
هذا العيد يَخُصُّنا…
وَضَعَتِ الكنيسةُ صومَ الميلادِ بِقَصدِ الاِستعدادِ لِلِقاءِ المسيحِ الربِّ المولودِ الآتي لخلاصنا، فنصومُ لِتَجديدِ حياتِنا الروحيَّة.
صوم الميلاد هو أن نتحضّر بالتوبة وتبييض الثياب لاستقبال الملك المولود، نستقبله بزينة النفس فنذوق وننظر طيبته ونرتّل “المسيح وُلد فمجّدوه واستقبِلوه”، فهل ندرك أنّ صومنا هو إعداد وتحضير وتهيئة لاستقبال السيّد في مذود قلوبنا؟! وهل عرفنا أنّ صومنا هو تحضير كي يأتي ويحلّ فينا؛ فيجد مكاناً في مذودنا ليستريح ويُولد فيه؟!
صومنا ينبّهنا إلى أنّ الميلاد ليس مجرّدَ قصَّةِ ولادة ملك ملوك الأرض كلِّها؛ بل هو دفعٌ جديد لاِتِّحادنا والْتِصاقنا به اليوم وغداً.
فقصّة الميلاد شيء هامّ، والميلادُ، مِن حيثُ هو تجسُّد، دائمُ الأهمِّيَّة… ميلاد الكلمة المتجسّد هو خلاص وحوار وصلاة ولقاء وتجاوب مستمرّ، هو نطق وعقل لحياةٍ لا تنتهي.
لقد جاء (لتكون الحياة لنا أفضل) في جدّة النور والفرح والحقّ والعدل والحرية والسلطة، وليكون الأصغر كالأكبر والمتقدّم كمثل الخادم، وليكون لصُّ اليمين أعظمَ مِن”بيلاطس”، و”بطرسُ” الصيّاد أعظمَ مِن “أفلاطون”، و”يوحنّا المعمدانُ” أعظمَ مِن “هيرودس”، و”بولسُ” أقوى من”نيرون”؛
لأنّه جاء ليرفع البائسَ والمسكين والفقير والمزدرَى مِن مَزابلِ هذه الدنيا وترتيباتها الطبقيَّة؛ مؤسِّساً ملكوتاً لا يتزعزع؛ ملكوتاً لا يضمّ المستكبرين ولا الشتَّامين ولا الظالمين ولا القتلة والطمّاعين؛ ملكوتاً لا يعرف العداوة والتمييز والعنصريّة والشرّ.
إنَّنا نصوم لنُعيّد في عيد الميلاد بمجيء الله إلى الإنسان، لكنّنا بالأحرى نعيّد لعودتنا إليه. لقد جاء إلينا مسيحُنا؛ فكيف نحن نأتي إليه؟!
لنجتهد في صومنا ليكون بمثابة إعلان رغبتنا بالرجوع والعودة إليه؛ ولنستقبله لأنّه تجسّد على أرضنا كي يرفعنا كخليقةٍ مستعادة.
لأنّ هذا العيد يخصّنا…
No Result
View All Result