
مار شربل و خميس الصعود !!
كتب فادي شربل داود
في هذا اليوم المبارك ، نروي لكم حادثة من حياة القديس شربل، جرت بين عامي 1865 و1871، عندما كان لا يزال راهبًا وكاهنًا في دير مار مارون عنايا.
كالعادة، كان الأب شربل يصلّي بخشوع عميق أمام القربان الأقدس في كنيسة مار مارون في الدير، حين دخل عليه رئيس الدير آنذاك، الأب روكس المشمشاني، وقال له: “قدّس القدّاس الكبير.”
خلال هذا القداس، كان من الواجب على الأب شربل أن ينبّه المؤمنين إلى عيد خميس الصعود القادم، وهو عيد بطالة، أي لا يجوز فيه العمل. لكن شربل أنهى القداس دون أن يُجري هذا التنبيه.
عند انتهاء القداس ومنح البركة، اقترب الأب روكس منه مستغربًا، وسأله بنبرة عتاب: “ليش ما وصّيت على عيد الصعود الخميس الجايي؟! ما بتعرف إنو بطالة؟! وصّي عالعالم قبل ما يفلّوا!”
وكان جمهور القداس من شركاء الدير وأجرائه الذين يشاركون الرهبان في الذبيحة الإلهية.
فأجابه الأب شربل بكل هدوء وتواضع: “يا معلّمي… بطالة بمقامه. اللي ما بيبطّلوا الأحد والعيد، ما في لزوم توصّي عليهم. مطرح ما بيبطّلوا بيوصّوا!”
كلامه كان بسيطًا، لكنه عميق. فهؤلاء العمال كانوا يعملون في الدير حتى أيام الآحاد والأعياد، بما فيها خميس الصعود، بسبب كثرة الأشغال، والضيق المعيشي، وغلاء تلك الأيام. وكان الأب روكس المشمشاني نفسه هو من يُشغّلهم، حتى المبتدئين من الرهبان.
أما شربل، فكان يرفض أن يعمل في هذه الأيام المقدّسة، وكانوا هم بدورهم لا يجرؤون على دعوته للعمل، هيبةً لقداسته واحترامًا لفضيلته.
فبكلامه هذا، وجّه الأب شربل تنبيهًا واضحًا للرئيس، لا بعناد أو تشهير، بل بأسلوب لطيف فيه وقار النبوة. وكان ذلك موعظة حيّة للرئيس، الذي فهم الرسالة، وامتنع لاحقًا عن تشغيل أحد في الأعياد والآحاد.
أما الشعب، ففرحوا بهذا الموقف، ورأوا فيه صوت الله الذي يذكّرهم بقدسية يوم الربّ….
يا مار شربل، يا من حفظت يوم الربّ بغيرة لا تهادن،
علّمنا أن نميّز بين ما لله وما للناس،
وأن نكرّم صعود الرب بالصلاة والتفرغ له.
صلِّ لأجلنا كي نعيش كل يوم على مثالك،
ببساطة الإيمان، وجرأة الطاعة، وهدوء الحق.
آمين.
( جميع الحقوق محفوظة للناشر )
فادي شربل داود
٢٩ أيار ٢٠٢٥
No Result
View All Result