
التطهّر في العالم وفرح القيامة
تعلّمنا الكنيسة أنّ هناك ثلاث مراحل يمرّ بها الراهب في الدير، وكلّ إنسان مسيحيّ مؤمن ومجاهد خارج الدير من أجل نيل النعمة الإلهيّة. المرحلة الأولى هي العمل Praxis والثانية هي الاستنارة والثالثة هي التألّه.
كما إنّ المراحل التي يمرّ بها الإنسان على هذه الأرض من ولادته إلى نهاية حياته ليست سوى العيش كما في أتون النار من أجل التطهّر من الأهواء. اللهمّ إذا عرف المؤمن كيف يستفيد منها في الحياة الروحيّة.
عند ولادة أيّ إنسان يتهلّل كلّ أهل بيته ويفرحون، لأنّ ولادة الطفل هي عمليّة تساعد الخالق على الخلق وتغيّر حياة العائلة بأكملها فيصبح لكلّ فرد كنية محورها الطفل المولود.
يترعرع الطفل في كنف العائلة ويكتسب عاداتها وعادات المجتمع من فضائل ورذائل.
وعندما يبلغ سنّ المراهقة وسنّ الرشد ويتزوّج ليبني عائلة جديدة، يتعرّض للكثير من المشاكل والصعوبات والأمراض الجسديّة والنفسيّة كون جسدنا ضعيفًا وساقطًا. وليست هذه المسيرة إلّا بركة إذا عرف الإنسان المؤمن كيف يستفيد منها. وذلك إذا كثّف من الصلاة والتقوى والإيمان من خلال اللجوء إلى الاعتراف والإرشاد الروحيّ واليقظة الروحيّة.
هذه الأسواء كلّها تصيب الإنسان لخيره إذا استطاع أن يقرأها من الناحية الروحيّة صابرًا على احتمالها كما صبر أيّوب على كلّ النوائب التي أصابته ولم يكفر أو ينكر إيمانه بالله. المعنى الروحيّ لهذه كلّها هو التطهّر من الأهواء واكتساب الفضائل بدلًا من الرذائل وذلك من أجل اقتناء النعمة الإلهيّة أي الاستنارة ومن ثَمّ التألّه.
وإذا ما استأهل الإنسان واكتسب هذه النعمة فليس هناك أيّ معنى للبكاء والنحيب عند فقدان هذا المؤمن لأنّ منزلته بعد الموت تكون ملاقاة الله وجهًا لوجه والعيش في النعيم معه، في ملكوته.
يجب إن نبكي على واقعنا الحاليّ ونلجأ إلى التوبة والنحيب على خطايانا فقط وليس أمام الموت لأنّ هذا الأخير ليس إلّا معبرًا إلى حياة أفضل.
إنّ المعايير يجب أن تتغيّر، وأن نلجأ إلى الحزن المفرح ونسعى جاهدين في هذه الحياة إلى التطهّر والصبر على الأسواء واختبار الصليب من أجل أن نتذوّق فرح القيامة سواء في هذه الدنيا أم في الآخرة.
No Result
View All Result