مريم العذراء… فجر يسبق شروق المخلّص
بيروت, الجمعة 8 سبتمبر، 2023
تحتفل الكنيسة المقدسة بتذكار ميلاد العذراء مريم في 8 سبتمبر/أيلول من كل عام. هي من اختارها الربّ من بين جميع النساء لتكون أمًّا للكلمة المتجسد.
أدخل البابا سيرجيوس الأول هذا التذكار إلى الكنيسة اللاتينية في القرن السابع بعدما كان منتشرًا كتقليد في الشرق. ويرتبط هذا العيد بشكل وثيق بميلاد المسيح، إذ يمكن تشبيه ولادة العذراء مريم بالفجر السابق لشروق ميلاد المخلّص. وانطلاقًا من الكتاب المقدس يمكن استخلاص عبر ومعانٍ روحية عدة تُظهر عظمة السيدة العذراء في تاريخ الخلاص، وقيمتها.
فقد قالت مريم بعدما بشّرها الملاك جبرائيل: «تعظّم الربّ نفسي وتبتهج روحي بالله مخلّصي لأنّه نظر إلى أمته الوضيعة. سوف تهنئني بعد اليوم جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع إليّ أمورًا عظيمة: قدوس اسمه ورحمته من جيل إلى جيل للذين يتقونه» (لوقا 1: 46-50). وتذكار ميلادها دعوة لتبتهج الأرض والسموات، وتُنْشِد جميع المخلوقات. فهي احتلت مكانة فريدة في تاريخ الخلاص، وأعطاها الربّ مهمّة سامية، فاختارها من بين جميع النساء، لتكون أمًّا للكلمة المتجسد. وتُعلّمنا الكنيسة أنّ مريم حُبِلَ بها بلا دنس ولا عيب فيها. هي البتول الأكثر تميّزًا، والأقرب إلى الكمال بين المخلوقات.
وقد جاء في الكتاب المقدس ذكرُ أهمية العذراء مريم في كثير من الآيات، منها: «ممتلئة نعمة» (لوقا 1: 28) و«أمة الربّ» (لوقا 1: 38). ولا ينبغي أن نغفل أبدًا عن حقيقة مهمّة، وردت في الإنجيل، على لسان القديسة أليصابات التي هتفت بأعلى صوتها وبوحي من الروح القدس، قائلةً لمريم حين أتت لزيارتها: «مباركة أنتِ في النساء، ومباركةٌ ثمرة بطنك! من أين لي أن تأتيني أمّ ربي؟» (لوقا 1: 42-43).
فالنعمة الإلهية حلّت في حياة مريم، وتوَّجتها ملكة على السموات والأرض. ومع أنّ النعمة لم تُبْعِد عنها اختبار طعم الجلجثة يوم آلام يسوع، ساعدتها في التصدّي لتلك التجربة من خلال الإصغاء الكلّي لمشيئة الربّ والعمل بها. ومريم اليوم تراقب حياتنا من أحضان السماء وتقدّم لنا ابنها مصدر وجودنا المسيحي وغايته.
لِنُصَلِّ مع مريم العذراء، نجمة الصبح، في عيدها، كي نتعلّم الإصغاء على مثالها لصوت الربّ ونفتح له قلبنا وعقلنا، فتملأ نعمه حياتنا إلى الأبد.
آسي مينا
No Result
View All Result