الفصل الثاني
في أن الله يظهر، في سر القربان الأقدس
عظيم جودته ومحبته للبشر
صوت التلميذ
1 – رب، إني اتكالاً على جودتك ورحمتك العظيمة، أُقبل إليك إقبال المريض إلى مخلصه؛ والجائع والعطشان، إلى ينبوع الحياة؛ والبائس، إلى ملك السماء؛ والعبد، إلى سيده، والخليقة، إلى خالقها، والمستوحش، إلى معزيه الحنون!
ولكن “من أين لي هذا: أن تأتي أنت إليَّ؟1“، من أنا حتى تهب لي ذاتك؟ (1) لوقا 1: 43
كيف يجسر الخاطئ على الظهور أمامك؟ وأنت كيف ترتضي أن تأتي إلى الخاطئ؟
أنت تعرف عبدك، وتعلم أن ليس فيه شيءٌ من الصلاح، يستحق له هذه الموهبة.
فأنا أُقر بحقارتي، وأعترف بجودتك، وأُشيد بحنوك، وأشكرك لأجل فرط محبتك.
فإنك لأجل ذاتك، لا لأجل استحقاقاتي، تصنع ذلك، حتى تتضح لي جودتك على وجهٍ أجلى، وتزداد فيَّ محبتك، ويصبح التواضع أعظم قيمةً عندي؟
فإذ قد ارتضيت ذلك، وأنت أمرت أن يكون هكذا، فأنا أيضاً أرتضي بتلك النعمة، وعسى أن لا تحول آثامي دونها!
2 – يا يسوع الجزيل العذوبة والحنو، أيُّ احترامٍ وشكر، بل أي حمدٍ دائم يحق لك عليَّ، لتناولي جسدك الأقدس، الذي لا يستطيع بشر أن يوضح سمو منزلته!
ولكن فيم يجب أن أُفكر عند هذا التناول، حينما أدنو من سيدي، الذي لا أستطيع أن أُكرمه كما ينبغي، وأرغب، مع ذلك، أن أتناوله بورع؟
هل من أفكارٍ أفضل وأنفع لخلاصي، من أن أتضع أمامك اتضاعاً كاملاً، وأُشيد بجودتك غير المتناهية نحوي؟
أُسبحك، يا إلهي، وأرفعك إلى الأبد؛ إني أحتقر ذاتي، وأخضع لك في عمق حقارتي.
3 – أنت قدوس القديسين، وأنا رجس الخطأة، أنت تنعطف إليَّ، وأنا غير أهلٍ أن أنظر إليك!
أنت تأتي إليَّ، أنت تريد أن تكون معي، أنت تدعوني إلى وليمتك! أنت تريد أن تعطيني الطعام السماوي، خبز الملائكة لآكله، وما هو، في الحقيقة، إلاك أنت أيها “الخبز الحي النازل من السماء، والواهب الحياة للعالم1“! (1) يوحنا 6: 51.
4 – من هنا ينبعث الحب، من هنا يسطع الجود! فكم يجب لك علينا من الشكر والتسبيح، لأجل هذه الإحسانات!
ما أنفع وما أفيد ما كان رأيك للخلاص، حين وضعت هذا السر! ويا لها وليمةً عذبةً شهية، اعطيتنا فيها ذاتك طعاماً!
ما أعجب صنعك يا رب! ما أعظم قدرتك وما أسمى حقك عن البيان!
لأنك قلت فكان كل شيء، وما أمرت به قد كان.
5 – إنه لشيءٌ عجيبٌ يغلب إدراك البشر، ويجب الإيمان به إيماناً، أنك أنت أيها الرب إلهي، الإله الحق والإنسان الحق، تحوى كاملاً تحت شكل قليلٍ من الخبز والخمر، دون أن تفنى إذا أكلك متناولوك!
” فيا رب اجميع، الغني عن كل شيء1“، لقد شئت أن تحل فينا بسرك هذا. فاحفظ نفسي وجسدي بغير دنس، لأستطيع، بضميرٍ فرحٍ نقي، ولأجل خلاصي الأبدي، أن أُقدم وأتناول، بتواترٍ أكثر، أسرارك التي رسمتها ووضعتها خصوصاً لأجل مجدك ودوام ذكرك. (1) 2مكابيين 14: 35
6 – إفرحي، يا نفسي، واشكري الله على هذه المنحة السنية، والتعزية الفريدة، التي قد تركها لك في وادي الدموع هذا.
فإنك كلما تجددين هذا السر، وتتناولين جسد المسيح، تتممين عمل فدائك، وتصبحين شريكةً في استحقاقات المسيح جميعها.
لأن محبة المسيح لا تنقص، ووفرة كفارته لا تنضب.
فعليك من ثم أن تستعدي دوماً لهذا العمل بتجديدٍ متواصلٍ في الروح، وتتأملي، بانتباهٍ جزيل، في سر خلاصك العظيم.
فإذا أقمت أو سمعت القداس، فينبغي أن يبدو لك هذا العمل عظيماً وجديداً ومستحباً جداً، كما لو كان المسيح ينزل في ذلك اليوم عينه، لأول مرة، في مستودع البتول، ليصير إنساناً، أو كما لو كان يتألم ويموت معلقاً على الصليب لأجل خلاص البشر.
Discussion about this post