عهدُ الله… لا يُمحى بالمطر
يا صانعَ العهد، يا من لا تنسى، ولا تتراجع، هاك تُقيمُ الميثاقَ مع الإنسان، لا لأنه استحق،
بل لأن محبتك تسبقُ العدل، وترى في الرمادِ بذورًا لا تزالُ تنبض.
أنتَ لا تعاهدُ نوحًا وحده، بل تعاهدُ الأرض، البهائم، والطيور، والزرع، تُبارك الخليقةَ المكسورة، وترفع عنها حكمَ الطوفان.
أنتَ لا تنقش عهدكَ على الحجر، بل ترسمهُ في قوسٍ سماوي، لونتَهُ من دموعِ الغفران، وشعاعِ رجاءٍ يعانقُ المطر.
يا ربُّ، حين نرى القوسَ في السحاب، لا نرى زخرفةَ الطبيعة، بل نُشاهد صليبًا ملوَّنًا بالحياة، شاهِدًا أنك لا تعود لتغرقنا، بل لتُغرقَ الشرَّ برحمتك.
كلّ مرّة يظهرُ القوس، هو نداءٌ:
“تذكّروني، لأني تذكّرتكم.”
هو عناقُ السماءِ للأرض، وصوتُكَ:
“لن أهلككم، بل أفتديكم.”
يا من جعلتَ العهدَ أمانًا لا خوفًا، قرِّبنا إلى قلبِكَ، إحفر قوسكَ في داخلِنا، علّنا لا نرتعب من المطر،
بل ننتظر فيه بشارةَ العهد. إجعلنا نكون مثل نوح، نسير معكَ لا بخوفٍ، بل برجاءٍ، نُعلّم أبناءنا عن القوس، لا كقصةٍ في كتاب، بل كعلامةٍ على كتفِ الله. يا من رفعتَ العهدَ فوقَ السحاب، إجعل عهدي معك فوقَ ضعفي، وألبسني ألوانَ محبتكَ، لكي أكونَ صورةً حيةً لرحمتكَ، في عالمٍ لا يزالُ يبحث عنك.
آمين.