14 – أنبا بيصاريون
قيل عن الأب بيصاريون انه كان كطيور السماء ، وكأحد وحوش البرية ، وكائنات الأرض الزاحفة. أكمل حياته فى سكينة بلا هم. ولم يهتم قط ببيت ، ولا خزن طعاماً ، ولا اقتنى ملبساً أو كتاباً ، بل كان بكليته حراً من الآلام الجسدانية ، راكباً فوق قوى الإيمان ، صائراً بالرجاء مثل أسير الأمور المنتظرة ، طائفاً فى البراري كالتائه ، عارياً تحت الاهوية وكان يصير على الضيقات مسروراً ، وكان إذا وجد مكاناً فيه أناس أو رهبان يعيشون حياة المجمع كان يجلس على الباب باكياً منتحباً مثل إنسان نجا من الغرق. وحدث مرة إن وصل إلى دير فجلس على باب الدير باكياً. فلما خرج أحد الإخوة قال له : لماذا تبكى أيها الإنسان ، اننى مستعد أن أعطيك قدر استطاعتى ما تحتاج إليه من أمور هذه الحياة. نهض ادخل الدير وارح ذلك على مائدة الشركة المباركة.
أجابه أنبا بيصاريون : إلى أن أجد ممتلكات بيتى الذى نهب، وغنى بيت بائى الذى أخذ بشتى الطرق ، لن أسكن تحت سقف لأن قراصنة دفعوا بى فى البحر ، وعاصفة هبت علي ، فتجردت من غناي ، وسقطت عن شرف نسبي أصبحت موضوع احتقار.
فلما سمع ذاك الأخ منه هذا الكلام المحزن. دخل وأحضر له قليلاً من الخبز وقال له : خذ هذا يا أبتاه ، وإله قادر أن يرد لك حاجتك التى ذكرتها. لكن أنبا بيصاريون كان يصرخ ويبكي بصوت عال ويقول : ” آمين. أطلب أنت يا أخي ، كي يرد لي الله شيئاً منها ، إني لست أعلم إن كنت أستطيع الحصول لي ما فقدته ، وما ابحث أنا عنه وهاأنذا فى عذاب ، وقد اقتربت من الموت بسبب العاصفة القاسية المتعددة الشرور المحيطة بي ، وإني أحتمل هذا كله على رجاء رحمة الله التي ربما استحقها فى يوم الدينونة “.
وسأل إخوة بخصوص معنى ما قاله أنبا بيصاريون على باب الدير قائلين: أهو الغني الذي ورثه من أبويه وفقده. ماذا تعني هذه القصة؟ من هما الأبوان؟ ماذا قصد بالكلمات : بحر ، عواصف ، أمواج.
مصدر المقال : موقع الكتاب المقدس و القطمارس
Discussion about this post