كنيسة “آنا” الأرمنية في إدلب
اليعقوبية قرية سورية ضمن ريف محافظة ادلب تقع شمال غرب سوريا، تبعد عن مدينة حلب 140كم وعن دمشق العاصمة 385كم، وترتفع عن سطح البحر 480م.
أصل القرية سريانية وسمية باليعقوبية نسبتاً ليعقوب البرادعي الذي كان صاحب مذهب من مذاهب الديانة المسيحية. سكانها غالبيتهم من الأرمن ويتكلمون العربية والأرمنية، ويتبعون المسيحية، من بعض القرى والمدن المحيطة بها نذكر: جسر الشغور، دركوش، حمام الشيخ عيسى، القنية، والغسانية.
تقول المعلومات أن تلك المنطقة كانت تضم عدد كبير من القرى الأرمنية في القرن الثاني عشر لكن لم يبقى من تلك القرى حاليا سوى ثلاثة وهي: كسب (التي تحولت إلى بلدة) واليعقوبية والغنيمية. في العام 1929 وبجهود من الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية وبمساهمة من بطريركية الأرمن في حلب تم بناء مدرسة أرمنية في القرية لتعليم الأطفال الأرمن اللغة والثقافة الأرمنية إلى جانب الإهتمام باللغة العربية.
الكنيسة التي تتميز بطابع أثري فريد ورمزية روحية خاصة
استقبلت كنيسة آنا اليعقوبية التابعة لأبرشية حلب وتوابعها للأرمن الأرثوذكس في ريف مدينة جسر الشغور شمالي إدلب بسورية أول رحلة حج بعد انقطاع نحو 14 عاماً بسبب الحرب. وقالت مطرانية الأرمن الأرثوذكس لأبرشية حلب وتوابعها: “توافد الحجاج إلى اليعقوبية من كل من حلب واللاذقية وكسب في ريف اللاذقية في هذه الرحلة، وأقيم قداس وصلوات داخل الكنيسة”.
وتابعت: “بعد سنوات من الانقطاع، أقيم أول قداس في كنيسة آنا اليعقوبية برعاية المطران ماكار أشكاريان في حضور أهالي قرية اليعقوبية القادمين من حلب واللاذقية وكسب، وترأس القداس نائب المطران في وكالة الجزيرة الأرشمندريت ليفون يغيايان”.
وكانت كنيسة آنا اليعقوبية ودير الراهبات التابع لها احتضنت عشرات نازحين من أنحاء محافظة إدلب، بعد حملات النزوح التي نتجت من القصف والهجمات في محافظة إدلب ومحيطها شمال غربي سورية، وأعيد افتتاحها أمام المؤمنين المسيحيين عام 2022 لإقامة صلواتهم فيها.
وتعتبر كنيسة آنا في اليعقوبية واحدة من أقدم وأعرق المعالم المسيحية في سورية، وتتميز بطابعها البنائي الفريد الذي يعكس عمق الحضارة المسيحية في محافظة إدلب. ويُعتقد بأنها بُنيت عام 1380 ميلادياً. وبحسب الكتابة الموجودة على بابها فقد رُممت عام 1914 ثم جرى تحديثها مرات.
وعام 1976 وُضعت نافورة القديسة آنا في الباحة، وعام 1995 جرى ترميم الكنيسة مجدداً وتزيين الهيكل والمائدة المقدسة. ويوجد في الدير جرن عمادة وناقوس.
دير القديسة آنا في اليعقوبية:
وفق التقاليد الشعبية يعتقد أن هذه الكنيسة مهداة الى السيدة آنا وهي والدة يهوذا المسمى باسم الاسقف كوريغ والتي استشهدت في القرن الرابع للميلاد في القدس. ويحكى ان الملكة هيلانة عندما قدمت الى القدس بغية البحث عن الصليب الذي صلب عليه يسوع المسيح فان يهوذا وامه آنا هما اللذان ساعدا الملكة على اكتشاف الصليب ومن ثماعتنقا المسيحية فرسم يهوذا اسقفاً وسمي باسم كوريغ.
ولما دخل الامبراطور الروماني جوليان المرتد مدينةالقدس بدأ باضطهاد المسيحيين وفي مقدمتهم الاسقف كوريغ, فقد امر الامبراطور بقطعيده اليمنى وصب الرصاص المنصهر على جسمه وفي فمه الى ان قتله بالرماح . خضعت السيدةآنا للتعذيب فقد علقوها من شعرها وجلدوها الى ان فارقت الحياة.
بنيت كنيسة القديسة آنا في بداية القرن الخامس على يد الملكة هيلانة في طريق عودتها من القدس واهدت اسمها الى السيدة آنا التي استشهدت على يد جوليان المرتد وكان يسكن المنطقة السريان وسكن الأرمن المنطقة في عام 1046م وما زالوا حتى يومنا هذا, وتدل اللقى الاثرية على ذلك. البعض منها موجود في كنيسة اللاتين بالقنية وبحسب سجلات القدس بنيت ككنيسة أرمنية في عام 1320م وفي عام 1722 ضرب المنطقة زلزال مدمر المنطقة فقوض الكنيسة وهدم بيوت القرية فهرب سكان القرية من التلة التي كانت مقامة عليها الكنيسة الى التلة المقابلة وبنوا هناك كنيستهم التي اسموها تيوطوروس والمقبرة في عام 1770 واهملت كنيسة القديسة آنا وبقيت خربة صغيرة من الاتربة والاحجار المتراكمة حتى عام 1814 معندما شاهد سكان القرية ضوء يشع وينبعث من فوق الخربة فدهشوا ثم ادركوا ان المكانمقدس فأسرعوا الى بناء الاسوار حوله ثم قاموا بالترميم وبناء السقف فغدت هذهالكنيسة المتواضعة محط انظار المؤمنين في المنطقة كلها إذ كانوا يحجون اليها ويصلونفيها.
وفي عام 1914م رممت الكنيسة قبل الإبادة الأرمنية من قبل السلطة العثمانية بعام وفي عام 1995م رمم المذبح بكامله وهي تعد من اهم الكنائس واجملها لا في المنطقة فحسب بل في سوريا كلها وفي هذا العاماي في عام 2005م تم ازالة الاسمنت من على حيطانها واعيدت الى ما كانت عليه بعام 1814م بتبرعات المحسنين بانوس وحاجي ماري وكارو واني باموقيان .
مرتبط باسم كنيسة القديسة آنا الكثير من الاعاجيب وكثيرين من سكان اليعقوبية وضواحيها كانوا الشهود العيان لحوادث ومعجزات تمت وما زالت تتم في الكنيسة.
“عيد القديسة آنا” فيها، بعد أن كان يُحتفل به لسنوات في مدينتي حلب وكسب شمالي اللاذقية. ويُقام في آخر أحد من شهر آب، إذ اعتاد أبناء طائفة الأرمن الأرثوذكس في عموم سوريا التوافد إلى كنيسة “القديسة آنا” لإحياء العيد وممارسة طقوسه الدينية.