
عظة للقدّيس يوحنا الذّهبيّ الفم عن المناولة دون استعداد
أيّها الإخوة الأحبّاء الأعزّاء الذين اجتمعتم في كنيسة الله المقدّسة لتعبدوا بالبرّ والحقّ الإله الحيّ، وتشتركوا بخوفٍ بأسرار المسيح المقدّسة الطّاهرة الرّهيبة غير المائتة.
إسمعوا لي أنا الذّليل غير المستحقّ. فإنّي لستُ انا الذي أكلّمكم وأعلّمكم، بل نعمة الرّوح القدس المُحيي. فلا أتكلّم من نفسي، بل كما تعلّمت من القوانين الإلهيّة والآباء المتوشحين بالله، وكما تسلّمَت الكنيسة من الرّسل الإلهيين الأطهار، هكذا أيضًا اقول أنا الذليل الأحقر من الجميع.
فأعمالكم لا أعرفها، وأشغالكم أجهلها. ولهذا فإنّي بكلّ خوف من الله، أوصي كلًّا منكم، رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا قائلًا:
إذا كان أحدكم يوبّخه ضميره بأنّه خاطئ، فلا يجسرنَّ أن يتقدّم بازدراء ويلمس هذه النّار الإلهيّة قبل أن يتوب عن خطاياه، ويعترف بها. لأنّ الله إلهنا نارٌ آكلة تُلهِب وتحرق خطايا الذين يتقدّمون بإيمان وخوف إليها، كإلى إلهنا ومَلِكِنا ودَيّاننا جميعًا، وتُنير نفوسهم وتُقدّسها.
وأمّا غير المؤمنين الذين يتقدّمون إليها بدون خجل ولا وَجَل، فإنّها تُلهب وتحرق نفوسهم وأجسادهم. من هنا كثيرون فيكم يرقُدون ضُعفاء وسُقَماء، أي كثيرون يموتون بلا اعتراف ولا توبة.
فلهذا أطلب إليكم يا إخوتي قائلًا: كلّ من كان فيكم حالفًا يمينًا أو حانثًا في يمينه، أو كذّابًا، أو نمّامًا، أو زانيًا، أو فاسقًا، أو مُضاجِع ذكور، أو خطّافًا، أو سكّيرًا، أو شتّامًا، أو باغضًا أخاه، أو قاتلًا، أو ساحرًا، أو مشعوذًا، أو عرّافًا، أو منجّمًا، أو لصًّا، أو مانيًا¹، فلا يتقدّمنَ بلا اعتراف ولا استعداد ليلمس أو يقترب من أسرار المسيح الرّهيبة.
فإنّ الوقوع في يدي الله مخوف ورهيب، إذ إنّ كلام الله أمضى من سيف ذي حدَّين نافذ حتّى الأوصال والمخاخ والعظام والأفكار والقلوب. فانظروا يا إخوتي لئلّا يتقدّم أحد منكم بلا ندامة ولا استعداد ولا استحقاق إلى تناول أسرار المسيح الطّاهرة الرّهيبة، فإنّه يقول: أنا هو وليس إله غَيري. أنا أُميت وأنا أُحيي وليس مَن يُنقذكم من يدي.
فإنّه هو ملك الدّهور، وله مع ابنه الوحيد وروحه القدّوس ينبغي كلّ تمجيد وإكرام وسجود الآن وكلّ أوان وإلى أبد الدّهور. آمين.
1_المانيون شيعة مسيحية قديمة كان أصحابها يعتقدون بمبدأَين للخير والشّرّ.
(من كتاب الإفخولوجي الكبير ص٦٥٠-٦٥١)
مجموعة مواضيع عقائدية وروحية
No Result
View All Result