معلولا تاريخ عريق ومنازل متعاشقة وأيقونات مدهشة
تعد قرية معلولا السورية من أقدم القرى المسيحية في العالم وتقع على بعد ستة وخمسين كيلو متراً من دمشق العاصمة السورية وعلى ارتفاع ألفٍ وخمسمائة متر.
والبيوت في قرية معلولا إما معلقة أو محفورة في صخر الجبل. ويوجد في هذه القرية ديران قديمان هما: دير مارسركيس ودير مارتقلا.
ولا يزال أهل قرية معلولا يتحدثون باللغة الآرامية التي كان يتحدث بها السيد المسيح.
وكلمة “معلولا” تعني باللغة الآرامية “المدخل”.
تطالعك بين أحضان جبال القلمون الشاهقة مدينة معلولا التي تقبع على ارتفاع 1500 متر عن سطح البحر لتشرف من علوها المهيب على مكان عمره بعمر التاريخ لتكون شاهدا على حضارات تعاقبت عليها.
وتبدأ هذه المدينة بمنازلها المتعاشقة مع صخورها وقد اصطفت متلاحقة ومتراصفة بشكل مدرجات بالتكشف عليك ما إن تبدأ التفافك بين الجبال باتجاه الشمال الغربي على طريق دمشق حمص
أما جدرانها الصخرية التي تحيط بها من ثلاث جهات فتبدو لك وكأنها كالحارس الأمين .
ولعل تاريخ معلولا العريق والطويل ارتبط بذلك الفج الأسطوري الذي تحكي كهوفه المحفورة بالصخر عن عهود قديمة
عاشت في هذا المكان فيذكرك بأسطورة القديسة تقلا التي آمنت بالمسيح وهربت من اضطهاد والديها الوثنيين ففتح لها الفج لتتوارى في أحد كهوفه العالية بعيدا عن الأخطار حتى مماتها وتدفن في إحدى حجراته ليشيد لها الأهل فيما بعد ديرا في نهايته يسمى باسمها ويتلاصق مع كهفها المرتفع وصخوره والتي أصبحت فيما بعد مقصداً للسائحين والزوار الذين يأتونها من كل أماكن الدنيا.
تدق الأجراس في كنائس معلولا فيعود بك التاريخ إلى آلاف السنين لتعيش حالة من السمو والرفعة عند سماعك قصص نضال القديسين مار سرجيوس ويوحنا المعمدان في كنيسة مار سركيس التي تقبع في أعالي البلدة من الطرف الشرقي
كما تحدثك الأيقونات الأثرية البيزنطية ذات القيمة الفنية عن السيدة العذراء حاملة الطفل يسوع وعن الصليب وعشاء الرب الأخير التي تمثل في نصفها الأعلى المسيح مصلوبا والى جانبيه مريم العذراء ويوحنا الحبيب.
وقرب دير مار سركيس تشاهد كهفاً جنائزياً يعود إلى العهد الروماني تميز بسعته وتزيينه بأعمال فنية منحوتة على سقفه وجدرانه
وفي أسفل البلدة ترى معبداً رومانياً أيضاً توارثت الأجيال المتعاقبة القصص والأساطير حوله وأطلق عليه اسم حمام الملكة تحول في العصر البيزنطي إلى كنيسة.
ويصر أهل معلولا حتى هذا اليوم على التحدث باللغة الآرامية التي يبلغ عمرها 3500 عام وتعليمها لأجيالهم المستقبلية التي جعلت منها هدفاً سياحياً وعلمياً.
يشار إلى أن معلولا مدينة سورية تقع شمال غرب دمشق على بعد 50 كم وترتفع عن سطح البحر بحوالي 1500 متر.. إسمها يعني المكان المرتفع ذا الهواء العليل حسب اللغة الآرامية.
وتشتهر معلولا بوجود معالم مسيحية مقدسة ومعالم قديمة مهمة يعود تاريخها للقرن العاشر قبل الميلاد.. كما أن سكانها منالمسيحيين والمسلمين ما زالوا يتكلمون باللغة الآرامية لغة السيد المسيح حتى اليوم
بجانب اللغة العربية كما في قرية جبعدين وبخعة.
وتزدحم معلولا وأديرتها وكنائسها بآلاف الزائرين في عيد الصليب الذي يصادف الرابع عشر من أيلول وعيد القديسة تقلا في 22 من أيلول وعيد القديس سركيس في السابع من تشرين الأول حيث يتوافد الزوار إلى معلولا للمشاركة في الأعياد المقدسة ويتلاقى الزائرون من دول أوروبا بالزوار من سورية وأنحاء العالم.
معلولا..والآرامية حتى يومنا هذا
تعتبر بلدة معلولا الواقعة شمال شرق العاصمة السورية دمشق، من أقدم البلدات التي ما تزال مأهولة بالسكان منذ تشييدها في الألف الأول قبل الميلاد على أيدي الآراميين،
وحتى اليوم ما برح أهلها يتحدثون اللغة الآرامية إلى جانب اللغة العربية.
ترتفع معلولا 1500م عن سطح البحر، وتقبع وسط جبال القلمون الصخرية الجرداء، ومناخها معتدل الحرارة صيفا وشديد البرودة شتاء، وتحصر الجبال بينها واديا تنتشر فيه الأشجار المثمرة وتنساب فيه الينابيع الباردة
وتشكل بيوت معلولا المشيدة على السفوح لوحة جبلية رائعة الجمال وهي تأخذ شكلا متدرجا جعل بيوتها متراكبة بعضها على بعض،
وبسبب ضيق الوادي حوَّل أهالي معلولا بعض المغاور القديمة المحفورة في الصخور إلى بيوت حديثة صالحة للسكن.
وقد جذبت الطبيعة المنيعة لهذه الكهوف والمغاور القديسين المسيحيين الذين لجؤوا إليها هربا من الوثنية والاضطهاد الروماني الذي لاحقهم قبل أن تدين الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية.
ولذلك لم يكن غريبا أن تضم معلولا العديد من الأديرة والكنائس القديمة التي تعد من معالم الجذب الديني والسياحي للمنطقة
أهمها سيدة معلولا، ويعتبر من أقدم الأديرة في العالم، ودير مارسركيس الذي أنشئ في القرن الرابع الميلادي، ويحتوي على مجموعة نادرة من الأيقونات الأثرية.
والتوجه إلى منطقة معلولا يحتاج إلى قطع مسافة 56 كيلومتراً باتجاه شمال شرقي دمشق، وبسرعة يشعر الزائر بأنه يدخل منطقة تاريخية مظللة بأجواء خيالية.
وتبدو معلولا محفورة بطريقة ساحرة ومدهشة في صخور جبال القلمون المرتفعة ما يقارب 1500 عن سطح البحر، وتظهر بيوتها وكأنها معلقة في الجبال بعضها فوق بعض وبشكل متلاصق،
لتشكّل ما يشبه المدرجات السكنية وهي مطلية بالكلس الأزرق وتتداخل بشكل غريب ضمن تخطيط عمراني طبيعي رسمته التضاريس الجبلية.
وللوهلة الأولى يشعر الناظر إلى المنطقة المرتفعة بالدهشة وهو يعتقد أن ما يراه معرض للسقوط عند أي خللطبيعي حيث البيوت يتكي بعضها على بعضها وسقوط واحد منها يعني تدمير حي بأكمله،
لكن الشكل المعماري يظل متماسكاً طالما أنه منتم إلى الماضي البعيد ومستمر في الوجود طيلة سنوات كثيرة.
ويسبب تلاصق البيوت في معلولا وجود الطرقات ضمن مساحات ضيقة، حيث تتكاثر الممرات المتشعبة والضيقة جداً بينها،
مثلما تتكاثر السلالم الخشبية العالية التي يستخدمها الأهالي للوصول إلى المنازل المحفورة ضمن الكهوف الجبلية،
وتتعدد هذه الكهوف الاصطناعية والطبيعية التي يعود تاريخ بعضها إلى العصر الحجري، حيث استفاد منها السكان لأغراض عدة مثل العبادة والسكن ودفن الموتى،
ويحتوي بعضها الآن على مقابر صخرية كثيرة مبنية على شكل صفوف يتضمن كل منها عشرات القبور، ويعتقد الباحثون بأنها كانت مغطاة ببلاطات صخرية زالت بتأثير الزمن.
ويؤكد تاريخ معلولا أن إنسان كرمانيون سكنها منذ نحو 30 ألف سنة وخلّف وراءه بعض الشواهد المادية التي تدل عليه داخل الكهوف.
سلسلة الجبال: ومعلولا كلمة آرامية تعني المدخل، وجاءت هذه التسمية لوجودها ضمن شعب جبلي جميل يقطع سلسلة جبال القلمون،
ويرتبط هذا المكان بأسطورة أول قديسة مسيحية وهي -تقلا- التي كانت تلميذة بولس الرسول، حيث اضطرت إلى الهرب من أبيها الوثني،
فأرسل مجموعة من الجنود لملاحقتها، وأمرهم بقتلها لأنها مرتدة عن دينه، فوصلت إلى جبل سد عليها الطريق فأخذت تبكي بشدة ورفعت يديها إلى السماء تطلب من الرب المساعدة ليستجاب إلى دعائها وينشق الجبل وتتمكن من النجاة،
وفيما بعد لجأت تقلا إلى إحدى المغارات وأخذت تصلي حمداً لله، وأصبحت لها شهرة واسعة، واستطاعت أن تشفي الكثير من المرضى من علات مستعصية فنالت الحظوة، ومن هنا يقتبس اسم معلولا معناه الثاني أي المكان الذي يقصده المعلولون.
وتوفيت القديسة تقلا في نهاية القرن الأول ودفنت في مغارتها، ويأتي الآن إلى هذا المكان الكثير من الزوار والمرضى أملاً في الشفاء،
ولايزال حتى الآن يقطر الماء باستمرار من سقف المصلى المدفون فيه الجثمان، ويتجمع في جرن حجري شربت منه القديسة في أثناء وجودها في المغارة.ويشكّل دير القديسين سركيس وباخوس الموجود في أعلى الجبل أهم المعالم الدينية والأثرية في معلولا،
وهذان القديسان كانا جنديين في الفيلق الروماني اعتنقا المسيحية سراً ورفضا تقديم القربان لإله الشمس فحكم عليهما بالموت،
لذلك شيدّ فيما بعد دير هذين القديسين مكان المعبد الوثني لإله الشمس بين عامي 313 325 في عهد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين عندما أصبحت الديانة المسيحية رسمية، وأظهرت الاختبارات التي أجريت في ألمانيا أن عمر الجسور الخشبية لمبنى الكنيسة يقارب الألفي عام.
ويلمس الزائر سحر هذه القرية في كل زاوية من زواياها، حيث لايزال الواقع يمتزج بالأسطورة في كل آثارها القديمة وطبيعتها الخاصة،
وكل أثر يبث حكايته التي لا يحتاج الزائر إلى دليل خاص أو اطلاع على الكتب للتعرف الى تفاصيلها فتاريخ المكان مازال مطبوعاً في ذاكرة السكان بشكل دقيق وتتناقله الأجيال تلقائياً.
ويكشف الاختلاط بسكان معلولا عن تميز آخر لهذه القرية المعزولة،
فهي لم تكتسب أهميتها من آثارها الدينية وطبيعتها الجذابة فحسب وإنما من بيوتها التي تحتفظ بروح التاريخ وعبقه القديم، حيث تظهر حجارة الجبال على قسم من الجدران من دون أن تغيّرها عمليات الترميم الحديثة
فتبدو البيوت وكأنها آثار قديمة لأنها مازالت مبنية على طريقة البيوت العربية القديمة المشهورة في منطقة دمشق القديمة،
بينما يعايش السكان هذا التاريخ ليبدو وكأنه حاضر الآن وهم مازالوا ينطقون بلغة السيد المسيح، وهي اللغة الآرامية التي تعتبر من أقدم لغات العالم التي سادت الشرق منذ القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي، واليوم لا يتكلمها أي شعب في العالم باستثناء سكان معلولا.
Discussion about this post