
صلاة الختن: اللقاء بالعريس والإتِّشاح بالنُّور
مِنْ هُنا تُرَتِّلُ الكنيسة: “ها هُوَذا الخَتَنُ يَأتِي في نِصْفِ اللَّيلْ، فَطُوبَى للعَبْدِ الذي يَجِدُهُ مُسْتَيْقِظًا، أَمّا الذي يَجِدُهُ مُتَغَافِّلاً فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقْ. فانْظُرِي يا نَفْسِي ألاّ تَسْتَغْرِقِي في النَّومْ وَيُغْلَقَ عَلَيْكِ خارِجَ المَلَكُوتْ وَتُسَلَّمِي إلى المَوتْ، بَلْ كُونِي مُنْتَبِهَةً صَارِخَة : قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ أَنْتَ يا الله، مِنْ أَجْلِ جَمِيعِ قِدِّيسيكَ ارْحَمْنا.”
الختن كلمة سريانيّة تعني العريس Νυμφίος .
تأتي تسميةُ “صلاةِ الخَتَنِ” مِن مَثَلِ العذارى العَشْرِ الّذي يتكلّمُ فيه المسيحُ عن عُرسٍ رُوحِيٍّ يأتي فيه الخَتَنُ (العريسُ) في نصفِ الليل، وتكونُ بعضُ العذارى مُستعدّاتٍ لاستقبالِهِ بالمصابيح، بينما تكون الأُخرَياتُ غيرَ مُسْتَعِدّاتٍ، فَيُتْرَكْن، تالِيًا، خارجَ وَلِيمَةِ العُرس (مت ١:٢٥- ١٣) .
ابتداءً من عشيّةِ أحد الشّعانين وحتّى عشيّة الثّلاثاء العظيمِ المُقدَّس، تَلحَظُ الكنيسةُ الأرثوذكسيّةُ خدمةً خاصّةً تُعرَفُ بِخدمةِ الخَتَن (العريس)، حيثُ نُنْشِدُ، في كُلٍّ مِن العَشِيّاتِ الثّلاث صلاةَ السَّحَرِ الّتي لِليَومِ التّالي.
صُورةُ “الخَتَن” تُشِيرُ جَلِيًّا إلى حميميَّةِ مَحبّةِ المسيحِ لَنا جميعًا، إِذْ يُقارِنُ الرَّبُّ ملكوتَ اللهِ بِخِدْرٍ عُرْسِيّ.
وفي تقليدِنا الآبائيّ أنَّ لهٰذا المَثَلِ علاقةً بالمجيءِ الثّاني للمسيح. وبهٰذا المعنى، يُعَلِّمُنا مَثَلُ العذارى العَشْرِ أنّنا بحاجةٍ إلى السَّهَرِ والتأهُّبِ الرُّوحِيَّين، بِحَيثُ نَتمكَّنُ مِنْ حِفْظِ الوصايا وتَقَبُّلِ بَرَكَةِ الاتّحادِ مَع الله في هٰذه الحياةِ وفي الدّهرِ الآتي.
لذلك حَذَّرَتْنا الكنيسة المقدّسة في الترنيمةِ مِنْ أنْ لا نَسْتَغْرِقَ في النومِ حتى نَلْقَى المسيح.
وبالعودةِ إلى المَثَلِ، نُلاحِظُ أَنَّ العاقِلاتَ دَخَلْنَ وَحْدَهُنَّ إلى العُرْسِ. وهُنا يقوى معنى اللِّقاء والاتّحاد بالمسيح، لنسمع في ترتيلة أُخرى: “إنّني أُشاهِدُ خِدْرَكَ مُزَيَّنًا يا مُخَلِّصِي”.
الخِدر هو المَخْدَع الزوجي، وكلّ نفس مُؤْمِنَة تسأل أنْ تَصيرَ عروسًا للمسيح، ولكن هل نحن حَقًا نلبس لباس العُرس؟
فتكمل الترتيلة:”وَلَسْتُ أَمْتَلِكُ لِباسًا لِلْدُّخُولِ إِلَيْهِ فَأَبْهِجْ حُلَّةَ نَفْسِي يا مانِحَ النُّورِ وَخَلِّصْنِي”، كما أتى في مَثَلِ عرس ابن الملك (مت ٢٢: ١-١٤).
فالنفسُ المُتواضعةُ تسألُ الله أنْ يُلْقِيَ عليها الحُلّة لتدخل إلى العُرس.
No Result
View All Result