كيف لي أن أؤمن بوجود الروح؟
في هذا العالم الذي نعيش، نرى سيطرة كبيرة للمادة على أنواعها، خاصة المال، والذي يصبح هدفاً لا مجرّد وسيلة لعيش كريم ولعطاء مبرور. أصبح معظم الناس لا يؤمنون بوجود الروح، ويقولون لك القول المأثور: “هنا الجنة وهنا النار”،
بمعنى أننا نعيش في هذا العالم وليس هناك من حياة تنتظرنا بعد الموت.
فالذي يستطيع أن يعيش بسعادة هو الذي يستطيع أن يجمع من ماديات العالم الشيء الكثير: مالاً، مقتنيات، عقارات، أراضي. ويظن أمثال هؤلاء الناس أن هذه هي السعادة، لذلك، يغرفون من اللذة الشيء الكثير. في نظرهم أَنَّ الذين يؤمنون بوجود الروح وبالحياة الأبدية هم موهومون يعزُّون أنفسهم على قلة المال في حياتهم.
إليكم ما حدث مرة: وُجِدَ أحد الآباء الرهبان في مدينة كبيرة، وفكَّرَ أنَّ له قريباً بالجسد فطَلب أن يزوره. أثناء الزيارة كان قريب الراهب يستقبل ضيوفاً، منهم أحد الأطباء المشهورين، وهو كان لا يؤمن بوجود الروح. تبجَّحَ هذا الطبيب في الصالة وأخذ يتكلَّم على عدم وجود الروح.
وسأل الراهبَ كيف لي أن أؤمن بوجود الروح؟ هل تُرى؟ هل تُحَسّ؟ وما إلى ذلك من الأسئلة. وختم قائلاً: أعطني جواباً حتى أؤمن.
رسم الراهب اشارة الصليب وجاوب قائلاً:
هل تؤمن أيها الطبيب بوجود الألم؟
أجاب: لا شك بذلك.
قال الراهب: هل ترى الألم؟ هل نذوق الألم؟ هل نُحِسُّ الألم؟
أجاب الطبيب: لا. اذن، لا وجود للألم حسب رأيك، أجاب الراهب. وكما أنَّ الألم موجود هكذا الروح هي موجودة، أيضاً، ولكن ليس بالحواس الجسدية.
هذا جواب مقنع أيها الأحبَّة لأنَّ الروح موجودة وهي خالدة بسبب محبَّة الله للإنسان. لذلك، فلنسْعَ لننشِّط أرواحنا بممارسة حياة الصلاة والتوبة، لأنَّه مهما عشنا فسيأتي يوم يذهب فيه جسدنا وحواسه إلى التراب، أمَّا الروح فتذهب إلى ربها. فلو كان الإنسان جسداً فقط لما كان للخلق معنى.
إذن، يا إخوتي الأحبَّاء، نحن موعودون بحياة أبديَّة مع الله، وهذه الحياة لا تقارن بالحياة المادية التي نعيش فيها مهما اقتنينا من ماديات هذا العالم.
فلنجعل من كلّ شيء مادِّي وسيلة وليس غاية لنصل إلى الله.