افرحوا في الربّ دائماً
يتساءل القدّيس باسيليوس الكبير ” كيف يمكننا أن نحيا كلمات القدّيس بولس الرسول” افرحوا دائماً؟
فالعالم ملآن بالصعاب والاِضطرابات. ونفوسنا متعلّقة بأمور الدنيا. نعم يستحيل أن نعيش الفرح ونحن متعلّقون بأمور الدنيا المتقلّبة.
الأفراح العالميّة تأتي من الغنى، الصحّة، السلطة، الملذّات …. وهذه لا تدوم، ويتبعها الحزن على فقدانها. لكن الفرح الحقيقيّ هو الفرح الروحي الذي يأتي من خوف الله.
الفرح هو عنوان بشارتنا (بشرى سارّة = الإنجيل). لكنّ العالم مضطرب ونحن نعيش في العالم. لقد أنبأنا الربّ يسوع قائلًا: “إنّكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح.. لكنّ حزنكم يتحوّل إلى فرح” (يوحنا 16: 20). وأيضاً “طوبى للحزانى فإنّهم يُعزَّون ” (متى 5: 4).
دواعي الفرح الحقيقيّة هي بحسب القدّيس باسيليوس:
1-التأمّل بالله، لهذا يقول المزمور: “يَلَذّ له تأمّلي وأنا أفرح بالربّ” (مزمور 104: 35). التسبيح هو منتهى الشكر والفرح. يمتلئ كتاب المزامير بعبارات الفرح النابعة من تسبيح الربّ. يقول بطرس الرسول: هذا الإيمان وهذه البهجة يتحقّقان في الصلاة والتسبيح حيث الله غير المرئيّ يصير حاضراً.
2- التأمّل بالخليقة، التي تمثّل عناية الله، الذي أقامنا بمنزلة ملك على كلّ البرايا، وهو أمر يدعونا للثقة بالحبّ الإلهيّ وبمقام الإنسان الرفيع وكرامته في عين الله. إنّ الخيرات العديدة التي يهبها الله لنا بغنى تملأ قلوبنا فرحاً.
3- بهجة الحياة الجماعيّة تعطي الكثير من الفرح، خاصّةً عندما تكون في صيغة الإخوة، ما أجمل وما أحلى أن يسكن الإخوة معاً. هذا ما نراه في الأديار حيث الأخ يساند أخاه فيصيران مدينة حصينة. وهذا ما نراه أيضاً في حياة الرعايا بنشاطاتها وجمعياتها.
4-العبادة، بطقوسها الجماعيّة وبأعيادها وليتورجيتها هي الإطار الأجمل لعيش المؤمنين أفراحهم جماعيّاً. فَرِحتُ بالقائلين لي إلى بيت الربّ نحن ذاهبون. (مزمور 1:102).
5- الأمانة الشخصيّة والتزام حياة الفضيلة تَهَبُ القلبَ سلاماً وَمِن ثَمَّ فرحاً. فحياة الفضيلة الحقيقيّةُ هي استشهادٌ يوميٌّ، وأتعابُها تعطي الفرح، بينما حياة العالم تعطي الحزن.
“افرحوا بالربّ دوماً”: كلماتٌ تعني لنا في كلّ ظرف شيئاً. فهي تعني صلّوا بلا انقطاع، وتعني تمجيد الربّ في خليقته وعنايته بنا، وتعني أحبّوا بعضكم بعضاً، وتعني ليس حبٌّ أعظم من هذا أن نبذل أنفسنا عمّن نُحِبُّ من إخوتنا.
وتعني أيضا أن نعمل من أجل اسم يسوع حتّى الموت استشهاداً إن اقتضى الأمر، أو التعب كَمَوتٍ يوميّ. وأخيراً سيكون فرح عظيم في السماء حيث سيجتمع الكلّ حول الحمل المذبوح من أجلنا، فرحنا لا يكتمل إلّا باكتمال الحضرة الإلهيّة.
No Result
View All Result