“في البدء… كان الله”
في البدءِ كانَ السُّكون، وكانَ اللهُ يَتكلمُ في الصمت. وارتجفَ الغمرُ إذ رفرفَ روحُ الحياةِ على سَطْحِ الماء. فقالَ الله: «ليكن نور»… فاستيقظَ الكونُ بنظرةِ وجههِ. نورٌ من غيرِ شمس، ضياءٌ من غيرِ قمرٍ، إشراقٌ من حضوره.
يا خالقَ النور، أنِرْ قلوبَنا!
يا مَن فصلتَ بينَ ظُلمةِ العدمِ ونورِ الكلمة،
افصلنا عن خطايانا، واجعلنا أبناءَ النور!
نَظَمَ اللهُ الفوضى، فصنعَ الجلدَ، سقفًا للسَّماء. رفعَ المياهَ، وفصلَ الأعماقَ عن الأعالي، ونطقَ بالسماءِ، فسَمِعَتِ المسافاتُ صوتَه!
أيها الفاصلُ بينَ مياهِ البلبلةِ ومياهِ الخلق،
افصلْ فينا بينَ روحِ العبثِ ونظامِ روحِكَ القدوس.
وصرخَ الله: «لتخرجِ اليابسةُ من حضنِ البحر»، فولدتِ الأرضُ، وتغذّتْ من بذورِ السماء.
شجرٌ، وعشبٌ، وثمرٌ كجنسِه، كأنَّ الخليقةَ تسبِّحُ بخضوع.
يا زارعَ الحياةِ في ترابِنا،
انبتْ فينا ثمارَ الروح، وازرعْ فينا حديقةَ رضاكَ.
وعلَّقَ اللهُ في سماءِه أنوارًا تُقسمُ الزمن، شمسًا للحكمِ في النهار، وقمرًا للّيل، ونجومًا تهمسُ بالمواعيد. كلُّ نورٍ بأمرٍ، كلُّ وقتٍ بتدبيرٍ.
أيها الضابطُ الأوقات،
أنِرْ مسيرتنا في ظلمةِ الأيام،
واجعلْ كلَّ موسمٍ في حياتِنا مجدًا لاسمِكَ!
قالَ اللهُ: «لتفِضِ المياهُ كائناتٍ حية»، فانبثقتِ الأسماكُ، وارتفعتِ الطيورُ.
باركها اللهُ وقال: “اثمري…”.
يا من نفختَ في المحيطِ حياة،
انفخْ في أعماقِنا روحَك،
لنرتفعَ نحوَك كالطيورِ، مسبّحينَ في الأعالي!
قالَ اللهُ: «لنصنعِ الإنسانَ على صورتِنا»، فجبلَ الطينَ، ونفخَ فيه من أنفاسِه. خلقَه ذكرًا وأنثى، في شبهِهِ، ليكونَ كاهنًا على الخليقة.
يا مَن خلقتَنا على صورتِك،
اغفرْ لنا كلَّ ما شوَّهَ تلكَ الصورة.
أعدْ تشكيلَنا، وباركنا كما باركتَ البدء.
ورأى اللهُ كلَّ ما عملَه، فإذا هو حسنٌ… بل حسنٌ جدًّا!
الخلقُ اكتمل، والنعمةُ سالت، والإنسانُ كانَ تاجَ اليدَينِ الإلهيّتين.
مجيدٌ أنتَ، يا خالقَ الكلّ!
فيكَ البدءُ، ومنكَ الجمالُ، وبكَ الرجاء!
فكما بدأتَ النورَ بكلمة،
ابدأْ فينا فجرًا جديدًا بكلمتِكَ الحيّة،
يسوعَ المسيح، النورَ الحقيقي! آمين.