عظام قوية للكتاب المقدس – الشيخ كليوبا إيليا من كتاب “في إيماننا”

عظام قوية للكتاب المقدس

“يحوي الكتاب المقدس مقاطع غير قابلة للإجابة، أو كما يقول القديس غريغوريوس النيصصي: “عظام قوية”. البعض يحب أن يكسر عظام الكتاب المقدس بأسنان حكمته، وهو ما يزال في حالة لا تسمح له إلّا بشرب الحليب. وغنيّ عن القول إن الأمر لا يصلح هكذا أبداً. فكلّ الذين رغبوا بأن يغطسوا في أعماق الكتاب المقدس قد غرقوا في محيطه الذي لا يُسبَر غوره، أعني محيط حكمة الله. هذا كان نصيب أوريجنس وآريوس ومكدونيوس ونسطوريوس وسابيليوس وديوسقوروس وأوطيخا وجميع زعماء الهرطقات القديمة الذين ابتلعهم بحر الكتاب المقدس العميق الغور. إنّ غور الكتاب المقدس وعمقه ليسا هما سبب سقوطهم وغرقهم، وإنما هم أنفسهم بسبب عدم أهليّتهم الكافية، غرقوا في أعماق أسرار الكتاب. يُشبه الكتاب المقدس نبعاً لا ينضب أو نافورة مستمرّة، من حكمة الله التي يجب أن نمتلكها ونشارك فيها بحسب مستوى قامتنا الروحيّة، تماماً كما أنّنا نأخذ الماء من البئر بواسطة الدلو، ومن ثم نفرغه في إبريق، وبعد ذلك نملأ كأساً حتى نروي عطش جسدنا، هكذا يجب علينا، لكي نروي عطشنا الروحي، من الكتاب المقدس.

ولنتكلّم روحيّاً، إذا سحبنا ماء من البئر أكثر من قدرتنا على الشرب، بداعي كبريائنا وكثرة أسئلتنا وتدقيقنا فسوف ندمّر محاولتنا للقبض على ما لا يُستوعَب بمَلَكاتنا البشرية المحدودة. ولنضرب مثالاً، إذا شاهدنا ولداً من الصف الأوّل الابتدائي يحاول التعلّم من الآخرين وتعليمهم، ما يُعلَّم في الجامعة، فكم سنضحك منه ويصير تسلية لنا! ما يحدث للذين يرغبون بتدقيق وتفكيك أسرار الكتاب المقدس التي تفوق الإدراك بعقولهم غير المختبرة وغير المستنيرة بالروح القدس”.

(الشيخ كليوبا إيليا من كتاب “في إيماننا”، ص ١٢٦-١٢٧)
☦️مجموعة مواضيع عقائدية وروحية☦️