في شهر أكتوبر شهر الورديّة المقدّسة…
ها هو شهر ت1/ أكتوبر يطلّ اليوم، وها هي مسبحة الورديّة المقدّسة تتدلّى منه وتباركه لأنّه شهرها بامتياز في الكنيسة الكاثوليكيّة.
هي مسبحة الورديّة الّتي تعانق حبّاتها بعضها بعضًا بسلسلة يتوّجها صليب يسوع المقدّس.
هي لآلئ سماويّة قطفتها مريم العذراء وقدّمتها لأبنائها عربون محبّتها الثّمينة لهم، فتبرزها وردة فوّاحة وجميلة، طاهرة وبهيّة، عذبة ومُحبّة.
هي مسبحة تختصر الإنجيل في أبيات خمسة يتلوها المصلّون تحت راية أربعة أسرار مقدّسة: الفرح، والنّور، والحزن والمجد.
ومن أسرار الفرح، تنبعث البشارة لتزرع تواضعًا، والزّيارة محبّة للقريب، والميلاد تجرّدًا، وتقدمة يسوع إلى الهيكل طهارة، ووجوده في الهيكل طاعة.
وفي أسرار النّور، تسطع من المعموديّة نبوّة الآب، ومن عرس قانا الجليل تجدّدًا بالرّوح القدس، ومن إعلان مجيء ملكوت الله توقًا إليه، ومن التّجلّي الإلهيّ اتّباعًا لتعاليم يسوع، ومن العشاء السّرّيّ مشاركة في الذّبيحة الإلهيّة.
في أسرار الحزن، ها إنّ صلاة يسوع في البستان تعكس ندامة، والجلد إماتة للحواس، وإكليل الشّوك احتقارًا للمجد العالميّ، وحمل يسوع صليبه صبرًا وتسليمًا، وموته على الصّليب محبّة للأعداء ومغفرة لهم.
أمّا في أسرار المجد فتدفعنا أحداث “القيامة” إلى النّهوض من الخطيئة، و”الصّعود” إلى الشّوق إلى السّماء، و”حلول الرّوح القدس” إلى الإصغاء لإلهاماته، و”الانتقال” إلى الميتة الصّالحة، و”تكليل العذراء” إلى تكريمها.
هي باختصار مسبحة الورديّة السّلاح القاهر للشّرّ والخطيئة، هي غذاء الرّوح، و”مديح لذيذ على قلب يسوع وأمّه القدّيسة” يقول القدّيس دومنيكوس.
في شهر الورديّة المقدّسة، لنردّد معًا الصّلاة الرّبّيّة ونرفع أيدينا على مثال يسوع إلى الله الآب طالبين مشيئته، ولنصلّ إلى مريم العذراء بفم الملاك جبرائيل والقدّيسة إليصابات والكنيسة سائلين شفاعتها الدّائمة الآن وفي ساعة موتنا آمين!
تاريخ الوردية المقدّسة
* تشرين الأول: شهر الوردية
* الأحد الأول من الشهر: أحد الورديّة
* 7 تشرين الأول: عيد سيدة الوردية
في القرن العاشر الميلادي بدأ الرهبان ، الذين لا يقدرون أن يحفظوا المزامير، يفترض عليهم عدد من الصلاة الربانية50 مرة أو 150 مرة، ونشأت بعد ذلك مزامير مريمية تشبيهًا بمزامير أبينا داود النبيّ، لاشتمالها على مائة وخمسين من السلام عليك يا مريم … نظير عدد المزامير.
وتوجد مخطوطات من ألمانية وبريطانية وفرنسا وإنجلترا تعود للقرن الثالث عشر الميلادي تؤكد أن القديس عبد الأحد (1170-1221) وهو واعظ دومينيكاني، هو الذي اخترع الوردية المقدسة في مغارة التجأ إليها في غابة على مقربة من مدينة تولوز في فرنسا، وهو الذي نشر جماعة أخوية الوردية في قلونيا ومدن أخرى من ألمانيا وهولندا في نهاية القرن الخامس عشر. وفي حبرية الطيب الذكر قداسة البابا اكليمنس الثامن ( 1592-1605) أعلن في مدينة روما أن من ألّف أخوية للوردية هو القديس عبد الأحد.
وعلى حسب مخطوط رقم 402 من كلية جسد المسيح بكمبرج CAMDRIBGE وهو يعود لسنة 1150 ويحوي على نصائح لتلاوة السلام عليك يا مريم… والمسبحة مقسمة لكل سرّ عشر أبيات.وربما من هذا الوقت جاءت فكرة ألخمسين السلام عليك يا مريم. وأيضًا نشأت من هنا حبوب الوردية على هيئة حبل من الحبوب، وفي هذا المنوال قال القديس ايرنيموس: ” وتلك الحبلة كانت عقدًا منضّدًا بالأسرار، وما أشبهها بسلسلة الوردية التي بها ينجو الخطأة من تنكيل النقمة الإلهية” . وقد قيل من المعاصرين إن سلسلة الوردية بربطها كل حبة من حبات المسبحة بأختها، تشير إلى ارتباط الأخوة الذين يشتركون بها مع بعضهم.
وقد كتب مؤرخي الفترة هذه أن ملك فرنسا لويس القديس، كان يركع 50 مرة كلّ مساء ويقول: السلام الملائكي، وكانت امرأة تدعى JEUIALIE كانت تصلي 150 مرة السلام الملائكي بسرعة فظهرت لها مريم العذراء فوبختها لأجل سرعتها في تلاوة السلام الملائكي، وبعد هذا الظهور بدأت تتلي السلام الملائكي 50 مرة بطريقة بطيئة. وأيضًا القديس AIBERT الذي توفي في سنة 1140 كان يتلي السلام الملائكي في صلواته الشخصية.
وفي سنة 1216 أسس القديس عبد الأحد رهبنة الدومنيكان ” الإخوة الوعاظ “، وكان من بين الرهبان الأولين الأب دي لاروش. فعمل الأبوان معاً على تنسيق المسبحة، واغناها بإدخال الأسرار إليها للتأمل بحياة يسوع وحياة مريم أمه، وكان ذلك سنة 1217 وسمياها المسبحة الوردية، مقسمة إلى ثلاثة أقسام هي: أسرار الفرح، أسرار الألم، أسرار المجد. وكل قسم مقسم بدوره إلى خمسة أبيات، وكل بيت يتألف من عشر حبات. وقد قسمت الثلاث أسرار على اعتبار أن حياة يسوع المسيح، وحياة أمه العذراء مريم المشتركة معه بسر التجسد، وبسر الفداء، وقد مرت بثلاث مراحل هي: الفرح، والألم، والمجد. وبين كل بيت وآخر يضاف حبة كبيرة منفردة مخصصة لتلاوة الصلاة الربية التي تعود إلى عهد الرسل.
وأضاف الأبوان عبد الأحد ودي لاروش إلى هذه المسبحة الصليب، لأن كل مسيحي يبدأ أعماله وصلاته بإشارة الصليب. وقرب الصليب حبة منفردة مخصصة لتلاوة قانون الإيمان النيقاوي. ثم هنالك الثلاث حبات للتأمل بالصفات الثلاث التي تتمتع بها العذراء مريم دون سواها: فهي ابنة الآب، وأم الابن، وعروسة الروح القدس.
وفي سنة 1572 قد عين البابا غريغوريوس الثالث عشر (1572- 1585) يوم 7 أكتوبر عيد الوردية. وفي سنة 1683 قد استجاب قداسة البابا اينوشنسيوس الحادي عشر(1676-1689) لطلب ملك بولونيا جان سوبيسكي تخصيص شهر أكتوبر بكامله لعبادة المسبحة الوردية. وفي سنة 2002 قد وجه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني(1979-2005) إرشاد رسولي في المسبحة الوردية تحت عنوان ” مسبحة العذراء مريم “، يعلن فيه سنة مكرسة للمسبحة الوردية. ومن المعلوم أن البابا يوحنا بولس الثاني كان شغوفاً في تكريم العذراء لذلك اتخذ في بداية حبريته شعارا: ” إنني بكليِّتي لكِ يا مريم “. ومن خلال هذا الإرشاد أضاف الأب الأقدس أسرار النور إلى الأسرار الثلاثة المذكورة سابقاً حيث يقول في المقدمة: ” إلى مريم الكلية الطهارة سلمت هذه الألفية الجديدة. أريد أن أشهد على الثقة ببادرتين رمزيتين هما: أن أنشر وثيقة مكرسة لصلاة المسبحة ” مسبحة العذراء مريم “.أن أعلن ” سنة المسبحة الوردية ” التي ستستمر من شهر أكتوبر 2002 إلى شهر نوفمبر 2003 “.
ثم يستعرض الأب الأقدس الأسباب التي دعته لإضافة الأسرار الجديدة بالقول: ” إذا أردنا أن نتمكن من أن نقول قولاً كاملاً إن الوردية هي ملخص الإنجيل، فإنه بعدما ذكرنا التجسد وحياة المسيح الخفية ” أسرار الفرح “، وتوقفنا عند الآلام والموت ” أسرار الألم “، وعند بهجة القيامة ” أسرار المجد “. يليق بنا أن نوجه تأملنا إلى بعض أحداث من حياة يسوع العلنية التي تتصف بمعان عميقة ” أسرار النور”.
إن إضافة هذه الأسرار الجديدة لا تشوه صيغة الصلاة التقليدية، بل تهدف إلى وضعها في صلب الروحانية المسيحية، وتجلب إليها انتباه المؤمنين، لأنها تعبر عما في أعماق قلب يسوع من فرحٍ ونورٍ وألمٍ ومجد”، ويحتفل بعيد مريم العذراء سلطانة الوردية المقدسة في الأحد الأول من شهر أكتوبر.
إذن يعود الفضل الكبير في الوردية المقدسة لكل من القدّيس عبد الأحد والأب دي لا روش على تنسيق المسبحة وإغنائها بإدخال الأسرار إليها التأمل بحياة يسوع المسيح وحياة أمه مريم العذراء وسميّانها “المسبحة الوردية” لأنها أشبه بباقة ورد نضعها على قدميّ أمنا مريم العذراء وهذا لا يخفي أن في الورد نضارة أوراقه ولذعة أشواكه وجمال أزهاره. فنضارة أوراقه عبارة عن أسرار الفرح. ولذعة أشواكه كناية عن أسرار الألم.
وجمال أزهاره رمز على أسرار المجد. ورائحة الوردة الذكية هي أسرار النور التي أعلنها الطيب الذكر قداسة البابا يوحنا بولس الثاني. فالوردة في جمالها ورائحتها تبهج النواظر، وهكذا يسوع ووالدته يبهجان القلوب بأفراحهما، وبأشواكها تلذع، كذلك يسوع ووالدته بأوجاعهما يمسّان قلوب الخطأة بلواذع التوبة والندامة. وبرائحتها الذكية تنعش النفوس، وهكذا يسوع وأمه بأسرار مجدهما ينعشان أرواحنا برجاء المجد السماوي.
وفي سنة 1569 أستخدمت المسبحة رسمياً في حبرية البابا بيوس الخامس (1566-1572)، وذلك الحدث هو انتصار الدول الأوروبية على الأتراك في معركة “ليبانتي” يوم 7 أكتوبر سنة 1571 في عهد البابا بيوس الخامس. فقد اجتمع المؤمنون يبكون وينوحون في ساحة الفاتيكان لخوفهم من انكسار جيوشهم. طلب منهم البابا آنذاك أن يصلوا السبحة الوردية، ثم دخل غرفته، فركع أمام المصلوب وصلى السبحة الوردية وطلبة العذراء ثم خرج إلى الشرفة من جديد وهتف بالجماهير: “أبشركم بانتهاء الحرب وانتصار المسيحية”.
وعلى أثر هذه الأعجوبة التاريخية أضاف البابا بيوس الخامس إلى طلبة العذراء “يا معونة النصارى”. وبعد سنتين توفي هذا البابا القديس، وخلفه البابا غريغوريوس الثالث عشر. فأضاف إلى الطلبة “يا سلطانة الوردية المقدسة”، وعيَّن يوم 7 أكتوبر عيداً للوردية. ولم تمر على هذه الحرب مئة سنة، حتى أعاد الأتراك الكرَّة بغزو أوروبا الوسطى عن طريق البر. فحاصروا مدينة “فينا” مدة عشر سنين. وكان جان سوبيسكي ملك بولونيا يقود الجيوش الأوروبية المسيحية. فلما رأى الانتصار مستعصياً والسلاح لا يفيد شيئاً، صعد على تلة وصرخ إلى العذراء صراخ النجدة وهو يلوِّح لها بسبحته. وطاف المسيحيون المحاصرون بالمدينة يصلّون السبحة الوردية.
فإذا بالذخيرة تنفذ لدى الأتراك، فيفكون الحصار عن المدينة ويتراجعون… وتنتهي الحرب. وكان ذلك يوم 12/9/1683. وقبل ذلك التاريخ بقليل، كان البابا اينوشنسيوس الحادي عشر قد عمم على العالم أجمع تخصيص شهر مايو لتكريم العذراء مريم. فطلب منه الملك جان سوبيسكي تخصيص شهر أكتوبر بكامله لعبادة السبحة الوردية، واستجاب البابا الطلب. وفي حبرية البابا بندكتوس الرابع عشر (1740-1758) كان مسؤول من المجمع المقدس والطقوس، سئل عن التقليد للقديس دومينيك، والوردية. وفيما يلي رده: “يجب أن تسأل عما إذا كان القديس دومينيك الأول من الوردية، وإثبات أن أنفسكم هي في شرك الحيرة والشكوك بشأن هذه المسألة.
الوردية المقدسة في فكر باباوات روما:
– البابا لاون الثالث عشر(1878-1903): “إن صلاة الورديّة هي عطور ذكيّة ، وقد طلبنا من شعبنا تلاوتها دوما ولا سيّما في شهري نوفمبر ومايو”
– البابا بيوس الثاني عشر(1939- 1958): “إن الوردية هي خلاصة وافية للإنجيل كله”
-البابا يوحنا الثالث والعشرون (1958-1963): “إن صلاة الوردية هي رائعة وعالمية لتلبية احتياجات الكنيسة ، والدول والعالم بأسره”
– البابا بولس السادس(1963-1978) “التأمل في أسرار الوردية… يمكن أن تكون ممتازة استعدادا للاحتفال تلك الأسرار في نفس الإجراءات الطقسية [أي القداس] ويمكن أيضا أن تصبح مستمرة صدى منه”
– البابا يوحنا بولس الثاني(1978-2005): “كم هو جميل أن الأسرة تصلي الوردية كل مساء”.
المسبحة الوردية في فكر قديسيها:
1- ” إن واحِدةً من “السلامُ عليك يا مريم” إذا قيلت جيِّداً، تَهِز جَهَنم تحتَ أقدام الشياطين”. (القديس يوحنا فيانيه خوري آرس)
2- “المسبحة الوردية هي سِلسِلة من “السلام عليك يا مريم” التي بواسطتِها نستطيعُ أن نهزم ونغلب ونحطم جميع شياطين جهنم”. (القديس يوحنا بوسكو)
3- “بسلطان خاص معطى من الآبِ السماوي للمسبحة الوردية في هذه الأيام الأخيرة، أن لا يكون هناكَ مشكِلة شخصية أو عائلية أو إقليمية أو دولية، لا تستطيعُ صلاة المسبحة حلها”. لوشيا (رائية العذراء في فاطمة-البرتغال)
4- “تأتي ممارسة المسبحة مباشرة بعد القداس الإلهي في إنزال نعم أكثر من أي ممارسة أخرى، ويقول “السلام عليكِ يا مريم” تصنَع المسبحة عجائِبَ أكثر من أي صلاة أخرى”. (القديس منصور دي بول)
5- “واحدة من “السلام عليكِ يا مريم” إذا قيلت جيدًا (بانتِباه وتعبد وتواضع) فإنها، بحسب ما قال القديسون، هي العدو الذي يجبر الشيطانَ على الهربِ، وإنها المطرقة التي تحطمه، وإنها قداسة النفس وخصبها، وإنها فرح الملائكة ولحن المخلصين ونشيد العهد الجديد، ومجد الثالوث الأقدس ولذة مريم، وهي القبلة العفيفة المحبة التي نطبعها على وجنتيها”.( القديس لويس ماري غرينيون دي مونفور).
هذا هو الحدث بالتفصيل الذي أوحى إلى الأحبار الاعظمين، ان يكرّموا الوردية، ويخصّصوا لها عيدًا كبيرًا، ثم شهرًا بكامله :
في سنة 1571، كان الاسطول التركي يزحف على ايطاليا، عبر البحر المتوسط ليحتل أوروبا. فاستنجد البابا بيوس الخامس بالدول الأوروبية. واتته النجدة من دول ايطاليا واسبانيا وفرنسا والمانيا والنمسا… ومشى الاسطول المسيحي لمجابهة الاسطول التركي، فالتقى الجيشان قرب جزيرة «ليبانتيا» (من جزر اليونان). وفي 7 تشرين الأول سنة 1571، وصل الخبر إلى «الڤاتيكان»، بان المراكب المسيحية تتراجع وتتشتّت، لان الريح تعاكسها، وان المراكب التركية تتقدم بانتصار. فدبّ الرعب في قلوب الناس، ولجأووا إلى ساحة «الڤاتيكان» يبكون وينوحون، أمّا البابا القدّيس، فأطلّ عليهم من شرفته وقال لهم: «لا تخافوا، قوّوا ايمانكم وليأخذ كل واحد مسبحته وصلّوا الوردية…». ثم دخل إلى غرفته، فركع امام المصلوب وصلّى المسبحة الوردية وطلبة العذراء، ثم خرج من جديد وهتف بالجماهير: «أبشرّكم بانتهاء الحرب وانتصار المسيحية». وبعد بضعة أيام، وصلت إلى «الڤاتيكان» الاخبار بالتفصيل: ففي تلك الساعة بينما كان قداسته راكعًا يصلي المسبحة، والمسيحيون في طريق الانكسار، إذا بالريح تنقلب مع مراكب المسيحيين، منعكسة على الأعداء الذين اخذوا بالتراجع والانهزام. فانتهت الحرب بانتصار المسيحيين في ساعة غير منتظرة.
وعلى أثر هذه الاعجوبة التاريخية، أضاف البابا بيوس الخامس إلى طلبة العذراء «يا معونة النصارى». بعد سنتين تقريبًا، توفي وخلفه البابا غريغوريوس الثالث عشر فأضاف بدوره إلى الطلبة «يا سلطانة الوردية المقدسة». وعيّن السابع من تشرين الاول عيد الوردية. (ومن ثم نقل إلى أول أحد من هذا الشهر). وكان المسيحيون المحاربون في تلك الموقعة، قد غنموا من العدو اعلامًا وبيارق كثيرة، شأن كل الجيوش المنتصرة في الحروب. وبقيت هذه الاعلام محفوظة في متحف «الڤاتيكان»، إلى ان قام البابا بولس السادس، بزيارة تركيا في سنة 1965، فأخذ معه هدية لرئيسها هذه الأعلام كلها.
ومرّ على هذه الحرب مئة سنة، فأعاد الأتراك الكرّة بغزو أوروبا الوسطى في البرّ، وحاصروا مدينة «ڤيينا» مدة عشر سنوات. وكان «جان سوبيسكي» ملك بولونيا، يقود الجيوش الأوروبية المسيحية، فلما رأى الانتصار مستعصيًا، والسلاح لا يفيد شيئاً، صعد على تلّة وصرخ إلى العذراء صراخ النجدة، وهو يلوّح لها بمسبحته.
وطاف المسيحيون المحاصرون بالمدينة، يصلوّن المسبحة، الوردية… فإذا بالذخيرة أخيرًا، تنفذ مع الأتراك فيفكوّن الحصار عن المدينة ويتراجعون… وتنتهي الحرب. وكان ذلك في 13 أيلول 1683. وقبل ذلك التاريخ بقليل، كان البابا «اينوشنسيوس» الحادي عشر، قد عمّم على العالم أجمع تخصيص شهر أيار لتكريم العذراء مريم. فطلب منه الملك «جان سوبيسكي»، تخصيص شهر تشرين الأول بكامله للوردية المقدسة، واستجاب البابا الطلب.
وفي أيار 1917 عندما ظهرت العذراء في بلدة فاطمة (البرتغال) عرّفت عن نفسها قائلةً: ((أنا سيّدة الورديّة ))) داوموا على صلاة الـمسبحة كل يوم..على الناس أن يصطلحوا، ويسألوا الصفح عن خطاياهم …
وكانت عندما تظهر للأولاد الثلاثة في كل 13 من الشهر، ولمدة 6 اشهر متتالية، تردّد بضرورة صلاة المسبحة الوردية يوميًا !!
وقد قالت الأخت لوسيا (إحدى الأطفال الثالث التي اصبحة راهبة فيما بعد):
قد قالت لي العذراء، أن الله يعطي العالم علاجين أخيرين !! هما المسبحة الورديّة المقدّسة والتكرّس لقلب مريم الطاهر !! هذان هما العلاجان الأخيران، ما يعني أنّه ليس هناك علاجاتٌ أخرى !
صلاة الى سلطانة الورديّة:يا سلطانة السماء والأرض، الجالسة فى حضرة الـملك السماوي،إقبلي منـا هذا التكريم، بـمقام القربان الـمقبول لديك ولدى يسوع إبنك،وأرسلي الينا نعمة الغفران الكامل على جميع خطايانا.ووفقينـا أن نخدمك ونعبد إبنك بخلوص الـمحبة والغيـرة، من صميم القلب، بواسطة هذه الـمسبحة الورديـة إلـى النفس الأخيـر، وفى ساعة موتنـا إحضري عندنا أيتهـا الرحومـة الشفوقـة، وأطردي عنـا محافل الجن الخبثاء، ونجينـا من العقوبات الجهنمية والـمطهريـة بما انك حمايتنا. ونورّي عقول الـمسيحيين، وردّي الضالين منّا الى حظيرة الخراف الناطقة، أعنى بيعة السيد المسيحية الحقيقية، الجامعة الرسوليـة، لكى برأى واحد وفم واحد نعظمك ونمجد الثالوث الأقدس. الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلـى أبد الأبديـن. آميـن.
No Result
View All Result