
انتشار المسيحية على يد الرسل: شهادة إيمان وشجاعة
بعد قيامة الرب يسوع وصعوده إلى السماء، أوصى تلاميذه قائلاً: «ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم، وفي كل اليهودية والسامرة، وإلى أقصى الأرض» (أعمال الرسل 1).
وبالفعل، امتلأ التلاميذ بالروح القدس في يوم العنصرة، وانطلقوا يبشّرون بقيامة المسيح، مؤسسين جماعات إيمانية جديدة في أماكن متعددة، بحسب إرادة الرب. هذا الانتشار لم يكن مجرد حركة بشرية، بل هو ثمرة عمل الروح القدس في الكنيسة الناشئة.
من هم الرسل وأين بشّروا؟
بحسب الكتاب المقدس والتقليد الرسولي الذي تعتمده الكنيسة الكاثوليكية، إليكم لمحة عن أعمال بعض الرسل:
• القديس بطرس: بشّر في أورشليم وأنطاكية وروما. يُعتبر أول بابا للكنيسة، واستشهد مصلوبًا رأسًا إلى أسفل في روما.
• القديس بولس: دعا المسيح بنفسه بولس ليكون رسولًا للأمم. بشّر في آسيا الصغرى، واليونان، وروما، وربما وصل إلى إسبانيا. كتب العديد من رسائل العهد الجديد، واستشهد في روما.
• القديس يوحنا الحبيب: عاش في أورشليم ثم انتقل إلى أفسس، حيث كتب إنجيله ورسائل وسفر الرؤيا. الوحيد من الرسل الذي مات ميتة طبيعية.
• القديس يعقوب بن زبدي: استشهد في أورشليم، ويُعتبر أول الشهداء من الرسل (أعمال 12: 2).
• القديس توما: وبحسب التقليد، بشّر في بلاد فارس والهند، حيث استشهد طعنًا بالحربة.
• القديس متى الإنجيلي: بشّر في فلسطين ثم في إثيوبيا، حيث استشهد بحسب التقليد.
• القديس برثلماوس: تشير بعض التقاليد إلى أنه بشّر في أرمينيا والهند، واستشهد بطريقة قاسية.
• القديس فيلبس: بشّر في آسيا الصغرى، واستشهد في مدينة هيرابوليس.
• القديس يعقوب بن حلفى: أحد أعمدة كنيسة أورشليم، ويُقال إنه استشهد بالرجم.
• القديس سمعان الغيور والقديس يهوذا تداوس: بحسب التقليد، بشّرا معًا في مناطق من شمال إفريقيا وبلاد فارس واستشهدا هناك.
• القديس متيّاس: الذي خلف يهوذا الإسخريوطي، وبشّر في مناطق مثل أرمينيا وجورجيا، حيث استشهد بحسب التقليد.
تجدر الإشارة إلى أن أماكن التبشير واستشهاد الرسل مستندة إلى تقاليد الكنيسة القديمة، وليست كلها مذكورة في الكتاب المقدس.
لماذا انتشرت المسيحية بسرعة؟
انتشار المسيحية في القرن الأول لم يكن صدفة، بل نتيجة تضافر عدة عوامل، أبرزها:
• قوة الروح القدس الذي دفع الرسل إلى الشهادة حتى الموت.
• إيمان الرسل وشجاعتهم واستعدادهم للاستشهاد من أجل الحق.
• وحدة اللغة اليونانية في الإمبراطورية الرومانية، مما سهّل نقل البشارة.
• البنية التحتية الرومانية من طرق ومرافئ ساعدت في السفر السريع.
• المعجزات والآيات التي رافقت الكرازة وأكدت صدق الرسالة.
• الكتابات الرسولية (الرسائل) التي عززت التعليم وثبتت الإيمان.
بحسب التعليم الكاثوليكي، نشأت المسيحية داخل اليهودية، لكنها لم تبقَ ضمنها، بل انطلقت لتكون تحقيقًا للوعد الإلهي بالخلاص لجميع الشعوب. فالكنيسة تأسست على إيمان الرسل بيسوع المسيح القائم من بين الأموات، وهي اليوم امتداد حي لعملهم وتبشيرهم.
منذ حوالي سنة 30م وحتى نهاية القرن الأول، تطوّرت المسيحية من جماعة مؤمنين يهود يتبعون يسوع الناصري، إلى كنيسة حية ومبشّرة، بدأت في أورشليم وانتشرت تدريجيًا في كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية، لتصبح دينًا عالميًا مفتوحًا أمام كل الشعوب، كما أراد المسيح نفسه.
الشماس_آندرو_جما
No Result
View All Result