عيد جميع القديسين وتذكار الموتى المؤمنين
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بعيد جميع القديسين في الأول من تشرين الثاني من كل عام، حيث يجتمع المؤمنون في القداس الإلهي للصلاة من أجل القديسين المعروفين منهم وغير المعروفين وطلب شفاعتهم والتضرع لهم. وفي عام ٨٣٧م كان قد زار البابا غريغوريوس الثالث فرنسا وأدخل هذا العيد فيها وعيّن له اليوم الأول من تشرين الثاني، وتم الاحتفال به في جميع أنحاء العالم.
أما الثاني من تشرين الثاني من كل عام، فقد خُصّص لتذكار جميع الموتى الذي يرفع فيه المؤمنون الصلاة من أجل موتاهم وخلاص الأنفس المطهرية والصلاة لجميع الموتى الذين لا يوجد مَنْ يصلي لأجلهم.
تذكار الموتى
ان تذكار الموتى هذا قد رسمه البابا بونيفاسيوس، كما رسم تذكار جميع القديسين. وذلك لأن المؤمنين الراقدين بالرب، ملتزمين ان يكفّروا عن خطاياهم في المطهر. ولذلك تقدّم الكنيسة، شرقاً وغرباً، الصلوات والقرابين لأجل راحة الانفس المطهرية. فعلينا نحن، قياماً بواجب الرحمة وعرفان الجميل والعدل أيضاً ان نرفع الصلوات ونقدّم القداديس ونصنع الحسنات من أجل الموتى، لأنهم اخوتنا بالمسيح، ولا سيما اذا كانوا من اقربائنا والمحسنين الينا.
فإنَّهم من أعماق مطهرهم يصرخون نحونا: “إرحمونا إرحمونا، أنتم يا أخلاَّءنا فإنَّ يد الله قد مسّتنا” (أيوب 19: 21). و”طوبى للرُّحماء فإنَّهم يُرحمون” (متى 5: 7). فلينفذ صوتُ صُراخهم هذا آذاننا وأعماق قلوبنا لنُسرع إلى نجدتهم. آمين.
إنّ الكنيسةَ لنْ تبلُغَ كمالَها إلّا في المجدِ السماوي. لذلك «ما دُمنا في هذا الجَسَد، نَحْنُ في هِجرَةٍ عنِ الرَّبّ» (2 قور 5: 6) وإذ «لَنا باكورةُ الرُّوحِ نَئِنُّ في البَاطِن مُنتظِرينَ التَّـبَـنِّي، أَيِ افتِداءَ أَجسادِنا» (رو 8: 23)، ونرغَبُ في أنْ نرحَلَ لِنكونَ مع الربّ (فيل 1: 23). إلّا أنّنا قبلَ أنْ نملِكَ معه، سنظهَرُ «أَمامَ مَحْكَمةِ المسيح لِـيَنالَ كُلُّ واحِدٍ جَزاءَ ما عَمِلَ وهو في الجَسَد، أَخَيرًا كانَ أَم شَرًّا» (2 قور 5: 10). فبالإيمانِ ننتظرُ «تَجَلِّيَ مَجْدِ إلهِنا العَظيم ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيحِ» (طي 2: 13) «الَّذي سيُغَيِّرُ هَيئَةَ جَسَدِنا الحَقير فيَجعَلُه على صُورةِ جَسَدِہِ المَجيد» (فيل 3: 21). إلى أن يأتي ذلكَ اليومُ، يُكمِلُ بعضُنا غُربتَـهُم على الأرضِ، والبعضُ وقد أكمَلُوا حياتَـهُم يُطهَّرون، والبعضُ الآخرُ يتأمّلون في وجهِ ﷲ في المجد. إنّما نشتركُ كلُّنا، ولو على درجاتٍ وتحتَ أشكالٍ متنوِّعةٍ، في المحبةِ نفسِها لله وللقريب. لذا أحاطَتِ الكنيسةُ بتقوًى كبيرة ذِكرَ الموتى وذلكَ منذُ العصورِ المسيحيةِ الأولى وقدَّمَتْ عنْ نيَّتهِم التقادِمَ «لأنَّ فكرةَ الصلاةِ لأجلِ الموتى كي يَخْلُصوا من خطاياهُم هي فكرةٌ مُقدَّسَةٌ تَـقَوّية» (2 مك 12: 45). فذبيحةُ المسيحِ الإفخارستيّة تُسعِفُ إخوتَنا هؤلاء لكي يُطَهَّروا من كلِّ شائبة ليتنعّموا بمجد ﷲ. (رَج. المجمع الڤاتيكاني الثاني، “نور الأمم”، 48-49).
عيد جميع القديسين وعيد الهالوين
يقع لُبس ما بين عيد جميع القديسين وعيد الهالوين، حيث جرى في العصور الوسطى تحريف اسم عيد جميع القديسين، الذي كان يُعرف باسم “All Hallow’s Eve”، أي عشية جميع القديسين، ليصبح “Halloween” وهو عيد الهالوين المعروف بصيغته اليوم، حيث يقتني الأشخاص فيه لباسًا تنكريًا ليتشبهوا بالشخصيات الشيطانية المرعبة والساخرة، ويتداولون الروايات حول وجود الأرواح الشريرة، وتعرض العديد من صالات العرض أفلام عن الهالوين، منها للبالغين وللأطفال، وكما يتم بيع الألعاب والدمى والحلويات المرتبطة في العيد.
وفي احدى عظاته، تحدث البابا فرنسيس عن تاريخ العيد المرتبط بالوثنيين، حيث كان يحتفل به شعب امبراطورية السلت، وهم أبناء حضارة السلتيون من القبائل البدائية التي عاشت وحكمت منطقتي وسط وشمال غرب القارة الأوروبية عام ٧٠٠ قبل الميلاد، الذين كانوا يعتقدون أن أرواح الموتى تجوب الأرض والتي يجب على الأحياء إرضاؤها لتجنب الأذية. ولتمثيل هذا الطقس، كان الناس يزورون البيوت، متمثلين في الأرواح، طالبين ارضائهم عن طريق طلب المال، كما وكان يتم تقديم تضحيات بشرية في تلك الليلة.
وتسائل البابا: “كيف يمكن للمسيحيين الاحتفال بعيد الشيطان؟ وقد جاء المسيح كي يخلّصنا من حضوره القاتل للروح؟ وحث البابا على تعليم الأبناء عن القداسة والسماء واقتناء ملابس النعمة لا ملابس الشيطان، وأن يتطبعوا بها حتى تصبح طبيعية، وتذكيرهم في جوهر إيماننا في الله والكفر بالشيطان وجميع أعماله. من الضروري أيضاً أن يتم تذكير الأبناء والمجتمع بأصول العيد المسيحية، وهو عيد جميع القديسين، وهو مناسبة للأهل، الذين اختاروا إعطاء أبنائهم وبناتهم أسماء قديسين وقديسات عند نيلهم سر المعمودية المقدس، أن يتحدثوا عن هذه الأسماء.
إن عيد جميع القديسين هو إحتفال كنسي أما الهالوين فهو مناسبة تم الترويج لها لأسباب تجارية. تحث الكنيسة جميع المؤمنين عدم الخلط بين المفاهيم، وإدخال عادات العالم إلى الكنيسة المقدسة، وعدم الترويج لبعض الأفكار الوثنية في عيد خصصته الكنيسة للصلاة.
No Result
View All Result