كيف نتغلب على الحزن والضجر؟
تكتبون فتقولون أن الحزن والضجر يعذبانكم، في الوقت ذاته ليس لديكم مشاكل داخلية وانما خارجية وبالتالي ينبع اضطرابكم ونسيانكم من العدو، الذي يناضل بكافة السبل ليقصي السلام من القلوب البشرية، لا تتلوعوا، لا تغضبوا ! استسلموا الى العمل والصلاة. فالاول يطرد الضجر والثانية تقصي الحزن. لا تحزنوا على اي شيء إلا على خطاياكم وتضرعوا الى الله بخشوع قائلين: ” يا رب سامحني !” ان العدو يعذبكم بالحزن الخارج عن حده، وانتم اذن، اهزؤوا به، مختطفين سلاحه ومبطلين اياه عن سلاح مؤذ الى شيء مفيد الى حزن جيد ضمن الحدود على سقطاتكم، الى توبة وانسحاق.
من كتاب إرشادات إلى الحياه الروحية
للقديس ثيوفانس الحبيس.
ماذا يقول الكتاب المقدس بشأن التغلب على الحزن؟
الجواب:
الحزن إحساس يعرفه البشر، كما نشهد التعامل مع الحزن عبر قصة الكتاب المقدس. فقد إختبر عدد من شخصيات الكتاب المقدس الخسارة العميقة والحزن، ومنهم أيوب ونعمي وحنه وداود. وحتى المسيح حزن (يوحنا 11: 35؛ متى 23: 37-39). بعد موت لعازر، ذهب المسيح إلى قرية بيت عنيا حيث كان لعازر قد دفن. عندما رأى يسوع مرثا والآخرين يبكون، بكى هو أيضاً. لقد تأثر بحزنهم وكذلك بحقيقة موت لعازر. الأمر المدهش هنا، بالرغم من معرفة المسيح أنه سوف يقيم لعازر من الموت، إلا أنه إختار أن يشترك معهم في الحزن في ذلك الموقف. فالمسيح هو بالفعل رئيس كهنة قادر أن “يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا” (عبرانيين 4: 15).
من خطوات التغلب على الحزن أن يكون لنا منظور صحيح له. أولاً، يجب أن ندرك أن الحزن هو إستجابة طبيعية للألم والخسارة. فليس هناك خطأ في الشعور بالحزن. ثانياً، نعلم أن أوقات الحزن لها هدف. يقول سفر الجامعة 7: 2 “اَلذِّهَابُ إِلَى بَيْتِ النَّوْحِ خَيْرٌ مِنَ الذِّهَابِ إِلَى بَيْتِ الْوَلِيمَةِ لأَنَّ ذَاكَ نِهَايَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ وَالْحَيُّ يَضَعُهُ فِي قَلْبِهِ”. وتعني هذه الآية أن الحزن أمر جيد لأنه يمكن أن ينعش نظرتنا إلى الحياة. ثالثاً، نتذكر أن مشاعر الحزن مؤقتة. “عِنْدَ الْمَسَاءِ يَبِيتُ الْبُكَاءُ وَفِي الصَّبَاحِ تَرَنُّمٌ” (مزمور 30: 5). توجد نهاية للحزن. فالحزن له هدف ولكن له أيضاً حدود.
الله أمين في كل هذا. وتوجد آيات كثيرة في الكتاب المقدس تذكرنا بأمانة الله في أوقات الحزن. فهو معنا حتى في وادي ظل الموت (مزمور 23: 4). وعندما كان داود حزيناً، صلى بهذه الكلمات في مزمور 56: 8 “تَيَهَانِي رَاقَبْتَ. اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. أَمَا هِيَ فِي سِفْرِكَ؟” وتمتليء صورة الله وهو يجمع دموعنا بمعاني كثيرة. فهو يرى حزننا ولكنه لا يحتقر مشاعرنا. وكما إشترك المسيح في حزن الباكيين في بيت عنيا، كذلك يشترك الله في حزننا. وفي نفس الوقت، يؤكد لنا أن الحزن ليس النهاية. ويذكرنا مزمور 46: 10 أن “نهدأ” ونرتاح في معرفة أنه هو الله. هو ملجأونا (مزمور 91: 1-2). وهو يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين دعاهم (رومية 8: 28).
جزء مهم في التغلب على الحزن هو التعبير عنه لله. يحتوي سفر المزامير على أمثلة عديدة لإنسكاب القلب أمام الله. ومن المثير للإهتمام أن كاتب المزمور لا ينتهي كما بدأ. فقد يبدأ المزمور بالتعبير عن الحزن، ولكن تقريباً في كل مرة، ينتهي المزمور بالتسبيح (مزمور 13؛ مزمور 23: 4؛ مزمور 30: 11-12؛ مزمور 56). فالله يفهم قلوبنا (مزمور 139: 2). وعندما نتواصل معه نستطيع أن نفتح أذهاننا لحقيقة أنه يحبنا وأنه أمين وهو السيد المهيمن وهو يعلم كيف يجعل الأمور تعمل لخيرنا.
خطوة أخرى هامة في التغلب على الحزن هي مشاركته مع الآخرين. إن جسد المسيح مصمم لتخفيف أثقال كل من أعضائه (غلاطية 6: 2)، ويمتلك المؤمنين القدرة على “البكاء مع الباكين” (رومية 12: 15). كثيراً ما يميل الحزانى إلى الإبتعاد عن الآخرين، مما يزيد إحساسهم بالعزلة والبؤس. ولكن من الأفضل طلب المشورة في هذه الحالة، وأحياناً يكون التواجد في مجموعات له فائدة لا تقدَّر بثمن. فتقدم المجموعات آذاناً صاغية وتشجيع ورفقة وإرشاد في التعالم مع الحزن. وعندما نشارك الله والآخرين بما يحدث لنا تقل وطأة أحزاننا.
للأسف، الحزن هو جزء من حياة البشر. فالخسارة هي جزء من الحياة، والحزن هو الإستجابة الطبيعية للخسارة. ولكن لنا الرجاء في المسيح، ونعلم أنه قادر أن يحمل أثقالنا (متى 11: 30). نستطيع أن نعطيه أوجاعنا لأنه يهتم بنا (بطرس الأولى 5: 7). ويمكن أن نجد الراحة في الروح القدس المعزي (يوحنا 14: 16). لهذا، فإننا في الحزن نلقي أحمالنا عليه، ونستند على مجتمع الكنيسة وننغمس في حق كلمة الله وفي النهاية نختبر الرجاء (عبرانيين 6: 19-20).
No Result
View All Result