بعض تداريب عن التواضع
( أ ) البعد عن المتكآت الأولي (1 )
+ قال القديس باخوميوس :
” اتضع في كل شيء وإذا كنت تعرف جميع الحكمة فأجعل كلامك آخر الكل ، لأنك تكمل كل شيء ” .
+ قال الأب أوراسيوس :
” أن عجينة فطير تطرح في أساس بقرب نهر ، لا تثبت ولا يوما واحدا ، وأما المطبوخة بالنار فتثبت كالحجر ، هكذا كل إنسان ذي عقل بشري ، إذا رئيسا فأنه ينحل من التجارب أن لم يطبخ بخوف الله مثل يوسف ، فالأفضل للإنسان أن يعرف ضعفه ويهرب من نير الرئاسة ” .
قال أحد الآباء :
” لا تسكن في موضع له اسم ، ولا تجالس إنسانا عظيم الاسم ” .
+ قال شيخ :
” أن كل صغير يطرح كلمة وسط شيوخ أكبر منه يشبه إنسانا يطرح نارا في حجر أخيه ” .
+ وحدث مرة :
أن انعقد بالاقسيط مجلس من أجل أمر ما ، فتكلم الأب أوغاريتوس فيه . فقال له القس . ” نحن نعلم يا أبتاه أنك لو كنت في بدلك لصرت أسقفاً أو رئيساً علي كثيرين ، فأما الآن فانك هنا مثل غريب ” . فهز رأسه متنهدا وقال : ” نعم ، إنها مرة واحدة تكلمت فيها ، وإن شاء الله لن يكون لها ثانية ” .
( ب ) قطع المشيئة
+ قال القديس باخومخيوس :” أرفض إرادتكم بالكلية وأفلح الله بكل قدرتك ” .
+ قال مار اسحق :
– لا تسأل أن تجري الأمور حسب هواك لأن الله أسبق معرفة منك بالأصلح لك .
– من يغلب دائماً طلب مشيئة فهو مجاهد نشيط ، والنعمة تفعل فيه بزيادة.
– الذي يحكم عليه مرة ويلام من نيته ولا يقوم عاداته ، ترتفع منه النعمة ، ويترك في التجارب . من وضع قلبه فهو مات عن العالم ، ومن مات عن العالم مات عن الآلام .
+ قال أحد الرهبان :
” لأجل هذا تركت عني إرادتي لكيما أنزع معهما مسببات الغضب الذي يحارب الإرادة في كل حين ، ويقلق العقل ويطرد المعرفة ” .
+ وقال آخر :” لا تطلب أن تلقي فولك قدامك ، فتستريح ” .
+ وقال آخر : ” جاور من يقول : ” أي شيء أريد أنا ؟ ” فبمجاورتك لذاك سوف تجد راحة “
+ وكذلك قيل :” لتكن مشيئة الانسان من بكرة الي عشية بحسب قياس الهي ” .
+ وقال القديس باسيليوس :” علامة التكبر قنوع الإنسان برأي نفسه ” .
+ قال شيخ :” لست أعرف للراهب وقعة ( سقطة ) الا اذا صنع هواة ، فإذا نظرت راهباً قد وقع ( سقط ) فأعلم انه يهواه ، لأنه فعل برأي نفسه ” .
( جـ ) عدم التذمر
+ وقال أنبا باخوميوس :
– إن افترى عليك أحد فلا تفتر عليه أنت ، بل افرح واشكر الله .
– لا تحزن اذا افتري الناس عليك بل بالحري احزن اذا أخطأت الي الله .
– إذا رذلك الناس وأفتروا عليك فلا تحزن لأن ربك دعي ضالا وبعلزبول وبه شيطان ولم يتذمر فاقتن لك وداعة القلب واذكر أن ربك وإلهك سيق كخراف للذبح ولم يفتح فاه .
سأل أخ شيخاً : ” ما هي الغربة ؟ ” .
فقال له الشيخ :” أني أعرف أخا ، هذا خرج ليتعزب ، فدخل الي الكنيسة وأتفق أن كان هناك أغابي ، حيث كان كثيرين مجتمعين ، فلما تهيأت المائدة جلس يأكل مع الأخوة ، فنظر اليه انسان وقال :
” من أدخل هذا الغريب معنا ؟ “.
ثم قال : ” أخرج خارجا ” ، فقام وخرج كما أمر بدون تذمر .
” فلما ابصر ذلك آخرون ، حزنوا وخرجوا فأدخلوا ، فدخل “. ” .
فقال له أخ : ” ماذا كان في قلبك حين أخرجوك وحين أدخلوك . ” .
فقال : ” حسبت اني كلب ، إذ طرد خرج واذا دعي دخل ” .
( د ) الهروب من المجد الباطل
+ وقال أنبا باخوميوس :
– إذا أكرمك إنسان فلا يفرح بل احزن ، لأن بولس وبرنابا لما أكرمهم الناس شقا ثيابهما ، وبطرس وباقي الرسل لما افتروا عليهم وجلدوهم فرحوا لنهم حسبوا أهلا لأن يهانوا من أجل الاسم العظيم .
يا ابني اهرب من مجد الناس . لقد طلبت حواء مجد الألوهية فتعرت من المجد الانساني . كذلك من يلتمس مجد الناس يحترم من مجد الله ، تلك لم تكتب لها كتب ولا رأت مثالا فاختطفها التنين ، أما انت فقد علمت بهذه الأمور من الكتب المقدسة ومن كافة الذين تقدموك فلن تستطيع ان تدافع عن نفسك وتقول : ” لم أسمع ” لأن أصواتهم خرجت الي كل الأرض وكلامهم بلغ الي أقصي ليس لنا عذر نقوله قدام الله اذا وقفنا بين يديه ، هل نقول : ” لم نسمع أو نعرف أو لم يعلمونا ؟ ” هوذا الكتب موجود فيها كل شيء .
+ قال مار اسحق :
الذي يحب الكرامة لا يستطيع أن ينجو من علل الهوان .
كن حقيرا ومزدرى في عيني نفسك فيكون رجاؤك عظيماً بالله . ولا تبغض من أجل أن تكرم ، ولا نحن الرئاسة .
الذي قد أحس بالراحة التي من احتقار الذات أفضل من الذي تكريما من تاج المملكة ، الذي قد أصيب بحب المديح والكرامة من الناس ، ليس لجرحه شفاء ، حتي ولو كان بأعمال سيرته يقوم كثيرين ، ففي العالم المزمع يكون تدبير سيرته مبكتا له بعذاب الجحيم .
+ قال القديس باسيليوس :
” أن أردت أن تكون معروفا عند الله ، فاحرص ألا تكون معروفا عند الناس” .
+ قال شيخ :
” المجد الباطل يتوالد من ثلاثة : طلب التعليم وطلب الاتساع في الأشياء وطلب الأخذ والعطاء ” .
+ قال أنبا بيمين :
” أن اللجاجة والحسد يتوالدان من السبح الباطل ، لأن الإنسان الذي يطلب مجد الناس يناصب الذي يعمل وينجح ويمجده ويحسده ، ولا تضاع هو دواء ذلك ” .
+ قال أنبا بيمين :
” من شان شيطان السبح الباطل أن يعارض الرهبان بعجز فتين : احدهما يقال لها عجرفة علمانية ، لأنها ليست من مناكب السيرة ، وليس أحكامها عائداً إلأي نصب الانسان وتعبه ، مثال ذلك ، النية تجاه الرئاسة ، التباهي بشرف الجنس ، الاغتباط بكثيرة الغني ، بتزين اللباس ، بقوة الجسم ، بفصاحة المنطق ، وكل ما شابه ذلك ” .
أما الأخرى فيقال لها عجرفة رهبانية ، مثال ذلك : ” شدة الصوم والنسك ومداومة السهر ، ملازمة الصلاة ، البعد عن الناس ، التجرد من المقتنيات ومن كل شيء ، وما شابه ذلك .
أما الأخرى فيقال لها عجرفة رهبانية ، مثال ذلك : ” شدة الصوم والنسك ومداومة السهر ، ملازمة الصلاة ، البعد عن الناس التجرد من المقتنيات ومن كل شيء ، وما شابه ذلك .
وهذه الفضائل وأن كانت مرتفعة في ذاتها ، الا أن النية السقيمة تحط من شرفها ، والنتيجة المتولدة من ذلك : إضاعة الأجر ، لأنه مكتوب ” لقد أستوفوا أجرهم” .
+ قال أنبا تيموثاوس :
” إذا أكرمك الناس فخف جدا ، واكره نفسك وحدك ، ولا تستح أن تقر بذنوبك ، وأهرب من كرامة الكثيرين ، لسلا يغرقوا مركبك ” .
+ كان الأب نستاريون يتمشي في البرية مع أحد الاخوة ، فلما شاهد تينا هرب .
فقال الأخ : ” أأنت كذلك أيها الأب تفرغ ؟ ” .
أجاب الشيخ : ” لا ، أفزع يا ولدي ، لكن الهرب أوفق لي ، ولولاه ما كنت قد خلصت من روح المجد الفارغ ” .
+ قال شيخ :
” أما أن تجعل نفسك في وسط الناس بهيمة ، وأما أن تهرب ، ولا تدعهم يلحقون بك ” .
+ سأل أنبا أبرآم مرة أحد الشيوخ قائلا :
” يا أبتاه ، أيهما أحسن ، أنقتني لنفسنا كرامة ، أم هواناً ؟ “
فقال الشيخ : ” أما أنا فأشتهي اقتناء الكرامة ، لأنها أفضل من الهوان ، لأني إذا علمت عملت عملا صالحا ، وأكرمت ازاءه ، أستطيع أن ألزم فكري بعدم استحقاقي للكرامة ، وأما الهوان فيصدر عن أفعال قبيحة تغضب الله ، وتشكك الناس ، والويل لمن قبله الشكوك ، وعلي ذلك فالأفضل عندي هو أن أعمل الخير وأمجد ” . فقال ابرآم : ” حسناً قلت ” .
+ في بعض الأوقات أخبر شيخ روحاني كان قد حبس ذاته وكان مشهورا في بلدته ، وكانت له كرامة عظيمة من الناس فعلم ان انسانا من القديسين ينحل من حياة هذا العالم فقال لذاته ” هلم بنا نمضي نسلم عليه قبل ان ينيح ” ثم افتكر وقال : ” أن خرجت بالنهار فالناس أجمعون يصير لي أيضاً منهم كرامة عظيمة وليس لي في ذلك نياح ، لكن أمضي اليه في الليل وأختفي عن الكل ” .
فلما صنع ذلك أرسل الله له ملايين بمصابيح يسيران بين يديه وجميع شعب المدينة ينظرون إلى كرامته ، وبقدر ما ظن أنه يهرب من سبح الناس هكذا بالأكثر مجده الله ليكمل بذلك المكتوب في المتاب ” أن كل من أتضع ارتفع “
( هـ ) تبكيت النفس
+ وقال أنبا باخوميوس :
– اجلس وحدك مثل وال وحكيم ودن أفكارك ، فما كان نافعا وةموافقا ابقه وأحفظه ، وأما ما كان ضارا فاطرده عنك .
– والآن يا أبني أجعل ناموس الله في قلبك والزم البكاء وأجله لك صديقا وليكن جسدك قبرا لك حتي يقيمك الله ويعطيك تاج الغلبة .
– احفظ نفسك من هذا الذي يجلب عليك تزكية ذاتك ، وازدراء أخيك ، لأنه مبغوض جدا قدام الله ذلك الانسان الذي يكرم نفسه ويرذل أخاه .
+ طلب أحد الأخوة من أنبا آمون الأسقف أن يقول له كلمة :
فقال له الشيخ : ” أمض ، وتمثل في فكرك دائماً خال فعله الشر الذي في السجون ، فأنهم في كل ساعة يسالون عن الوالي وأين هو متي يجيء ، ومتي يجلس للحكم ، ومن شدة فزعهم يبكون ” .
وهكذا سبيل الراهب أن ينظر دائماً إلي نفسه ويبكتها قائلا : ” ويحي كيف أقف أمام منبر المسيح ، وكيف أستطيع أن أجيبه ، فإن كان يتلو ذلك دائماً فأنه يستطيع أن يخلص ” .
+ قال أحد القديسين :
” الذي يلوم نفسه في كل شيء فأنه يجد رحمة أمام الله ألهنا “.
+ قال قديس :
” من لا يضر ذاته فلا يضره إنسان “.
+ قال راهب :
” الطريق المخلصة هي : أن يرجع الراهب باللائمة على نفسه “.
+ قال شيخ :
” تشبه بالعشار ، لئلا تدان مع فريسي “.
+ قال القديس برصنوفيوس :
” إن نحن أتضعنا فإن الرب يطرد عنا الشيطان لذلك يجب علينا أن نلوم أنفسنا في كل حين وفي كل أمر لأن هذه هي الغلبة “.
+ قال آخر :
” أشرف أعمال الرهبنة أن يحتقر الإنسان نفسه دائما ، ويرد اللوم عليها “.
+ سأل أخ الأنبا بيمين :
” كيف أستطيع ألا أقع في الناس “.
فقال : ” إذا لام الإنسان نفسه حينئذ يكون عنده أخوه أكرم منه وأفضل ” . وإذا ظن في نفسه أنه صالح ، حينئذ يكون عنده أخوه حقيراً ومهاناً ويقع فيه” .
+ قال أخ أنبا النيس في معنى تحقير الإنسان لنفسه ، فقال له : ” هو أن ترى كل الخليقة حتي البهائم أخيرا منك ، وتعلم أنهم لا يجانون ” .
+ قال مار اسحق : ” يتقدم الآلام جميعها ، عزة النفس ومحبة الذات “.
+ قال نبا يوحنا : ” تركنا الخدمة الحقيقية التي هي أن نلوم أنفسنا ، ولازمنا الخدمة الثقيلة التي هي أن نمجد أنفسنا “.
+ قال أنبا أغريبوس : ” رأس الحكمة هو ذلك الوقت الذي فيه تلوم نفسك وحدك “.
+ مضي البابا ثاؤفيلس بطريرك الاسكندرية إلى جبل نتريه ، وجاء إلأي أب الجبل ، وقال له : ” ما هو أفضل شيء وجدته في طريقة جهادكم هذه ، يا أبتاه ” .
فقال البابا : ” بالحقيقية ، هذه هي الطريقة الفاضلة التي لا يوجد قط أفضل منها “.
( د ) عدم الإدانة
+ وقال أنبا باخوميوس :
لا تحتقر أحدا من الناس ولا تدنه ولو رأيته ساقطا في الخطيئة ، لأن الدينونة تأتي من تعاظم القلب ، أما المتضع فأنه يعتبر كل الناس أفضل منه . فبأي حق تدين عبدا ليس لك ، فأن سقط لربه ، فربه قادر أن يقيمه .
+ سئل القديس برصنوفيوس :” من أين تعرض حركة الجسد ” .
أجاب : ” حركة الجسد تكون من التهاون لأن التهاون يخطفك وأنت لا تدري ، لأنك تدين أخاك وتحكم عليه ، فمن هنا تسلم ” .
+ قال شيخ :
” كما أن الميت لا يتكلم المبتة ، كذلك المتضع لا يزدري أحداً ، حتي ولو رآه للأصنام ساجداً ” .
+ قال مار باسيليوس :
” ماذا ينفعني إذا أتممت الفضيلة كلها ، ثم أقول لأخي ” يا أحمق ” فأكون قد استوجبت جهنم ، هوذا السليح يعقوب يقول : أن تمم الانسان الناموس كلمه وأخطأ في أمر واحد ، فهو في الكل مدان ، لن تستطيع ادراك شيء من مرضاه الله بغير أتضاع ، فلا تفرغ أفكارك في استقصاء عيوب الناس وخطاياهم ، ولكن تفرغ لتفتيش عيوبك وخطاياك ” .
( ز ) احتمال التوبيخ
+ وقال أنبا باخوميوس :
” اذا توبخ أحدنا من أحد إخوانه ولم يقبل بل حقد عليه فقد اغتالت الشياطين نفسه ” . ولست أقول ذلك فقط بل وان لم تعتبره كطبيب معالج فقد ظلمت نفسك ، لأنه ماذا تقول فيما أصابك . ألست تعلم أنه قد نظف أوساخك ؟ فسبيلك أن تعترف له كطبيب أرسله المسيح اليك ، فإن كنت تحب المرض فلا تحتج على البريء أما هذا الوجع الذي ظهر لك فذلك دليل علي ضعف نفسك ولولا ذلك ما كنت تحزن من الدواء .
لذلك ينبغي أن تعترف بالفضل للأخ لأنك به عرفت مرضك القاتل . فعليك أن تقبله مثل دواء شاف مرسل من عند يسوع المسيح ، ولو أنك لم تقتصر علي عدم شكره فقط بل خلقت حوله شكوكا . وقد كان الأحرى بك أن تقول ليسوع المسيح :
” لست أريد أن تشفيني ولا أشاء أن أقبل شيئاً من أدويتك ” .
الأحزان هي مكاري يسوع ، فمن أراد أن يبرأ من استقامه يلزمه حتما أن يصبر علي ما يرد عليه من الطيب . ولعمري أن المريض ليس من شانه أن يستلذ الكي والبتر أو شرب الدواء النقي . بل من طباعه أن يبغض الأدوية ولكنه لا يقانه انه بلا علاج لن يحصل على الشفاء فغنه يدفع ذاته للطبيب عالما أنه بالأدوية المرة يتخلص من الأخلاط الضارة الردئية . فمكوي يسوع هو ذاك الذي يهينك لأنه أن كان يشتمك إلا أنه يريحك ويخلصك من السبح الباطل . ودواء يسوع المنقي هومن يرذلك ويوبخك لأنه يريحك من الاستنعام فغن لم تحتمل شرب الأدوية تظلم نفسك وحدك أما الأخ فلم يسبب لك ضررا ما .
+ وقال شيخ :
” سبيلنا أن نعلم انه لا يوجد أصدق ممن يذمنا ويبكت أعمالنا . وينبغي لنا أن نراعي مذلتنا ، لأن الذين يراعون مذلتهم ويتحققونها يطحنون ابليس المحتال ” .
اخبروا عن راهبين قديسين . كانا أخوين وسكنا البرية ، فحرص الشسطان علي أن يفرق بينهما ، ففي بعض الأيام أوقد الصغير منهما سراجا ووضعه على منارة ،وبحيلة من الشيطان وقع السراج وانطفأ ، فحينئذ حرد الكبير وضربه ، فصنع الصغير له مطانية وقال له : : لا تضجر يا أخي أطل روحك علي وأنا أوقدها مرة أخرى ” ، فلما أبصر الرب صبر الأخ ، عذب ذلك الشيطان إلى الصباح .
ثم ذهب ذلك الشيطان فأخبر رئيس الجن بما كان ، وكان كاهن الأوثان ، الذي يخدمهم موجودا ، فلما سمع هذا الكلام ، ترك كل شيء وآمن وترهب ، ومن بدء رهبانيته ، كان يستعمل الاتضاع الكامل .
وكان يقول : ” أن الاتضاع يقدر أن يقهر ويحل ويبطل كل قوة العدو ،وقد سمعتهم يقولون لبعض : ” أنه كلما ألقينا السجس بين الرهبان ، نجدهم يتلقونه بالأتضاع ، ويعمل بعضهم لبعض مطانيات ، فكانوا بذلك يبطلون قوتنا ” .
كان شيخ قديس ، إذا قام بخدمة القداس ، يري ملاكين واقفين ، واحدا عن يمينه ، والآخر عن يساره ، هذا كان قد أخذ نسخة القداس ، من واحد من ذوي البدع في الايمان ، وإذ كان ساذجا ، لا يعرف تحرير الآراء الالهية في تقديسه بسذاجة ، فقد كان يقول كما في النسخة ، ولا يعلم انه يغلط ، وبتدبير من الله ، زاره شماس ، راهب ، عالم ، فلما خدم الشيخ القداس بحضرته قال له : ” هذا ليس قول أصحاب الأمانة الصحيحة : ، وإذ كان الشيخ يبصر الملاكين في قداسه ، فإنه لم يلتفت إلى قول الشماس .
أما الشماس ، فأنه لبث يقول له : ” غلطت يا أبي ، والكنيسة الأرثوذكسية ، لا تقبل هذا القول : ولما رآه الشيخ لا يكف عن توبيخه ، التفت الي الملاكين ، وقال لهما : ” ما معني قول الشماس ؟ ” فقالا له : اقبل منه ، فقد قال لك الصواب ” ، فقال لهما الشيخ : ” وأنتما ، ما بالكما لم تقولا لي ؟ ! ” فقال : ” ان الله رسم هذا التدبير ، أن يصلح الإنسان ، إنسانا مثله ” ، فانصلح رأي الشيخ من لك اليوم ، وشكر الله تعالى ، والشماس .
Discussion about this post