
ماقاله الكاردينال بريفوست عن البابا فرنسيس في مقابلتين أجرتهما معه دائرة التواصل الفاتيكانية في أيار ٢٠٢٣
“البابا فرنسيس كان سخيا وضحى بكل شيء في سبيل الكنيسة”
لمناسبة انتخاب الكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست حبرا أعظم، والذي اختار لنفسه اسم لاوون الرابع عشر، نقترح مقتطفات من مقابلتين أجرتهما معه دائرة التواصل الفاتيكانية في أيار مايو من عام ٢٠٢٣ بعد أيام قليلة على تعيينه عميداً لدائرة الأساقفة، وفي الثاني والعشرين من الشهر الفائت غداة رحيل البابا فرنسيس.
بعد تسلمه منصبه الجديد قال بريفوست إنه ما يزال يشعر أنه مرسل، تماما كما هي دعوة كل مؤمن مسيحي الذي ينبغي أن يعلن الإنجيل حيثما وُجد. ورداً على سؤال بشأن الصفات التي ينبغي أن يتميز بها الأسقف في كنيسة اليوم، لفت إلى ضرورة ألا تقتصر نظرته على ما هو محلي فقط إذ لا بد أن تتسع لتشمل الكنيسة كلها والواقع الذي نعيش فيه. وأضاف أن كل سلطة يتمتع بها الأسقف ينبغي أن توجه نحو الخدمة، ونحو مرافقة الكهنة كي يكونوا فعلاً رعاة ومعلمين. ولا بد أن يتذكروا أن واجبهم الأول يتمثل في مساعدة الناس على التعرف على يسوع المسيح والشهادة لقربهم من الرب ولفرح وجمال التعرف عليه.
كما توقف البابا الجديد في تلك المقابلة عند العبارات الثلاث التي وجهت عمل السينودس الأخير ألا وهي: المشاركة، الشركة والرسالة، لافتاً إلى أن كل أسقف مدعو إلى عيش روح الشركة وتعزيز وحدة الكنيسة والوحدة مع البابا. وتطرق بريفوست أيضا إلى الإجراءات المتعلقة بمكافحة التعديات الجنسية على القاصرين داخل الكنيسة، مشيراً إلى إن الأساقفة سائرون في هذا الاتجاه وتحدث عن الجهود المثمرة التي سُجلت في بعض الأبرشيات خلال السنوات الماضية، وحيث طُبقت تلك الإجراءات، لكن ما تزال هناك الكثير من الأمور التي ينبغي أن يتعلمها الأساقفة، كما قال، لاسيما فيما يتعلق بضرورة مرافقة ضحايا هذه الآفة، إذ لا بد أن يكون الأسقف قريباً من الكهنة ومن الضحايا في الآن معا.
وفي معرض حديثه عن السينودس حول السينودسية الذي شاءه البابا فرنسيس، قال بريفوست إنه يشكل فرصة كبيرة من أجل تجدد الكنيسة. فهناك بعض الأساقفة الذين يعبرون بصراحة عن مخاوفهم حيال الوجهة التي تسير نحوها الكنيسة بيد أن الروح القدس هو حاضر بقوة في الكنيسة ويدفعها نحو التجدد وبالتالي إن الأساقفة مدعوون إلى تحمل مسؤولياتهم الكبيرة والإصغاء إلى ما يطلبه الروح القدس من الكنيسة.
في المقابلة التي أجريت معه في أعقاب وفاة البابا فرنسيس، وبالتحديد في الثاني والعشرين من أبريل نيسان الفائت، تحدث البابا الجديد عن الصفات التي ميزت البابا برغوليو ومن بينها الانسجام في المواقف والأصالة والرغبة في عيش الإنجيل، والقرب من الفقراء والأشخاص المتألمين. كما توقف عند محبة الحبر الأعظم الراحل تجاه الكنيسة التي جعلته يكرس حياته لخدمتها، وقال إنه طالما ثمّن القلب المسيحي الأصيل الذي ميز البابا فرنسيس فضلا عن السخاء والمحبة.
ولفت البابا الجديد إلى أنه تعرف على برغوليو في الأرجنتين عندما كان البابا الراحل رئيس أساقفة على بوينوس أيريس. وتسنت له فرصة اللقاء به والحديث عنه بعيداً عن الشكليات الرسمية. وبعد سنة ونصف على انتخابه عين البابا فرنسيس بريفوست مدبراً رسولياً على أبرشية شيكلاو في بيرو، قبل أن يعينه أسقفا. وروى أنه التقى ببرغوليو بعد ذلك وكان البابا الراحل حريصا على قضايا الأبرشية، وكان قريباً جداً من الناس. وأضاف أن فرنسيس تميز أيضا بالفرح وهذا ما بدا بوضوح في الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل”، الذي يتعلق بإعلان بشارة الإنجيل على العالم المعاصر، مع التشديد على ضرورة عيش فرح الإنجيل والإيمان والتعرف على الرب يسوع المسيح.
ولم تخلُ كلمات عميد دائرة الأساقفة السابق من الإشارة إلى أول زيارة قام بها البابا فرنسيس بعد انتخابه والتي قادته إلى جزيرة لامبيدوزا، حيث شاء أن يعبر عن قربه من المهاجرين وقد استمر في هذا النهج حتى الرمق الأخير، مع العلم أنه توقف في رسالته إلى الأساقفة الأمريكيين عند أهمية أن نكون قريبين من المتألمين وأن يكون لنا قلب يسوع. وذكّر أيضا بآخر زيارة للبابا الراحل والتي قادته إلى سجن ريجينا تشيلي بروما، يوم خميس الأسرار. وقد شاء، على الرغم من أوضاعه الصحية الصعبة، أن يُحيي هذه المناسبة، كما فعل في كل سنة، مع المساجين، وأن يعبر لهم عن المحبة التي يخصنا بها الرب يسوع.
بعدها قال بريفوست إنه منذ تعيينه عميداً لدائرة الأساقفة كان يلتقي البابا أسبوعياً، وبالتحديد صباح كل سبت، في ساعة مبكرة، لافتا إلى أن برغوليو أراد حتى النهاية أن يخدم الكنيسة، وأن يعمل من أجلها. وكان يقول له في ختام كل لقاء بأنه يجب ألا ينسى حس الفكاهة، يجب أن يبتسم، وكان يشجعه على السير إلى الأمام واضعاً رجاءه بنعمة الرب. وأضاف أن البابا الراحل كان مطلعاً على الكثير من القضايا المتعلقة بالدوائر الفاتيكانية وكان يحب الكنيسة جداً، ولا يعرف التعب، واتضح ذلك جلياً بعد عودته من المستشفى، إذ واصل نشاطه بشجاعة، وبذل نفسه في سبيل الكنيسة.
هذا ثم لفت بريفوست إلى صفة ميزت البابا فرنسيس ألا وهي محبته تجاه الفقراء. وقال إنه أراد كنيسة فقيرة تسير إلى جانب الفقراء وتخدمهم، مضيفاً أن معنى الإنجيل يمكن أن نجده لدى الفقراء لأنهم لا يملكون شيئا، ويسعون إلى عيش الإيمان، ويجدون كل شيء في المسيح. وختم بالقول إنه من الصعب أن ندرك اليوم تماماً ماذا ترك فرنسيس للكنيسة، معتبرا أننا نحتاج إلى وقت طويل لنعي الإرث التي تركه للكنيسة والعالم.
أخبار الفاتيكان 08 مايو 2025
No Result
View All Result