وصـايا الله العشر: السادسة والتاسعة
لا تزن – لا تشته امرأة قريبك
أنا هو الرب إلهك الذي يهبك الحياة والمصير
يريد الله منا أن نحفظ الأمانة في الحب والزواج
مقـدمة
“الله محبة. وهو يحيا في ذاته سر اتحاد ومحبة. والله بخلقه إنسانية الرجل والمرأة على صورته قد وضع فيها الدعوة إلى المحبة والاتحاد وبالتالي الإمكانية والمسؤولية المناسبتين” (ش.ع11).
يؤثر الجنس في جميع وجوه الشخص البشري ضمن وحدة جسده ونفسه. وهذا يتعلق خصوصاً بالانفعالات العاطفية، بإمكانية الحب والإنجاب وبوجه عام بإمكانية عقد روابط اتحاد بالآخرين وبوعود إلى كل من الرجل والمرأة أن يعترف بهويته الجنسية ويتقبلها. فالخلاف والتكامل موجهان إلى خير الزواج وتفتح الحياة العيلية. وإن الله بخلقه الكائن البشري مح الكرامة الشخصية على حد سواء للرجل والمرأة وكل من الجنسين هو صورة لقدرة الله وحنانه بكرامة متساوية. وجاء يسوع ليعيد الخلق إلى صفاء أصوله وفي عظته على الجبل يشرح فكر الله:
“سمعتم أنه قيل لا تزنِ. أما أنا فأقول لكم: إن كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه”
(متى5/27-28). لقد فهم تقاليد الكنيسة أن الوصية السادسة تتناول كل وجوه الجنس البشري.
1- الاستمرارية والتحول في فهم الجنس والزواج
إن الوصيتين السادسة (لا تزن) والتاسعة (لا تشته امرأة قريبك)، توجهان انتباهنا إلى الحدود والأطر التي خارجاً عنها لا يثبت النظام الأخلاقي للجنس وللعلاقة بين الرجل والمرأة والمقصود منها مواقف وطرق سلوك تستند إلى الزواج على أنه مؤسسة ضمن المجتمع.
للوصيتين معنى عميق بالنسبة للتوجه الأخلاقي لكلا الجنسين وفي العهد الجديد ثبت النظام الذي وضعه الله. ففي الزواج ينعم الرجل والمرأة بالكرامة عينها أمام الله وفيه هما متحدان بالأمانة ويختبران معاً نعمة الله ومعونته.
ورباط الحب والأمانة المتبادل يقصي كل علاقة جنسية وكل تصرف في ميدان الجنس لا يتطابقان مع الأهداف الشاملة للحياة الجنسية الإنسانية. هذه الرؤية المسيحية تتعرض في مجتمعنا إلى انتقادات شتى، فالزواج لم يعد مرجع الحياة المشتركة بين الرجل والمرأة.
(فهناك العلاقة الجنسية قبل الزواج، وزواج التجربة، والزواج من دون شهادة زوجية.) إلى حد أننا نصادف مواقف رافضة لتوجيهات الكنيسة الأخلاقية الجنسية والزوجية، ويرفض البعض تعليم الكنيسة الأخلاقي بسبب ما اتسم به في الماضي من تركيز على الوصية السادسة.
فروحانية المحبة والرحمة كانت في أغلب الأحيان غائبة. وتقوم مهمة الكنيسة اليوم أن تعلن تعليماً عن العلاقة بين الزوجين تستوحيه من روح الإنجيل، تظهر فيه الأخلاق الجنسية والزوجية أخلاقاً صالحة للإنسان، عليها أن تساعده على اكتشاف القيم المحفورة في معنى الجنس الإنساني؛ والتي يتم التعبير عنها فيه.
2- معنى الجنس الإنساني
1 – المعنى الشخصي للجنس:
يحمل الإنسان السمة الجنسية في كل ذاته جسماً ونفساً. ولكي يكون الإنسان ذاته، ينبغي له أن يقبل بالسمة الجنسية التي تطبع كيانه الفردي.
فالجنس حقيقته مكوّنة الإنسان في كليته الرجل والمرأة موجهان إحداهما للآخر، يحب أحدهما الآخر وبجعلهما الحب واحداً، إذ أن الرجل والمرأة يلتقيان كشخصين في الحب؛ إن تكوين هذه العلاقة ونضجها يعبر عنهما بطريقة جسدية، وينبغي للرجل والمرأة أن يعطياها شكلاً ذا معنى.
والخط يكمن في أن يكتفي الإنسان بذاته فيهُمل ما هو شخصي وما هو علاقة بالآخر.
في الجنس سعادة واكتمال، ولكن فيه أيضاً سلطان الشهوة والأنانية المدمرة والشعور بالذنب والتعسف الذي تعانيه المرأة من قيل الرجل ويعانيه الرجل من قِبل المرأة، والاستغلال الشائك والإساءات الجنسية.
من هنا أهمية أن ينظم الإنسان حياته الجنسية الخاصة على قاعدة المحبة (محبة الله والقريب والذات)؛ وعلى احترام الدائرة الجنسية الحميمة لدى الذات ولدى الآخر.
الكائن نفسه وحده قادر على معرفة الحشمة والشعور بها. ومن أجل تنظيم صحيح للجنس لابد من قدرة على التمييز بين الخير والشر وتيقظ الروح؛ وتنظيم الحياة الجنسية بطريقة شخصية هو ثقة الإنسان بذاته وبوضعه الجسدي.
وما نعرفه عن كرامة الحياة الجنسية وقيمتها، عن عطيتها ومهمتها، عن السعادة التي تمنحها وعن وهنها، إنما ينجم كله عن اختبارنا وتفكيرنا.
في الإيمان بالله، نرى في الحياة الجنسية أن الإنسانية هبة وعطية من حب الله.
2- الحب والأمانة إلى الأبد والزواج الذي لا يُفسح:
ما من أحد يستطيع العيش من دون حب، فالإنسان يبقى أمام ذاته كائناً غامضاً، وحياته لا معنى لها إن لم يتجلّ له الحب. والإنسان يعبر عن الحب بالانجذاب بالإعجاب والفرح والكرامة وأخيراً بالنَعَم التي نقولها للآخر الذي نحبه من أجل ذاته. ويكتمل الحب الزوجي في الأمانة مدى الحياة. ففيها يتحقق العطف والالتزام والتضامن فإذا تحقق العيش لهذه الأمانة، يساعد الزواج على رؤية تجلي محبة الله. إن يسوع قد بشرّ وطالب بحب يشمل الإنسان كله وتكون قاعدته محبة الله.
ويتضمن مطلب المحبة الأساسي الذي تحد عنه يسوع، الحب الجنسي أيضاً؛ وإن لم يتكلم عن الحب الجنسي بوجه صريح؛ إلا أننا يمكننا افتراضه من خلال تقديره الكبير للزواج، ويربطه يسوع بعمل الخلق الذي قام به الآب.
في عرف الإيمان الكاثوليكي.
الزواج المبني على السر هو عهد يُظهر بطريقة خاصة حب يسوع المسيح لكنيسته. لذا لا يُفهم الزواج ولا يُعاش كسِرّ إلا من خلال هذا السر وحده. إنه طريقة لاتباع المسيح. تؤكد الكنيسة طابع السر الذي لا ينحل ورسالته التي ترينا في الخليقة التي بدأت مع يسوع إن الدعوة إلى الأمانة في الجماعة الزوجية لا تتجزأ ولا تنقطع تفسح في المجال لإمكانية حياة يشهد فيها الأزواج بأمانة أحدهم للآخر لأمانة المسيح لكنيسته.
الزواج المسيحي سر يتم فيه الاتحاد الزوجي، لا يُفسد لا من قبل الأزواج أنفسهم (لا انحلالية الزواج الداخلية) ولا أن يُلغى من قبل أي سلطان مهما كان (لا انحلالية الزواج الخارجية) كل فشل في الزواج هو أليم للمعنيين به ويخلف وراءه جروحا وعواقب اجتماعية وخيمة. هناك أزواج تركهم شريكهم والبعض الآخر أبعدتهم الحياة فلم يعد ممكناً المصالحة. ويتضح للبعض الآخر أن الزواج الذي عقداه لم يكن زواجاً صحيحاً.
ومنهم ابتعد كلياً عن الكنيسة، ومنهم من طلّق وتزوج زواجاً مدنياً. وبحسب النظام السائد في الكنيسة لا يمكن أن يُقبل لتناول الأسرار هؤلاء المطلقون.
والكنيسة على بينة من ألم الكثيرين من الأشخاص وتتألم معهم، وتسعى من خلال الخدمة الراعوية واللاهوت إلى مساعدتهم بطريقة تتوافق مع وصية يسوع حول الأمانة النهائية في الزواج.
إن الزنى قد عُدّ في الكنيسة منذ البداية طعناً خطيراً بنـزاهة الزواج الأخلاقية، وقد أدرجه التقليد المسيحي ضمن الخطايا الجسيمة مع الجحود والقتل، ويكون للزنى في أغلب الأحيان قصة خلفية: فقدان الحوار, إدارة غير كافية للصراعات,
تهامل في انتباه الواحد للآخر، عدم الاكتفاء الجنسي داخل الزواج , موقف المحيط من الجنس والأمانة الزوجية, تنافر عيلي, ضغوطات اجتماعية ومهنية. إن الزوج الذي يكتشف الآخر قد زنى، يشعر غالياً بإهانة جسيمة وبضربة للأمانة الزوجية من هذا المنطلق يكون الزنى خطأ جسيماً ضد الحب والأمانة الزوجية وضد رباط الزواج وضد سر حب المسيح.
منذ البداية رفضت الكنيسة الحرية الجنسية ومعاشرة المومسات والخيانة الزوجية، على أنها أعمال محظورة أخلاقياً، بل هي ظلم حقيقي .
فالأمانة في الزواج تتعارض مع ما يسمى “بالزواج المنفتح” الذي يقر به الزوجان أحدهما للآخر بحق إقامة علاقات جنسية خارج الزواج فحرية كهذه هي علاقة احتقار لكرامة الشخص البشري تؤدي إلى إذلال متبادل وفسخ للزواج. ففي الزواج الأسراري يحصل الأزواج المسيحيون على قوة الثبات في عهدهم وأمانتهم في عهد محفور في محبة الله لكنيسته وأمانته لها.
3 – المساواة في الحقوق، الشراكة والمؤسسة:
الحب يوحد الشريكين ويضعهما في المرتبة ذاتها ويقرّ لهما بالقيمة ذاتها تكتمل رؤية الزواج كمؤسسة هدفها الإنجاب وتربية الأجيال. إلا أن هذا الاعتراف بأن المرأة تنعم بالمرتبة نفسها والقيمة نفسها وخصوصاً بالحقوق نفسها، لم يفرض ذاته بعد في العالم كله.
لقد أوضح المسيح بتصرفه كرامة المرأة وقيمتها المساوية للرجل وفي تصريحاته عن الزواج ولا سيما في كلامه عن تحريم الطلاق كان أول موقف واضح من كرامة المرأة. ويشدد على أن المرأة ليست ملكاً يخص الرجل وأن الرجل ملزم بالأمانة على غرار المرأة.
وبهذا أثبت مطلباً أخلاقياً يرمي إلى تحقيق مطلب الحب في العلاقات بين الزوجين.
إن مثل حب المسيح للكنيسة وخدمته لها كان من شأنه أن يبدّل موقف الرجل من المرأة، ليصير حباً يعطي ذاته بدلاً من ممارسة سلطة تحمل طابع الزعامة الأبوية، لا شك أن الفكرة السامية عن الزواج الموسعة في رسالة أفسس (5/21?)
مثالاً يتعّذر بلوغه في هذا العالم، إلا أنها تكشف رؤية تدل على أن الحب والأمانة ممكنان في الزواج.
إن المرأة حتى اليوم لا تنعم دوماً بهذا الاعتبار وهذا الاحترام اللذين هما حق لهاز للرجل والمرأة القيمة نفسها إلا أنهما لا يتماهيان. فكل من يظن أن المساواة في القيمة ينتج عنها أنه يجب على المرأة أن تشبه الرجل في كل شيء، يجعل خطأ من الرجل مقياساً للإنسانية.
الإنسانية الحقيقية تقتضي أن يكون الرجل رجلاً كلياً والمرأة امرأة كلياً، وأن يكمل أحدهما الآخر.
الجماعة الزوجية تدرك اليوم كشكل إنساني للزواج، أن الزواج بين شريكين يعيشه الزوجان
كمكان خاص للاهتمام الشخصي والآخر والثقة والأمانة منفتح على كل مسؤول للحياة. ويتطلب الزواج اليوم “الكثير من قدرة الأزواج على الحب ومن نزاهتهم الواحد تجاه الآخر، ومن قدرتهم على النضج خلال المراحل المختلفة من الحياة الإنسانية، ومن استعداهم لحل صراعاتهم”
إن الصعوبات والصراعات داخل الزواج يعود سببها جزئياً إلى ظروف حياتية موضوعية؛ وجزئياً إلى أخطاء ذاتية في التقويم
وكثيراً ما يكون سببها أيضاً تصرفات هي نتيجة الخطيئة، فالطلاق يجر وراءه آلاماً عن الأولاد إذ يبقون “أولاد مطلقين”؛ وجروحات عند الشريكين.
ماذا يقول الاختبار الإنساني والإيمان المسيحي ؟
* إنّ جماعة الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة هي الجماعة الأكثر وداً بين البشر، تتضمن العفوية والانفعال والثبات والديمومة.
وفي القبول المتبادل يتبادل الزوجان قبول الحياة معاً والزواج والعيلة والأولاد معاً في السراء والضراء.
* الوعد الزوجي الصريح هو فعل التزام يقوم به الشريكان. وهو يحرر من كل تصرف اعتباطي ومن كل المواقف المتقلبة، ولا يني يشير إلى ما يوحدهما.
* الجماعة الحميمة المكونة من الشريكين هي دوماً جماعة مسؤولة أمام المجتمع، لذلك فالوعد العلني هو على نحو ما تثبيت لصدق إرادة الارتباط ارتباطاً دائماً؛ ويتضمن هذا الوعد العلاقات الشخصية العامة
إنه حماية واعتراف، مساندة وشهادة. ودون هذا الوعد العلني الثقة تضحي في خطر دائم.
* النظم الناجمة عن المؤسسة لا تنفي وجود الصراعات والأزمات في العلاقات بين الشريكين، إنها تمثل تحريضاً ودعوة للزوجين كي يبقيا أمينين للرضى وأن يسند الواحد الآخر.
والزوجان بارتباط أحدهما بالآخر، يتخلّيان عن الامتيازات التي يعتقدان أنهما يمتلكانها، فيساعد أحدهما الآخر، ضمن مسؤولية مشتركة أمام الله.
وهكذا يستطيع الزواج المسيحي أن يكون المكان الحي لتوافق الزوجين، ومهما تكن الصعوبات التي تواجه الزواج، غير أنه يبقى منفتحاً على حياة مشتركة في الإيمان والرجاء والمحبة.
3- أسئلة حول الجنس قبل الزواج وبعده
1 – الانتعاش الشخصي للحياة الجنسية الخاصة
إن مهمة تنظيم الحياة الجنسية الخاصة في انتعاش الشخص هي مسيرة تمتد على طول الحياة
وتتضمن هذه المسيرة جهوداً ومصاعب من بينها، نشهد أشكالاً من السلوك الجنسي لا تتطابق مع المعنى الكامل للحياة الجنسية الإنسانية.وأحد هذه الأشكال الاستنماء (العادة السرية).
تلاحظ الإثارة الجنسية، من وقت لآخر، منذ الطفولة الأولى وليس لها أية علاقة بالموقف الجنسي غير الطبيعي، ومن ثم لا ينبغي أن تكون موضوع تهديد أو عقاب من قبل الوالدين أو المربين.
في المراهقة قد يستسلم البعض للنزوة الجنسية وبعض الأحيان تقود الحشرية إلى اختبار القوة الجنسية الناشئة، والعزلة والفشل والإثارة من محيط مشبع بالجنس والرغبة في الاكتمال كلها فرص للاستمناء.
هذه الحالات تدل على أن صهر الحياة الجنسية في الشخصية لم ينجح كلياً بعد.
فقد يعبر الاستنماء عن نقص في النضج أو علاقة نرجسية مع الذات وقد يؤدي إلى تصرف أخلاقي شاذ.
من الممكن أن يلجأ البالغون إلى الاستمناء من جراء ظروف خارجية كالمرض والعزلة وغياب الشريك وهذا أيضاً تعبير عن انطواء عن الذات.
لمعرفة ما إذا كان الاستمناء يشكل ذنباً وهو إلى أي حد هو ذنب، يجب النظر إلى درجة الوعي والحرية التي يتضمنها كل مرة. المسألة الحاسمة هي أن نعرف إن كان هناك إرادة تسعى إلى تربية الحياة الجنسية أم أننا أمام انطواء مذنب على الذات.
2 – العلاقات الجنسية قبل الزواج
كل طرق اللقاءات بين الجنسين (مدرسة، عمل، لعب، رقص، عطل) يحتل عامل الفتنة والتوتر الجنسيين محلاً كبيراً وقد تقود هذه اللقاءات إلى علاقات جنسية وتعلم الكنيسة الكاثوليكية بالانسجام مع التقليد المسيحي، إن الزواج هو الموضع المناسب للتعبير عن الجنس والاندماج الجنسي.
إن الفترة التي تسبق الزواج ينبغي للأشخاص أن يبحثوا عما إذا كان باستطاعتهم أن يتفقوا معاً عن مفاهيمهم ومصالحهم الحياتية، ويجب على كل منهما أن يتمكّنا من استرجاع حريته إذا تبين له أن الشروط من أجل زواج ناجح غير متوفرة كثيراً
ما نسمع بأن على المرء أن يجرب قبل الزواج إذا كان يتفق مع الآخر من الناحية الجنسية هذا المفهوم يجهل أن الزواج نفسه ونجاح الحياة الجنسية في الزواج يشكلان مسيرة فيها الفرح والحزن العسر والإخفاق إن امتحان الحياة الجنسية لا يعطي أية ضمانة و لا أي يقين من نجاح الزواج في المستقبل.
فإن العلاقات الجنسية المبكرة من شأنها أن تقود إلى أن يخدع الواحد الآخر في علاقاتهما الحقيقية
بحيث أن خيبتهما تكون أكبر في الزواج.
من المهم أن يفهم اللذان يحب إحداهما الآخر أن الطريق التي تقود إلى الزواج ويعيشاها كمسيرة بالغة الأهمية على الصعيد الإنساني والأخلاقي والديني تفترض أشكالا كثيرة من اللقاءات.
قبل الشركة الجنسية الكاملة هناك طيف واسع من العلاقات الجنسية تتفرع فيها كثافة التعبير وأشكاله متعددة. إلا أن الحدود الضرورية يمكن احترامها إلا ضمن جهد رصين في السيطرة على الذات وفي احترام الشريك.
3 – المساكنة خارج الزواج
تظهر المساكنة بأشكال مختلفة: العيش معاً لفترة من الزمن العيش مع تفكير في زواج لاحق، المساكنة كبدل عن الزواج، فهؤلاء يرفضون الزواج كمؤسسة، وهناك حوافز مختلفة للمساكنة فالبعض يخافون من الارتباط والبعض الآخر بسبب الطلاق المتزايد أو من ضعف ثقتهم بالزواج وتأثراً بالرأي القائل بعدم ضرورة وثيقة الزواج للعيش معاً.
من الناحية الموضوعية ينقص هذه المساكنات الحياتية عناصر ثلاثة:
* العزم والقدرة على اتخاذ قرار واضح.
* شهادة المجتمع لقصدهما الارتباط في الأمانة ارتباطاً دائماً.
* حماية الجماعة القانونية التي لابد منها للجماعة الزوجية والمجتمع أضف إلى ذلك أنه قد يشعر شخص ما بالخيبة، إذا فهم أن الآخر لا يقاسمه حياته إلا طالما كان ذلك مفيداً له.
فالمسيحيون الذين يعيشون في المساكنة خارج الزواج ويرفضون الزواج من حيث المبدأ يستخفون بمعناه الديني ويحرمون مساكنتهم من عطية نعمة السر التي تُمنح في الزواج.
ولا تستطيع الكنيسة أن توافق على مثل هذه المساكنات بيد أنها تريد أن تبقى في حوار مع الأشخاص الذين يعيشون المساكنات خارج الزواج وأن تحافظ على الرباط معهم؛ وعلى الكهنة أن يجتهدوا بفطنة ورزانة في الحفاظ على الاتصال معهم وأن يسعوا إلى معرفة أسباب اختيارهم وأن يحثوهم قدر المستطاع على تنظيم وضعهم. كما ينبغي لتربية الشبان الدينية والأخلاقية أن تنقل إليهم معنى الأمانة هذا، الذي من دونه لا وجود للحرية الحقيقية.
4 – العلاقات اللواطيّة
اللواط ظاهرة متشعبة الأبعاد فهناك اللواط المرتبط بالتطور عندما تحدث أعمال لواطية في سن المراهقة، ويعد لواطاً مرتبطاً بالظروف، يزول متى صارت التصالات مع شركاء من الجنس الآخر ممكنة. وهناك تصرف لواطي هو الحياة الجنسية المزدوجة مع شركاء من الجنس نفسه وهناك أخيراً اللواط الحصري الحقيقي المبني على ميل عميق يحمل الشخص اللواطي وبصورة دائمة إلى أشخاص من ذات الجنس؛ يصل هذا اللواط الكامل إلى العيش المشترك في المساكنة التي تدوم بعض الوقت.
ومهما يكن، فمن الناحية الأخلاقية، ليست مسؤولية الشخص اللواطي عن أفعاله اللواطية أقل من مسؤولية الشخص الذي يميل إلى الجنس الآخر.
وبالمقارنة مع الميل إلى الجنس الآخر. يتضمن اللواط بعض الحدود. فالأفعال اللواطية تقصي من حيث المبدأ الانسجام الحقيقي لثنائية الجنسية وإنجاب أي نسل؛ من هنا يشعر اللواطي بميله كأنه شخص مختلف.
من المهم لهؤلاء الأشخاص، على الصعيد الأخلاقي، أن يجتهدوا أن لا يقعوا فريسة حياتهم الجنسية، وأن يوجهوها نحو قيم وأهداف إنسانية وأن يحترموا كرامتهم كأشخاص وأن يتجنبوا أن يكون مسلكهم سبب عثرة أو إغراء للآخرين. والجميع مدعوون، في المجتمع، إلى التحلي بروح التفهم حيال الأشخاص الذين عندهم استعدادات لواطية.
5 – إباحية الجنس وتصويره
إن تسليم الجسد إلى البغاء وتصوير تصرفات غير محتشمة في الإباحية هي من أقدم أشكال الانحراف الجنسي, البغاء هو إقامة خدمة جنسية لقاء أجر.
يُوهب الجسد من دون أي تعبير عن الحب ومن دون السعي إلى علاقة إنسانية أكثر عمقاً. قد ينجم البغاء عن الفقر أو عن تبعية مشينة أو عن عدم الشعور بالأمان والطمأنينة؛ والبغاء يسيء إلى كرامة الشخص بذاته ويذل الوقت عينه شريكه الجنسي، في البغاء تتحد الأجساد منفصلة عما ينبغي أن تعبر عنه أي الحب والأمانة فلذلك البغاء هو عمل لا أخلاقي ومناقض للاحترام المسيحي للجسد.
الإباحية تعني وصف الوقائع الفاحشة أو تصويرها وهذا منافي للقيم الإنسانية المقبولة عامة.
وتضحي المرأة فيها موضوع إغراء للرجل، حيث لا يُعار الاعتبار إلا للشباب والصحة والجمال الخارجي والقوة الجنسية.
وغالباً ما تعرض صور ومشاهد تنتهك حرمة الدائرة الحميمة من حياة الإنسان إن خطر الإباحية يكمن في نقل مفهوم للكائن الإنساني يحتقر كرامة الإنسان ومسؤوليته. وهذه تهدد الشباب بوجه خاص.
خاتمة
لا تتطلب أخلاقية الحياة الجنسية مراعاة عدد من القواعد الأخلاقية وحسب بل تفترض اعتباراً للذات وللآخر يحترم كيان الإنسان. المقصود في كل هذا هو أن يعي الإنسان مسؤوليته ويكون على استعداد لمراقبة ذاته والثبات والأمانة.
يعلم المسيحي أنه بحاجة إلى المجتمع والكنيسة ليزوّداه بمرجع للقيم والتوجيهات التي يمكنها أن تساعده على تكوين حكم شخصي. وفق ذلك كله، يعرف الصلاة وقدرة نعمة الله ليعطي حياته، بوجه مسؤول شكلاً في مجال الجنس.
المرجع:
ملاحظة: هذه الحديث هو النص المضغوط للفصل السادس من كتاب المسيحية في أخلاقياتها”
للذهاب إلى أبعد: العودة إلى الكتاب وإلى كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
عن موقع القديسة تريزا: جمعية التعليم المسيحي بحلب
Discussion about this post