15 أيلول – عيد سيّدة الأوجاع 🕇
-فلتبارككم وتحميكم وتعزّيكم الأمّ الحزينة مريم المَملوءة نعمًا وأوجاعًا، شريكة سرّ الفداء، وترافقكم كما رافقت يسوع منذ الطفولة حتّى الصليب والقيامة، فتكون لكم أمًّا تولدكم بالألم والحبّ للحياة الأبديّة. “وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ” (رؤيا 12: 2)
اخترنا لكم هذه الرّسالة الرّائعة للعذراء من الكتاب الأزرق (ببركة السّلطة الكنسيّة) للأب ستيفانو غوبي (الذي سيُعلن طوباويًا)
شريكةٌ في سرّ الفداء † (13 تموز 1980)
“ساعدوني في قصدي، يا أبنائي المفضّلين ودَعوا أمّكم تُنشِّئكم. هكذا أستطيع أن أُشرِككم، من حسنٍ إلى أحسن، في عملي الوالدي المُشارِك في الفداء.
إنّ يسوع، هو الفادي الأوحد، لأنّه هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر. إلاّ أنّه أرادَ إشراك كلّ الذين افتداهم بنفسه، في عمله الفدائي، لكي يشعّ عمل محبّته الرّحومة، بشكلٍ أكثر كثافةً وروعةً ! هكذا باستطاعتكم أنتم الذين تمّ افتداؤكم، أن تتعاونوا معه في عمله الفدائيّ. وبكم أنتم الذين تتّحدون به بعمقٍ كبيرٍ، لدرجةٍ تشكّلون فيها جسده السريّ ذاته، يستطيع أن يقطُف في زمنكم، ثمرةَ كلّ ما أتمّه لمرّةٍ واحدةٍ على الجلجلة. إنّي بالنسبة إليكم، النموذج الكامل لتعاونكم في العمل المشارِك لابني في الفداء فعلاً: لأنّي أم يسوع، فقد أشرَكني بشدّةٍ في فدائه.
إنّ وجودي تحت الصليب، يَدلُّكم كيف أراد ابني أن يُشرِك أمّه بشكلٍ كامل، في ألمه الكبير، لحظة آلامه وموته لأجلكم. إن كان الصليب هو مشنقته، فإنّ ألم قلبي البريء من الدنس، كان بمثابة المذبح، الذي قُدِّم عليه ابني للآب، ذبيحة العهد الجديد والأبدي.
وكأمٍّ للكنيسة، فقد أشركني يسوع أيضًا في إتمام الفداء، الذي يتمّ على مجرى التاريخ، لكي يقدّم لكلّ البشر، إمكانيّة الحصول على الخلاص الذي ناله لكم، في لحظة استشهاده الدامي. هكذا فعددُ البشر الذي سيخلصون سيزداد، وتزداد أكثر تُحفة محبّته الإلهيّة.
إنّ مهمّتي الوالديّة، تقوم في مساعدة أولادي بشتّى الطرق: على الوصول إلى الخلاص؛ والإعانة بشكلٍ خاص اليوم أيضًا في الفداء الذي أتمّه ابني يسوع.
إنّ دوري كأمٍّ حقيقة، وكشريكةٍ حقّة في الفداء، سيظهرُ للجميع ! أريدُ الآن أن أقوم بهذا العمل من خلالكم، يا أبنائي المفضّلين.
لأجل ذلك، أردتُ الاعتزال في صحراء حياتكم، حيث أمَّنتُ ملجأي.
“وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ” (رؤ 12: 6)
هنا، سأُنشِّئكم كأمٍ، لكي أقدر من خلالكم، أن أتمّم عمل المشاركة في الفداء الكبير. إنّي أدعوكم إذًا إلى الصلاة، والتقدمة الكاملة، والتألّم، ولذبيحتكم الخاصّة.
إنّي أقودكم على طريق الصليب، وبهدوء، إنّي أساعدكم لتسلّق الجلجلة، لكي أحوّلكم جميعًا إلى ذبائح مرضيّة للآب من أجل خلاص العالم. إنّه وقت عملي الصامت. في صحراء حياتكم، إنّي أُكمل كلّ يوم الأعجوبة الكبرى لتَحَوُّلكم التدريجيّ، حتى يقدر كلُّ واحدٍ منكم، أن يحيا يسوع المصلوب.
عندما سينتهي عملي، عندها سيظهر للكنيسة كلّها، عظمة قصد المحبّة، الذي أقوم بتحقيقه الآن.
إنّ عملي الرحوم والمشارك في الفداء، قد أصبح، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، ضروريًّا ومُلحًّا. سيعرف الجميع، المهمّة التي أوكلني إيّاها الثالوث الأقدس؛ سأستطيع أن أمارس سلطتي بشكل كامل، لكي يشعّ في كلّ مكان، انتصار ابني يسوع، عندما سيُقيم فيما بينكم، ملكوت حبّه المجيد”
———————————————————————-
*نحن نعلم أنّ مريم الكليّة القداسة قد اكتسبت باستحقاقات أوجاعها وأحزانها، صفة: “مُشاركة في عمل خلاصنا”: أي في أن نولد جديدًا في حياة النعمة. وبالتّالي نحن هم أولاد أوجاعها! يقول لاسبارجيوس: “إنّ المسيح إذ قد أراد أن يُقيم والدته أمًّا لنا، جعلها أن تكون مشاركةً في عمل افتدائنا، لأنّه كان يلزمها أن تَلِدنا بَنين لها تحت صليب يسوع.”
فإذًا يمكنني القول أنّه إن كانت هذه الأمّ الإلهيّة، وهي غائصة في بحر مرائر تلك الأحزان صادفت تعزيةً ما، فهذه التعزية الوحيدة إنّما كانت قائمةً في تذّكرها بأنّها بواسطة أحزانها وآلامها، كانت تفيدنا في أمر خلاصنا الأبدي.كما أوحى مخلّصنا يسوع للقدّيسة بريجيتا بقوله: “إنّ مريم والدتي قد صارت أمًّا لأهل السّماء والأرض لأجل توجّعها وحبّها.” وبالحقيقة أنّ الكلمات الأخيرة التي قالها مخلّصنا لوالدته وهو على الصليب، مودِّعًا إيّاها قبل أن يموت، كانت تسليمه إيّاها أولادًا لها في شخص تلميذه القديس يوحنّا، وكانت تلك وصيّته الأخيرة التي بها ترك لأمّه تذكارًا وميراثًا، أن نكون نحن أولادها وهي أمّنا، بقوله لها: يا امرأة ها ابنكِ: (يوحنا 19: 26) وهكذا، منذ تلك الساعة ابتدأت مريم العذراء بممارسة مهمّة الأمّ الصالحة نحونا.
على أنّ القديس بطرس داميانوس يشهدُ بأنّ اللّص الصّالح ندم على خطاياه، واعترف بلاهوت فادينا قائلًا له: “أُذكرني يا رب اذا أتيت في ملكوتك” وفاز بالخلاص الأبديّ، بسبب تضرّعات هذه الأمّ الإلهيّة من أجله… فهذه السيّدة الرؤوفة قد شغلت دائماً وظيفة أمٍّ نحو الجميع من ذلك الحين بدون انقطاع، كما هي الآن وستظلّ في المستقبل أيضًا.*
(أمجاد مريم البتول، القديس ألفونس ليغوري -معلّم الكنيسة)
من صفحة قلب مريم الطاهر المتألم