رحمة المسيح أعظم……القدِّيس كيرلس الكبير
“من أجل ذلك أقول لك: قد غفرتُ خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرًا، والذي يُغفر له قليل يُحِب قليلاً” (لو 7: 47).
لم تضل المرأة الطريق المستقيم، أما الفريسي الجاهل فضلَّ، إذ قال في نفسه: “لو كان هذا نبيًا لعلِم من هذه المرأة التي لمسته. إنها خاطئة”. كان الفرِّيسي فخورًا بنفسه، معجبًا بطائفته، ضعيفالعقل، فلم يدرك حقيقة الأمر. كانيلزمه أن يروِّض حياته ويزيِّنها بالفضائل السامية، فلا يدين المريض ويحكم عليه بما هو بريء منه…
جاء المسيح حتى يفي للمدين دينه، مهما كثر الدين أو قلَّْ، ويترأف على الناس بأسرهم كبيرهم وصغيرهم، حتى لا يُحرم إنسان أيًا كان مشاركة المسيح في صلاحه. ولكي يقدِّم لنا السيِّد مثالاً واضحًا لرحمته حرَّر هذه المرأة الخاطئة من شرورها بقوله لها: “مغفورة لكِ خطاياكِ”. ولا يمكن أن تخرج هذه العبارة إلاَّ من فم الله، لأنها تتضمَّن سلطانًا فوق كل سلطان. لأنه لما كان الناموس يحاكم الخاطئ، فمن ذا الذي يمكنه الارتفاع فوق مستوى الناموس إلاَّ الذي وضعه وأمر به؟
في الحال حرَّر السيِّد المرأة ونبَّه الفريسي ومن جلس معه علىالمائدة إلى أمور سامية، إذ تعلَّموا أن المسيح الكلمة هو الله، ولذلك فهو ليس أحد الأنبياء بل يفوق كل إنسان ولو أنه تجسَّد وصار إنسانًا…
لا تقلق وتيأس إذا أحسست بثِقل وطأة خطاياك السابقة، فإن رحمة المسيح واسعة المدى. لتكن خطيئتك عظيمة إلاَّ أن رحمة المسيح أعظم، فبنعمته يتبرَّر الخاطئ، ويُطلق سراح الأسير. ولكن إعلم أن الإيمان بالمسيح هو الذي يؤهِّلنا لهذه البركات الخلاصية، لأن الإيمان هو طريق الحياة والنعمة. وفيه نسير إلى المخادع السمائيّة حيث نرث ملكوت القدِّيسين الأبرار ونصبح أعضاء في مملكةالمسيح.
هب لي يا رب أن أتسلل إلى قلبك. هناك أستريح، وهناك اَستقر.أحنو على كل نقسٍ ساقطة، وأتمتع بحنوَّك عليَّ.