
صديق العمر
يروي الأديب الروسي العالمي “أنطون تشيكوف ” في إحدى قصصه القصيرة الرائعة، قصة “حوذي” (أي سائق لعربة حنطور يجرها حصان)، وقد فقد هذا الحوذي الطيب ابنته الوحيدة الصغيرة، التي اختطفها الموت فجأة، وامتلأت نفس هذا الحوذي بالحزن، واشتعل في قلبه ألم مثل الحريق، وكان بحاجة شديدة لمن يسمع إليه، ويشاركه أحزانه وهمومه، ويحاول الحوذي أن يتحدث إلى بعض زبائنه الذين يركبون في عربته، ولكنهم جميعاً كانوا سرعان ما يغلقون أذانهم وينصرفون عن الحديث معه إلى أحاديث أخرى خاصة بهم وحدهم.
لقد وجد الحوذي العالم كله وكأنه حائط من الصخر، لا يشعر ولا يحس. وظل الحوذي على هذا الوضع أياماً كثيرة، يريد أن يحكي عن ما بداخله من ألم، ويتمنى أن يجد من يسمع له، بينما ركابه مشغولين بأنفسهم، وليس لديهم متسع من الوقت ليسمعوا، ويجد الحوذي نفسه يوماً بعد الأخر وحيداً مع حصانه، فأهتدي إلى فكرة غريبة وهي أن يتحدث إلى الحصان، وأخذ يشكو له همه وأساه، وتصور أن الحصان ينصت له.
مسكين هذا الحوذي، بل مسكين تشيكوف، الذي لم يدرك أن هناك أب حنون يسمع ويتجاوب معنا.
قال المختبر: “الرب يسمع عندما أدعوه” (مز4: 3). وفي موضع أخر يقول: تأوه الودعاء قد سمعت يا رب. تثبت قلوبهم” (مز10: 17). فهو يسمع لكل أنة وشكوى، ويتجاوب معنا. “انتظاراً انتظرت الرب فمال إلى وسمع صراخي وأصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجليّ ثبت خطواتي” (مز40: 1 و2). وتقول عروس النشيد: “شماله تحت رأسي و يمينه تعانقني” (نش 2: 6).
عزيزي القارئ: هل تجتاز في ظرف صعبة، قاسية؟ هل تشعر بالوحدة؟ هل تخجل أن تحكي عن مخاوفك وهمومك؟ هل تخاف أن يفشي الآخرون أسرارك؟ أو يحتقروك عندما عندما تحكي لهم؟
تعال إلى ذاك الذي قال: “ادعني في يوم الضيق أنقذك فتمجدني” (مز50: 15). هو يستطيع أن يعطيك المشورة الهادية، واللمسة الحانية، واللمسة الشافية.
No Result
View All Result