ساعة سجود
نداء القيامة: سكنى الحكمة في قلوبنا
١-“القيامة: نور الحياة الذي يبثُّ الأمل في الكون”
لِنرفعنَّ المجدَ والتسبيح، ليس فقط لأنه قام، بل لأنه أقامَنا معه. لأنه المُعلِّم الصالح، لا يُعلِّم بالكلام فقط، بل يُعلّم بالموت والقيامة.
تعليمه ليس دروسًا، بل حياة تُعلَن من قبرٍ مفتوح، وصوتهُ ليس مجرد نداءٍ، بل نفخة تُقيم الراقدين وتبثّ الحياة في عظام ميتة.
يا للمعجزة: الأمواتُ قد سمعوا تعليمه! والراقدون لم يبقوا في سباتهم، بل نهضوا…
كأنَّ كلَّ خليةٍ فيهم قالت: “هوذا الصالح، نسمعه، فنحيا!”
في القيامة، لم يُقم المسيح وحده، بل أقام الكنيسة معه، فرَّح البيعة بانبعاثه، وسكب في أولادها زيت النعمة، ليحملوا عطر الحياة ويملأوا العالم بشارة.
هو الذي بدّد جند الموت، لا بسلاح، بل بنورهِ. هو الذي غيّر دور الحُراس، من حرّاس على قبر، إلى شهود على مجد! “إنّ الذي صلبتموه، قد قام!” هكذا صرخوا المرتعدون… صاروا مبشّرين رغمًا عنهم، فإذا بالحقيقة تنفجر حتى من أفواه العسكر!
رأينا ملَكَ النور، رأيناه يدحرج الحجر، يجلس على باب القبر، كأنّه يُعلن: “هنا لا يُدفن الرب، بل يُعلَن المجد!”
رأينا: الموتَ يصرخ مذعورًا، الشيطانَ يرتعد، نفوسَ الأبرار ترفرف فرحًا، أورشليم تهتزُّ من الأعماق،
والسماء ترتل… ما هذه القيامة إلا فجر الكون الجديد، حيث لا قبرٌ يُغلق، ولا موتٌ يسود، بل رجاءٌ يفيضُ من بين الأكفان!
٢-“نداء القيامة: سكنى الحكمة في قلوبنا”
يا مُعلِّمنا الصالح، نحن الذين سمعنا صوتك في أرضنا، نضرع إليك أن نسمعهُ كل يوم في قلوبنا.
نقرب إليك بخور الحمد، عن راقدينا المؤمنين، وعن أولادك المعمدين، فلتكن قيامتك، يا رب، قيامةً لنا في الفكر، في القلب، في الكلمة، وفي الحياة. ولك المجد إلى أبد الآبدين. آمين.
لِنَسجُدْ للمسيحِ، الحكمةِ المُتجسِّدة، الذي لم يزرع في الأرضِ شرائعَ عنفٍ، بل طبع في قلب الإنسانِ ناموسَ الحُبّ، ودعا الزوجين ليكونا معًا مرآةً لمجدهِ، عهدًا حيًّا يشفّ عن اتحادهِ بالكنيسة. مُبارَكٌ أنتَ يا ربُّ، يا مَنْ علّمتنا أنّ القوّةَ في الوداعة، وأنّ الجمالَ لا في الزينةِ الفانية، بل في طهارةِ القلبِ وهدوءِ الرُّوح. يا ربُّ، اجعلْ نِسَاءَنا كمثلِ سارةَ، في الطاعةِ والاتكال، لا تفتِّنهنّ الزينةُ الظاهرة، ولا تُغويهنّ أضواءُ العالم، بل زيّنهنّ بروحٍ وديعٍ ساكنٍ، كثيرِ الثمنِ في عينيكَ. واجعلْ رِجالَنا كإبراهيم،
في الفهمِ والوقار، يسكنونَ مع نسائِهم بعقلٍ ورحمة، لا كمن يُسيطر، بل كمن يُكرِم، عارفين أنهنّ شريكاتُ الحياةِ والنعمةِ. آمين
يا ربُّ، ليكنْ بَيتُنا مَكانَ تَسبيح، لا يُسمَعُ فيهِ خصامٌ ولا جفاء، بل قلبٌ واحِد، ورحمةٌ مشتركة، وفمٌ لا يَردُّ الشتيمةَ بشتيمة، بل يبارك… ويصنع الخير. علِّمْنا، يا رب، أن نكفَّ ألسنتَنا عن الشرّ، ونحدّ شفتينا عن كلامِ المكر، أن نطلُب السلامَ ونسعى وراءَه، فأنتَ، يا رب، تُصغي للصّدّيقين، وتُضيء عليهم وجهكَ في النهارِ والليل. يا من دعوتَنا لِنَرِثَ البَرَكة، ثبّتْنا في السُّلوكِ المُستقيم، وافتَحْ قلوبَنا على الحبّ والتواضع، واجعلنا عائلةً ترثُ وجهَكَ في الآخر، لنحيا فيكَ، ومعكَ، وإليك، كلّ الأيام، وإلى دهر الدهور. آمين.
٣-“غلبة القيامة: من الألم إلى الرجاء الأبدي”
لِـنَرفَعَنَّ التسبيحَ والمجدَ والإكرام، للأزليِّ الساكنِ في نُورِه، العالي السَّلام، للمجيدِ الذي لا يُوصَف، للظافرِ القدير، للحَيِّ الذي ماتَ، فزلزلَ قبرَ المصير. يا مَن دحرَ الموتَ، يا رجاءَ الأحياء، لكَ المجدُ في العيدِ وفي كلِّ زمانٍ ومكان! يا مَن كبّلَ الموتَ القاتلَ، وسبى الأسرى بنُور، ونهبَ الدِيارَ المظلمة، ومَلأ الأرضَ سُرور. يا مَن أنقذَ أولادَ البشرِ مِن دَرْكِ العَذاب، فَتَرنَّمَتِ السَّماواتُ، وتراقَصَتِ السُّحُبُ والضباب. يا مَن خلّصتَ آدمَ، وأحييتَ السُّقوط، ارحَمنا، وامْحُ آثامَنا، يا مَلِكَ السُّجود! يا مَن بلسانِكَ قلتَ: من يعترفُ بي أمامَ الناس، أعترفُ بهِ أمامَ الملائكةِ في فَوقِ الرَّواس. يا مَن زيَّنتَ السماءَ بالملائكةِ الطَّيِّبين، والفِردوسَ بالأشجارِ، والكنيسةَ بالقديسين. لكَ المجدُ، يا خالقَ الجمالِ والضياءِ،
يا زارعَ الأملِ في قلوبِ الأتقياءِ! في هذا اليومِ، يومِ الجمعةِ، يومِ الألمِ العظيم، نتذكّرُ سقطةَ آدم، ونترجّى الفِداءَ الرحيم. في جُمعةِ الخَلقِ جَبَلتَنا، وفي الثانيةِ خلّصتنا، وفي الثالثةِ نُسَبِّحُكَ لأنكَ مَلَكتَنا وظَفَرتَنا. اذكرنا، يا ربُّ، في ملكوتِكَ الأبهى، وافتحْ لنا أبوابَ الحياةِ العليا! تقبّلْ صلاتَنا، رغمَ ضعفِنا الوَهين، ولا تنظرْ إلى زلاّتنا، بل إلى القلبِ الحزين. امْحُ آثامَنا بنعمتِكَ، خلّصنا من التجربةِ والضَّرَر،
وهبْ لنا نهايةً سالمة، ورجاءً لا ينهار ولا ينكسر. آمين،لكَ المجدُ إلى الأبد، في حضورِكَ تزولُ الظُّلُماتُ ويشرقُ الوَعْد!
٤-“التسبيح للثالوث الأقدس: نور الحياة والمجد الأبدي”
لنرفعنَّ المجدَ والتسبيحَ والإكرام، للآبِ، نورِ النور، سرِّ الدهورِ والأنغام، غيرِ الموصوفِ، المتألِّقِ في علاه، الذي لا بدءَ لهُ ولا تُدرَكُ أقصاه. مجدًا للآبِ، الإلهِ العظيم، خالِقِ الكَونِ، ومَبدءِ النَّعيم! وللابنِ، رتَّبَ الأكوانَ في نظام، ووضعَ حدًّا للمخلوقاتِ بانسجام، هو الكلمةُ، قبلَ الزَّمنِ، بلا ابتداء، صارَ بشرًا لأجلِ خلاصِ الأحياء. مجدًا للابنِ، شمسِ الفداء، نورِ النعمةِ، والحياةِ السَّناء! وللرُّوحِ، ساكنِنا ومُحيينا،
من جعلَنا هياكلاً طاهرةً لمجدِه، هو النَّسيمُ اللطيفُ، نارُ الإلهام، شريكُ المجدِ، ومُفيضُ السَّلام. مجدًا للرُّوحِ، روحِ السُّكون، عطيةِ الربِّ، نبعِ الفتون! نُسبِّحُكَ، يا مَن تُسبِّحُهُ الملائكةُ، وترتِّلُ أمامَهُ رُتبُ السَّماويِّة. يا مَن أرسلتَ الابنَ الأزليَّ، الكلمةَ غيرَ المخلوق، بهيَّا، جليًّا. هو الكلمةُ، هو النورُ الأصيل،
هو رجاؤُنا في الليلِ الطويل! يا واهبَ الحياةِ، يا فادي الفقراء، يا نصيرَ المُضطَهدين في أَسرِ الظّلماءِ،
يا مَن تَرفعُ الويلَ عنِ المظلومين، وتُمسِكُ الأيتامَ بيدِ الحَنَانِ الأمين.
ارحمنا، يا مُعينَ الصارخين، يا رجاءَنا في وقتِ الأنين! يا مَن يَهَبُ بيعتَهُ التدبيرَ القويم،
ويُفيضُ فيها الروحَ والنِّعمةَ والنعيم، قد جعلتَها شركةَ الرُّوحِ والخلاص، مائدةَ الأسرارِ، ومِنها فيضُ الإيناعِ والقصص. لبيعتِكَ المجدُ، يا خالقَ السَّما، وفيها حضورُكَ يُسكِنُ الرجاء!
نُسبِّحُكَ، في كلِّ آنٍ ومكان، راسمينَ ملكوتَكَ في القلبِ والكيان. لكَ المجدُ، مع ابنِكَ الحبيبِ المسيح، ومع الرُّوحِ القدُس، إلى أبدِ المديح! آمينَ، للمجدِ الخالد، للثالوثِ الواحدِ، المُمَجَّدِ السَّرمد!
٥-“نشيد الصبر والرجاء في روح القيامة”
أشْرِكْنا، يا أبَ النُّورِ والمَسَرات، في رُوحِكَ، روحِ النِّعمةِ والمَهابات، روحِ القَصْدِ والقوَّةِ والسُّكُون،
يا مَن تُفيضُ النِّعمةَ في كلِّ حينٍ وفنون. أشْرِكْنا في نِعْمَتِكَ يا ربَّ الحياة، واجعلنا في طهارةٍ وثَبات! احفَظْ شَعبَكَ، في القداسَةِ والطُّهر، في الحكمةِ والاتِّزانِ والبِرّ، بروحِكَ القُدُّوس، يا صَخْرَ الدُّهور، واسْقِنَا بالعِنايةِ في الأَيَّامِ والنُّور. املأنا من حكمتك، يا مَن لا يزول، طهِّر قلوبَنا، وهبْنا القُبول!
لنَكُنْ أُنقياءَ القلوبِ في صِدق، شاكرين، مسبّحين، بلا فِرْق. نُذيعُ مجدَكَ في كلِّ الأوقات، نُبارِكُ اسْمَكَ في الليالي والسَّاعات. نُبارِكُ اسْمَكَ، يا مَلِكَ السَّماء، نمشي بنورِكَ في البُؤسِ والرَّخاء!
بِبِشَاشَةٍ وصبرٍ نَحمِلُ الصليب، صليبَ يسوعَ، النُّورِ الحبيب. هو فَخرُنا، هو سِرُّ القوّة، هو دربُ الحياةِ والرَّجاءِ والنُّبوّة.
صليبُكَ خلاصُنا، يا فادي النُّفوس، هو طريقُ المجدِ والنُّفوسِ القدُّوس! لَكَ المجدُ، أيُّها الآبُ البهيّ،
بابنِكَ يسوع، النُّورِ الجليّ، ومَعَ الرُّوحِ الحَيِّ، الرَّبِّ القدُّوس، لكَ التسبيحُ إلى أبدِ الدُّهورِ والنُّفوس.آمينَ،للثالوثِ العليّ، لكَ المجدُ، يا نورَ القلوبِ البهيّ!
إن ما يميز المؤمنين هو قدرتهم على الصبر في الألم، ليس بسبب ضعفهم، بل لأنها قوة نابعة من الإيمان بيسوع المسيح. المسيح لم يرد الإساءة أو الهجوم، بل سلم نفسه بالكامل لله. هذا هو المثال الذي يجب أن نحتذي به في حياتنا اليومية، ونتبع خطواته في كل تحدٍّ أو قسوة نواجهها.
الألم الذي مر به المسيح كان جزءًا من خطة الله العظمى للخلاص. ولكن الصلب والموت ليسا النهاية، بل البداية التي منها تشرق قيامة المسيح، وبها يتحقق الخلاص. عندما نواجه الألم والصعوبات في حياتنا، نذكر أنفسنا بقيامة المسيح كمصدر للرجاء، وأنه كما قام، سنقوم أيضًا في النهاية. والروح القدس هو القوة التي تمنحنا الاستمرار في مسيرتنا.
يا مَن تألَّمتَ لأجلنا على الصليب، سَلَّمْتَ نفسك لله، رغم الآلام العميقة، أنتَ قدوتنا في الصبر والثبات، في مسيرة الصليب، نُحيي الرجاء في الحياة.
نعم، يا رب، صبرنا على آلامنا، نُسَبِّحُكَ في جراحاتنا، يا مَن فديتنا!
كما قام المسيح من بين الأموات، هكذا نقوم نحن أيضًا في قيامة جديدة. فتحَ لنا الكتاب المقدس، ففهمنا، وقيَّمنا معنى الآلام في قلبك.
يا مَن أرسلتَ الروح القدس، ألبسْنا القوة من العلاء، واجعلنا شهودًا على محبتك الأبدية، نُعلنُ التوبة، نرجو المغفرة، لأنك حيٌّ إلى الأبد.
اللهم، نسلم حياتنا بين يديك، كما سلم المسيح نفسه لك، اجعلنا نعيش الصبر والأمل، ونحمل صليبنا بفرح ورجاء. آمين، يا مخلصنا الحبيب!