ساعة سجود
خميس الأسرار
يا يسوع،
في مساء حبٍّ لا يُنسى، جلست إلى المائدة مع أحبّائك،
وفي قلبكَ علمتَ أن ساعة الفداء قد اقتربت.
فأخذت خبزًا وباركت، وقلت:
«هذا هو جسدي… هذا هو دمي…»
يا من وهبت ذاتك لنا طعامًا وشرابًا،
علّمنا أن نعيش هذا السرّ كل يوم،
أن نكسر ذواتنا بمحبة، وأن نسكب قلوبنا غفرانًا.
يا يسوع، في ذلك المساء،
جثوت عند أقدام تلاميذك وغسلتها،
وغمرت التراب بالنعمة، والضعف بالحنان.
فامنحنا، يا معلّم التواضع، أن نتعلّم أن نحب كما أحببت،
وأن نخدم دون تذمّر، وأن ننحني لبعضنا كما انحنيتَ لنا.
يا ربّ،
نصلّي من أجل كهنتك،
الذين حملوا سرّك وخبزك ودمك،
ثبّت قلوبهم، وطهّر نواياهم،
واجعلهم على مثالك رعاة بحسب قلب الله.
وفي هذه الليلة، حيث دخلتَ بستان الألم،
اجعلنا لا نغفو كالتلاميذ، بل نسهر معك بالصلاة،
ونقول معك:
“لتكن مشيئتك، لا مشيئتي.”
يا مَن أحببتَ إلى المنتهى،
اجعلنا نحبّك إلى المنتهى.
آمين.
١- يسوع في بستان الزيتون
في ظلمة البستان، حيث لا أحد يراه،
يسوع، الحبيب، جاثٍ، قلبه يئنّ، والعرق كدم يتصبّب.
وحيدٌ، لكنّه يصلّي…
تلاميذه ينامون، أما هو فيسهر لأجلهم… ولأجلنا.
في تلك اللحظة، لم يكن الألم فقط في الجسد،
بل في ثقل خطايا العالم التي يحملها في قلبه.
هو الذي لم يعرف الخطيئة، صار “خطيئة” من أجلنا،
لكي نحيا نحن في نعمة لا نستحقها.
قال للآب:
“إن شئت، فاصرف عنّي هذه الكأس”…
يا لعذوبة هذا الصراع بين الطبيعة البشرية والطاعة الإلهية!
لكن يسوع ختمها بالكلمة الأسمى:
“لكن لا مشيئتي، بل مشيئتك.”
في بستان الزيتون، يسوع يعلّمنا الصلاة وقت الضيق،
يعلّمنا السجود لا التذمّر، الصمت لا التمرّد،
يعلّمنا أن نثق، حتى حين تصير الحياة كأسًا مرّة.
صلاة
يا يسوع الحبيب،
في بستان الزيتون، كنت ساهرًا لأجلنا،
وها نحن في غفلتنا لا نعي عمق حبك.
علّمنا أن نصلّي لا أن ننام،
أن نسهر معك ساعة، أن نشاركك الألم،
أن لا نهرب حين تقترب الساعة.
نصلّي، يا رب، من أجل كل نفس تائهة،
لكل من ضلّ طريقك، وغرق في ليل الخطيئة.
أنظر إليهم بعين الرحمة،
وأرسل إليهم ملاكك كما جاء إليك ليشدّدك.
وبشفاعة أمنا مريم العذراء، ملجأ الخطأة،
أعدهم إلى قلبك، كما أعدتنا بصليبك.
أعطنا يا رب أن نكون معك، لا عليك،
أن نكون ساهرين في بستان حبك، لا نائمين في فتور العالم.
آمين. (أبانا، السلام، المجد)
“إليك يسوع أتوق”
1- إليكَ يسوعُ أتوقُ، أرتَمي بينَ يَدَيْكَ
كطفلٍ صغيرٍ أريدُ، أن أعبدَ وجهَكَ (2)
أنتَ يا ربُّ قُوّتي، خلاصي وَنشيدي
أُرنِّمُ لكَ يا فرحي، يسوع أنتَ رجائي
2- إليكَ أرفعُ قلبي، أَضَعُ فيكَ ثِقَتي
راحتي أنتَ إلهي، وقلبُكَ مَسْكِني
3- قِدِّيسة يَومًا سأكونُ، أُنْشِدُ في السَّماء مَجْدَكَ
على العالمِ أَجْمَعِ أريدُ، أن أنْثُرَ وُرُودَ حُبِّكَ (2)
٢- يسوع في لحظة القبض عليه
في تلك اللحظة المظلمة، حيث كانت السماء تتلبد بالسحب والقلق يملأ المكان، جاء يهوذا ليلتقي بيسوع، ليس بقبلة محبة، بل بقبلة خيانة.
يسوع الذي كان يعلم كل شيء، لم يهرب، لم يتراجع، ولم يدافع عن نفسه. بل نظر إلى يهوذا في عينيه، وقال له:
“أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟”
يا له من مشهد مؤلم، مؤلم ليس لأن يهوذا خان، بل لأن يسوع اختار أن يبقى أمينًا لمحبته.
يسوع لم يقاوم، ولم يشتم، بل قال: “دعهم! كفى!”. لم يدافع عن نفسه، بل كان يختار أن يشفي الآلام التي يتسبب فيها آخرون، كما فعل مع الأذن المقطوعة.
هو الذي يمكنه أن يقلب الأمور رأسًا على عقب، لم يتشبث بالقوة بل اختار السكون، لأنه كان يعلم أن هذه هي ساعة الظلام، ساعة الخلاص.
يسوع الذي عاش بين الناس، في الهيكل، وفي الطرقات، وعاش بينهم، كان يُعامل الآن كما لو كان لصًا أو مجرمًا.
كان واضحًا في كلامه: “كنت كل يوم معكم في الهيكل، فلم تبسطوا أيديكم إلي، ولكن هذه ساعتكم! وهذا سلطان الظلام.”
كانت تلك هي اللحظة التي فيها سيتحقق الخلاص، لحظة الظلام التي سيضيئها النور.
صلاة
يا يسوع الحبيب،
في بستان الزيتون، وقبل أن تسلّم نفسك للخيانة، رأيناك تحمل حبًا لا يحدّ، رغم الألم والخذلان.
تركتَ لنا دروسًا عميقة في الطاعة والصمت، دروسًا في المحبة التي لا تعرف الخيانة، رغم أن الآخرين قد خانوا وتركوك.
يا رب، في تلك اللحظة التي سمحت فيها للظلام أن يحل، كنت تعرف أن نورك سيشرق من قلب الألم.
نصلّي إليك من أجل كل من يمر في صحراء الإيمان، من يواجه فتور الحياة الروحية، من يشعر وكأن الظلام قد غطى قلبه، فتوقد فيهم نار روحك القدوس، وتعيد لهم نسمات الحياة.
أرسل إليهم شفاؤك كما شفيت الأذن المقطوعة، ليعودوا إلى محبة قلبك، ويتابعوا طريقهم بقوة إيمانك.
بشفاعة أمنا مريم الحبيبة، شفيعة الكنيسة، نتوسل إليك: اجعلنا أمناء لرسالتك، مهما كانت التحديات، ومهما كانت خيبات الأمل، لكي نكون نوارًا للعالم كما كنت أنت.آمين. (أبانا، السلام، المجد)
“يا يسوع صوتك سمعنا”
يا يسوع صوتك سمعنا
وحواليك تجمّعنا
عَلى طول بتضلّك معنا
وبقربك بتجمعنا
نقّيت اتنعشر تِلميذ
وإنتَ عم بتنقّينا
هالعمر بقربك لذيذ
بقربك ربّي خلّينا
وحدك إنتَ بتكفينا
يا يسوع مِتِل ما وصَّيت
نِحنا الحبّ رسالتنا
كرمالك تركنا أهل وبيت
وجينا لعندك كِليتنا
من قلبك عم نغرُف حبّ
ومن روحك عم تِسقينا
لمّا نارك فينا تهب
وبالمحبّة توصّينا
وين ما بدّك ودّينا
بآخر ليل سهرة مع يسوع
وصّى تلاميذو وصيّة
وقلبو الأصفى من الينبوع
فاض محبّة وحنيّة
يا تلاميذي بدّي الحبّ
يهبّ بهالعالم كَلّو
ويللي ما في عِندو قلب
حطّولو قلبي محلّو
ومحبّة حقيقيّة
٣- في حوار يسوع أمام المحكمة
نتأمل في الحوار الذي جرى بين يسوع ورؤساء الكهنة والشيوخ في محكمة اليهود. إن السؤال الذي طرحه قادة الشعب على يسوع كان سؤالاً محوريًا: “إن كنت المسيح فقل لنا!”، كان هذا السؤال تحديًا كبيرًا، لأنهم لم يسألوه من باب البحث عن الحقيقة، بل من باب التمحيص والتشكيك في سلطانه.
يسوع، الذي كان يعرف ما في قلوبهم، أجابهم بهدوء وثبات قائلاً: “لو قلت لكم لما صدقتم، ولو سألتكم لما أجبتم.” هذه الكلمات تعكس حقيقة إيمانية عميقة: أن الحقيقة لن تكون واضحة للذين لا يريدون أن يروا. وبهذا الرد، لم يقدم يسوع لهم إجابة مباشرة، بل كشف عن عجزهم في رؤية الحق كما هو.
ثم عندما سألوه مرة أخرى: “أفأنت ابن الله إذا؟”، أجابهم يسوع قائلاً: “أنتم تقولون إني هو.” وهكذا أكد لهم حقيقة هويته الإلهية، لكنه لم يجادلهم، بل تركهم في مواجهتهم مع ما كانوا قد سمعوه منه.
يسوع في هذا الموقف يُظهر لنا سمة من سمات القيادة الحقيقية: الثبات في الإيمان، وعدم الاستجابة للمكائد. كما أنه يُظهر لنا كيف يمكننا أن نكون صادقين في شهادتنا للحق حتى في أصعب الظروف. هذا الموقف يعكس لنا كيف يمكن أن يواجه المؤمن تحديات ومواقف صعبة، حيث يُستجوب أو يُتساءل عن إيمانه. مثل يسوع، يجب أن نكون ثابتين في إيماننا، وأن نتبع الحقيقة حتى في أوقات الاضطهاد أو التشكيك. علينا أن نتمسك بما نؤمن به، وأن نعرف أن الحقيقة لا تحتاج إلى جدال أو دفاع بل تحتاج إلى حياة واضحة وثابتة. كما علمنا يسوع، فإن الثبات في الإيمان والتمسك بالحق هو ما يقودنا إلى الانتصار.
صلاة
يا رب، نصلي من أجل كنيستك المقدسة التي بنيتها على بطرس والرسل الاثني عشر. اجعلها دائمًا منارة للحقيقة، وقوة في الإيمان، ومثالاً للشهادة لك في هذا العالم. باركها بكلمتك المقدسة، وامنحها نعمة الاستمرار في نشر المحبة والخلاص.
بشفاعة أمنا مريم العذراء، سلطانة الرسل، احفظ كنيستك وأبناءها، وامنحهم القوة في مواجهة التحديات، والقدرة على أن يكونوا شهودًا صادقين لحقك في كل زمان ومكان. آمين. (أبانا، السلام، المجد)
“في سرِّ القربانِ”
لازمة: في سرِّ القربانِ
ربّي معي مدى الأزمان
1- يا سرًا سامي المقامْ
يَسوعُ صارَ طعامْ
ابنُ اللهِ في القربانْ
كإلهٍ وإنسانْ
2- يوم خميس الأسرار
عند آخر النهار
أمام الاثني عشر
خبزًا بارك وكسر
3- ثمَّ أعطاهم وقالْ
قولًا يَسحقُ الضلالْ
هذا هو جسدي
خُذوا كُلوا من يَدي
4- لمّا جاء دور الخمر
بعد العشاء والشُكر
قالَ: اشربوا يا قَومي
فهذا هو دِمي
5- يسوعُ مَلِكَ المجدِ
مَدَى الدهرِ لكَ الحمدْ
ليتَكَ ضِمنَ القلوبْ
من كُلِ الكون محبوبْ
٤- يسوع يقتاد إلى بيلاطس في دار الولاية
نرى يسوع يُقاد إلى بيلاطس، واليهود في تلك اللحظة يتهمونه زورا. وتبدأ التهم بأن يسوع “يفتن الأمة” ويعترض على دفع الجزية لقيصر، كما أنهم يتهمونه بأنه يدعي أنه ملك اليهود. بيلاطس، الذي لم يجد في يسوع أي ذنب يستحق العقاب، سأل يسوع قائلاً: “أأنت ملك اليهود؟” فأجابه يسوع بهدوء، “هو ما تقول.” لم ينكر يسوع هويته، لكنه لم يصرح بها بشكل مباشر، بل ترك الرد موجهًا إلى قلب السائل.
لم يكن يسوع يبحث عن الدفاع عن نفسه أو تبرئة ذاته أمام السلطة، بل كان يعلم أنه يسير نحو هدف أعظم، هدف الفداء والخلاص للبشرية. ردة فعله الهادئة في مواجهة الاتهامات، وخياره الصمت أمام الحكم الجائر، يعكسان لنا معنى العطاء الكامل في سبيل محبة البشر والخلاص.
يسوع هنا يُظهر لنا كيف يمكن للمؤمن أن يواجه الاتهامات والظلم بصبر، وأن يكون أكثر تركيزًا على الرسالة التي يود أن ينقلها بدلًا من الانشغال بالدفاع عن نفسه.
في هذا الوقت، يسوع لا يدافع عن شخصه بل يركز على تقديم محبة الله للعالم، ولو كان ذلك على حساب معاناته الشخصية. في حياتنا اليومية، قد نتعرض أحيانًا للتشويه أو الاتهام ظلماً. يسوع، الذي لم يقاوم الظلم بكلمات الدفاع عن نفسه، يعلّمنا أن نبقى صامتين أمام التهم غير العادلة ونثق في الله. إنه يذكرنا بأهمية عدم التركيز على أنفسنا، بل على الرسالة التي نحملها في حياتنا، وأن نعيش حسب مشيئة الله، حتى لو لم يفهمنا الآخرون أو اتهمونا خطأ. كل واحد منا يمكن أن يكون شاهدًا للحق كما فعل يسوع، فيكون حاضرًا في الظلام ليضيء العالم بحبه.
صلاة
يا رب، نصلي من أجل كل القائمين على خدمة مذابحك، من أحبار وكهنة وشمامسة، ليكونوا دومًا مثالًا في الخدمة المتواضعة والمخلصة. امنحهم نعمة أن يقتدوا بك، في كونهم خدامًا متواضعين، وأن يعملوا على تدبير بيعتك بسلام وحكمة.
بشفاعة أمنا مريم العذراء، سلطانة الآباء، امنحهم القوة في تأدية رسالتهم، ليكونوا مثلها في طاعتهم لمشيئة الله وحبهم للآخرين. آمين. (أبانا، السلام، المجد)
“يا روح المسيح”
يا روحَ المسيحْ قدِّسيني
يا جسدَ المسيحْ خلِّصْني
يا دمَ المسيح أسكِرْني
يا ماءَ جنبَ المسيح إغسلني
يا آلامَ المسيح قوّيني
يا يسوعَ الحنونْ إستجبني
وفي جِراحاتِكَ خبِّني
ولا تَدعني أنفصلُ عنكْ
ومن العَدُوِّ الخبيثِ احمِني
وفي ساعةِ موتي ادْعُني
ومُرْني بِأن آتي إليكْ
لأُمَجِّدَكَ معَ القديسينْ
الآن وإلى دهرِ الداهرينْ. آمين
٥- صمت يسوع أمام هيرودس
يسوع يُقاد إلى هيرودس بعد أن لم يتمكن بيلاطس من إيجاد سبب للحكم عليه. هيرودس، الذي كان يتمنى أن يرى يسوع، شعر بسعادة كبيرة لأنه أخيرًا حصل على الفرصة ليراه ويختبر معجزاته. ولكنه في النهاية لا يرى في يسوع سوى شخص عادي أو حتى مصدر للتسلية، ويبدأ يسخر منه مع جنوده، بينما يسوع يظل صامتًا تمامًا.
إن صمت يسوع أمام هيرودس هو درس عميق لنا. فهو يعلم أن كل ما يحدث له هو في مشيئة الله، وأنه لا حاجة للدفاع عن نفسه أمام من لا يطلب الحقيقة. هيرودس كان مهتمًا بالمعجزات والآيات أكثر من اهتمامه بالحقيقة نفسها. وبدلاً من أن يُظهر له يسوع قوته ومعجزاته، أظهر له صمته، وأثبت له أن الملكوت الذي جاء يسوع ليُعلنه ليس ملكوتًا ماديًا أو معجزات للترفيه، بل هو ملكوت يتطلب الإيمان والاتضاع.
من خلال صمته، أراد يسوع أن يُظهر أن طريقه ليس طريقًا من التفوق على الآخرين، بل هو طريق المحبة والتضحية. صمت يسوع أمام هيرودس يُظهر لنا كيف أن الهجوم أو السخرية لا يجب أن يكون سببًا لفقدان السلام الداخلي أو الدفاع عن الذات. فهو يعلم أن الله هو الذي يبرر، وليس الإنسان. في حياتنا، نواجه أحيانًا مواقف يسعى فيها البعض للسخرية منا أو لإثارة الشكوك حول معتقداتنا. قد نشعر بالغضب أو بالحاجة للدفاع عن أنفسنا. ولكن مثال يسوع يعلمنا أنه أحيانًا يكون الصمت هو الرد الأفضل. لا يعني هذا أننا نرفض التحدث عن الحق، بل أننا نختار أن نثق بالله ونتركه يتصرف، لأنه هو من يعرف أفضل طريق لنا.
صلاة
يا رب، نصلي من أجل الرهبانيات والجماعات المكرسة، فتُديم فيها الدعوات المقدسة. امنحهم نعمة أن يعيشوا المشورات الإنجيلية بكل تواضع وتضحية، ليتمموا مشروعك الخلاصي على الأرض.
كما حفظت الطهارة والطاعة والفقر في حياتهم، امنحهم القوة للمضي قدمًا في دعوتهم بكل حب وتفاني.
بشفاعة مريم العذراء، سلطانة الحبل بلا دنس، نسألك يا رب أن تباركهم وتوجههم في مسيرتهم نحوك. آمين. (أبانا، السلام، المجد)
“قال الرَبّ”
قالَ الرَبُّ إنّي أَنا
الخُبزُ المُحْيي.
مَنْ يَأكُلْني بالإِيمانِ
يُعْطَ الحَياة.
هذي الكَأسُ دمُّ الفادي
فَوقَ العُودِ.
فاشرَبُوها تَمْحُ الإثمَ
تُحيِ الأَمْواتْ.
قد ناداكُم صَوتُ البيعَهْ:
يا أَحِبَّا.
هَيَّا نالُوا السِرَّ الحَيَّ
رَبَّ الحَياةْ.
يا قُدُّوسًا قَدْ أَعْطانا
الجِسْمَ الحَيَّ.
الدَمَّ المُحْيِي فيهِ نُعطَى
سِرَّ الغُفرانْ.
هَلِلُويا وهَلِلُويا
مَنْ أَعطانا.
الجِسْمَ الحَيَّ الدَمَّ المُحْيِي
سِرَّ الغُفْرانْ.
فَلْيَرْحَمنا في يَومِ الدِين
أَلقُربانُ.
الحَيُّ المُحْيِي يومَ نَلْقى
الرَبَّ الدَيَّانْ.
هَلِلُويا وهَلِلُويا
ما أسماها.
كأسَ النِعْمَهْ كَأسَ الفادي
تُروي العَطْشانْ.
٦- يسوع محكوماً عليه بالموت
نرى يسوع محكوماً عليه بالموت بعد أن اختار بيلاطس أن يطلق براباس، المجرم، بدلًا من يسوع البريء. صوت الجموع يتعالى مطالبًا بصلب يسوع، رغم أنه لم يرتكب أي شر. إن مشهد الحشود الغاضبة والمُصرة على الصلب يعكس التوتر الروحي والظلم الذي تعرض له يسوع. ليس فقط أنه كان بريئًا، بل كان محاطًا بالكره والإصرار على معاقبته.
في هذا الموقف، يتجلى الإيمان العميق والتسليم التام من قبل يسوع، الذي عرف أنه جاء ليُكمل مشيئة الله، مهما كان الثمن. إنه لا يصرخ ولا يدافع عن نفسه، بل يسلم نفسه بكل طواعية لمشيئة الآب، متحملًا الألم والظلم. في أعماق هذه اللحظة، نرى يسوع يتحمل كل شيء من أجلنا، ليفتح لنا طريق الخلاص.
من خلال رفض الحشود للرحمة، وطلبهم القاسي بصلب البريء، نتأمل في حقيقة أن البشر أحيانًا يختارون الظلم بدلًا من الرحمة، وأن يسوع كان هو الرمز الأسمى للمحبة التي لا تتراجع أمام الشر، بل تبقى ثابتة في مسيرتها نحو الفداء.
من خلال هذا المشهد، نُدعى إلى التفكير في موقفنا أمام الظلم في حياتنا اليومية. هل نحن مثل بيلاطس، نرى الخطأ ولكن نختار الطريق الأسهل ونسمح للظلم أن يحدث؟ أم نحن مثل يسوع، نتحمل الآلام ونستمر في السعي نحو العدالة والرحمة؟ في هذا الموقف، نتذكر أنه مهما كانت الظروف صعبة، فإن الله قادر أن يحول كل ظلم إلى فرصة للخلاص.
صلاة
يا رب، نصلي من أجل المرضى والحزانى، لتُرسل إليهم روحك المعزي والشافي. في هذه الأيام الصعبة التي يمر فيها الكثيرون بالألم والحزن، نشعر بحاجتهم إلى لمس يدك الحانية. اجعلهم يشعرون بحضورك وسط آلامهم، وامنحهم الراحة والقوة للاستمرار في حياتهم.
بشفاعة أمنا مريم معزية الحزانى وشفاء المرضى، نسألك يا رب أن تباركهم وتمنحهم نعمة الشفاء والراحة. آمين. (أبانا، السلام، المجد)
“يا أول النبع”
يا أول النبع يا آخر المدى
يا خالق الجمال والبحر والصدى (2)
حكيولي عن حبك، بعدو عم يرويني (2)،
وحدو اللي رح يبقى (3)،
رح يبقى، وحدو اللي رح يبقى
_ مرة بهالزمان دخلت عَ قلبي
بهرني نورك ورحل النسيان
وضحكت عيني
ووصل صداها لعند السما، لفرح الجنة (2)
_ يمكن الف مرة تركتك
ونسيت العهد وبعيد الخوف ياخدني
وما يبقى حدا حدي، ويضلّ حبك ناطرني (2)
٧- يسوع على جبل الجلجلة مائتاً على الصليب.
في هذا المشهد المهيب على جبل الجلجلة، يسوع، مصلوبًا بين المجرمين، يطلق أولى كلماته العظيمة: “يا أبت اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ما يفعلون.” هذه الكلمات تفيض بالمغفرة والمحبة التي لا حدود لها. رغم الألم الذي يعصف بجسده، ورغم الإهانة التي يتعرض لها، لا ينشغل إلا بمن حوله، بالصلاة من أجل مغفرة خطاياهم. هذه هي صورة الحب الإلهي الذي لا يتراجع أمام أي صعوبة، بل يسعى دائمًا نحو السلام والرحمة، حتى في أقسى الظروف.
إنها دعوة لنا للتأمل في قدرتنا على المغفرة. في حياتنا اليومية، كم مرة نجد أنفسنا محاصرين بالغضب أو الحقد؟ كم مرة نرفض التسامح مع من أساء إلينا؟ لكن من خلال مثال يسوع على الصليب، نتعلم أن المغفرة هي الطريق الوحيد للخلاص الداخلي والسلام. يسوع يعطينا المثال الأعلى للمحبة التي لا تعرف الحدود. إنه ليس فقط يتحمل آلامه، بل يمد يده للآخرين بالمغفرة.
إن آلام يسوع على الصليب ليست مجرد تعبير عن معاناته الجسدية، بل هي صورة عن التضحيات التي نحتاج أن نقدمها من أجل الآخرين. إنه دعوة للعيش في المحبة والعطاء، والإيمان بأن في كل ألم وكل معاناة، يمكننا أن نجد قوة المغفرة والمصالحة.
صلاة
نصلي يا رب من أجل الأنفس المطهرية، اغسلها بدمك الطاهر، فَيُختَصَر زمن كفارتهم وتنعم بالسكن قريبًا، إلى جانبك في السعادة الأبدية. بشفاعة أمنا مريم العذراء باب السماء، نشكرك يا الله على كل ما قدمته لنا من محبة وفداء، ونطلب منك أن تفرح قلوبنا في فرحة خلاصك. آمين. (أبانا، السلام، المجد)
صلاة الختام
آمنا يا إلهنا، وصدّقنا بحضور لاهوتك وناسوتك في القربان المقدس، مع كل صفاتك الإلهية والإنسانية. فلهذا نشكرك دائمًا، ونسجد أمام جسدك ودمك الأقدس المُرتفع أمامنا، مُعترفين بأننا غير مستحقين لهذا السر الإلهي، ولسنا أهلاً لهذه المحبة التي أحببتنا بها. فأعطنا أن نذبح قلوبنا بالمحبة، ونشتاق إليك بالرجاء، ونتناولك بالإيمان، لتكون لنا زادًا عند ساعة موتنا. آمين.