دور الإعلام في الوقاية من الإدمان
إعداد
د.محمود جمال ابو العزائم
للإعلام والتعليم دور هام فى تغيير السلوك الإنسانى وذلك بتغير المعارف والقيم عن طريق المناقشة والإقناع. ويفترض على سبيل المثال، أنه فى برامج الإعلام ، تؤدي المعرفة إلى تغيير المواقف التى تؤدى بدورها إلى تغييرات سلوكية. ومع ذلك، فيجب أن نضع فى اعتبارنا أن المعرفة لا تؤدى دوماً لتغييرات فى الموقف، ولا أن تغييرا فى السلوك يعقبه بالضرورة تغييرا فى الموقف.
ولا ينفي هذا نفع الإعلام والتعليم فيما يتعلق بالوقاية من استعمال المخدرات، والواقع، أنه يبين الحاجة إلى رصد وتقييم هذه البرامج على جماهير مختلفة.وتهدف التدابير الإعلامية فى المحل الأول إلى خلق مشاركة الأفراد والجماعات والمجتمع فى برامج الوقاية وإعادة الاندماج الاجتماعي.
التدابير الإعلامية
أن تقدم معلومات عن الاستعمال غير المشروع للمخدرات وبخاصة عن مخاطر مثل هذا الاستعمال وهو النمط الأكثر شيوعاً فى برنامج الوقاية. وهو يتميز عادة بنهجين: نهج الترويع ، أو التخويف، والنهج الواقعي.
1- نهج الترويع أو التخويف.
فلسفته:
– يؤدي التأكيد والتخويف عن الآثار الضارة للمخدرات وعواقب استعمالها إلى اتخاذ قرار بعدم تجربتها.
– أما من يستعملون هذه المخدرات فعلا، فإن هذه المعرفة ستثني عزيمتهم عن الاستعمال أو التجريب اللاحق لمخدرات أشد خطراً.
الأهداف:
1- زيادة معرفة أخطار استعمال المخدرات.
2- تشجيع المواقف الرافضة تجاه استعمال المخدرات بهدف تقليل احتمال استعمال المخدرات عامة.
3- الإثناء عن تجريب المخدرات.
2- النهج الواقعي:
فلسفته:
– تؤدي المعرفة الدقيقة والمتوازية بآثار المخدرات والعواقب الاجتماعية والشخصية لاستعمالها إلى اتخاذ قرار إما بعدم استعمال المخدرات ، أو رفض الأنواع الأشد خطراً.
– كذلك يتيح الفهم الأفضل لطبيعة الاستعمال غير المشروع للمخدرات، إلى حدوث استجابة أكثر رشداً تجاه المشكلة.
الأهداف:
1- زيادة رد الفعل الرافض تجاه استعمال المخدرات.
2- زيادة المعرفة والاهتمام بطبيعة ومدى المشاكل المرتبطة بالاستعمال غير المشروع للمخدرات.
3- تطوير مواقف مناسبة (سلبية، ولكنها ليست متطرفة) تجاه استعمال المخدرات غير المشروعة.
4- تصحيح المفاهيم الخاطئة عن استعمال المخدرات ومستعطي المخدرات.
الجمهور المستهدف لكلا النهجين
إن الجمهور المستهدف قد يشمل أى مجموعة فى المجتمع، وقد يضم ما يلي:
– تلاميذ المدارس.
– الآباء والمعلمون وغيرهم ممن يحتمل أن يؤثروا على سلوك المجموعات المعرضة للخطر
– (الشخصيات الهشة).
– الأشخاص الذين يتعاملون مع المشاكل المتصلة بذلك (مثل الشرطة والأخصائيين الاجتماعيين).
– الأشخاص المسئولون عن وضع السياسة.
تصميم البرنامج
أن محتويات البرامج الإعلامية ، ستحددها خصائص الجمهور المستهدف والمشكلة والمجتمع. وعلى سبيل المثال يمكن أن يشمل الإعلام:
-
الوضع القانوني لمخدرات معينة.
-
آثار مخدرات معينة.
-
طبيعة ومدى الاستعمال غير المشروع للمخدرات.
-
الخصائص الاجتماعية والنفسية للأفراد المستعملين للمخدرات.
-
العلاقة بين استعمال المخدرات والمشاكل الاجتماعية الأخرى.
-
المشاكل الاجتماعية للاستعمال غير المشروع للمخدرات.
-
المشاكل البدنية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية للاستعمال غير المشروع للمخدرات والتى يتحملها الفرد.
-
كيفية الحكم على شخص ما بأنه يستعمل المخدرات غير المشروعة.
-
طرق التماس المساعدة لمستعملي المخدرات.
-
المبادرات التى يمكن أن تقلل لأدنى حد من الآثار الضارة للاستعمال غير المشروع للمخدرات.
تنفيذ البرامج الإعلامية
يتحدد تنفيذ البرامج الإعلامية بما يلي :
– خصائص الجمهور المستهدف.
– الموارد المالية.
– الدرجة التى يمكن بها الوصول للجمهور المستهدف والتأثير فيه.
– محتويات البرامج الإعلامية.
ويمكن تنفيذ برامج الإعلام باستخدام الوسائل التالية:
الاتصال الشخصي الذى يأخذ شكل مناقشات أو عمل مجموعات من الأشخاص المحتكين بمستعملي المخدرات ، ويجب النص على مشاركة المجتمع ، واستخدام المنشآت القائمة بالمجتمع مثل نوادى الشباب والمدارس.
المواد المطبوعة التى يمكن أن توزع على الجمهور المستهدف ، والتى تركز على الحقائق الأساسية عن استعمال المخدرات والوسائل التى يمكن بها الاستفادة من الخدمات .
الإذاعة والتلفزيون والصحف التى تلعب أدوارا واقعية ومسئولة ..إما فى تبديد المخاوف التى لا أساس لها ، أو تنبيه المجتمع إلى المشكلة.
الأفلام ، والمقالات المطبوعة وحملات الملصقات ، والتى يمكن أن تبث رسائل إعلامية بسيطة وقصيرة.
*****
بعض آثار البرامج الإعلامية
– فى حين أن نهج “الترويع” قد يكون مؤثرا مع من يفتقرون إلى المعرفة أو الخبرة بالمخدرات ، فإنه يمكن أيضاً أن يكون غير ذى جدوى مع آخرين.
– الدقة أمر أساسي فى أى برنامج أن رسالة بأكملها يمكن أن ترفض ، إذا نشأ اعتقاد بأن جزءا منها غير دقيق . وهناك خطر أن بعض الأفراد سوف يستمرون فى استخدام المخدر تحدياً وسيجدون أن مستعطي المخدرات أشخاص جذابون .
– الاتصال الشخصي يسمح بمشاركة أكبر ، لكن المجموعات يجب أن تبقى صغيرة بدرجة تكفل المشاركة النشيطة.
– المواد المطبوعة يمكن أن تصل إلى جمهور أكبر وتتيح وقتاً أكبر لفهم محتواها واستيعابه ومع ذلك ، فإنه ما لم يدرك الجمهور أن هناك حاجة للمعلومات، فإنه من المرجح أنها لن تقرأ.
– وسائل الإعلام الجماهيري التى تستطيع أن تصل لجمهور أكبر- وأن كانت قدرتها محدودة فى معالجة القضايا المعقدة – هى عناصر مساعدة نافعة للبرامج الأخرى.
– في البلاد التى يتعذر فيها الاتصال عن طريق الكلمة المطبوعة بسبب انخفاض معرفة القراءة يتعين متابعة برامج الإعلام لتعدى تأثيرها على جمهور معين إلى كل فئات المجتمع.
الضوابط التي يجب مراعاتها عند مناقشة مشكلة الإدمان
هذه الضوابط هي في تقديري ومن واقع التجارب العملية في مجال الاحتكاك بفئات المرضي المدمنين والشباب الذين هم على حافة هاوية الإدمان وأيضا الشباب الأصحاء وهي :
– يجب أن تخفف الجرعات الإعلامية لتصل إلى الشكل المعتدل المطلوب .
– يجب أن تسير السياسة الإعلامية بسرعة منتظمة متأنية فيما يعرف بسياسة النفس الطويل، و لا يجوز تصور أن مشكلة الإدمان هي مشكلة هذه الأيام من تاريخنا المعاصر، و إنما هي مشكلة العصور وأن استمرارها على مدى الأجيال قائم و جائز فقد تختلف الأساليب و الأنواع التي يتعاطاها المدمن حسب مقتضيات كل عصر، و لكن شذوذ وانحرافات الشباب هو شيء قائم في كل البلدان و المجتمعات .
– ويؤكد ذلك استعراض تاريخ أي شعب من الشعوب في هذا المجال الخاص أو في مجال انحرافات الشباب على وجه العموم .
– يجب ألا تكون الحملة الإعلامية مكثفة في فترة زمنية محددة ثم سرعان ما تنطفئ آثارها وتختفي تماما لأن ذلك قد يشكك في جديتها وقيمتها و قد يبعث على الرجوع للإدمان بشكل أكثر وأعمق .
– أن تكون مقننة و مستندة إلى الإسلوب العلمي السليم .
– أن تبحث المادة الإعلامية جيداً بواسطة المتخصصين قبل وصولها إلى الجمهور وأن يمنع كل من هو غير متخصص في التدخل الإعلامي الذي قد يسيء أكثر مما ينفع.
– أن تكون طريقة العرض الإعلامي على شكل واقع ملموس أكثر من عرضها بطريقة النصائح و المحاضرات النظرية البحتة، وذلك معناه عرض الموضوع في شكل تمثيليات تمس الواقع أو بتقديم نماذج بطريقة غير مباشرة.
– أن تصنف الوسائل الإعلامية تبعاً للفئات الموجهة إليهم ، فهناك فرق بين الإعلام الموجه للمتعاطي، عن الإعلام الموجه للمتاجرين في مواد الإدمان وعن الموجه إلى الوسطاء أو الموجه إلى الشباب الذين نخشى عليهم من الانحراف.
– أن يركز الإعلام على عرض الأضرار ثم يلحق بها مباشرة البديل أو السلوك السليم الذي يحل محل الانحراف .
– أن يركز الإعلام على ما يجب أن يفعله الشباب من إيجابيات و ما هي مجالات العمل و ممارسة الأنشطة و الهوايات لمواجهة الفراغ و مشاكله التي تؤدي به إلى الضياع و الانحراف.
– أن تتوافر الثقة الكاملة بين القائمين على الإعلام وبين قطاعات الشباب وأن تكون الصراحة والصدق والأسلوب المباشر هو الهدف الرئيسي للإعلام.
– أن نفتح المجالات الإعلامية أمام الشباب للمشاركة وإبداء الرأي و الحوار وكذلك أن يكون ضمن فريق العمل الإعلامي مجموعة من الشباب.
– أن تتحد كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الاسلوب و الخطة والهدف بحيث لا يحدث الانشقاق بينهم مما يزيد من البلبلة الفكرية وفقدان الثقة فيها
Discussion about this post