“صلاة القيامة”
يا يسوعَ النـورِ الحيّ، أيُّها القائمُ من بينِ الأموات، لك نرفعُ المجدَ لأنّكَ نزلتَ إلينا حين كنّا في لجّ الظلمة، وقمتَ فأنرتَ ظلالَ قلوبِنا بنورِ وجهكَ العجيب.
ارفع كنيستَكَ على جناحِ صليبكَ، واحطُها بسورِ قيامتكَ المجيدة، أنزِلْ مطرَ رحمتِكَ على الأرضِ اليابسة، واهتفْ في أذنِ الموتى: قوموا يا أحبّائي!
يا راعيَ البشريّة، ضمَّ الخطأةَ إلى قلبِكَ، وارحمْ راقديها، وأهّلنا نحن الأحياء أن نقومَ عن يمينِكَ، في الفرحِ السرمديّ، حيثُ لا موتَ، ولا ألمَ، بل نورُكَ الملوكيُّ يُضيءُ كنيستَكَ إلى أبد الآبدين.
لَكَ المَجْدُ، أيُّها النُّورُ السَّرْمَدِيّ، الذي مَلَكَ عَلى الكَونِ بِظُهُورِهِ، لَكَ الشُّكرُ، أيُّها الشُّعَاعُ الأَزَلِيّ، الذي خَلَّصَ المَائِتِين بِمَجِيئِهِ!
قَامَ الرَّبُّ بالحَقِّ! هَللويــــــا!
أيُّها المُتَعَالِي، الذي خَفَضَ عُلُوَّ مَجْدِ أَزَلِيَّتِهِ، ونَزَلَ إِلَى لُجِّ الجَحِيمِ بِقُدْرَتِهِ، وأقَامَ آدَمَ شِبْهَ عَظَمَتِهِ! نُسَبِّحُ رَحْمَتَكَ، أيُّهَا النَّازِلُ إِلَى المَوتِ لِتُقِيمَنا أيُّها المُخَلِّص، الذي بَعَثَ في الأَمْوَاتِ رَجَاءَ القِيَامَة، وفَرَّحَهُمْ بِنُورِ وَجْهِهِ العَظِيم! قَد أَشْرَقَ نُورُكَ، فَسَجَدَتِ الأَجْيَالُ!
أيُّها العَجِيبُ، الذي لا يَقدِرُ العُلُويُّون على وَصفِهِ، ولا السُّفلِيُّون على إِدراكِ سِرِّهِ! نَسْجُدُ لَكَ، أيُّهَا السِّرُّ المُحْتَجِبُ في مَجْدِهِ! نَصْرُخُ مَعَ المُرَنِّمِ داوُدَ النَّبِيّ: “قَامَ الرَّبُّ بِالقُوَّة! فَأينَ شَوْكَتُكِ يا جَحِيم؟
وأينَ سُلْطَانُكَ يا مَوْتُ؟ لَقَدْ بَاد!” قَامَ الحَيُّ، وَمَاتَ المَوتُ، وَنَحْنُ أَحْيَاء!
سَيِّجْ كَنِيسَتَكَ المُفْتَدَاةَ بِآلامِكَ، واحْفَظْ أَبْنَاءَهَا، وكَهَنَتَهَا، وشَمَامِسَتَهَا، واكْبِتْ بِرَحْمَتِكَ الحُرُوبَ والخُصُومَاتِ، وافْتَقِدِ الأَرْضَ بِالمَطَرِ وَبَرَكَةِ السَّمَاءِ! يَا رَبُّ، أَرْسِلْ نَدَى السَّلَامِ عَلَى الكَوْنِ! أنْهِضْ الخُطَاةَ بِحُبِّكَ، أرْجِعِ البُعَدَاء، احْفَظِ الأَقْرِبَاء، أَلْقِ الصُّلْحَ بِصَلِيبِكَ الظَّافِر، فَتَعِيشَ كَنِيسَتُكَ بِأَمَانٍ وَرَاحَة! بِصَلِيبِكَ رَبِّي، نَحْيَا فِي مَلَكُوتِكَ!
اسْتَجِبْ كُلَّ نَفْسٍ تَهْتِفُ بِاسْمِكَ، اغْفِرْ لِلرَّاقِدِينَ عَلَى رَجَاءِ قِيَامَتِكَ، وأهِّلْنَا لِنَقُومَ جَمِيعًا عَنْ يَمِينِكَ،
فِي مَلَكُوتِكَ السَّرْمَدِيّ! لَكَ المَجْدُ وَالشُّكْرُ إِلَى الأَبَد، يَا قَائِمًا مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، هَللويــــــــا!
من ذا يُؤذينا، إنْ كنّا لكَ غُيُورينَ في فعلِ الصلاح؟ من ذا يُخيفنا، إنْ كنّا نَسكنُ في ظلالِكَ يا مَلِكَ المجدِ والسَّلام؟ طوبى لنا، إنْ تألَّمْنا مِن أجلِ برِّكَ، فأنتَ البارُّ، المائتُ لأجل الأثَمَة، أنتَ الحياةُ الهاطلةُ من صليبِكَ على العطاشى إلى الله. نسجدُ لكَ، أيُّها القائمُ مِن الموت، وقد قدَّسنا الألمُ، إذْ جعَلَ الرجاءَ كوكبًا في دُجى العالم. نَقدِّسُكَ في قلوبِنا، لا نجزعُ مِنْ سخريةِ العالم، ولا نرتعبُ مِن تهديداتِه، لأنَّكَ أنتَ رجاؤنا، ونحنُ لكَ شهودُ النُّورِ في وادي الظلال.
علِّمْنا أنْ نَحتجَّ بوداعَةٍ ومهابة، أنْ نُعلِنَ رجاءَنا فيكَ لا بكبرياءٍ، بلْ بتواضعِ المصلوب، واجعلْ ضمائرَنا مِرآةً لصلاحِكَ، كيما يُخزى المُفترون، ويستضيءُ الظالمونَ بنورِكَ. أنتَ يا مَن مُتَّ مرَّةً واحدةً لأجلِنا، أحييتَنا بروحِكَ، ودخلتَ إلى السِّجنِ الأعظم، بشَّرتَ المأسورينَ، فتحتَ الأبوابَ العتيقةَ، وهيَّأتَ للعالمِ توبةً وغُفرانًا ونورًا جديدًا. يا مَن بالماءِ خلَّصْتَ ثمانيةَ أنفُسٍ، وبالمعموديّة جَعَلتَنا أبناءَ الحياة، طهِّرْنا من دنسِ الجسد، وزَيِّن ضمائرَنا بالحقِّ والإيمان. لقد قُمتَ! وانتصرتَ على الموت، وصَعِدتَ عن يمينِ الله، وأخضعتَ لكَ السلاطينَ والملائكةَ والقُوى، فاجعلنا نحنُ الوارثينَ معكَ الحياةَ الأبدية، وارفَعْنا إليكَ، فنمكُثَ في حُضورِكَ، ونرتِّلَ إلى الأبدِ:
قُمتَ أيُّها المسيحُ، فالمجدُ لكَ!
يا اللهُ الكَلِمَةُ، يا مَن ذاقَ الموتَ عن كُلِّ إنسان، أيُّها المُحِبُّ حتى المنتهى، يا نبعَ الحياةِ في الجحيم!
المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
أيُّها المَحجُوبُ في مجدِكَ، الذي نزلَ إلى طَلبِ المطرودين، فأرجَعَهُم إلى فِردَوسِ النِّعمة، وفتَحَ بابَ السَّلام.
المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
أيُّها الأمانُ العَظيمُ، المُعلَّقُ على الصليب، الذي هدَمَ أَسوارَ العداوة، وصالحَ الأرضَ مع السماء!
المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
يا مُحارِبَنا الجبَّار، الذي داسَ الخطيئةَ والموت، وأعطانا سلاحَ الظفر، وألبسَنا رُوحَ القيامة.
المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
يا نارَ اللاهوتِ، التي لُفَّتْ بكَتَّانِ الأموات، ووضِعتَ في قبرٍ صغيرٍ، فيما السماواتُ تَرتجفُ مِن رهبتِكَ.
المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
يا بَعْثَنَا الحَقُّ، يا خَارِجًا مِن القبرِ مثلَ شُعاع، دُستَ الشَّوكَ، وَهَزَمتَ الفناء، وأمَّنتَ القيامةَ لِلبَشَر!المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
أيُّها العَروسُ الإلهي، الذي خَطَبَ البيعةَ بجراحِهِ، وأقامَها ممجَّدةً بقيامتِه، لِتكونَ لهُ إلى الأبد!
المجدُ لكَ، أيُّها المسيح، يا غالبَ الموتِ بالحياة!
نسألُكَ، أيها المسيحُ إلهُنا، على عِطرِ هذا البَخورِ نرفَعُهُ لأجلِ بيعتِكَ، التي أنتَ رجاؤها، وقد أحاطَ بها مُبغِضوها.
كُنْ معها، يا ربُّ، كما وعدتَ، إلى منتهى الدُّهور.
أقصِ أعداءَها، وأقم بالسَّلامِ حُدودَها، بالأمانِ أساساتِها، وبالوئامِ صفوفَها، وبالمحبَّةِ شملَها.
كُنْ معها، يا ربُّ، كما وعدتَ، إلى منتهى الدُّهور.
بصليبِكَ المُحْيي اسْتُرْ أبناءَها، وأَرجِعِ التائهينَ إلى حَظيرتِكَ، وارحَمِ المنتقلينَ على رجائِكَ، وامنحْهم نَعيمَك الأبدي.
كُنْ معنا، يا ربُّ، كما وعدتَ، إلى منتهى الدُّهور.
قدِّسْنا، وامحُ خطايانا، فنرفعَ المجدَ والحمدَ إليكَ، وإلى أبيكَ وروحِكَ الحيِّ القدُّوس، الآنَ وإلى الأبد.
آمين! المجدُ لكَ، يا غالبَ الموتِ، يا ربَّ القيامة!
لِـنَرفـَعَـنَّ التـَّسبيحَ والمَجدَ والإكرامَ، إلى الآبِ القدُّوسِ، الذي سُكناهُ النُّور، إِلهِ إِبراهيمَ وإِسحق ويَعقوب. إِلى الابنِ، الذي دَبَّرَ كُلَّ شيءٍ بتَصميم، وبارَكَ المُتَوَكّلين عَلَيهِ بمَحَبَّة لا تزول. إِلى الرُّوحِ القدُس، النّاَظِرِ إلى المُتواضعين، والمُعينِ لِلضُّعَفاء في جهادِهم.
آمــيــن. المجدُ للثالوثِ القدُّوس، الآن وإلى الأبد.
اللَّهُمَّ، يا مَن خَلَقَ كُلَّ شيءٍ وَزيَّنَهُ بالكَلِمَة، يا مَن يَستَريحُ في العَوالِمِ النَّقيَّة، وأَعَدَّ لنا الحَياةَ الأَبَدِيَّة بأنبيائِهِ، وأنارَنا بِمعرِفَتِهِ الحَيَّة. أللَّهُمَّ، صانعَ العَظائم، أبا رَبِّنا يسوعَ المَسيح، الذي أرسلْتَهُ لِيُتِمَّ مشيئَتَكَ بخلاصِ البَشر، فأوحى إِلينا ابنُكَ الحبيبُ بتَدبيرِكَ الرؤوف.
أتمِمْ فينا عملَك، وأَرسِلْ روحَك ليقودَنا في النُّور.
نَسألكَ، اللَّهُمَّ، أن تَمنَحَنا الجَهْدَ والوداعة، القوَّةَ والشَّجاعَة على تَوَخِّي رِضَاك، وأن نَسلُك شريعتَكَ بلا خَجَل، حارِّين قلبًا وروحًا، محبِّين كُلَّ صالِح. خادمين بطهارةٍ وصَفاءِ نِيَّة، جاهدين في العمل، عاكفين على الصلاة، مزيَّنين بالاتّضاعِ والمحبَّة، سائرين في النور.
قوِّنا يا ربُّ، علِّمْنا، شجِّعنا، اجعلنا لكَ وحدَك.
أعطِنا، ربِّ، رُوحَ القوَّةِ والصَّبرِ والدَّعة، فإذا حَمَلْنا بفرَحٍ نيرَكَ الطيِّب، صَبَرْنا على الجِهاد، لأنك عارفٌ بضَعفِنا، فكمِّلْنا لِنُسَبِّحَكَ بلا فتور.
إجعلنا لِلبُنيانِ والعَمَلِ الصالِح، قدِّسنا، علِّمْنا، شجِّعْنا، يا ألله. لأنَّ مَلكوتَكَ مُبارَكٌ ومُمَجَّدٌ.
لكَ التَّسبيح، ولاِبْنِكَ الوحيد، ربِّنا يسوعَ المسيح، ولِرُوحِكَ القدُّوس، الآنَ وإلى أبدِ الآبِدين. آمــيــن.