“يا زهرةَ الفجر في ظلمةِ القبر”
أيها الرَّبُّ البهيُّ في قيامتِك يا مَن فتحتَ لنا أبوابَ المجد من بين أختام القبر، نحنُ الذين طُرِدنا من الفردوس،
ها نحنُ نعودُ إليكَ، نُقبِّلُ جراحَك، ونشرب من نبعِ نورِك. يا يسوع، أيّها الحَيُّ والمُحيي، موتُك صارَ حياة، وحُزنُنا
انقلبَ طربًا، وطَردُنا صارَ رجوعًا إلى حضنِكَ الحنون. لبِّسنا، أيُّها الملكُ الظاهرُ والمُحتجِب، بهاءَ قيامتِكَ، كما
لبِسْتَ أنتَ البهاءَ والعِزّةَ أمام الشعوب، لكي نُعلِن بفرح: “الربُّ قد مَلَكَ ولبِسَ البهاء!”
اجعل كنيستَك يا سيّد، لا تتزيّنُ بثوبِ العالم، بل بثوبِ المجدِ الذي أعددتَه للقدّيسين، ثوبِ المحبّة، ثوبِ
التواضع، ثوبِ النورِ الذي لا يغرب. ألبِسْنا نحنُ بَني البيعة من نُورِ قبرِكَ المفتوح، فنصيرَ نحنُ شموعًا تُنيرُ ليلَ
الأرض، ونُسبّحكَ مع الملائكة قائلين:
المجدُ لكَ أيُّها القائمُ من الموت،
أيُّها الراعيُ الذي عادَ بالخرافِ الضالّة،
أيُّها العريسُ الذي لم يترك عروسه،
بل افتداها، وأحياها، ومجّدها. آمين.
يا مَنْ لا ينضبُ عَطاؤُه، ولا تَفْنَى مراحِمُه، أنتَ الإلهُ الصالح، الذي يبدأُ بالحبِّ، ويختمُ بالحبِّ، ولا يتوسّطُه إلا
الحبُّ.
أنتَ من ابتدأتَ الخليقةَ بكلمة، وزيّنتَ السماءَ بشمسٍ وقمرٍ وكواكبَ، وفَرَشتَ الأرضَ على المِيَاه، وصَنعتَ
أنوارًا للعالم، فإنّ إلى الأبد محبّتك! أنتَ من رَفعتَ بني إسرائيل من أرض العبوديّة، وفتحتَ البحرَ أمامهم،
وأطعمتَ الجياع في البرّية، وقهرتَ الملوكَ المتجبّرين، فإنّ إلى الأبد محبّتك!
أنتَ من لم تنسَ المسكين، ولم تُغْفِل صوتَ البائس، بل أرسلتَ ابنك الوحيد، ليكون خبز الحياة،
لمن لا يَجِدُ مأوى ولا طعامًا، فإنّ إلى الأبد محبّتك! أنتَ من صَنعتَ الأعاجيب لا مرة، بل كل يوم، في
الصمتِ والخفاء، في الطفلِ النائمِ، وفي المريضِ المشفي، في الخبزِ المتكسّر، وفي القلبِ المتحوّل،
فإنّ إلى الأبد محبّتك!
يا إله السماوات، نحن لا نستحقّ رحمتك، لكننا نسبّحك لأنك لا تكفّ عن محبّتنا. اجعلنا نحنُ أيضًا نردّد مع
الكون:
“فإنّ إلى الأبد محبّتك”
في أفراحنا، كما في آلامنا،
في صمتنا، كما في تسبيحنا،
في حياتنا، وحتى في موتنا…
فإنك إلهُ الرحمة،
والرحمةُ هي اسمُك،
وإلى الأبد محبتُك. آمين.
يا أزليًّا لا يُدرَك، يا إشراقَ النورِ الذي لا يُحدّ، يا حياةً أقوى من الموت، نرفع إليكَ تسبيحَ قلوبِنا المرتجفة،
ونسكب أمامكَ مجدَ أفواهِنا المرتلّة. لقد نزلتَ إلى العمقِ حيث سكَنَ الخوف، ودخلتَ القبرَ حيث انتهى
الرجاء، فأشرقتَ هناك نورًا لا يُطفأ، وقمتَ، لا لتعود إلى السماء فقط، بل لتأخذَنا معك إلى موضعِ النورِ
والفرح.
أيها القائمُ من بينِ الأموات، سلبتَ سلاحَ الموتِ بضعفِ جسدِكَ، وحطّمتَ أبوابَ الجحيمِ بصمتِ دفنِكَ،
وأطلقتَ الإنسانَ من قيدهِ القديم، فصار الرجاءُ ميراثًا، والقيامةُ دربًا، والحياةُ الجديدةُ وعدًا.
علّمنا، يا من قمتَ بلا فساد، أن نحيا كما يليقُ بأبناءِ القيامة، أن نسيرَ بنورِ حضورِكَ في عالمِ الظلال،
وأن نكونَ شهودًا على قيامتِكَ في كلِّ دمعَةٍ تجف، وفي كلِّ موتٍ يُغلب، وفي كلِّ قلبٍ يقوم.
لكَ المجدُ، يا مَن ملأتَ السماواتِ تهليلًا، والأرضَ ابتهاجًا، لكَ التسبيحُ في عيدِك المقدّس،
وفي كلِّ أيامِ غربتِنا، حتى نلقاكَ في فجرٍ لا غروبَ له، وجهًا لوجه، في ملكوتِ الحياة.
آمين.
“مَجْدًا لَكَ، أيُّها الحَيُّ إلى أَبَدِ الآبِ” مَجْدًا لَكَ، أيُّها الحَيُّ إلى أَبَدِ الآبِ، يا شُعاعَ الـنُّورِ الَّذي فَلَقَ الظَّلام،
يا كَلِمَةَ اللهِ، الَّذي نَزَلَ إلينا بـِجِراحِ الحُبِّ، فـَلَمَسَ تُرابَنا، وأعَادَهُ إلى عُلوِّ السَّماء. أنتَ القُدُّوسُ الَّذي بَاتَ في
قَبرٍ، لا كَمَن أُمسِكَ، بل كَمَن نَصَبَ مَصِيدَةً للموت، أنتَ الَّذي رَقَدَ في التُّرابِ، فأيقَظَ التُّرابَ للحياة!
أنتَ الَّذي دَخَلَ الجَحِيمَ، فارتَعَدَتْ أبوابُها، وتَشَقَّقَتْ حيطانُها، وسَمِعَتْ الأَرواحُ المَأسورَةُ صوتَكَ كَرَعْدِ الرَّجاء،
فخَرَجَتْ، تمجِّدُكَ، وتَسجُدُ لمُخلِّصِها. أيُّها القائِمُ فَوقَ كُلِّ قمَّةٍ ومَذلَّة، طَهِّرْ قُلوبَنا من فُتورِ الإيمان، واجْعَلنا
أبناءَ النُّورِ لا أبناءَ الرَّيب، وافتَحْ لنا القُبرَ الذي حَفَرْناهُ بِخَطايانا، وأقِمْنا معكَ، لا في النُّصوصِ فقط، بل في
الحياةِ الجَديدةِ التي تَفِيضُ مِنْكَ. لتَكُنْ قِيَامَتُكَ، أيُّها الرَّبُّ، رَبيعًا أبديًّا في أرواحِنا، ونُورًا في عُيونِنا، وسَلامًا
في عالَمِنا المُتَأَوِّه. لكَ المَجدُ في كنيسَتِكَ، وفي شَعبِكَ الَّذي عَرَفَكَ قَائِمًا، وفي كلِّ نَفْسٍ نَزَلْتَ إليها، فأقَمْتَها
من حُفرَةِ الموت. آمين.
يا زهرةَ الفَجْرِ في ظلمةِ القَبر، يا نَسيمَ الرحمةِ المُنْتَشِرَ على أسرى الظلام، يا مَن فَاحَ عبيرُكِ في الجحيمِ
الحزين، وأنارَت قلوبَ الهالكين بضياءِ الرجاء. يا ربُّنا، بَدِّل رائحةَ النَّتَنِ في قلوبنا، بطِيبِ برِّكَ الذي لا يُفنى،
وبفوحِ قيامتك التي تعبقُ أزمنةَ الألم، لتتراقصَ أرواحُنا على أنغامِ الحياة الجديدة. يا مَن بعطاياكَ السماويةِ،
سطعتَ كشمسٍ تُشرقُ بلا غروب، نشكركَ من أعماقِ الفؤاد، ونُسَبِّحُكَ بكلِّ لسانٍ وحياة، إلى الأبدِ، يا مَجيدَ
القائم من بين الأموات. آمين.
يا ربُّنا يسوع المسيح، يا من بقيت حيًّا بقيامتك المجيدة، إليك نرتقي بحمدٍ وشكر، لأنك قد ولدتنا ثانيةً لرجاء
حيّ لا يموت. في وسط تجاربنا وآلامنا، أنت النور الذي لا يخبو، والذهب الذي يختبره الزمن، لكنه يبقى ثمينًا
لا يفنى. يا مَن فحص الأنبياء أسرار آلامك ومجدك، وأوحى إليهم روحك القدوس، لنشهد لك اليوم نحن أيضاً،
كأبناء مختارين بحسب علم الآب الأزلي، نؤمن بك رغم الغيوم، وننتظر فرح الظهور المجيد.
هبنا يا رب قوة إيمان ثابتة، تُضيء في ظلمات العالم، وتفتح قلوبنا لرجاء لا ينتهي، نحن الذين لم نرك بعد، نحبك ونثق بوعدك، ونعلن أمام السماوات والأرض: مَجدُك هو خلاصنا وأماننا. أيها الإله الحي، الذي حفظ لنا ميراثاً أبديًا في السماء، اجعلنا أهلاً أن نكون شهودًا لنعمتك الفائقة، فترتفع تسابيحنا بين ملائكة السموات، وتُعلن الأرض سلامك وحبك إلى الأبد. آمين.