أصبح الاهتمام منصبّا في الغرب من خلال الاهتمام المتزايد بإصدار المجلات والدوريات التي تتحدث عن هذه المسألة، فنرى الرابطة الأمريكية للطب النفسي تصدر الدليل التشخيصي الرابع الذي يتحدث عن المقامرة المرضية، وفي أستراليا هناك معاهد لدراسة المقامرة المرضية من الناحية السيكولوجية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتاريخية.
لقد رصدت ظاهرة المقامرة في المجتمعات البدائية، حيث ربطت بالسحر والشعوذة والأرواح الشريرة والرعب والخوف من المجهول، والاعتقاد بالقوى الخارقة، حيث وجدت قطعة نرد في الحضارة المصرية القديمة في أحد قبور الفراعنة يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، ويذكر المؤرخون في الحضارة الرومانية القديمة حكايات طريفة ومذهلة عن قبائل الجرمان الذين كانوا يراهنون على زوجاتهم وأطفالهم وحتى على أنفسهم، وقد كانت الخسارة تؤدي إلى الرق والعبودية.لقد شاعت المقامرة في بلاد الإغريق قديمًا، واعتبرت ممارسة غيرلائقة لدرجة أن أرسطو في كتابه «الأخلاق» صنّف المقامرين في طبقة
اللصوص وقطاع الطرق، وحرم ريتشارد قلب الأسد المقامرة أثناء الحملات الصليبية على المشرق، وفي القرن السابع عشر نظر إلى المقامرة على أنها رذيلة كبيرة حتى ولو كانت رهانًا بسيطًا.
وفي عام 1930، علت الأصوات مطالبة بترخيص وشرعنة المقامرة في الولايات المتحدة الأمريكية، فبدأت 21 ولاية في فتح نواد للمقامرة، كما بدأت دراسات المقامرة تهتم بالعوامل النفسية والشخصية بدلاً من الاهتمام بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية.
لقد اختلف العلماء والمتخصصون في تحديد مفهوم دقيق للمقامرة، فهناك المقامرة الكامنة والمحتملة والقهرية والمشكلة وإدمان المقامرة المعرضة للخطر، والمقامرة الاجتماعية، والمضطربة، لذا أدرجت كل هذه الأنواع تحت تسمية المقامرة المرضية Pathological Gambling.
لاشك بأن الموقف الإيجابي تجاه المقامرة هو المسئول عن الوقوع في شرك هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة مما يدفع بالشخص إلى البحث الجاد والفعّال لممارسة اللعب والرهان التي يمكن أن تصل فيما لو اشتدت إلى مرحلة المقامرة المرضية القهرية، فيبدأ المقامر بالاعتقاد بأن الشخص الذي يفوز عليه يتميز بالكمال والمهارة والدقة فيسارع في تقليده والتوحد معه في كل سلوكياته وتصرفاته. أما إذا كان موقف الإنسان تجاه المقامرة سلبيًا، فهذا ما يدفعه إلى المقامرة تحت ضغط أصدقائه وأقرانه أو تحت ضغط الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة به.
إن من العوامل التي تؤثر في انتشار المقامرة النمط الثقافي الحضاري السائد في المجتمع حيث يعطي هذا الشكل معنى إيجابيًا أو سلبيًا لعملية المقامرة من حيث عاداته وتقاليده، ففي أستراليا تشجع عادات المجتمع على المقامرة، فالطفل عندما يصل إلى مرحلة المراهقة، يجب أن يمارس المقامرة حتى يصبح رجلاً في عين المجتمع والناس المحيطين.
والشيء نفسه ينطبق على تناول القات في اليمن، فبالرغم من وجود محاولات كثيرة للحد من انتشار هذه الآفة الخطيرة، فإن جميع الجهود فشلت لأن مضغ القات يندرج ضمن ظاهرة اجتماعية تدفع بالشباب إلى مضغ القات تأكيدًا لفحولتهم ورجولتهم.
كما تلعب العوامل الأسرية دورًا مهمًا في إدمان المقامرة، فاحتمالية المقامرة تكون كبيرة إذا كان أحد الأبوين من المقامرين وخصوصًا الأب، فتكون عند ذلك المقامرة نوعًا من التقليد والمحاكاة. زد على ذلك أن الدراسات تحدثت عن أن غالبية المقامرين ينحدرون من أسر مفككة تعاني القسوة والتسلط والتربية الأسرية الضاغطة والمتزمتة فيلجأ الابن إلى المقامرة
بهدف معاقبة الأبوين.
وتعتبر جماعة الأقران من العوامل المهمة المشجعة على المقامرة، سيما إذا كان أفراد تلك الجماعة يحملون في ثنايا أنفسهم اتجاهات إيجابية تجاه المقامرة، فنراهم يشجعون أصدقاءهم على خوض غمار هذه التجربة بدافع حب الاستطلاع والمجاراة والمسايرة الاجتماعية.
كما تبين أن عامل الجنس مهم جدًا، فنجد الرجال أكثر ممارسة للمقامرة من النساء كون الثقافة المجتمعية والحضارية تؤكد أن المقامرة تخص الرجال أكثر من النساء.
أما أسباب المقامرة من وجهة نظر المقامرين أنفسهم فكانت على النحو التالي:
2 – العامل المزاجي.
3 – الشعور بوجود صدمات وضغوطات حياتية.
4 – العامل الاجتماعي.
5 – مشاكل الإدمان والشعور بالإساءة.
يقوم هذا الأسلوب في العلاج على التحليل النفسي الذي يدل على أن توقف المقامر عن سلوك المقامرة قد يجعله أكثر اكتئابًا مما يدفعه إلى تبني سلوكيات أخرى يدمر بها ذاته.
يعتبر العلاج السلوكي مسألة المقامرة سلوكًا متعلمًا يمكن القضاء عليه من خلال البيئة المحيطة بالمقامر، وتعديل سلوكياته عن طريق تقنيات الاشراط الكلاسيكي التي منها:
يقصد بذلك عملية تكوين استجابات سلبية للسلوك غير المرغوب فيه وذلك من خلال توضيح السلبيات، التي يتعرض لها الإنسان من ممارسة المقامرة ومحاولة إقناعه بأن كل ما يتعرض له من مشكلات هو بسبب المقامرة.
يرتكز هذا الأسلوب في علاج المقامرة على ثلاثة عوامل:
يقوم هذا العلاج أساسًا على تحديد الإنسان أهدافًا لحياته يسعى لتحقيقها، فعند ذلك يدرك تفاهة ما يقوم به من سلوكيات شاذة ويرتكز هذا العلاج على أسلوبين:
أ – القصد بالنقيض الذي يقوم على تقليل المقامر من الشعور بالذنب والتهوين على نفسه ذلك الضعف الذي يشعر به تجاه قهر المقامرة، وأن يتعود السخرية من المسائل التي تسببها المقامرة.
ب – تحويل الانتباه يقوم على قاعدة مهمة وهي «قلة الاهتمام تميت الاهتمام» فلا يفكر كثيرًا بسلوك المقامرة وما يترتب عن ذلك من شحنات عاطفية، بل يمكن أن يحول تفكيره إلى موضوعات أخرى.
2 – المعتقدات الخاطئة للمقامرين.
3 – الوعي بالمدركات غير الدقيقة.
4 – التصحيح المعرفية للمدركات الخاطئة.
تهدف هذه البرامج إلى التخلص من الاضطرابات النفسية والسلوكية والاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها المقامر، وبالرغم من كثرة البرامج فلا يوجد برنامج واحد يصلح لعلاج كل حالة من حالات المقامرة المرضية، ذلك لأن ما يحدد طبيعة البرنامج المستخدم للعلاج هو الطبيعة الإكلينيكية والديناميات النفسية للمقامر وبعض العوامل الشخصية. ولقد حددت مؤسسة كاليفورنيا للمقامرة عام 1982 أول برنامج علاجي منظم للمقامرة المرضية يهدف إلى مساعدة المقامرين على التخلي عن هذه العادة والعمل على إرشاده بشكل صحيح وفق الأسس التالية:
2 – الحد من الضغوط المالية.
3 – تنمية الشعور بتقدير الذات.
4 – معالجة الشعور بالذنب والخجل والندم.
5 – التوقف عن المقامرة.
6 – التوافق مع الرغبات والدوافع التي تساعد على المقامرة.
7 – تنمية علاقات اجتماعية جديدة وإيجابية.
8 – القضاء على مشكلات الحياة اليومية.
9 – إعادة الثقة بالذات.
10 – تنمية عادات ومهارات جديدة.
11 – الابتعاد عن التفكير الخيالي وتنمية التفكير المنطقي
Discussion about this post