ من يخدمهم أكثر كفاءة لاستخدام هذه الخيرات، فتكون له ولهم مصدرا للحياة الوافرة.
في حياة الكاهن، وكذلك الأمر في حياة كل إنسان، يمكن أن يكون المال وسيلة لعمل الخير أو عائقًا دونه. ولهذا حدَّرنا السيد المسيح وقال: إن المؤمن لا يستطيع أن يعبد ربين، “الله والمال” (متى ٦: ٢٤).
المال للكاهن وسيلة وليس غاية، ومن ثم يجب ألا يصير المال في حياته سيدًا. يحتاج الكاهن إلى المال ليعيش حياة لائقة ويقوم بواجب الضيافة الناجم عن حياته الكهنوتية، وبواجب مساعدة الفقراء، وبكل ما يقتضيه عمله الراعوي عامة. وفي جميع الأخوال، يجب ألا يصبح المال يومًا شرطًا لا بد منه، ومن دونه لا يتم العمل الراعوي ولا تتم الرسالة. بل نحمل رسالتنا في كل ظرف، وفي كل ظرف نعلن كلمة الله، سواء توفر المال اللازم أم لم يتوفر، متذكرين أن السيد المسيح لم يكن له “مكان يضع فيه رأسه” (راجع متى ٨: ٢٠).
حتى ولو حُرِمْنا يومًا خبزَنا اليومي، سوف نستمر في مل الرسالة، كما حملها يسوع نفسه في الفقر التام، من غيرِ أبنيةٍ ولا أُطُر. مع هذا الاستعداد لدى الكهنة، تسعى الأبرشية قدرَ الإمكان لتوفير استقرار الحياة المادية لكل كاهن، حتى لا يقضيَ معظمَ وقته في البحث عن “خبزه اليومي”، وهو مانحُ الخبزِ

٢٤. خدمة الكهنة، ١٦.

الروحي، والمادي أحيانًا، للجميع، وحتى لا يكون العوَزُ المادي مدخلاً لمزيد من العزلة وتَحَوُّلِ القيم في حیاته. “صحيح أنَّ العَامِلَ يَستَحِقَّ أُجرتَهُ (لوقا ١٠: ٧)، وأن “الرَّبَّ قَد قَضَى لِلَّذِينَ يُعلِنُونَ البِشَارَةَ أن يَعِيشُوا مِنَ البِشَارَةِ” (١ قورنتس ٩: ١٤)، ولكنه صحيح أيضا أنَ حقّ الرسول هذا لا يمكن أن نخلط بينه وبين أية مطالبة بإخضاع خدمة الانجيل والكنيسة للفوائد والمصالح المادية التي يمكن أن تنجم عنها. الفقر وحده يضمن للكاهن الأُهبة اللازمة ليُرسَلَ الى حيث يكونُ عملُه أكثرَ فائدةً وأشدَّ ضرورة ٢٥، ولو اقتضى ذلك من الكاهن تضحية كبيرة. هذا هو الاستعداد الأساسي لدى الرسول الذي يحمله على الانطلاق من غير مزود ولا قيد، سنده الوحيد إرادة السيد الذي أرسله (راجع مرقس ٦: ٨).

٢٧. موضوع علاقة الكاهن بالمال هو قسم من تربية الكاهن على الحرية المسؤولة والواعية. فإذا كان لديه مال خاص، وجب عليه في استخدامه أن يحترمَ مستوى الحياة لدى الفقراء في رعيته، ومن ثم وجبَ أن يكونَ إنفاقُه في أيِّ مجال كان (في السكن او وسائل النقل او الإجازات الخ … ) بروح الاعتدال الذي يحفظ له كرامته ويُقِي في قلبه حبَّ أفقر الفقراء. وهذا التصرّف الواعي يطال أيضًا مبدأ التعامل مع المال العام، مال الكنيسة أو الرعية أو المشاريع المختلفة، الموضوع بين يديه وتحت مسؤوليته … وهنا بالإضافة إلى الموقف الروحي من المال، على الكاهن أن يقبل بطيبة خاطر مبدأ تأدية الحسابات بحسب الأصول، فيلتزم في إدارته للمال أصول المحاسبة الرسمية، يقوم بذلك بنفسه أو بمساعدة ذوي اختصاص في هذا المجال.

وتُستَعمل أموال الكنيسة “في تنظيم العبادة الإلهية وضمان المستوى المعيشي اللائق للكهنة٢٦، ومساندة أعمال الرسالة والمحبة، وخصوصًا في رعاية الُمُعوزين”. وتقادم الشعب هي عادة إما لخدمة الكنيسة وإما للفقراء٢٧. “ولا يجوز لوظيفة كنسيّة أن تنقلب سبيلاً للكسب المادي، أو مصدرًا لزيادة ثروة الكاهن الشخصية” أو ثروة أسرته. فلا يعلِّقْ الكهنة قلبهم بالمال، وليتجنّبوا كل أنواع الجشع، ويَنيِذوا نبدًا تامًّا كلّ ما بمكن أن يكون عملاً تجاريًا٢٨.
مثالُ يسوع المسيح يجب ان يدفع الكاهن الى التشبّه به في حريته الباطنة تجاه خيرات العالم وثرواته. ويعلّمنا الرب أن الله وحده هو الخير الحقيقي وأن الغنى الوحيد هو كسب الحياة الأبدية. “مع أن الكاهن

٢٥. أعطیكم رعاة، ٣٠.
٢٦. “للإكلير كيين الحق في معاش لائق وفي الحصول على أجر عادل للقيام بالوظيفة أو المهمة الموكولة إليهم. وإذا كان الإكليركيون متزوجين يجب أن تراعى أيضا معيشة أسرتهم، ما لم يُدَّير لهم ما يكفي بطريقة أخرى” (مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، ٣٩٠).
٢٧. كل التقادم التي يتسلمها الخوري وسائر الإكلير كبين المرتبطين بالرعية في مناسبة القيام بمهمة رعائية، ما عدا التقادم المذكورة في القوانين ٧١٥-٧١٧، يجب أن تُدرَّج في حساب الرعية، ما لم يتأكد أن المعطي له إرادة مغايرة بالنسبة إلى تقادم أُعطِيّت بحرية كاملة. ويعود إلى الأسقف الأبرشي، بعد استشارة المجلس الكهنوتي، أن يضع الأحكام التي تنظم تخصيصَ تلك التقادم والأجرّ العادل للخوري، ولسائر إكلير كبي الرعية على قاعدة القانون ٣٩٠” (المرجع نفسه، ٢٩١).
٢٨. خدمة الكهنة، ١٧.

لا يمارس الفقر بحكم وعدٍ رسميّ، بيد أنَّه ملزَمٌ بأن يحيا حياة بسيطة، وأن يمتنع عن كل ما هو زائد وزهو باطل”٢٩.

الفصل الثالث: الكاهن الراعي

أسس العمل الرعوي
٢٨. أنَّا الرَّاعِي الصَّالِحُ وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفسَهُ فِي سَبِيلِ الخِرَافِ” (يوحنا١: ١١). هذا هو المثالُ المقدَّمُ لنا، وهذا هو مقياسُ الرعايةِ الصالحة: الراعي الذي يبذِلُ نفسه في سبيل الخراف. فرعايةُ الخراف وحاجاتها وآلامُها وآمالُها هي الأولويَّة والشأنُ الأهمّ في حياة الراعي. ويفرِضُ واجبُ الرعاية على الكهنة أن يعرفوا أبناءَهم: “أنَا الرَّاعِي الصَّالِحُ، أَعرِفُ خِرَافِي وَخِرَافِي تَعرِفُنِي، كَمَا أنَّ أبي يَعرِفُنِي وَأَنَا أَعرِفُ الآب” (يوحنا ١٠: ١٤). إنها معرفةٌ تتجاوزُ الصعيدَ البشريّ لأنها تتأصلُ في المعرفة المتبادَلةِ بين الآب والابن
– “كَمَا أثَّ أبي يَعرِفُني وَأَنَا أَعرِفُ الآبَ”- بكل ما في هذه الكلمات من عمقِ وقداسة. هي معرفةٌ مثلُ معرفةِ الله للناس، وهي إذًا محبةٌ متساميةٌ مِثلُ محبةِ الله نفسِه للناس الذين نخدِمُهم. وهذه المعرفة تقتضي من الكاهن حركةَ خروجٍ مستمرَّةً من ذاته لكي يخدم رعيته، ومن مقتضياتِ ذاته كإنسان، ومن الاستقرارِ الماديّ الذي يميلُ إليه كلُّ كاهن وكلُّ حامل رسالةٍ روحية، حين يأخذ بالاهتمام لنفسِه وبيتِه ومسكنِه.

٢٩. لا بدَّ من أن نذكرَ هنا أن “المحبّةَ الراعوية توشكُ اليومَ أن تفقدَ معناها بسبب ما يمكنُ أن نسمِّيُه بالكاهن الموظَّف. فليس من النادرِ أن نلحظَ عند بعضِ الكهنةِ أثرَ ذهنيةٍ تتوقُ خطأً إلى تقليصِ الخدمة الكهنوتية إلى نواحيها الوظيفية والأسرارية، فيكتفي الكاهن بأن “يتصرَّفَ كموظّف”، فيؤدِّي بعضَ الخدماتِ الخاصّة ويقدَّم بعض الإعانات، ويظنُّ أنّ في ذلك كلَّ قِوامِ هويّتِه وخدمتِه الكهنوتية. وهذا أمر يمكن أن يؤديَ بحياة الكهنة إلى فراغ يستعيضون فيه عن الكهنوت الحقيقي بأنماطٍ من الحياة تناقِضُ طبيعةَ خدمتِهم٣٠.

مجالات العمل الراعوي
٣٠. النشاطات التي يقوم بها الكاهن متعدَّدة ومتنوِّعة، منها خدمةُ الرعية والدراسة والتعليم (في الإكليركيات والجامعات والمدارس)، ومنها الشؤون الإدارية ومنها العمل في مجالات المجتمع المختلفة. وفي كل مهمَّةِ الكاهنُ هو راعٍ ومعلَّمٌ يُعرِّفُ بيسوع المسيح، وهو شاهدٌ له في ما يقول وفي ما يفعل. لأن المهمةَ الأساسية التي يُرسَلُ إليها الكاهن هي خدمةُ الرعية أي رعايةُ الإيمان في نفوس الناس. ومن ثم لا

٢٩. دليل، ٦٧.
٣٠. دليل، ٫٤٤

يَعتَبِرْ أحدٌ من الكهنة نفسَه معذورًا عن العمل الرعوي، مهما كانت رسالته أو خدمته في الكنيسة والمجتمع. التعليم المسيحي

٣١. الكاهن هو خادمُ الكلمة. هو معلِّم التعليمِ المسيحي في الرعيّة بصورةٍ عامّة وفي المدارس بصورة خاصّة، في مدارسِ الرعية حيثما وُحِدَتْ، وفي المدارس الكاثوليكية وفي كل مدرسةٍ خاصّةٍ أو عامة. “والكاهنُ هو المعاونُ الأول والمباشر للأسقف في هذه المهمة: فهو معلِّمُ الايمان ومربَّيه في رعيّته. ويقوم بدوره أوّلاً وقبلَ كل شئ، بأن يعلِّمَ هو نفسُه التعليمَ المسيحي، وأن ينظّم العملَ الكرازيّ في رعيته، وأن يستعينَ بالمعلّمين العلمانيّين المؤهَّلين ويعملَ على مرافقتهم. وثانيًا بتوعيةِ أبناءِ رعيّتِه على رسالتهم التعليمية، والتعاون معهم لتنظيم العمل الكرازي على مستوى الرعية. يبقى التعليمُ المسيحي جانبًا أساسيًّا من حياة الكاهن ورسالتِه الرعوية، مما يتطلَّبُ منه جَهدًا والتزامًا حقيقيَّيْن ونَشِطَيْن وعملِيَيْن”٣١.

على الكاهن أن يبعثَ بين أعضاء مؤسَّساتِ الحياةِ المكرَّسة روحَ مسؤوليةٍ صحيحةٍ ومناسبة لتلقين التعليم المسيحي، كما عليه أن يُعنَى عنايةً خاصة بالتربية الدينية والروحية الأساسية والدائمة لمعلِّمِي الدين. فيكونُ هو معلِّمَ معلّمِي الدين. ويُعنَى يأن يحتلَّ التعليمُ المسيحي المكانَ الأول في التربية المسيحية للعائلة وللحركات الرسولية، بحيث يصل إلى كل فئات المؤمنين.

زيارة العائلات
٣٢. زيارة العائلات في الرعية هو عملٌ أساسي في عملِنا الرعوي في الشرق. فالكاهن هو الأب، وما زالت زيارتُه للبيت مطلوبة وتُعتبَرُ بركة. كما أنها تُمكِّنُ الكاهن من التقاءِ جميعِ أفراد العائلة، وبالتالي جميعِ أفراد الرعية. فينحسرُ بذاك عددُ المجهولين أو المنسيّين في الرعية. وزيارة الأسرة هي الوسيلة الوحيدة لالتقاء من لا يأتون الى الكنيسة، والبعيدين عنها، وهم كُثر. توصِّلُنا مختلفُ النشاطات الرعوية إلى العديد من الفئات والقطاعات من أبنائنا وبناتنا، وأما زيارةُ العائلة فتُوصَّلُنا إلى الجميع. ومن ثمَّ فإننا نُوصي بالمحافظة على هذه العادة وهذا التقليد الحسن في حياة رعايانا. الاحتفال بالأسرار والتحضير لها

٣٣. منذ المجمع الفاتيكاني الثاني، أصبح التحضيرُ لقبول الأسرار، ولا سيما قبل الزواج، من التقاليد المتّبعة في الكثير من رعايانا. وقد بدأ الكثيرون أيضا بدعوة الأهل والأشابين للمشاركة في دورات أو لقاءات تحضيرية قبل منحٍ سر المعمودية أو المناولة الأولى (أو سر التثبيت في الرعايا على الطقس اللاتيني)، فتصبحُ النعمةُ الممنوحةُ للأبناء مناسبةً لإحيائها في نفوس الأهل والأشابين أيضًا. وقد وَضعَتْ الكثيرُ من الكنائس، ومنها كنائسُنا، كتبًا خاصّة لهذا الأمر. ومن ثم كي لا يكون السر “مجرد عادة اجتماعية، بل يكونُ عملاً إيمانيًّا، من الضروري إحاطته بعمل رعوي يساعد على إدراك معناه في حياة الأسرة المعنية

٣١. المخطط الرعوي، ٢٣.

وفي حياة الجماعة المسيحية المحلية أي الرعية”٣٢.
وعلى الكهنة أن يحتفلوا بمختلف الأسرار بما يَليقُ بها، فيعبر الاحتفال عن معنى السر والنعمة التي يمنحها. وينطبق هذا الكلام أولاً على سر الإفخارستيا، وعلى سائر الأسرار أيضًا. وبذلك يحصل المؤمنون الذين يقبلون الأسرار على ثمارها الوافرة، ويجد الكاهن نفسه فيها تجددا في دعوته وفي قداسته الشخصية وفي علاقات الخدمة التي تربطه بالجماعة الموكولة إليه.

العمل مع العلمانيين
٣٤. رسالةُ العلمانيين في الكنيسة مبنيَّةٌ على سرَّيْ العماد والتثبيت، اللديْن يجعلان من كل مؤمن بالمسيح عضوا كاملَ العضوية في الجماعة المؤمنة ومشاركًا في حياتها ورسالتها، بالتعاون والتواصل مع جميع الفئات في شعب الله الواحد. المجمع الفاتيكاني الثاني هو الذي لَفَتَ انتباهَ الكنيسة والمؤمنين إلى رسالة العلمانيين ومكانتها في الكنيسة، وهي اليوم من العلامات الكبرى في حياة الكنيسة ومؤشّرٌ لعمل الروح القدس فيها.

في صميمٍ سرِّ الكنيسة تظهرُ هوّيّةُ المؤمنين العلمانيّين وكرامتُهم الأصيلة، وانطلاقًا من هذه الهوية يمكنُنا تحديدُ دعوتِهم ورسالتِهم في حياة الكنيسة والعالم. “فكرامة الأعضاء واحدة بفضل ميلادهم الجديد في المسيح، وواحدٌ التبنِّي الإهي، وواحدةٌ الدعوة إلى الكمال: خلاصٌ واحد، ورجاءٌ واحد ومحبةٌ واحدة لا تنقسم. وبفضل هذه الكرامة المشتركة بوساطة سر المعمودية، يصبح المؤمن العلماني مسؤولاً مشاركًا في رسالة الكنيسة مع جميع الخدّام المرسومين، ومع الرهبان والراهبات. إلا أنّ هذه الكرامة الواحدة الناجمة عن المعمودية لها في العلماني المؤمن صورةٌ خاصة تميِّزُه عن الكاهن والراهب والراهبة، من غير أن تَفصِلَه ٣٣

تنظر الوثيقة ” رجاء جديد للبنان” في هذا الموضوع وتطلب “أن يشترك المؤمنون اشتراكا فاعلاً ومسؤولاً في حياة الكنيسة، في مختلف البنى والمجالس الرعوية، وفقا لمؤهلاتهم. وعليهم أن يلجوا حياة الكنيسة في مختلف الصُعُد. ولكنهم ينتظرون منها غالبًا أن تستعين بهم وتعبر لهم عن ثقتها ٣٤.
“على الكهنة أن يعترفوا صادقين بكرامة العلمانيين وبدورهم الخاص بهم في رسالة الكنيسة. فيجب ان يستمعوا اليهم، ويحترموا رغباتهم، ويعترفوا بما لهم من خبرة ومقدرةٍ في مختلف ميادين النشاط البشري. ويجب أيضًا ان يولُوا العلمانّين الثقة الكافية فيحمّلوهم المسؤولياتِ اللازمة في خدمة الكنيسة. وقصارى القول، ان الكهنة قد وُضِعوا وسْط العلمانيين ليقودوهم الى الوحدة في المحبة ٣٥. “وإذ يدرك

٣٢. المخطط الرعوي، ٤٤.

٣٣. علمانيون، ١٥.

٣٤. رجاء جديد، ٤٥.

٣٥. خدمة الكهنة، ٩.

الكاهن عمق الشركة التي تربطه بالمؤمنين العلمانيين والرهبان، فهو يبذل كل جهد ليَبعثَ ويُنَمِّيَ روحَ المسؤولية المشتركة في خدمة رسالة الخلاص الواحدة، مشجِّعًا ومباركًا كلَّ المواهب والوظائف التي يوزَّعُها الروحُ على المؤمنين لبناء الكنيسة٣٦.

المجلس الراعوي
٣٥. “إن الكنيسةَ سرُّ شركةٍ لاهوتية وثالوثية مع الله الآب والابن والروح القدس، تَفيضُ فتحقِّقُ شركةَ المؤمنين في ما بينَهم وتجمعُهم في شعبٍ واحد”٣٧. وإن الكاهن الذي يكلَّفُ بخدمةِ الرعية مُطالَبٌ بالعمل مع رعيته حتى يقيمَ فيها حياةَ وحدةٍ على مثالِ وحدةِ الآب والابن والروح القدس. ولهذا يلجأ الكاهن إلى الاستشارة والنقاش والتقييم والعمل بروح الفريق. مجلس الرعية هو من الهيئات الاستشارية التي أوصى بها المجمع الفاتيكاني الثاني. وقد وُجِدَ قبل ذلك في كنائسنا الشرقية، في بعض رعايانا، تحت صور مختلفة. وعمِلَتْ الكثيرُ من رعايانا حديثًا على إنشائه، بينما لم تتمكَّنْ غيرُها حتى اليوم من إيجاد هذه الهيئة في الرعية، لصعوباتٍ في البيئة الرعوية نفسِها أو في مفهوم الرعية ودَورِ العلماني فيها. ومن ثمَّ من واجب الكاهن أن يؤهَّلَ العلمانيّين للعمل الرعويّ المشترَك ولتفَهُّمِ دورِهم في الكنيسة والرعية، ومن واجبِه أن يؤهَّلَ نفسَه أيضًا للعملِ ككنيسة مع جميع المؤمنين الموكولين إليه. المجلس الرعوي لكل رعية هو “الهيئةُ التي تجمعُ حول كاهن الرعية جميعَ فئاتِ الرعية. لا بدَّ من العمل على تثبيتِ هذه الهيئة وانتشارِها، بإظهار دورها وروحانيتها وطريقة عملها وأسُسِها وقوانينها بحيث تؤمِّنُ الشركةَ الكنسية في كل رعية، وذلك انطلاقا من خبرة الماضي والواقعِ الاجتماعي والكنسي الذي نعیشُه في رعایانا ٣٨.

الاهتمام بالفقراء والمرضى والمتروكين
٣٦. تتجلى محبة الفقير في الإنجيل في حياة يسوع المسيح. ونجد في سفر أعمال الرسل (أعمال ٢: ٤٢- ٤٧؛ ٤: ٣٢- ١٢:٥٤٣٥- ١٥) أن الجماعة المسيحية الأولى عاشت حياة المشاركة الفعلية في الخيرات المادية، حتى إنه “لم يكن بينهم محتاج” (أعمال ٤: ٣٤). وفي تاريخ الكنيسة اختار النساك والأديار الكثيرة حياة الفقر والتجرد لإظهار سمو الحياة الروحية ولدعوة المؤمنين إلى التجرد ومن ثم إلى المشاركة في خيرات هذه الأرض. وجاء ما قاله المجمع الفاتيكاني الثاني في محبة الفقير مستمَدًّا من روح الكنيسة الجامعة في كل زمان ومكان، ومذكِّرا المؤمنين وأبناءَ العصر بضرورة الإصغاء إلى جميع الفقراء في المجتمعات البشرية، وضرورة حياة المشاركة معهم، بحسب مقتضيات المحبة والعدالة.

٣٦. دليل، ٣٠.
٣٧. المخطط الرعوي، ٦٧.
٣٨. المخطط الرعوي، ٧١.

على الراعي أن يبذِلَ محبتَه الراعوية في سبيل جميع أبناء رعيته، الفقراءِ والأغنياءِ معًا. “لا شكَّ في أن الكهنة هم للجميع، ولكن عليهم أن يعتبروا أن الفقراء والصغار هم في عُهدتِهم بصورة خاصة “٣٩. “الكاهن هو صديق الفقراء، وعليه من ثمَّ أن يُفرِدَ لهم أرقّ ما لديه من دلائلِ عنايتِه ومحبته الراعوية، مُؤْثِّرًا بخدمته – ولكن من غير استثناء أحد – كل أشكال الفقر، القديمةِ والحديثة، المنتشرةِ اليوم مع الأسف في العالم. ولن ينسى أبدا أن أوّل بؤس يجب أن يُحرَّرَ منه الانسان هو الخطيئة، أصلُ كلِّ شر”٤٠.

ولا تكتفي الكنيسة بالشفقة على الفقير والمتألم. بل تسعى الى أن تجعلَه يَعي مكانته ودوره الفاعل في الكئيسة بالرغم من فقره أو مرضه أو معاناته. فالمتألّم “لُتمُّ فِي جَسَدِهِ مَا يَنقُصُ مِن آلامِ المَسِيحِ لأجلِ جَسَدِهِ الَّذِي هُوَ الكَنِيسَةُ” (قولوسي ١: ٢٤). “على المسيحي، في عمله وسط المجتمع، أن يستوحيَ كلامَ الله الذي يدعوه أولاً إلى تبنّي اهتمامِ الرب بالأيتام والفقراء، الذين لَيِسُوا وَجْهَ الَمَسِيحِ وهم أحبّاءُ الله ٤١.
التنبُّهُ للفقير وتقديمُ العونِ اللازمِ له، الروحيّ والماديّ، مهمة من المهام الرئيسة لكاهن الرعية. ولكنها أيضًا رسالة الرعية كلها. فالجماعة المؤمنة بكاملها مسؤولةٌ عن تفعيل وصيةِ المحبة، تجاهَ كلِّ أخ في الإنسانية وبصورة خاصة في الرعية. والمحبَّة تتجاوزُ مفهوم الصدقة لتكون تعاونًا أخويًا وثمُوما مشتركًا في خيرات الروح وفي خيرات الدنيا. وبذلك تكون الرعية عائلة واحدة هي عائلة الله، يسند كل واحد فيها أخاه بمحبته واهتمامه لکل همومه.

العمل المسكوني
٣٧. يجب أن يعتبر كاهن الرعية نفسَه خادمًا لكل إنسان، ومن ثم تستهدفُ محبتُه واهتمامُه كلَّ إنسان، في المدينة أو القرية حيث وُكِلَت إليه الرعاية، كلَّ إنسان أيًّا كان دينه أو طائفته أو انتماءاته الاجتماعية أو السياسية. لأنّ الرسول وإن حُدِّدَتْ رسالتُه في رعية واحدة، إلا أنَّ محبةَ الله تُرسِلُه إلى كل من يلتقيه في خلال يومه وعمله. فلا تعزله الرعيةُ عن بيئته، فهو رسول إليها، ليكونَ فيها أداة نعمةِ الله للجمیع.
منذ عقود بدأ عهدُ انفتاح وحوار مسكوني في الكنيسة كلها، وكذلك في كنائسنا أيضًا، وبدأت الصلوات ترتفع من قلوب الكثيرين تسألُ الله أن يمنَّ علينا بنعمة الوحدة بين المؤمنين باسمه القدوس. وقد فتح المجمع الفاتيكاني الثاني باب الحوار مع الجميع على مصراعيه، مع الإخوة في جميع الكنائس كما ومع أبناء الديانات المختلفة. كذلك اندفعت الكنائسُ كلَّها تشعر بحاجتها إلى أن تُكلِّمَ بعضُها بعضًا. وبدأ الحوار على الصعيدين العالمي والمحلي.

٣٩. خدمة الكهنة، ٦.

٤٠. دليل، ٠٦٧

٤١. رجاء جديد، ١٠١.

ويمثّلُ الواقعَ المسكونيَّ اليوم في الشرق الأوسط مجلسُ كنائس الشرق الأوسط، الذي قرَّبَ بين الكنائس ورعاتها في هذه المنطقة. لم يبلغ هذا التقاربُ بعد جميع الرعايا، ولم يملأ جميع النفوس بعد. وسوف تكون هذه الوحدة التي يريدها المسيح ثمرة لمحبتنا المتبادلة، المحبةِ التي تجعلنا نَعلَمُ أنّ كل مؤمن هو أخ لنا، ومن ثمَّ من واجبنا أن نهتمَّ له وأن نسعى لخيره.
وإننا ننتظر ونرجو أن نرى هذه المحبة المسكونية تولد وتنمو بين مختلف الرعاة في قلب كل رعية. وكلنا نعمل لنجد الله أولاً، لا لمجد الناس ولا لمجد هيكليات وأُطُرٍ بشرية. إننا نعيش في مجتمع تعدّدي يقتضي وحدتنا لنكون فيه شهودًا حقيقيين ليسوع الفادي ومانح الحياة للجميع فنذكر ما قال في صلاته الأخيرة: “لِيُؤْمِنَ العَالَمُ بأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلْتَنِي” (يوحنا ٢١:١٧).

٣٨. تقول الوثيقة المجمعية “رجاء جديد للبنان”: “ما من خادم بإمكانه أن يتجاهل غيره من الخَدمةِ الآخَرين الناشطين في البقعة نفسها، سواء انتمَوا إلى كنيسته البطريركية أم إلى غيرها ٤٢. ويجب أن يعتبروا أنفسهم مسؤولين عن خلق الروح المسكونية الحقيقية بين أبنائهم، فيدعونهم إلى الصلاة والعمل الذي يحقَقُ المحبةَ بين المسيحيين في مختلف كنائسهم، فيما ننتظر أن يمُنَّ الله علينا بنعمة الوحدة الكاملة بيننا. وتقول الوثيقة نفسها في العمل المسكوني: “للكهنة مكانة مميزة في الحوار المسكوني، وذلك أنَّ لهم علاقات متواترة مع رعاة الكنائس والجماعات الكنسية الأخرى. فانفتاحهم المسكوني وأُهبّتُهم للتعاون والحوار، بمنأى عن الفوضى وفي احترام الأشخاص، يساعدان المؤمنين في أن يقيموا، هم أيضا، علاقات حارّة مع إخوتهم، لتسريع قضية الوحدة بين الكنائس”٤٣. فمن الواضح إذًا أننا لا نعيش بسبب رغبتنا في الوحدة أيَّ وجهٍ من أوجه الفوضى والخلط بين الكنائس. بل تبقى كلُّ كنيسةٍ محافظةً على وجهها وهويتها وأبنائها. إنما تنفتحُ النفس لدى الجميع على محبة الكنيسة الأخرى وتقدير تراثها ورسالتها ومحبتها وخدمتها لأبنائها.

الصلة بين الكهنوت والعمل المسكوني صلة واضحة فهي من أولى المهام التي يعمل لها الكاهن، الذي هو مكمِّلٌ لرسالة يسوع المسيح ومردَّدٌ لصلاته من أجل الوحدة. تقديمُ الذبيحةِ والشفاعةُ من أجل الناس، هي المسؤولية الأولى، ولكنَّها مسؤوليتُنا الأولى أيضًا أن نعترف أن الذبيحة واحدة وأنه يجب أن نسعى لأن نكون قادرين يوما على تقديمها معًا. علاوة على ذلك فإن الوصية الواحدة والوحيدة التي أعطانا إياها يسوع هي: “أَحِبُّوا بَعضُكُم بَعضًا كَمَا أحبَبْئُكُم أَنًا”. فمن حيث إننا كهنة ومن حيث إننا مسيحيون، يسألُنا الله عن محبةِ بعضِنا لبعض وإنْ اختلَفْنا عن بعضنا البعض، حتى وإن عَسُرَت العلاقاتُ أحيانًا بين بعضنا البعض.

٤٢. رجاء جديد، ٥٩.
٤٣. رجاء جديد، ٦٢.

ومن ثم فإننا ندعو كهنتنا إلى أن يَعُوا مسؤوليتهم في هذا المجال المسكوني، حتى ولو واجهوا واقعًا صعبًا أو رافضًا، فإن المحبة، مثلَ الإيمان الصادق والحقيقي، لا تكِلّ ولا تيأس. عملُنا هو الله، وكل أخ هو أخٌ لنا، وإننا نتعامل معه بمنطق المحبة لا بمنطق المخاصمة. ونكونُ بذلك مثالاً لمؤمنينا ليُصَلُّوا هم أيضًا صلاة صادقة من أجل الوحدة المنشودة ويملأوا قلوبهم بالمحبة التي تؤدي إليها. طريق المسكونية طريق صعب يتطلب أحيانًا قبول الإخفاق والتواضع، ويتطلب صبرًا بحسب روح الإنجيل يصمد أمام كل الصعاب.

الحوار بين الأديان
٣٩. الحوار بين الأديان من المجالات الرعوية الرئيسة أيضًا، لأنه حزء من واقعنا الذي يدعونا إلى أن نعيش مع ديانات مختلفة. فهو إذًا من مقتضيات واقعنا ومجتمعنا. ولا يسعنا أن نتجاهله. لا يسعنا أن نعيش جنبًا إلى جنب مع إخوةٍ لنا من غيرِ أن نحبَّهم المحبةَ التي بها يحبُّهم الله. نحن ومواطنونا المسلمون أبناءُ مجتمعٍ واحد ووطن واحد وأرض واحدة. ونحن مكلَّفون ببنائها معًا. قد يُرفَضُ علينا البناءُ أحيانًا، ومع ذلك فإننا لا نتخاذلُ ولا نيأسُ ولا نتحوَّلُ عن الخدمة التي علينا أن نقوم بها مثلَ كل مواطن في وطنه. مرت أجيال وقرون ونحن نعيش معًا، وإلى جانب الإيجابيات الكثيرة، فقد غدَّتْ الأفكارُ المسبقة والسلبياتُ كلا الطرفين، جيلاً بعد جيل. ولا بدَّ من الخروج من ذلك الماضي إلى واقع جديد.

كان هناك في الماضي تعاونٌ واحترامٌ متبادل، وكانتْ أيضًا مخاصمة. وكانَتْ في بعض الأماكن مواجهاتٌ. واليومَ واقعٌ جديد يجب أن يبدأ، ويجبُ أن يبدأ من قبل المسيحين والمسلمين معًا في العالم العربي: نحن نكوِّنُ واقعًا واحدًا نبنيه معًا، ولنا مصيرٌ واحد نبنيه معًا. هذه إرادةُ الله، نطيعُها ونتمِّمُها.
المساواةُ بين المواطنين لم تتحقَّقْ بعد. وهي أمنِيَةٌ نَسعى إليها مهما طالت الطريق. ومن الطبيعي أن تَطول. فما رسخ في عدّة قرون لن يُبدَّلَ في بعض السنوات. بل يتطلَّبُ أجيالاً من التعاون وعقولاً وقلوبًا مستضيئة بالمحبة وبالخدمة.

تقول الوثيقة المجمعية “رجاء جديد للبنان”: “هذا الحوار يجب أن يتواصل على عدة مستويات. أولاً يتعلَّمُ الجميع، الأفراد والجماعات، أن يقدِّرُوا بعضُهم بعضًا في الحياة اليومية وفي الحياة الوطنية العملية … الحوارُ الديني لا يمكن إهماله. ويجب أن يساعد كلَّ واحد على النظر بتقدير إلى ما في تراث إخوانِه الروحي من عظمةٍ، فيراه ويعترف به، وأنه تراث يقودُ إلى السير في طريق المشيئة الإلهية، ويُفسِحُ في المجال لإعلاء شأن القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية”٤٤.
أما كهنتنا في الأرض المقدسة، فإن الحوار بين الأديان ينفتح أمامهم على الديانة اليهودية أيضًا، والديانة اليهودية واقع إيماني وإنساني معًا عليهم أن ينظروا إليه، في جو الصراع الدامي الذي يعيشونه مع رعاياهم. وفي حوارهم هذا ينظرون إلى الإنسان كإنسان، من كل قومية أو ديانة. ويتسم حوارهم في هذه

٤٤. رجاء جديد، ٩١.

الظروف بالمحبة والواقعية وبروح المسؤولية المسيحية التي تدعو المسيحيين إلى الإسهام في بناء مجتمعهم. ما زال الصراع يشتد ويتخذ أشكالاً لاإنسانية، ومع ذلك ففي هذه المواجهة أيضًا نقول لجميع أبنائنا في الشدة التي يعانون منها: إننا لا نتخاذلُ ولا نيأسُ، وسوف تستمر محبتنا إلى أن يتحول واقع الصراع والظلم المفروض إلى واقعٍ جديد، فيه السلام والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات والاعتراف والاحترام المتبادل. ونحن نعلم أن أبناءنا الذين يعيشون في الأرض المقدسة، وهي أرض الفداءِ والمصالحةِ، ورفع حواجز الكرهية والموت، يحملون صليبهم في معاناتهم اليومية وفي قلوبهم فرح القيامة وقوة المحبة.

الاستقرار السياسي والحرية
٤٠. الشأن العام شأننا وليس شأنَ غيرنا فقط. ولسنا متفرِّجين غرباءَ في المجتمعِ الذي نعيش فيه. بل نحن جزء أصيل منه، ونحن مكلَّفون بكلِّ خدمةٍ وواجبٍ فيه. ولذلك فإنّ حقوقَ الإنسان، والاستقرارَ السياسي والعدلَ والسلام، هي أمور تدخل في نطاق العمل الرعوي. هذا جزء من حياة كل راعٍ يحمل الرسالة، أن يكون بانيَ سلام. قال يسوع: “طُوبَى لِصَانِعِي السَّلامِ لأَنَّهُم أبنَاءَ اللهِ يُدعَوْن”. ولكي يكونوا صانعِي سلامٍ يجب أن يكونوا أنقياءَ القلوب فيعاينون الله، ورحماءَ فيُرحَمون، وودعاءَ فيَرِثون الأرض (راجع متى ١:٥- ١٢).
تجتازُ منطقةُ الشرق الأوسط كلُّها في هذه الأيام فترةً صعبة كَثُرَتْ فيها الضحايا. وفيها السجون والتعذيب، والديانةُ فيها تتحوَّل إلى تطرُّف. كل هذا أمرٌ يَهُمُّنا ويهمنا أن نشمَلَه بمحبتنا في عملنا في سبيل العدل والكرامة لكل فرد وللمجتمع كله. ونربي أبناءنا المدعوِّين إلى هذه الرسالة، ونشجِّعُهم ونعلِّمُهم أن يقوموا بها بثبات وصمود، وأن يَقبَلوا في سبيلها التضحيات اللازمة، لا يخافون إلا الله خالقَهم ولا يهابون ظلمَ الناس وجَورَهم.

كل هذا هو جزء من صلواتنا وهمومنا. قد لا يُطلَبُ من كاهن الرعية عملٌ مباشر في هذا المجال. ولكنّنا نعلم أنَّ بعضَ مؤمنينا ملتزمون في البحث عن العدل والحرية والديموقراطية، فلا يسَعُنا أن نكونَ لامبالين. كلُّ ما يهُمُّ الناسَ يَهُمُّنا وهو جزء من عملِنا الرعوي.

محبة الراعي للمسيح والرعية
٤١. “المحبّة الرعوية هي المحور الباطني والحافز الذي باستطاعته ان يوحّد النشاطات المتنوّعة والكثيرة التي يقوم بها الكاهن. بفضلها يتحقَّقُ ما لا بدّ منه من ترابط جوهري دائم بين الحياة الباطنة والأعمال الكثيرة والمهامِّ المتنوّعة التي تفترضُها الخدمة الكهنوتية … ولا يستطيع الكاهن ان يضمن هذه الوحدة الحياتية التي لا بد منها لتناغم حياته الروحية وتوازنها الاّ بمقدار ما يُحِيلُ كلَّ لحظة وكلَّ عمل، في حياته، الى ذاك الهدف الأساسي، الذي هو “بذلُ حياتِه في سبيل القطيع”. وحدةُ الحياة يحقّقُها الكهنة، في ممارسة خدمتهم، بالاقتداء بالمسيح الرب الذي كان طعامُه “أن يَعمَلَ بِمَشِيئَةِ الَّذِي أَرسَلَهُ وَأَن يُتِمَّ عَمَلَهُ” (يوحنا ٤: ٣٤)٤٥.

الفصل الرابع: التنشئة الدائمة

إحياء نعمة الكهنوت
٤٢. “لدَلكَ أُنيِّهُكَ على أن تُدَكَِّي عِبةَ الله التي فيكَ بوَضعِ يَدَيّ” (٢ طيموتاوس ١: ٦). “لا تُهمِلُ الهِبة الروحيَّة التي فيكَ، فقد أُوتِيتَها بالنبوَّةِ حين وَضَعَ جماعةُ الكهنة أيدِيَهُم عليكَ. اصرِفْ هَمَّكَ إلى ذلك وَكُنْ لَهُ ملازمًا لَيَبدوَ نَجاحُكَ لجميعِ النَّاس. انتَبهْ لنفسِكَ ولتعليمِكَ وواظِبْ على ذلك، فإنَكَ إذا فَعَلْتَ خَلَّصْتَ نفسَكَ وَخَلَّصْتَ الّذينَ يستَمِعونَ إليكَ” (١ طيموتاوس ٤، ١٤-١٦). تسلَّم الكاهن موهبةً ورسالة، وهو مسؤول عن تقديس نفسه والآخرين، وهو نذيرٌ لله في رعيته وفي مجتمعه، ومتمِّمٌ لعمل الفداء الذي بدأه يسوع المسيح. لكل هذا وُقِّرَت له التربية اللازمة في الإكليركية، إلى أن بلغَ يوم الرسامة الكهنوتية على يد الأسقف. والكهنوتُ في حياته خيارٌ أساسي يتكرّر ويتجدّد في كل يوم مدى السنين. فلكي يحافظَ على النعمة التي قَبِلَها ويجدّدَ قبولَه لكهنوته، وحتى لا يصبح كهنوتُه عادةً ورتابةً يومية تفرَّغُه من معناه وغناه يحتاج الكاهن إلى تنشئة دائمة، يؤهَّلُ هو نفسَه، ويشترك في دورات التنشئة التي على الأساقفة أن يعملوا على تنظيمها وجعلها مؤسسةً ثابتةً في جميع أبرشياتنا.

التنشئة الدائمة هي إحياءُ نعمةِ الله فينا وتجديدُ معارفِنا البشرية في جميع المجالات الإنسانية والفكرية والروحية والرعوية. وليست فقط “تكرارًا لما حصّله الكاهن في الإكليركية يعادُ النظر فيه أو تُضافُ إليه تطبيقاتٌ جديدة، بل لها محتوى جديد وأنماطٌ مُستحدثة تُطوَّر مثلَ واقعٍ حيًّ متكامل. فهي تتأسّس في التنشئة التي تُوفِّرها الإكليريكية، ثم تُكيَّف وتُجدَّد وتُعدَّل، ويتِمُّ ذلك كلَّه من دون عزلها أو فصلِها عن منطلقاتها الأساسية … ويُمهَّدُ للتنشئةِ الدائمة منذ عهد الإكليريكية، فيُرَسَّخُ في أذهان طلاب الكهنوت الاهتمامُ بها والرغبةُ فيها، وذلك بإظهار ضرورتها وفوائدها ومعناها، وبتوفير الشروط اللازمة
لتحقيقها “٤٦.

الأمانة للكهنوت وللخدمة الراعوية
٤٣. “التنشئة الدائمة وسيلة لا بدَّ منها للكاهن في هذه الأيام، ليحقّقَ هدفَ دعوته، أي خدمةَ الله وشعبه. أعرب الكاهن يوم رسامته الكهنوتية عن استعداده لخدمة الله والناس. والتنشئة الدائمة من أهم الوسائل التي تساعده على ذلك. فهي في الوقت نفسه أمانة للخدمة الكهنوتية وللمحبة الرعوية. لأن

٤٥. أعطيكم رعاة، ٢٣.
٤٦. أعطيكم رعاة، ٧١.

الجماعة الموكولة إلى رعايته بحاجة إلى كل النعمة التي يمنحه إياها الله. فأمرُ تأهيلِه إذًا وأمرُ كفاءتِه للخدمة ليسًا شأنًا خاصًّا به، بل هو التزامٌ تجاه المؤمنين. يجب أن يَنمُوَ هو ليساعدَ المؤمنين على النموِّ في إيمانهم. عليه أن يَنمُوَ هو في روح الصلاة وفي المحبة، حتى يَنمُوَ المؤمنون معه النُمُوَّ نفسَه. وعلاوة على ذلك، هناك الأمر “باتّباع يسوع”، يلازمُ حياة الرسول، ويذكِّرُه دومًا بدعوته وواجب الأمانة لها حتى الموت (ر. يوحنا ٢١: ٢٢)، والتشنئة الدائمة هي التي تمكَّنُه من ذلك. “هكذا تغدو التشئة الدائمة تعبيرًا عن أمانة الكاهن لخدمته بل لذاته الكهنوتية، وسندًا لها. فهي دليل محبة الكاهن ليسوع المسيح كما هي دليل مصداقيته مع نفسه. ولكنها ايضًا برهانٌ على محبته لشعب الله الذي أقيم الكاهنُ لخدمته. ومن ثم فإن روحَ هذه التنشئة الدائمة وصورتها هما المحبة الرعوية. ذلك هو الهدف: فهي مبادرة يتخذها بحرية ووعي تام وبها يستجيب لدَفْع المحبة الرعوية فيه وللروح القدس ينبوعِها الأول وسندِها الدائم”٤٧.

أوقات التنشئة الدائمة
٤٤. تتخذ التنشئة الدائمة صورًا عدة، مثل لقاءات الكهنة المختلفة في خلال السنة، واللقاءات الشهرية المنتظمة، وأيام الدراسة التي تُعقد من فترة إلى أخرى، وأوقات الشركة التي يقضيها أحيانًا الكهنة معًا للتفكير والصلاة والمراحعة. كل هذه اللقاءات تساعد على التجديد المستمر للكاهن. وكذلك “لقاءات الأسقف مع الكهنة، ليتورجيةً كانت ام راعوية ام ثقافية لتبادُل الأفكار في الأنشطة الراعوية او لمعالجة قضايا لاهوتية معيّنة “٤٨. ولكن لا بد من التوصل إلى مأسسة هذه المبادرة وتحديدِ زمن معيَّنٍ لها في كل سنة، بالإضافة إلى أسبوع الرياضة الروحية السنوية، فيُخصَّص لذلك أسبوعٌ أو أكثر، ويدعى لذلك المحاضرون الأكفاء في مختلف المواضيع.

“وبالرغم من كثرة الحاجات الرعوية بل بسببها، ولمواجهتها بطريقة مناسبة، يجدر بالكهنة أن ينعموا بأوقات قصيرة أو طويلة تتيح لهم ان يخاطبوا الرب يسوع مخاطبة أطول وأعمق، فيستعيدون القوة والشجاعة لمواصلة طريقهم الى القداسة. وتخصَّصُ هذه الأوقات للصلاة والدراسة وتجديد معارفنا الإنسانية واللاهوتية ٤٩.

تنشئة دائمة في كل مراحل الحياة
٤٥. “يجب أن ترافق التنشئة الدائمة كلَّ مراحل الحياة، أيًّا كانت أعمار الكهنة أو ظروف حياتهم أو مستوى مسؤولياتهم الكنسية”٠°. إنها ضرورية للكهنة الشباب ولذوي الأعمار المتوسطة، وللمتقدِّمين في السن على السواء. وأما “الكهنة المتقدِّمون في السن فإنهم يستحقون أرقّ الاحترام ويجب أن يكون لهم

٤٧. أعطيكم رعاة، ٧٠.
٤٨. أعطيكم رعاة ، ٨٠.
٤٩. دليل، ٠٨٣
٠°. أعطيكم رعاة، ٧٦.

نصيب في التنشئة الدائمة. ويمكن أن تحدَّدَ لهم أوقات وأمكنة ولقاءات خاصة بهم، للتعمُّقِ في الوجه التأمليّ في حياتهم الكهنوتية. وبإمكانهم خصوصًا ان يقاسموا الآخرين خِبراتهم، فيشجِّعون إخوتهم الكهنة ويرحِّبون بهم ويستمعون إليهم ويعيدون السلام إلى نفوسهم، ويكونون مستعدين، إذا طُلِبَ منهم ذلك، أن يصيروا هم أنفسُهم معلِّمين ومريِّين حقيقيين لغيرهم من الكهنة٥١.

“وأما الكهنة الذين أمسَوْا، بسبب التعب او المرض، في وضع معيّن من الوَهَنِ الجسدي والملل الأدبي، فيمكنهم أن يجدوا في التنشئة الدائمة رَفدًا يشجِّعُهم على الاستمرار في خدمة الكنيسة بطريقة مطمَئِتَّة وشجاعة، فلا يعزلون أنفسهم عن الجماعة المؤمنة ولا عن جماعة الكهنة. فتكون التنشئة الدائمة عونًا لهم للمحافظة على ذاك اليقين الذي طالما لقّنوه للمؤمنين، وهو أن يكونوا أعضاء ناشطين في بنيان الكنيسة، وذلك بقوة اتحادهم بيسوع المسيح المتألّم وبالجمهور الكبير من الإخوة والأخوات في الكنيسة الجامعة الذين يشاركون الرب في آلامه”٥٢.

الإرشاد الروحي
٤٦. الإرشادُ الروحي هو أيضًا من الوسائل التي “تساهم مساهمةً فعّالة في التنشئة الكهنوتية الدائمة، وهي وسيلةٌ معروفة ولها دائمًا قيمتُها وفعاليّتُها، ليس فقط للتنشئة الروحية، بل لتعزيز ودعم الاستمرار في الأمانة والسخاء في ممارسة الخدمة الكهنوتية. إن الإرشادَ الروحي ضرورةٌ حيويّة للكاهن، ولا سيما في المصاعب التي يتعرّضُ لها والأزَماتِ التي يمر بها. قال البابا بولس السادس في هذا المجال: “الإرشاد الروحي له وظيفة رائعة، ويمكن أن نقول إنه وسيلة لا غنى عنها في التربية الأخلاقية والروحية في كل مرحلة من مراحل العمر. كلما لجأنا الى محبة مرشدٍ تقيّ وحكيم لنتحقّق من سَدادِ وَضعِنا، وجدْنا لديه الدعم لتحقيق ما علينا تحقيقُه. إنه وسيلةٌ تربوية دقيقةٌ جدًا وفعّالة جدًا. بل هو للمرشد فنّ تربوي ونفسي يحمِّلُه مسؤوليةً كبيرة، وهو للمسترشد تدريب روحي على التواضع والثقة ٣°. ومن ثم هذه ممارسة يجب
أن تستمر ما بعد الإكليركية، لأن الكاهن لا يقدر أن يعيش كهنوته وحده. إنه بحاجة إلى أب روحي يرافقُه ويحمل معه ثِقَلَ “النهار وحرَّه”، فيقدم له النور اللازم ويظهر له التفهم الحاني في الأوقات الصعبة في حياته. ويكون المرشدُ عادة هو نفسُه المعرِّف. وهذه أيضًا ضرورة في حياة الكاهن ليَئبُتَ ويبقى أمينًا لکهنوته.

يذكر البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته “نور الشرق” الأب الروحي الذي يرافق الراهب في مسيرته. وما يحتاج إليه الراهب في حياته الرهبانية يحتاج إليه كاهن الرعية وكل كاهن أبرشي في حياته

١°. دليل ٩٥.
٢°. أعطيكم رعاة، ٧٧.
٣°. أعطیكم رعاة، ٨١.

الكهنوتية: “لا تتْسم مسيرةُ الراهب بالجهد الشخصي فقط، بل إنه يلجأ إلى أب روحي، يتخذه مرجعًا له بثقة بنوية، يقينًا منه أنَّ فيه تَظهرُ أُبوَةُ الله بحنانها وقوتها … في هذا البحث، يعلِّمُنا الشرق بطريقة خاصة أنّ هناك إخوةً وأخوات منحهم الروح موهبة الإرشاد الروحي: فهم يشكِّلون نقاطَ مرجعية كبيرة، لأنهم أُعطُوا أن تكون لهم نظرةُ المحبة نفسُها التي هي الله بالنسبة إلينا … إن عالمنا بحاجة قصوى إلى آباء”٥٤. ونحن الكهنة بحاجة قصوى إلى آباء روحيين نثق بهم ويأخذون بيدنا ويسندونا بمحبتهم وإرشادهم.

مسؤولية الأسقف والكاهن
٤٧. “على الأسقف أن يهتم اهتمامًا خاصًا بالتنشئة الدائمة لكهنته، بكل ما لها من مميزات خاصة. فيوعّي ضمير الكهنة على أهميتها وضرورتها، وينظِّمُها بوضع خطة عمل تحدّد عناصرها والأشخاص المطالَبِين بتطبيقها ٥٥. والكاهن نفسه هو المسؤول الأوّل، عن تجديد معارفه وحياته الروحية. وهو واجبٌ نابعٌ من صميم كهنوته إذ عليه أن يظلَّ أمينًا لهبة الله ومسيرة التوبة اليومية الناجمة عنها. ما من أحد يسعه أن يحل محل الكاهن في السهر على ذاته (ر.١ يموتاوس ٤: ١٦). ومن ثم يجب عليه أن يشارك فعليًا في
لقاءات التنشئة، مهتَمًّا بتقديم نصيبه من المشاركة بفضل ما لديه من كفاءات وإمكانات. وَلْيهتَمَّ باقتناء ومطالعة كتب ومجلات تتَّصف بعقيدة صحيحة وفائدة أكيدة لحياته الروحية تغذِّي خدمتَه الرعوية وتُغنِيها”٥٦.

ولا بد هنا من التركيز على المطالعة الشخصية لصلتها برسالة الكاهن وإعداده لعظاته وإرشاده للحركات الرسولية، فيتجدد دائمًا، وبذلك يحترم أبناء رعيته ويوفر لهم غذاء ملائمًا بعيدًا عن التكرار المملّ. فمن أجل ساعة عمل رعوي ولقاء مع أبناء الرعية يجب أن يسبق ذلك ساعات من الصلاة والمطالعة والإعداد الجدي. ويجب القول إن الكاهنَ رجلَ الصلاة هو أيضًا رجلُ المعرفة ومن ثم رجلُ الدراسة الدائمة والمطالعة المستمرة. فيزداد دائمًا قدرة على توصيل نعمة الله لأبناء رعيته. “اطلُبْ البرَّ وَالتَّقوَى وَالإيمَانَ وَالمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالوَدَاعَةَ وَجَاهِدْ فِي الإِيمَانِ جِهَادًا حَسَنًا” (١ طيموتاوس ٦: ١١). على الكاهن أن يَقبَلَ بأن تكون حياته الكهنوتية جهادًا دائمًا. ففي كل يوم عليه أن يجدِّد قبولَه لهبة الله، وفي كل يوم عليه أن يستثمرَ الهباتِ المتنوعة التي منحه إياها الله ليناديَ في كل وقت وفي كل مكان بالبُشرى الصالحة، بُشرى الخلاصِ ومحبةِ الله للجميع.

٤°. نور الشرق، ١٣.
٥°. دليل، ٨٩.
٦°. دليل، ٠٨٩

الخاتمة

الدعوات الكهنوتية
٤٨. قال يسوع لرسله يومًا: “(أَقُولُ لَكُم، ارفَعُوا عُيُونَكُم وَانظُرُوا إلَى الحُقُولِ، فَقَد ابيَضَّتْ لِلحَصَادِ” (يوحنا٤: ٣٥). ما زالَتْ هذه الكلمةُ صحيحةً حتى اليوم، وما زال الحصادُ كثيرًا والعمَلةُ قليلين. والكاهن هو الذي يجب عليه أن يجدَ الدعواتِ الكهنوتيةَ والرهبانيةَ لمواصلةِ عملِ الفداء الذي جاء به يسوع المسيح. العاملُ الصالحُ في كرمِ الرب هو الذي يجد عُمَالاً آخَرين يعملون معه ثم يَخلُفُونه في حمل الرسالة.

أصبح قبولُ نعمةِ الدعوة الكهنوتية في العالم اليومَ أمرًا صعبًا. أما في مجتمعاتنا، فبالرغم من رياح العولمة العاصفة وروح الاستهلاك فيها، ما زالت الدعوات فيها والحمد لله وافرة، مع أنها غير كافية أيضًا. إلا أن المجتمعات تتطوَّرُ بسرعة، وقد تُفاجَأُ نحن أيضًا يومًا بجيلِ يرفض نعمة الدعوة او يَصعُبُ عليه قبولُها. ولذلك فمن المهم أن يبقى الكاهنُ مدركًا للمعنى الصحيح لدعوتِه، فيقدَّمُ شهادةً حياةٍ كهنوتية تحمل الشبابَ على قبول نعمةِ الله الذي يدعو. ومن المهم أيضًا أن نرافقَ تطوُّرَ مجتمعاتِنا بانتباه واهتمام، حتى نتمكَّنَ دومًا من أن نجد أشخاصًا مستعدّين لبذل أنفسهم ليمنحوا الحياةَ للغير. فبالصلاة وبالمثل، وبفرح العطاء، وبالكلمة المباشرة، علينا أن نحمل هذه المسؤولية. قال لنا يسوع المسيح: “هَا أنَذَا مَعَكُم طَوَالَ الأَيَّامِ إلَى نِهَايَةِ العَالَمِ” (متى ٢٨: ٢٠). فيمكننا بقوة هذا الوعد أن نواجه كل الصعاب، ويمكننا أن نساعد الشباب على بلوغ كمالِ شبايهم حين يبذلون أنفسهم ليقدموا للمجتمعات الجديدة “الحياة الوافرة” التي يمنحها الله. الدعوة إلى الكهنوت مسؤولية الجماعة الرعوية كلها، فهي تصلي وتشجع الشباب على قبول الدعوة.

نبذل ذاتنا من أجل الغير، ونعلَمُ غيرَنا أن يبذلوا ذاتهم، فنقدِّمُ لله دعواتٍ جديدةَ زاخرةَ بالحياة، وبهذا نمتلئُ نحن أيضًا شجاعة ونجعلُ كهنوتَنا فينا حياةً فائضة. مهما كانت الصعاب، وهي كثيرة، فإننا نسمع باستمرار صوت الله يقول للقديس بولس ولنا أيضا: “تَكفيكَ نِعمَتِي، فَإنَّ القُدرَةَ تَبلُغُ الكَمَالَ فِي الضَّعفِ” (٢ قورنتس ١٢: ٩). نعيش ظروفًا صعبة، ومع ذلك فنحن المسؤولون وعلينا أن نرافق وأن نملاً الكثير من الرجال والنساء بالقوة والأمل، لأنهم بحاجة إلينا ليثبتوا ويستمروا في الأمل وفي الحياة. سيعيش الكثيرون إن عرَفْنا أن نمنحَهم الحياة. وسيموتُ كثيرون إن نحن عجَزْنا عن أن نجعل الله حاضرًا في حياتهم. ومقياس محبتنا هو محبة الله نفسُها الذي “أَحَبَّ العَالَمَ حَتَّى جَادَ بِابنِه الوَحِيدَ لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِهِ بَل تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (يوحنا ٣: ١٦).

ابتهال إلى الروح القدس
٤٩. نبتهلُ إلى الروح القدس ونسألُه أن يملأنا بعلمه وقوته ومحبته. وعدَنا يسوع قال: “وَلَكِنَّ المُعَزِّيَ الرُّوحَ القُدُسَ الَّذِي يُرسِلُهُ الآبُ بِاسمِي، هُوَ يُعَلِّمُكُم جَمِيعَ الأَشيَاءِ وَيُدَكَّرُكُم جَمِيعَ مَا قُلْتُهُ لَكُم” (يوِحنا ١٤: ٢٦). فكما حلَّ الروحُ على الرسل وملأهم بالنعمة والقوَّةٌ ليبشَّروا بالنبأِ السارِّ، نَبَإ القيامةِ والفداء، سوف يملأنا بالقوة نفسها وبالحماس نفسِه لنبشرَ نحن أيضًا بالقيامة. وبقوّةِ الروح الساكن فينا، سنَثبتُ ونستمرُّ في بذل أنفسنا من أجل مجتمعاتنا ورعايانا لنمنحَهم فرحَ الحياة والقوة اللازمة لمواجهة جميع تحدیاتھا.

تحت نظر سيدتنا مريم العذراء
٥٠. نوجه إليكم رسالتنا هذه، أيها الأبناء والإخوة الأعزاء، في عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء بالمجد إلى السماء. نرفع إليها نظرنا ونتأمل في إيمانها. قالت في بداية حياتها للملاك: “فَليَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَولِكَ” (لوقا ١: ٣٨). لَبَّتْ دعوةَ الله من غير أن تفهمَ أين ستسيرُ بها نعمتُه. كانت مشيئتُه تعالى تنكَشِفُ لها شيئًا فشيئًا مع الأحداث في حياتها وحياة يسوع ابنها. لم تكنْ تدركُ كل شي. ولهذا كانت تحفط كل شيء في قلبها، وتتأمَّلُ فيه مسلِّمةً أمرَها لله. كانت تتأمَّل وتسجد إلى يومِ انكشفَ لها تدبيرُ الله على الصليب بكل متطلّباته. كان عليها أن تسيرَ حتى الموت، موت ابنها، وهو في الوقت نفسه موتٌ لها. ولكن الصليب بلغ كماله في مجد القيامة وفرحها.

وهذا ما يحدث للكاهن أيضًا. فهو يقول “نعم”، يوم سيامته الكهنوتية، ولا يعرف أين ستسير به نعمةُ الله: سيرى نجاحًا ويجد عزاء، ولكنه سيواجه أيضًا التضحيات والصعاب والتجارب والمحن من جهة الناس، الرعايا أو الرؤساء على السواء، وسيواجه كلَّ متطلباتِ شخصيته نفسِها بما فيها من خير ورغبات وأهواء … فهو أيضًا عليه أن يتأمل ويسجد، ويستمر في “الجهاد الحسن”، جهاد الروح، ويسلِّمَ أمرَه الله. ويمكن أن تؤديّ به مسيرته الكهنوتية إلى الموت، إلى الموت اليومي الذي يفرض عليه أن يجدد في كل لحظة قراره وقبوله لكهنوته. ولكنَّ الموتَ سيُفضي به هو أيضًا إلى القيامة. وبها يَقوَى على أن يموت في كل يوم، إن لزم الأمر، ليَثْبُتَ ويمنحَ، بحياته وموته، الحياةَ للآخرين. “فَمَا مِن أَحَدٍ يَحيَا لِنَفسِهِ، وَمَا مِن أَحَدٍ يَمُوتُ لِنَفسِهِ، فَإِذا حَيِينَا فَلِلرَّبِّ نَحيَا، وَإذا مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَهُوتُ: سَوَاءٌ حَيِينَا أَم مُتْنَا فَإِنَّنَا لِلرَّبَّ” (روما ١٤: ٧-٨)٠

إننا نضع كهنوتنا تحت حماية سيدتنا مريم العذراء. كما رافقت المسيح الكاهن سترافقنا نحن أيضًا في حياتنا الكهنوتية، وسوف تجعلنا نحن أيضًا يومًا شركاء في مجده، وفي المجد الذي كان لها بصورة خاصة يوم انتقالها إلى السماء. وبركةُ الإله القادر على كل شيء، الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، تحل عليكم وترافقکم و تبقی معکم دائمًا. آمین.

+ إسطفانوس الثاني غطاس، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك
+ نصر الله بطرس صفير، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة
+ غريغوريوس الثالث، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية والقدس للروم الملكيين الكاثوليك
+ أغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد، بطريرك السريان الأنطاكي
+ نرسيس بدروس التاسع عشر، كاثوليكوس وبطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك

+ عمانوئيل الأول دلي، بطريرك بابل على الكلدان
+ ميشيل صباح، بطريرك القدس للاتين
في عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء بالمجد إلى السماء
١٥ آب ٢٠٠٤

المراجع
١) “نور الأمم”، المجمع الفاتيكاني الثاني، دستور عقائدي في الكنيسة (مختصر: نور الأمم).
٢) “خدمة الكهنة” Presbyterorum Ordinis، المجمع الفاتيكاني الثاني (مختصر: خدمة الكهنة).
٣) “التنشئة الكهنوتية” Optatam Totius، المجمع الفاتيكاني الثاني (مختصر: التنشئة الكهنوتية).
٤) “المؤمنون العلمانيون” Christifideles Laici، إرشاد رسولي للبابا يوحنا بولس الثاني، ١٩٨٨/١٢/٣٠ (مختصر:
علمانيون).
٥) “أعطيكم رعاة”، إرشاد رسولي للبابا يوحنا بولس الثاني، ١٩٩٢/٣/٢٥ (مختصر: أعطيكم رعاة).
٦) “نور الشرق”، إرشاد رسولي للبابا يوحنا بولس الثاني، ١٩٩٥/٥/٢ (مختصر: نور الشرق).
٧) “رجاء جديد للبنان”، إرشاد رسولي للبابا يوحنا بولس الثاني، ١٩٩٧/٥/١٠ (مختصر: رجاء جديد).
٨) “دليل لخدمة الكهنة وحياتهم”، إرشاد من مجمع الإكليروس، ١٩٩٤/١/٣١ (مختصر: دليل).
٩) “الكاهن، راعي ودليل جماعة الرعية”، إرشاد من مجمع الإكليروس، ٢٠٠٢/٨/٤ (مختصر: راعي ودليل).
١٠) المخطط الرعوي العام، مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة، ٢٠٠٠ (مختصر: المخطط الرعوي).
١١) مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الصادرة عام ١٩٩٠.

مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك
عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء، ١٥ آب ٢٠٠٤

المزيد من المنشورات

الرسالة الراعوية الأولى لبطاركة الشرق الكاثوليك في مناسبة انعقاد اجتماعهم الأول في لبنان من ١٩ الى ٢٤ آب ١٩٩١
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية الأولى لبطاركة الشرق الكاثوليك في مناسبة انعقاد اجتماعهم الأول في لبنان من ١٩ الى ٢٤ آب ١٩٩١

الرسالة الراعوية الخامسة الحركة المسكونية «ليكونوا بأجمعهم واحدًا» (يوحنا ٢١/١٧) فصح ١٩٩٩
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية الخامسة الحركة المسكونية «ليكونوا بأجمعهم واحدًا» (يوحنا ٢١/١٧) فصح ١٩٩٩

الرسالة الراعوية السادسة معا نحو المستقبل «هاءنذا أجمل كلّ شي عجديدا» (مقا ٥/٣١) ميلاد ١٩٩٩
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية السادسة معا نحو المستقبل «هاءنذا أجمل كلّ شي عجديدا» (مقا ٥/٣١) ميلاد ١٩٩٩

الرسالة الراعوية التاسعة  شباب اليوم كنيسة الغد «كَتَبُْ إليكُم، أَُيها الشبَانُ: إَنكُم أَقوياءُ، وَكَلمَةُ الله مُقِيَمةٌ فِيكُم» (١يوحنا٢ :٤ا) ميلاد ٢٠٠٦
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية التاسعة شباب اليوم كنيسة الغد «كَتَبُْ إليكُم، أَُيها الشبَانُ: إَنكُم أَقوياءُ، وَكَلمَةُ الله مُقِيَمةٌ فِيكُم» (١يوحنا٢ :٤ا) ميلاد ٢٠٠٦

الرسالة الراعوية الثامنة العائلة مسؤولية الكنيسة والدولة (ََُأيها الرِجالَ اَحُّبواِ نَِساءَكُم كَمَا أَحَبَّ المسيحُ الكَنيِسَة)) (أفسس٥ :٢٥) عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء ١٥ آب ٢٠٠٥
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية الثامنة العائلة مسؤولية الكنيسة والدولة (ََُأيها الرِجالَ اَحُّبواِ نَِساءَكُم كَمَا أَحَبَّ المسيحُ الكَنيِسَة)) (أفسس٥ :٢٥) عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء ١٥ آب ٢٠٠٥

الرسالة الراعوية الرابعة سرّ الكنيسة «أنا الكرمة وأنتم الأغصان)» (يوحنا ٥/١٥) عيد الميلاد ١٩٩٦
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية الرابعة سرّ الكنيسة «أنا الكرمة وأنتم الأغصان)» (يوحنا ٥/١٥) عيد الميلاد ١٩٩٦

الرسالة الراعوية الثالثة معا أمام الله في سبيل الإنسان والمجتمع “العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في العالم العربي” بكركي ١٩٩٤
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية الثالثة معا أمام الله في سبيل الإنسان والمجتمع “العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في العالم العربي” بكركي ١٩٩٤

الرسالة الراعوية الثانية الحضور المسيحي في الشرق: شهادة ورسالة عيد الفصح ١٩٩٢
الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك

الرسالة الراعوية الثانية الحضور المسيحي في الشرق: شهادة ورسالة عيد الفصح ١٩٩٢

Next Post
لاوون الرابع عشر هو البابا الجديد: السلام للعالم، سلام أعزل ومتواضع

لاوون الرابع عشر هو البابا الجديد: السلام للعالم، سلام أعزل ومتواضع

البحث

No Result
View All Result

الأقسام والتصنيفات

  • تعليم مسيحي
    • الله الاب
    • يسوع المسيح
      • يسوع المسيح : ابن الله
      • يسوع المسيح : طبيعته والوهيته
      • يسوع المسيح : النبوءات وما تكلم عنه الانبياء
      • يسوع المسيح : تجسده (ميلاده)
      • يسوع المسيح : عماده
      • يسوع المسيح : رسالته
      • يسوع المسيح : الامه وصلبه وموته على الصليب
      • يسوع المسيح : صعوده الى السماء
      • يسوع المسيح : قيامته
      • يسوع المسيح : ظهوره
      • يسوع المسيح : المجيء الثاني
    • الروح القدس
    • الثالوث الاقدس
    • وصايا الله العشر
      • 1- انا هو الرب الهك، لا يكن لك اله غيري
      • 2- لا تحلف باسم الله بالباطل
      • 3- احفظ يوم الرب
      • 4- اكرم اباك وامك
      • 5- لا تقتل
      • 6- لا تزنِ
      • 7- لا تسرق
      • 8- لا تشهد بالزور
      • 9- لا تشته امرأة قريبك
      • 10- لا تشته مقتنى غيرك
      • الوصايا الله العشر بوجه العموم
    • اسرار الكنيسة السبعة
      • 1- سر المعمودية
      • 2- سر التثبيت
      • 3- سر الافخارستيا
      • 4- سر التوبة والمصالحة
      • 5- سر الزواج
      • 6- سر الكهنوت
      • 7- سر مسحة المرضى
      • اسرار الكنيسة السبعة بوجه العموم
    • وصايا الكنيسة السبعة
      • 1- قدس أيام الاحاد والأعياد المأمورة
      • 2- صم الصوم الكبير وسائر الأصوام المفروضة
      • 3- انقطع عن الزفر يوم الجمعة
      • 4- اعترف بخطاياك للكاهن قلّما مرة في السنة
      • 5- تناول القربان المقدّس قلّما مرّة في عيد الفصح
      • 6- أوفِ البركة أي العشر
      • 7- امتنع عن اكليل العرس في الازمنة المحرّمة
    • مواهب الروح القدس السبع
      • 1- الحكمة
      • 2- الفهم
      • 3- المشورة
      • 4- القوة
      • 5- العلم
      • 6- التقوى
      • 7- مخافة الله
      • مواهب الروح القدس السبع بوجه العموم
    • ثمار الروح القدس
      • 1- محبة
      • 2- فرح
      • 3- سلام
      • 4- طول أناة
      • 5- لطف
      • 6- صلاح
      • 7- إيمان
      • 8- وداعة
      • 9- تعفف
      • ثمار الروح بوجه العموم
    • الفضائل الالهية
      • فضيلة الايمان
      • فضيلة الرجاء
      • فضيلة المحبة
    • السماء
    • المطهر
    • الجهنم
    • الملائكة
    • الشياطين
    • الخير
    • الشر
    • الفضائل
      • التواضع
      • الحقيقة
      • التأمل الروحي
      • الصبر
      • الفرح
      • الصلاة
      • السلام
      • الوداعة
      • الطهارة
      • الحشمة
      • اطعام الجائعين
      • الفضائل بوجه العموم
    • الرذائل
      • حب المال
      • الرياء
      • عيوب اللسان
      • الظلم
      • الكبرياء
      • الحسد
      • الغضب
      • الكسل
      • التنمر
      • الشراهة
      • الرذائل بوجه العموم
    • السحر والشعوذة
    • وثائق ومجامع كنسية
      • مجمع العقيدة والايمان
      • المجامع الكنسية: نيقيا الاول – الفاتيكاني الاول
      • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • تعاليم وقوانين الكنيسة الكاثوليكية
      • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
      • أسئلة واجوبة حول التعليم المسيحي
      • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الرسائل البابوية
      • رسائل البابا لاوون الرابع عشر
      • رسائل البابا فرنسيس الأول
      • رسائل البابا بندكتس السادس عشر
      • رسائل البابا يوحنا بولس الثاني
      • رسائل البابا بولس السادس
      • رسائل البابا يوحنا الثالث والعشرون
      • نبذة عن سيرة الباباوات عبر التاريخ
    • الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك
    • البطريركية المارونية
      • المجمع البطريركي الماروني – بكركي 2006
      • رسائل البطريرك بشارة الراعي
      • البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة
    • موقف الكنيسة من:
      • المثلية
      • الانتحار
      • الاجهاض
      • الموت الرحيم
      • الزواج المدني
      • اخلاقيات الحياة
      • هالوين
      • التكنولوجيا واخطارها
    • مقالات تعليمية متنوعة
  • الكتاب المقدس
    • العهد القديم
    • العهد الجديد
    • العهد القديم مسموع – mp3
    • العهد الجديد مسموع – mp3
    • خرائط الكتاب المقدس
    • تاريخ الكتاب المقدس
    • مدخل الى الكتاب المقدس
    • قاموس الكتاب المقدس
    • شخصيات من الكتاب المقدس
    • الكتاب المقدس بوجه العموم
    • مواقع الكتاب المقدس وتفسيره
  • السنة الطقسية
    • افتتاح السنة الطقسية
      • تقديس البيعة
      • تجديد البيعة
    • زمن الميلاد المجيد
      • بشارة زكريا
      • بشارة العذراء
      • زيارة العذراء لاليصابات
      • مولد يوحنا المعمدان
      • البيان ليوسف
      • النسبة
      • الميلاد المجيد
      • ختانة يسوع (راس السنة)
      • احد وجود الرب في الهيكل
    • زمن الدنح المجيد (العماد)
      • الدنح (عماد يسوع)
      • اعتلان سر المسيح ليوحنا المعمدان
      • اعتلان سر المسيح للرسل
      • دخول المسيح الى الهيكل (2 شباط)
      • الكهنة
      • الابرار والصديقين
      • الموتى المؤمنين
    • زمن الصوم
      • أحد المرفع
      • صوم أهل نينوى
      • الصوم – مقالات
      • عرس قانا الجليل (مدخل الصوم)
      • اثنين الرماد
      • شفاء الابرص
      • شفاء المنزوفة
      • الابن الشاطر
      • شفاء المخلع
      • شفاء الاعمى
      • احياء لعازر (سبت لعازر)
      • الشعانين
    • زمن الآلام
      • مقالات وتأمل اسبوع الالام – الاسبوع العظيم
      • اربعاء ايوب
      • خميس الاسرار
      • الجمعة العظيمة – موت يسوع المسيح
    • زمن القيامة المجيدة
      • سبت النور
      • القيامة
      • تهنئة مريم بقيامة المسيح
      • ظهور يسوع بعد القيامة
      • ظهور يسوع لتلميذي عماوس
      • ظهور يسوع للتلاميذ وتوما معهم
      • الرحمة الالهية – الاحد الاول بعد عيد الفصح
      • صعود المسيح الى السماء
    • زمن العنصرة
      • العنصرة – حلول الروح القدس
      • أحد الثالوث الأقدس – الاجد الثاني بعد العنصرة
      • خميس الجسد – الخميس الثاني بعد العنصرة
      • القربان المقدس ومعجزاته
    • زمن الصليب
      • الصليب
  • ليتورجية: قداسات وصلوات ورتب
    • طقس ماروني – كاثوليك
      • القداس الماروني
        • القداس الماروني – زمن الميلاد
        • القداس الماروني – زمن الدنح
        • القداس الماروني – زمن الصوم
        • القداس الماروني – زمن القيامة
        • القداس الماروني – زمن العنصرة
        • القداس الماروني – زمن الصليب
        • القداس الماروني – أعياد ومناسبات
        • القداس الماروني – أعياد + نافور شرر
        • القداس الماروني – لغات متعددة
        • نوافير القداس الماروني – طقس ماروني
      • الصلوات الطقسية – طقس ماروني
        • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
        • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
        • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
        • صلوات اسبوع الالام – طقس ماروني
        • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
        • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
        • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
        • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
      • الرتب الطقسية – طقس ماروني
      • الانجيل الاسبوعي – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – الاعياد الثابتة – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
    • طقس لاتيني – كاثوليك
    • طقس روم – ارثوذكس (بيزنطي)
    • الروزنامة – تاريخ الأعياد
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
  • الصلوات والتساعيات والمسابح
    • صلوات ومناجاة
      • صلوات روحية
      • مناجاة روحية
      • صلوات ومناجاة روحية
      • صلوات مريمية
    • تأملات
      • تأملات روحية
      • تأملات مريمية
      • تأملات شهر أيار – رعية مار شربل الأردن
      • تأملات شهرية لقلب يسوع الاقدس (حزيران)
    • تساعيات
      • تساعيات الاب الازلي
      • تساعيات يسوع المسيح
      • تساعيات الروح القدس
      • تساعيات الثالوث الاقدس
      • تساعيات مريم العذراء
      • تساعيات الملائكة
      • تساعيات قديسين
      • تساعيات قديسات
      • تساعيات متفرقة
    • مسابح
      • مسابح يسوع المسيح
      • مسابح الاب الازلي
      • مسابح الروح القدس
      • مسابح الثالوث الاقدس
      • مسابح مريم العذراء
      • مسابح الملائكة
      • مسابح قديسات
      • مسابح قديسين
    • طلبات وزياحات
    • ساعة سجود
    • درب وزياح الصليب
  • مريم العذراء
    • أعياد مريمية
      • 15 كانون الثاني : سيدة الزروع
      • 11 شباط : سيدة لورد
      • 25 اذار : عيد البشارة
      • 3 أيار : سيدة البحر
      • 13 أيار: سيدة فاطيما
      • 15 ايار : سيدة الحصاد
      • 15 آب : انتقال العذراء مريم (سيدة الكرم)
      • 8 أيلول : ميلاد مريم العذراء (غ)
      • 15 أيلول : سيدة الأوجاع
      • 7 تشرين الأول : سلطانة الوردية المقدسة
      • 21 تشرين الثاني : عيد دخول العذراء إلى الهيكل
      • 27 تشرين الثاني : عيد سيّدة الايقونة العجائبيّة
      • 8 كانون الأول : الحبل بلا دنس
      • أعياد مريمية بوجه العموم
    • كتب مريمية
      • الاقتداء بمريم
      • امجاد مريم البتول – القديس ألفونس دي ليكوري
      • الاكرام الحقيقي لمريم العذراء – القديس لويس ماري غرينيون دي مونفورت
    • عقائد مريمية
      • عقيدة مريم ام الله – مجمع افسس 431
      • عقيدة مريم العذراء الدائمة البتولية – المجمع اللاتراني 649
      • عقيدة الحبل بلا دنس – 8 كانون الاول 1854 – البابا بيوس التاسع
      • عقيدة انتقال مريم العذراء إلى السماء بالنفس والجسد 1950 – البابا بيوس الثاني عشر
      • العقائد المريمية بوجه العموم
    • ظهورات مريم العذراء
      • ظهورات سيدة غوادالوبي في المكسيك 1531
      • ظهورات سيدة سيلغوا في ليتوانيا 1608
      • ظهورات سيدة لاوس في فرنسا 1664
      • ظهورات سيدة الايقونة العجائبية في باريس 1830
      • ظهورات العذراء في لاساليت 1846
      • ظهورات العذراء في لورد 1858
      • ظهورات سيدة بونتمان في فرنسا 1871
      • ظهورات العذراء في فاطيما 1917
    • مقالات مريمية
    • فضائل مريمية
    • قصائد مريمية
    • تراتيل مريمية – تاريخها
    • اقوال قديسين عن مريم العذراء
    • ايقونات مريمية – شرح وتفسير
  • الحياة المكرسة والنذور الرهبانية
    • الدعوة والتنشئة الكهنوتية
    • الحياة الكهنوتية
    • الدعوة الرهبانية ومرحلة الابتداء
    • الحياة الرهبانية
    • نذر الطاعة
    • نذر العفة
    • نذر الفقر
    • نذر التواضع
    • مقالات حول الحياة المكرسة
  • مكتبة روحية
    • مقالات اباء الكنيسة
      • مقالات : اكليمنضوس الاسكندري
      • مقالات : اثناسيوس
      • مقالات : امبروسيوس
      • مقالات : اغوسطينوس
      • مقالات : افرام السرياني
      • مقالات : باسيليوس الكبير
      • مقالات : نيوفان الحبيس
      • مقالات : غريغوريوس النيصي
      • مقالات : غريغوريوس بالاماس
      • مقالات : غريغوريوس النزينزي اللاهوتي – الناطق بالالهيات
      • مقالات : كيرلس السكندري
      • مقالات : كيرلس الاورشليمي
      • مقالات : يوحنا كاسيان
      • مقالات : يوحنا الدمشقي
      • مقالات : يوحنا فم الذهب
      • مقالات : القديس فيلوكسينوس
    • مقالات واقوال اباء الكنيسة متفرقة
    • كتب اباء الكنيسة
      • كتب : افرام السرياني
      • كتب : اتناسوس
      • كتب : امبروسوس
      • كتب اغوسطينوس
      • كتب : اكليمنضوس الروماني
      • كتب : اكليمنضوس الاسكندري
      • كتب : باسيليوس الكبير
      • كتب : غريغوريس النيصي
      • كتب : غريغوريوس النزينزي اللاهوتي – الناطق بالالهيات
      • كتب : كيرلس الاورشليمي
      • كتب : مقاريوس الكبير
      • كتب : كبريانوس
      • كتب : يوحنا كاسيان
      • كتب : يوحنا فم الذهب
      • كتب : يوستينوس الشهيد
    • كتب روحية متفرقة
    • كتب روحية منسقة
      • الاقتداء بالمسيح
      • بستان الرهبان
      • المصباح الرهباني
      • الطريق الى الفردوس
      • وستعرفون الحق والحق يحرركم
    • سير قديسين – السنكسار
      • كانون الثاني – سير قديسين
      • شباط – سير قديسين
      • اذار – سير قديسين
      • نيسان – سير قديسين
      • ايار – سير قديسين
      • حزيران – سير قديسين
      • تموز – سير قديسين
      • اب – سير قديسين
      • ايلول – سير قديسين
      • تشرين الاول – سير قديسين
      • تشرين الثاني – سير قديسين
      • كانون الاول – سير قديسين
      • فهرست ومقالات – سير قديسين
    • أعياد ومناسبات
      • كانون الثاني – أعياد ومناسبات
        • 6 كانون الثاني : عيد الظهور الإلهي
        • 17 كانون الثاني : مار انطونيوس الكبير
        • 28 كانون الثاني : مار افرام السرياني
        • 31 كانون الثاني : دون بوسكو
      • شباط – أعياد ومناسبات
        • 9 شباط : مار مارون
        • 14 شباط : القديس فلانتين
        • 22 شباط : إقامة كرسي بطرس في أنطاكية – المكرم بشارة ابو مراد
        • 27 شباط : القديس غابرييل لسيدة الأوجاع
      • آذار – أعياد ومناسبات
        • 1 اذار : الملاك الحارس
        • 2 اذار : مار يوحنا مارون (اول بطريرك ماروني)
        • 4 آذار : عيد الوجه الأقدس
        • 19 اذار : مار يوسف البتول
        • 21 اذار : عيد الام
        • 23 اذار : القديسة رفقا
        • 26 اذار : الملاك جبرائيل
      • نيسان – أعياد ومناسبات
        • 23 نيسان : مار جرجس
        • 29 نيسان : القديسة كاترين السيانية
      • أيار – أعياد ومناسبات
        • الشهر المريمي – أيار
        • سيدة لبنان – الأحد الاول من ايار
        • 3 أيار : اكتشاف صليب سيدنا يسوع المسيح في أورشليم
        • 6 ايار : القديس دومنيك سافيو
        • 8 أيار : يوحنا الحبيب \ مولد القديس شربل
        • 22 ايار : القديسة ريتا
      • حزيران – أعياد ومناسبات
        • قلب يسوع – شهر حزيران
        • 6 حزيران : الملاك ميخائيل
        • 13 حزيران : مار انطونيوس البدواني
        • 21 حزيران : عيد الأب
        • 24 حزيران : مولد يوحنا المعمدان
        • 26 حزيران : الطوباوي يعقوب الكبوشي
        • 29 حزيران : مار بطرس وبولس
      • تموز – أعياد ومناسبات
        • 6 تموز : القديسة ماريا غورتي
        • 9 تموز : القديسة فيرونيكا جولياني
        • 10 تموز :القديسون الاخوة المسابكييون والرهبان الفرنسيسكان وشهداء دمشق ١٨٦٠
        • الاحد الثالث من تموز : عيد القديس شربل
        • 17 تموز : القديسة مارينا وادي قنوبين
        • 20 تموز : مار الياس الحي
        • 22 تموز : مريم المجدلية
        • 22 تموز : مار نوهرا
        • 25 تموز : عيد القدبسة حنة
        • 31 تموز : تلاميذ مار مارون 350 شهيد
      • آب – أعياد ومناسبات
        • 2 آب : البطريرك اسطفان الدويهي
        • 6 آب : تجلي الرب
        • 29 آب : قطع رأس يوحنا المعمدان
        • 30 آب : الطوباوي اسطفان نعمة
        • 31 آب: مار زخيا العجائبي
      • أيلول – أعياد ومناسبات
        • 5 أيلول : القديسة الأم تريز كالكوتا
        • 14 أيلول : عيد الصليب
        • 24 أيلول : القديسة تقلا
      • تشرين الأول – أعياد ومناسبات
        • 1 تشرين الأول : القديسة تريز الطفل يسوع
        • 4 تشرين الأول : القديس فرنيسيس الأسيزي
        • 20 تشرين الأول : إعلان قداسة الشهداء المسابكيين
      • تشرين الثاني – أعياد ومناسبات
        • 13 تشرين الثاني : يوحنا فم الذهب
        • 22 تشرين الثاني : تذكار القديسين يواكيم وحنة والدي سيّدتنا مريم العذراء
      • كانون الأول – أعياد ومناسبات
        • 4 كانون الأول : القديسة بربارة
        • 4 كانون الأول : القديس يوحنا الدمشقي
        • 14 كانون الاول: القديس نعمة الله الحرديني
    • تاريخ الكنيسة
      • تاريخ الكنيسة الشرقية
      • تاريخ الكنيسة الغربية – الدكتور يواقيم رزق مرقص
    • الكنائس وتاريخها
      • كنائس لبنان
      • كنائس سوريا
      • كنائس القدس
      • كنائس العراق
      • كنائس تركيا
      • كنائس ايطاليا
      • كنائس متفرقة
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الايقونة وشرحها
    • جنود مريم – منشورات
      • يسوع المسيح – جنود مريم
        • عبادة دم يسوع المسيح – جنود مريم
        • عبادة طفل براغ – جنود مريم
        • عبادة قلب يسوع الاقدس – جنود مريم
        • عائلة قلب يسوع الاقدس – جنود مريم
      • مريم العذراء – جنود مريم
        • سيدة رامات – جنود مريم
        • الوردية – نشأتها وتاريخها و دورُها و أهميّتها في الحياةِ الرّوحيّة – جنود مريم
      • قديسين – جنود مريم
        • القديس يوسف البتول – جنود مربم (19 آذار)
        • القديس جرجس – جنود مريم (23 نيسان)
        • القدّيس نوهرا الشهيد شفيع البصر – جنود مريم (22 تموز)
        • القديس بيو – جنود مريم
        • القدّيس جوده دي تاري – جنود مريم
        • مار سركيس و مار باخوس – جنود مريم
        • القدّيس بيريغران شفيع مرض السرطان – جنود مريم
      • قديسات – جنود مريم
        • القديسة ريتا – جنود مريم (22 ايار)
        • القديسة الشهيدة أكويلينا – جنود مريم (13 حزيران)
        • القدّيسة فيرونيكا جولياني – جنود مريم (10 تموز)
        • القديسة فوستين – جنود مريم
        • القدّيسة فيلومينا – جنود مريم
      • ملائكة – جنود مريم
        • مار جبرائيل أحد رؤساء الملائكة – جنود مريم
        • مار ميخائيل وملائكته – جنود مريم
      • كتب وصلوات روحية وتعليم – جنود مريم
        • شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة – جنود مريم
        • سر الرحمة الالهية – صلوات للرحمة الالهية – جنود مريم
        • الصلاة الارادة الالهية – جنود مريم
        • سر السعادة – الصلوات الخمس عشرة المُلهمة من سيّدنا يسوع المسيح للقدّيسة بريجيتا – جنود مريم
        • القداس الالهي – اسرار تكشفها العذراء – جنود مريم
        • العيش في ملكوت المشيئة الإلهية – جنود مريم
        • اسرار الكنيسة السبعة – جنود مريم
      • منشورات وصلوات روحية وتعليم – جنود مريم
      • كتب متفرقة وارشارد – جنود مريم
        • حقيقة الشيطان وظاهرة عبادته في المجتمع المعاصر – جنود مريم
      • منشورات متفرقة وارشاد – جنود مريم
    • عائلة قلب يسوع الاقدس – سوريا
    • مقالات متفرقة
    • اعلانات مناسبات أحداث
  • مواضيع وقصص
    • مذاهب وبدع
    • البروتستانت – الانجيليين
    • السبتييون
    • شهود يهوا
    • هل تعلم؟
    • صوت صارخ في البرية
    • الاجهاض – نظرة الكنيسة
    • قصة وعبرة
    • ترفيه
    • متفرقات
  • تربوي وثقافي وصحة
    • الاستعداد للزواج
    • سر الزواج المقدس
    • العائلة
    • التربية
    • اسباب مشاكل الزوجية
    • ادب الحياة وفنونها
    • الصحة والامراض
      • الصحة النفسية
      • الصحة الجسدية
      • الأدوية والأعشاب
    • الادمان علاجه ومشاكله
      • الادمان بوجه العموم
      • مشاكل الادمان
      • الادمان على الانترنت
      • الادمان على التدخين
      • الادمان على الكحول
      • الادمان على المخدرات
      • الادمان على القمار
      • نصائح توجيهية حول الادمان
      • الادمان والوقاية
    • مطبخ: مأكولات – حلويات – عصير
      • شوربة
      • السلطات
      • المقبلات
      • المعجنات
      • الاكلات الرئيسية
      • العصائر والمشروبات
      • الحلويات
  • مواقع WEBLINKS
    • مواقع الكنيسة الكاثوليكية
    • موقع الكنيسة الاورثوذكسية
    • مواقع روحية Spiritual Sites
    • مواقع لتعليم اللغات
  • تراتيل MP3
    • زمن الميلاد المجيد – mp3
    • Christmas Noel – mp3
    • زمن الدنح – عماد يسوع – mp3
    • زمن الصوم – mp3
    • درب الصليب
    • اسبوع الالام – mp3
    • زمن القيامة – mp3
    • زمن العنصرة – mp3
    • عبادة قلب يسوع الأقدس – mp3
    • مريم العذراء – mp3
    • المسبحة الوردية – لغات متعددة – mp3
    • مزامير – mp3
    • تراتيل مارونية – mp3
    • تراتيل كلدانية – mp3
    • تراتيل بيزنطية – روم كاثوليك – mp3
    • تراتيل بيزنطية – روم أورثوذكس – mp3
    • تراتيل أرمن ارثوذكس – mp3
    • تراتيل قديسون – mp3
    • تراتيل قديسات – mp3
    • مكرسون – mp3
    • فنانين: جومانا، ماجدة … mp3
    • جوقات mp3 – Coral
    • القربانة الاولى – mp3
    • صلوات – mp3
    • قصائد – mp3
    • mp3 – Gregorian
    • Music: Bach, Mozart … mp3
    • موسيقى – mp3
    • اغاني اطفال – عربي، فرنسي، انكليزي – mp3
  • slider

صفحتنا على فيسبوك

اخر المنشورات

تأمل في ختام الشهر المريمي *مَريم العذراء آية الرجاء لشعب الله

تأمل في ختام الشهر المريمي *مَريم العذراء آية الرجاء لشعب الله

اليوم الواحد والثلاثون – الشهر المريمي، باقة حُبّ لمريم العذراء

اليوم الواحد والثلاثون – الشهر المريمي، باقة حُبّ لمريم العذراء

ختام الشهر المريمي: اللّقاء بين العهدين

ختام الشهر المريمي: اللّقاء بين العهدين

في ختام الشهر المريمي نودّ أن نتشارك معكم هذه الصلاة – القدّيس برنردوس (+ 1153)

في ختام الشهر المريمي نودّ أن نتشارك معكم هذه الصلاة – القدّيس برنردوس (+ 1153)

مذابح سيفو للآشوريين/للسريان

مذابح سيفو للآشوريين/للسريان

سقوط القسطنطينية 29 أيار 1453

سقوط القسطنطينية 29 أيار 1453

BY : refaat

موقع سلطانة الحبل بلا دنس

No Result
View All Result
  • الصفحة الرئيسية
  • القداس والقراءات
    • زمن الميلاد – القداس الماروني
    • زمن الدنح – القداس الماروني
    • زمن الصوم – القداس الماروني
    • زمن القيامة – القداس الماروني
    • زمن العنصرة – القداس الماروني
    • زمن الصليب – القداس الماروني
    • أعياد ومناسبات – القداس الماروني
    • أعياد + نافور شرر – القداس الماروني
    • نوافير القداس – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • الروزنامة الروحية 2024-2025
    • المفكرة الليتورجية المارونية 2024-2025
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
  • الصلوات الطقسية
    • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
    • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
    • صلوات زمن الالام – طقس ماروني
    • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
    • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
    • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
    • تساعية الميلاد – 15 كانون الأول
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
    • درب وزياح الصليب
  • الإنجيل الأسبوعي
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – الأعياد الثابتة – طقس ماروني
  • قديس اليوم
    • كانون الثاني – سير قديسين
    • شباط – سير قديسين
    • آذار – سير قديسين
    • نيسان – سير قديسين
    • أيار – سير قديسين
    • حزيران – سير قديسين
    • تموز – سير قديسين
    • آب – سير قديسين
    • أيلول – سير قديسين
    • تشرين الأول – سير قديسين
    • تشرين الثاني – سير قدسين
    • كانون الأول – سير قديسين
  • معرض الفيديو
    • افلام يسوع المسيح – فيديو
    • افلام قديسين – فيديو
    • القديسون المسابكييون الموارنة والرهبان الفرنسيسكان – فيديو
    • الكتاب المقدس – فيديو
    • تراتيل – فيديو
    • صلوات – فيديو
    • قداس ماروني – فيديو
    • تساعيات – فيديو
    • كنائس – فيديو
    • تعليم لغات – فيديو
  • وثائق
    • المجامع الكنسية: نيقيا – الفاتيكاني الاول
    • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكة
    • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الأيقونة وشرحها
  • Donation
  • PayPal
  • اتصل بنا

Title ×