
البابا فرنسيس: لنركض للقاء يسوع ولنسمح لكلمته أن تنير مسيرتنا
“هذا هو أعظم رجاء في حياتنا: يمكننا أن نعيش هذه الحياة الفقيرة، الهشّة، والجريحة، متشبثين بالمسيح، لأنه غلب الموت، ويغلب ظلماتنا، وسينتصر على ظلمات العالم، لكي يجعلنا نحيا معه في الفرح للأبد” هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في العظة التي أعدّها بمناسبة قداس أحد عيد الفصح
ترأس الكاردينال أنجلو كوماستري صباح الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس بمناسبة عيد الفصح وخلال الذبيحة الإلهية قرأ الكاردينال كوماستري العظة التي كان البابا فرنسيس قد أعدّها لهذه المناسبة وجاء فيها: لما رأت مريم المجدلية، أن الحجر قد دُحرج عن باب القبر، أسرعت لكي تخبر بطرس ويوحنا. وهذان التلميذان، ما إن تلقّيا النبأ المذهل، خرجا على الفور، ويقول الإنجيل: “كانا يسرعان السير معا”. إن جميع شخصيات روايات عيد الفصح في الإنجيل يركضون! وهذا الركض يعبِّر، من جهة، عن القلق من أن يكون جسد الرب قد أُخذ، ولكن، من جهة أخرى، يعبر ركض المجدلية وبطرس ويوحنا عن الرغبة واندفاع القلب، وعن الموقف الداخلي لمن ينطلق في البحث عن يسوع. هو في الواقع قد قام من بين الأموات، ولم يعد في القبر، ولذا، علينا أن نبحث عنه في مكان آخر.
تابع الكاردينال كوماستري يقول هذا هو إعلان الفصح: علينا أن نبحث عنه في موضع آخر. إنَّ المسيح قد قام، وهو حي! لم يبقَ سجينًا للموت، ولا ملفوفًا بالكفن، ولذلك لا يمكننا أن نحصره في قصة جميلة نرويها، ولا يمكننا اعتباره بطلاً من الماضي أو تمثالًا موضوعًا في قاعة متحف. بل علينا أن نبحث عنه، ولهذا لا يمكننا أن نبقى ساكنين. علينا أن نتحرك، وأن نخرج للبحث عنه: أن نبحث عنه في الحياة، في وجوه الإخوة والأخوات، في الحياة اليومية، في كل مكان إلا في القبر.
أضاف الكاردينال كوماستري يقول علينا أن نبحث عنه على الدوام، لأنّه إذا كان قد قام من الموت، فهو حاضر في كل مكان، يقيم بيننا، ويختبئ ويظهر اليوم أيضًا في الإخوة والأخوات الذين نلتقيهم في المسيرة، وفي أكثر المواقف المجهولة وغير المتوقعة في حياتنا. هو حيّ، ويبقى معنا، يبكي دموع المتألّمين، ويضاعف جمال الحياة في لفتات المحبة الصغيرة التي يقوم بها كل واحد منا.
تابع الكاردينال كوماستري يقول لذلك، فالإيمان الفصحي، الذي يفتحنا على اللقاء بالرب القائم من بين الأموات، ويجعلنا مستعدين لقبوله في حياتنا، ليس حالة من السكنى الجامدة أو الاستقرار الهادئ في بعض الضمانات الدينية. بل على العكس، يدفعنا الفصح إلى الحركة، ويحثنا على الركض على مثال مريم المجدلية والتلميذين. يدعونا لكي تكون لنا عيونٌ ترى أبعد، لكي ترى يسوع، الحيّ، الإله الذي لا يزال يكشف نفسه اليوم أيضًا، ويحضر، ويكلّمنا، ويسبقنا، ويُدهشنا. وعلى مثال مريم المجدلية، يمكننا نحن أيضًا أن نختبر فقدان الرب، ولكن يمكننا أن نركض للبحث عنه مجدّدًا، عالمين يقينًا أنه سيتجلى لنا وينيرنا بنور قيامته.
أضاف الكاردينال كوماستري يقول أيها الإخوة والأخوات، هذا هو أعظم رجاء في حياتنا: يمكننا أن نعيش هذه الحياة الفقيرة، الهشّة، والجريحة، متشبثين بالمسيح، لأنه غلب الموت، ويغلب ظلماتنا، وسينتصر على ظلمات العالم، لكي يجعلنا نحيا معه في الفرح للأبد. ونحو هذا الهدف، كما يقول الرسول بولس، نحن أيضًا نركض، ناسين ما وراءنا، وممتدين إلى ما هو أمامنا. لنُسرع إذن، للقاء المسيح، بخطى سريعة كخطى المجدلية وبطرس ويوحنا.
تابع الكاردينال كوماستري يقول يدعونا اليوبيل لكي نجدد في داخلنا عطية هذا الرجاء، ولكي نغمر فيه آلامنا وقلقنا، وننقله إلى الذين نلتقي بهم في المسيرة، وأن نودع فيه مستقبل حياتنا ومصير البشرية. ولهذا، لا يمكننا أن نركُنَ قلوبنا في أوهام هذا العالم، ولا أن نحبسها في الحزن. علينا أن نركض، مفعمين بالفرح. لنركض للقاء يسوع، ولنكتشف مجدّدًا النعمة التي لا تُقدّر بثمن، نعمة أن نكون أصدقاءه. ولنسمح لكلمته، كلمة الحياة والحق، أن تنير مسيرتنا. وكما قال اللاهوتي الكبير، هنري دو لوباك: “يكفينا أن نفهم هذا: المسيحية هي المسيح. لا، في الحقيقة، ليس هناك شيء آخر غير هذا. في المسيح، نحن نملك كل شيء”. وهذا الـ “كل شيء” الذي هو المسيح القائم، يفتح حياتنا على الرجاء. إنه حيّ، ويريد اليوم أيضًا أن يجدّد حياتنا. وإليه، هو المنتصر على الخطيئة والموت، نريد أن نقول “يا رب، في هذا العيد نطلب منك هذه العطيّة: أن نكون نحن أيضًا جديدين لكي نعيش هذه الحداثة الدائمة. انزع عنا، يا إلهنا، غبار العادة والتعب وخيبة الأمل؛ وامنحنا فرح أن نستيقظ كل صباح بعيون مدهوشة، لترى ألوان ذلك الصباح الجديدة، الفريدة، والمختلفة عن كل شيء آخر. […] كل شيء جديد، يا رب، لا شيء مكرر، ولا شيء قديم”.
وخلص الكاردينال أنجلو كوماستري إلى القول أيها الإخوة والأخوات، في دهشة الإيمان الفصحي، إذ نحمل في قلوبنا كل رجاء بالسلام والتحرر، يمكننا أن نقول: معك، يا رب، كل شيء جديد. معك، كل شيء يبدأ من جديد.
20 أبريل 2025, 12:59
No Result
View All Result