بقلم: الأب أوغسطينوس كوسا
مقدّمة
يا معلم، ماذا أعمل…؟ ( متى 16:19 )
يا معلم، ماذا أعمل من صالح لأنال الحياة الأبدية؟
فقال له: ” لماذا تسألني عن الصالح؟ إنّما الصالح واحد. فإذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا”.
قال له: ” أيّ وصايا؟
فقال يسوع: “لا تقتل، لا تزنِ، لا تسرق، لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمّك”. وأخيراً لخّص يسوع تلك الوصايا على نحو إيجابي: “أحبب قريبك حُبّك لنفسِكَ”.
لقد أعاد يسوع الوصايا العشر ولكنّه أظهر قوّة الروح القدس العاملة في حرفها.
عندما يُطرح على يسوع السؤال: ” ما هي الوصيّة الكبرى في الشريعة “( متى 36:22)
يجيب يسوع: أحبب الربّ إلهك بكل قلبك وكلّ نفسك وكلّ ذهنك. تلك هي الوصيّة الكبرى والأولى. والثانية مثلها: أحبب قريبك حبّك لنفسِكَ. بهاتين الوصيّتين ترتبط الشريعة كلّها والأنبياء.(متى 37:22-40)
فالوصايا العشر يجب أن تُشرح في ضوء هذه الوصيّة المزدوجة الواحدة، وصيّة المحبّة كمال الشريعة.
فالمحبّة لا تصنع بالقريب شرّاً. فالمحبّة إذاً “كمال الشريعة “(رومة 10:13).
الوصايا العشر في الكتاب المقدّس
تعني كلمة ” الوصايا العشر حرفياً ” كلمات عشر” ( خروج 28:34)، (تث 13:4 ، 4:10)
هذه الكلمات العشر أوصى بها الله إلى شعبه في الجبل المقدّس. لقد كتبها ” بإصبعه ” بخلاف الفرائض الأخرى التي كتبها موسى. إنّها كلمات الله بوجه ممتاز نقلت إلينا في سفر الخروج، وفي سفر تثنية الاشتراع.
ولكن معناها الكامل إنما كشف عنه في العهد الجديد بيسوع المسيح. تفهّم الوصايا العشر أولاً في قرينة الخروج، الذي هو حدث الله التحريري الكبير وسط العهد القديم. وسواءً اتخذت صيغة فرائض سلبية ناهية أو صيغة وصايا إيجابية مثل: “أكرم أباك وأمّك” “كالكلمات العشر” تبين شروط حياة محررة من عبودية الخطيئة.
الوصايا العشر هي طريق الحياة.
وحدة الوصايا العشر
تؤلّف الوصايا العشر كلاً لا يتجزّأ.
وكلّ ” كلمة” ترجع إلى كل واحدة أخرى وإليها جميعاً، وهي مترابطة بعضها ببعض واللوحان ينير أحدهما الآخر، وهما يؤلفان وحدة عضوية. ومخالفة أي وصية مخالفة لها كلّها. فلا يمكن إكرام الآخرين دون مباركة الله خالقهم ولا تمكن عبادة الله دون محبة جميع الناس خلائقه.
إن الوصايا العشر توحّد حياة الإنسان اللاهوتية وحياته الاجتماعية.
أكرم أباك وأمّك لكي يطول عمرك في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك ( سفر الخروج 12:20).
إن الله قد منحنا الوجود بواسطة والدينا وأشركهما بسلطانه علينا وأقامهما نوّاباً ووكلاء عنه يهتمّوا بأمورنا ويدرّبونا على حفظ وصاياه الإلهية، ويهدونا طريق السعادة السماوية.
لذلك يأمرنا الله قائلاً: ” أكرم أباك وأمّك بكلّ قبلك ولا تنسَ مخاض أمّك، أذكرْ أنّك بهما كُوّنت فماذا تجزيهما مكافأةً عمّا جعلا لك” (سي 28:7-30).
فمن كرّم الوكيل فكأنّه كرّم الذي وكّله. فإذا كرّمنا والدينا نكون كرّمنا الله الذي وكّلهما علينا.
معنى الوصيّة
إنّ أوّل لوح من لوحي الوصايا العشر خاص بعلاقة الإنسان مع الله الذي يكشف ذاته للإنسان إلهاً أوحد، ويكشف اسمه للشعب، ويتجلى إله التحرير، ويُبرمُ عهداً صادقاً على الشعب الذي يتوجّب عليه أن يوليه ثقته ويكرّم اسمه ويحفظ السبت كعلامة للعهد الجديد والتحرير.
واللوح الثاني من لوحي الوصايا العشر يوسّع نظرة العلاقة مع الله إلى علاقة الناس فيما بينهم وفي الحياة المشتركة وتبدأ العلاقة بالوصية التي تطلب إكرام الوالدين.
إنّ الوصيّة الرابعة توحّد بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين. لكنّها لا تساوي بينهما، وذلك يتطابق أيضاً مع المعنى الأصلي للوصيّة الرابعة التي تُستعمل في الكلام على احترام الوالدين اللفظة نفسها التي هي لإجلال الله. ففي العبريّة ” الإجلال ” يعني التسليم بأهمّية الشخص الخاصة به، واعتباره ذو أهمّية. ويعني ذلك في علاقة الإنسان بالله إعطاء الله الأهمّية التي تخصّه، والاعتراف بألوهيّته.
وفي علاقة الأولاد بالوالدين، ذلك يعني إعطاء الوالدين الأهمّية التي تخصّ بهما في وصفهما كوالدين وإكرامهما أيضاً كأب وأمّ. أمّا لدى شعب الله في العهد القديم، فتقدم العلاقة بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين، وبخاصّة الأب، على أنّ الوالدين مُلزمان بأن ينقلا للجيل اللاحق تعاليم تاريخ الله مع شعبه.
فكان ينبغي أن يُحترم الوالدان احترام من أُوكل إليه أن يصون حيّة في الضمائر صنائع الله الباهرة ومسيرته مع الشعب نحو المصير الموعود.
وفي العهد القديم لم يكن احترام الوالدين واعتبارهما صاحبي أهمّية يعني فقط احترامهما كأب وأمّ، بل كذلك النظر إليهما كناقلي الإيمان والوعد بالأرض. وعندما كان الجيل الجديد يحترم الوالدين من خلال هذا ” القرب من الله ” كلّ يشهد بذلك أنّه يحترم الله ذاته.
والوصيّة الرابعة تقرن إلى تكريم الوالدين هذا وعداً بالبركة: ” لكي تطول أيّامك وتصيب خيراً في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك (تثنية الاشتراع 16:5 ، خروج 20-12).
لقد ذكّر يسوع نفسه بقوّة وصيّة الله هذه. فقد قال موسى ” أكرم أباك وأمّك “ و ” من لعن أباه وأمّه، فليمت موتاً “(مرقس 10:17).
فالوصيّة الرابعة تتوجّه بوضوح إلى الأولاد في علاقتهم بأبيهم وأمّهم، لأنّه هذه العلاقة هي الأهمّ. وتعني أيضاً بعلاقة القرابة مع أعضاء الجماعة العائلية. وتقتضي بـتأدية الإكرام والمحبّة والاعتراف بالجميل للجدود والأقدمين. وتمتد أخيراً إلى واجبات التلاميذ تجاه المعلم والعاملين تجاه ربّ العمل، والمرؤوسين تجاه رؤسائهم، والمواطنين تجاه وطنهم، ومن يديرونه ويحكمونه.
إنّ أوّل لوح من لوحي الوصايا العشر خاص بعلاقة الإنسان مع الله الذي يكشف ذاته للإنسان إلهاً أوحد، ويكشف اسمه للشعب، ويتجلى إله التحرير، ويُبرمُ عهداً صادقاً على الشعب الذي يتوجّب عليه أن يوليه ثقته ويكرّم اسمه ويحفظ السبت كعلامة للعهد الجديد والتحرير.
واللوح الثاني من لوحي الوصايا العشر يوسّع نظرة العلاقة مع الله إلى علاقة الناس فيما بينهم وفي الحياة المشتركة وتبدأ العلاقة بالوصية التي تطلب إكرام الوالدين.
إنّ الوصيّة الرابعة توحّد بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين. لكنّها لا تساوي بينهما، وذلك يتطابق أيضاً مع المعنى الأصلي للوصيّة الرابعة التي تُستعمل في الكلام على احترام الوالدين اللفظة نفسها التي هي لإجلال الله. ففي العبريّة ” الإجلال ” يعني التسليم بأهمّية الشخص الخاصة به، واعتباره ذو أهمّية. ويعني ذلك في علاقة الإنسان بالله إعطاء الله الأهمّية التي تخصّه، والاعتراف بألوهيّته.
وفي علاقة الأولاد بالوالدين، ذلك يعني إعطاء الوالدين الأهمّية التي تخصّ بهما في وصفهما كوالدين وإكرامهما أيضاً كأب وأمّ. أمّا لدى شعب الله في العهد القديم، فتقدم العلاقة بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين، وبخاصّة الأب، على أنّ الوالدين مُلزمان بأن ينقلا للجيل اللاحق تعاليم تاريخ الله مع شعبه.
فكان ينبغي أن يُحترم الوالدان احترام من أُوكل إليه أن يصون حيّة في الضمائر صنائع الله الباهرة ومسيرته مع الشعب نحو المصير الموعود.
وفي العهد القديم لم يكن احترام الوالدين واعتبارهما صاحبي أهمّية يعني فقط احترامهما كأب وأمّ، بل كذلك النظر إليهما كناقلي الإيمان والوعد بالأرض. وعندما كان الجيل الجديد يحترم الوالدين من خلال هذا ” القرب من الله ” كلّ يشهد بذلك أنّه يحترم الله ذاته.
والوصيّة الرابعة تقرن إلى تكريم الوالدين هذا وعداً بالبركة: ” لكي تطول أيّامك وتصيب خيراً في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك (تثنية الاشتراع 16:5 ، خروج 20-12).
لقد ذكّر يسوع نفسه بقوّة وصيّة الله هذه. فقد قال موسى ” أكرم أباك وأمّك “ و ” من لعن أباه وأمّه، فليمت موتاً “(مرقس 10:17).
فالوصيّة الرابعة تتوجّه بوضوح إلى الأولاد في علاقتهم بأبيهم وأمّهم، لأنّه هذه العلاقة هي الأهمّ. وتعني أيضاً بعلاقة القرابة مع أعضاء الجماعة العائلية. وتقتضي بـتأدية الإكرام والمحبّة والاعتراف بالجميل للجدود والأقدمين. وتمتد أخيراً إلى واجبات التلاميذ تجاه المعلم والعاملين تجاه ربّ العمل، والمرؤوسين تجاه رؤسائهم، والمواطنين تجاه وطنهم، ومن يديرونه ويحكمونه.
وتقتضي هذه الوصيّة وتتناول ضمناً واجبات الوالدين والأوصياء، والمعلمين، والرؤساء والقضاة والحكّام، وكلّ الذين يمارسون سلطة على الآخرين أو على جماعة من الأشخاص ( ت م ك 2199)
وهكذا تصبح الوصيّة الرابعة أحد أسس تعليم الكنيسة الاجتماعي، كما ينوّه بذلك كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ( ت م ك 2198 ) وتطرح علينا مسألة أن نعرف اليوم كيف يجب أن ننظر إلى الأسرة والجماعة الكنسية وكلّ الذين يمارسون سلطة شرعية على الآخرين.
واجبات الإنسان العائلية
1-واجبات الأولاد لوالديهم:
“وكان خاضعاً لهما” (لوقا 51:2).
يظهر الاحترام بالبنوي بالطواعية والطاعة الحقيقيتين. “إرعَ يا بنيّ وصيّة أبيك ولا ترفض شريعة أمّك (…). هما يهديانك في سيرك ويحافظان عليك في رقادك، وإذا استيقضت، فهما يحدّثانك” (أم 20:6-22).
“الابن الحكيم يسمع تأديب أبيه، وأمّا الساخر فلا يسمع التوبيخ”(أم 1:13). (ت م ك 2216).
على الأولاد، بحكم الحنو البنوي أن يحترموا والديهم وأن يحبّوهم ويطيعوهم. ويقوم بواجب الاحترام هذا من يكنّ لوالديه الاعتبار الباطني ويعبّر لهما عنه في تصرّفاته الخارجية منهما ويخالفه وبالتالي يخطأ من احتقرهما ووجه إليهما كلاماً مهيناً أو وقف منهما موقفاً يذلّهما أو يسبّب ضرراً لهما أو يستحي بهما أو ينكرهما لرقة حالهما…
والمحبّة يجب أن تكون في العواطف والعمل وعليه قد خالف واجب محبّة الوالدين من أبغضهم أو دعى عليهم، أو عاملهم بما يجرحهم أو يسبّب لهم كرباً أو أهمل الصلاة لأجلهم أو مساعدتهم في حياتهم الروحية والزمنية.
2- واجبات الوالدين لأولادهم:
على الوالدين أن يحبّوا أولادهم، وهذا أوّل واجباتهم وأساسها وعنه تصدر جميع الواجبات الأخرى. وعليهم أن يحافظوا على حياتهم وصحتهم ونموّهم.
والتربية حقّ طبيعي من حقوق الوالدين وليس لأحد أن يحرمهم إيّاها وهي أيضاً من واجباتهم. فعليهم أن يعلّموا أولادهم العلوم والثقافات وأن يعوّدوهم، من الصغر، على العمل والنشاط.
وأن يراعوا قبل كلّ شيء خيرهم الأدبي والديني فيعطوهم المثل الصالح ويؤدّبوهم ويسهروا على سلوكهم ويربّوهم تربية مسيحية صالحة.
كما على الأهل الذين يفوّضون إلى أساتذة ومربّين بعض سلطانهم الوالدي لتربية أولادهم أن يبيّنوا لأولادهم أنّه هناك واجبات عليهم تجاه أساتذتهم تشبه في بعض النقاط ما بين الوالدين والأولاد من واجبات متبادلة. فعلى الأولاد أن يحترموا أساتذتهم ويحبّوهم ويسمعوا لهم في كلّ ما يتعلّق بالدروس والآداب. وعلى الأساتذة بحكم فضيلتي العدل والمحبّة أن يعلّموا الأولاد التعليم الموافق وأن يربّوهم تربيةً صالحة.
3- واجبات الزوجين المتبادلة
من الواجبات الزوجية ما يقع على عاتق الزوجين معاً ومنها ما يقع على عاتق الزوج، ومنها ما يقع على عاتق الزوجة. فعلى الزوجين أن يتبادلا المحبّة والمساعدة والواجب الزوجي والأمانة الزوجية وأن يحافظا على وحدة الحياة المشتركة.
من واجبات الزوج الرئيسية أن يهتمّ بإدارة البيت والعائلة وتدبير القوت والكسوة والسكن لها وهو يخطأ إذا لم يضمن للزوجة والأولاد حياة لائقة.
وعلى الزوجة بصفتها رفيقة لزوجها أن تهتمّ بإدارة البيت تحت سلطته. وتخطأ إن أهملت الأشغال البيتية، أو أنفقت المال المشترك بإسراف غير معهود وأهملت تربية أولادها والاهتمام بإدارة منـزلها.
الحياة المسيحية في الأسرة
على الوالدين أن يحبّوا أولادهم، وهذا أوّل واجباتهم وأساسها وعنه تصدر جميع الواجبات الأخرى. وعليهم أن يحافظوا على حياتهم وصحتهم ونموّهم.
والتربية حقّ طبيعي من حقوق الوالدين وليس لأحد أن يحرمهم إيّاها وهي أيضاً من واجباتهم. فعليهم أن يعلّموا أولادهم العلوم والثقافات وأن يعوّدوهم، من الصغر، على العمل والنشاط.
وأن يراعوا قبل كلّ شيء خيرهم الأدبي والديني فيعطوهم المثل الصالح ويؤدّبوهم ويسهروا على سلوكهم ويربّوهم تربية مسيحية صالحة.
كما على الأهل الذين يفوّضون إلى أساتذة ومربّين بعض سلطانهم الوالدي لتربية أولادهم أن يبيّنوا لأولادهم أنّه هناك واجبات عليهم تجاه أساتذتهم تشبه في بعض النقاط ما بين الوالدين والأولاد من واجبات متبادلة. فعلى الأولاد أن يحترموا أساتذتهم ويحبّوهم ويسمعوا لهم في كلّ ما يتعلّق بالدروس والآداب. وعلى الأساتذة بحكم فضيلتي العدل والمحبّة أن يعلّموا الأولاد التعليم الموافق وأن يربّوهم تربيةً صالحة.
من الواجبات الزوجية ما يقع على عاتق الزوجين معاً ومنها ما يقع على عاتق الزوج، ومنها ما يقع على عاتق الزوجة. فعلى الزوجين أن يتبادلا المحبّة والمساعدة والواجب الزوجي والأمانة الزوجية وأن يحافظا على وحدة الحياة المشتركة.
من واجبات الزوج الرئيسية أن يهتمّ بإدارة البيت والعائلة وتدبير القوت والكسوة والسكن لها وهو يخطأ إذا لم يضمن للزوجة والأولاد حياة لائقة.
وعلى الزوجة بصفتها رفيقة لزوجها أن تهتمّ بإدارة البيت تحت سلطته. وتخطأ إن أهملت الأشغال البيتية، أو أنفقت المال المشترك بإسراف غير معهود وأهملت تربية أولادها والاهتمام بإدارة منـزلها.
1- الأسرة مكان حفاوة وإيمان :
إنّ كلّ ما يختصّ بالشخص البشري وعلاقاته الشخصية اليوم، هو على وجه العموم، موضوع تقدير كبير. والأسرة والحياة العائلية تفيدان أيضاً من هذا التقدير.
فالأجيال الجديدة ترى في الأسرة مكاناً أصيلاً لاختيار بذل التضحية والحفاوة والمحبّة والفرح. فالولد يكتسب في الأسرة بالنسبة إلى الحياة تلك الثقة الأساسية التي تمكّن الإنسان من اكتشاف نفسه وبذل ذاته والذي لم يختبر الثقة ليس بإمكانه أن يثق بدوره، ويكون من الصعب عليه أن يركن إلى آخرين. ولا شيء يحلّ البيئة العائلية وما توفّره من خبرة في هذا الموضوع: فالأولاد يحتاجون إلى عائلة، في حضنها يقومون مع إخوتهم وأخواتهم وهم مغمورون بعطف والديهم، بالتدريب على تصرّفات اجتماعية لا غنى عنها في نضوجهم.
وعندما ينعدم أمان الأٍسرة، تتعرّض علاقة الأولاد بيئتهم الحياتية لخطر الانفصام.
وفي وسط الأسرة يُربّى الأولاد على التأثّر بالقيم والقدوات وبالوهن والخطأ، وبآراء مختلفة ومنازعات، كلّها عوامل نمو ونضوج. كما أنّ مثل الوالدين يتيح لهم اكتشاف التعابير الحسّية للمحبّة وتقاسم الأعباء.
ونوع العلاقة بين الوالدين يُسهم في تكييف موقف الأولاد من الجنس والحبّ والإخلاص و الثقة. وفشل زواج الوالدين يؤثّر أكثر من أي خطأ آخر على موقف الأولاد من الحياة.
2-الأسرة مكان تربية وتثقيف
تتطلّب وظيفة الأهل أن يتعرّفوا إلى ما في الحياة من علاقات ويدركوا ما عهد له إليهم من قيم وأنظمة للحياة.
وفي ارتباطهم بمؤسسات تربوية وتثقيفية أخرى، يحقّ لها كما يجب عليها، أن تربّي الأولاد والشباب من أجل تأهيلهم لكي ينهضوا بأعبائهم في الأسرة والمجتمع والكنيسة.
3-الأسرة كنيسة منزليّة
منذ العصور الأولى، تولي الكنيسة أهمّية كبرى للكرازة المتعلّقة بالأسرة المسيحية. فها هو القديس يوحنا الذهبي الفم، منذ أواخر القرن الرابع، يدعو الأسرة” كنيسة “، كما تصف، اليوم أيضاً، وثائق الكنسيّة الأسرة المسيحية ” بالكنيسة المنزلية” (ك11)، أو” بمعهد الكنيسة البيتي “(ر ع 11) أو ” بالكنيسة المصغّرة ” ( ش ع 49).
إنّها، بنوع خاصّ صورة وتحقيق ” للوحدة التي تربط المؤمنين بالمسيح، وتجمعهم بعضهم إلى بعض، في وحدة كنيسة الله “(ش ع 21).
تتطلّب وظيفة الأهل أن يتعرّفوا إلى ما في الحياة من علاقات ويدركوا ما عهد له إليهم من قيم وأنظمة للحياة.
وفي ارتباطهم بمؤسسات تربوية وتثقيفية أخرى، يحقّ لها كما يجب عليها، أن تربّي الأولاد والشباب من أجل تأهيلهم لكي ينهضوا بأعبائهم في الأسرة والمجتمع والكنيسة.
منذ العصور الأولى، تولي الكنيسة أهمّية كبرى للكرازة المتعلّقة بالأسرة المسيحية. فها هو القديس يوحنا الذهبي الفم، منذ أواخر القرن الرابع، يدعو الأسرة” كنيسة “، كما تصف، اليوم أيضاً، وثائق الكنسيّة الأسرة المسيحية ” بالكنيسة المنزلية” (ك11)، أو” بمعهد الكنيسة البيتي “(ر ع 11) أو ” بالكنيسة المصغّرة ” ( ش ع 49).
إنّها، بنوع خاصّ صورة وتحقيق ” للوحدة التي تربط المؤمنين بالمسيح، وتجمعهم بعضهم إلى بعض، في وحدة كنيسة الله “(ش ع 21).
فالكنيسة الشاملة والكنيسة المنزلية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً إحداهما بالأخرى، وتقوم بين الاثنتين علاقة تنشيط وإخصاب متبادلين.
وللكنيسة رسالة، بالنسبة إلى كلّ البشر بما في ذلك الأسرة. فالكنيسة تتيح لها أن تكون متحدة مع يسوع المسيح، وتمنحها توجيهاً مسيحياً:
– الكنيسة، بإعلان كلمة الله، تكشف للأسرة ما هي، وما يجب أن تكون، وفقاً لتصميم الربّ.
– والكنيسة، بالاحتفال بالأسرار، تُغني الأسرة وتثبّتُها بنعمة المسيح، كي تصيرَ مقدّسة، من أجل مجد الله.
– وتعيش الأسرة المسيحية اتّحادها بالله في الاحتفال بالأسرار وفي الصلاة المشتركة. فعليها أن تتّصل باستمرار بجذورها الدينية.
فهذه قد أعطيت لها بالمعمودية والتثبيت وهي تحدّد وتنعش في الاحتفال بالإفخارستيّا وفي قبول سرّ المصالحة. كما تقع مسؤولية خاصّة على الأسرة، في ما يخصّ التحضير لهذه الأسرار وقبولها، ومواكبة الأولاد والشباب في ممارستهم للأسرار وتعميقها فيهم. وكثيراً ما تأخذ مجموعات أسرية على عاتقها التحضير لسرّ التثبيت أو يكون لآباء وأمّهات نشاط في التعليم المسيحي. ومن المهمّ أيضاً لحياة الأسرة أن تواكب الأزمنة المختلفة للسنة الليترجية. فالعادات المترسّخة تعمّق الإيمان وتقوّيه.
– وعلى الأسرة المسيحية أن تشهد لإيمانها. والزوجان يدعمُ أحدهما الآخر في الإيمان وينقلانه إلى أبنائهما، لا بالكلمات، في أوّل الأمر، بل بالعيش بمقتضى الإنجيل وتفعيله في حياة الأسرة. إنّ الأسرة التي تعي هذه الرسالة يعطي كلّ أعضائها بعضهم بعضاً شهادة الإنجيل. فالوالدان ينقلان هذه الشهادة إلى الأولاد، ويمكنهما أن يتلقّياها
بدورهما، منهم إنجيلياً حيّاً. وهكذا تغدو الأسرة أيضاً مبشّرة بالنسبة إلى أسر أخرى وغلى البيئة التي تحيا فيها ( إ إ 71).
تتوجّب مهمّة الكرازة هذه أيضاً على الأسر المبنيّة على الزواج الديني المختلط. وعليها تقع مهمّة السعي في اتّجاه الوحدة في الإيمان. ولذا تحتاج الأسرة إلى النصح والرعاية من قبل رعاة يعلّمونها الإيمان ويبشّرونها برسالة الكنيسة الأخلاقية.
إلاّ أنّ الأسر نفسها بإمكانها أن تتعاون وتتبادل النصح، من خلال مجموعات أُسر أو أصدقاء، كما في وسط الرعيّة. وذلك ضروريّ خصوصاً ” حيث الكفر المنتشر أو النزعة الدنيوية الطاغية يحولان، عملياً، دون نموّ ديني حقيقي ” ( ش ع 52).
وفي هكذا مواقف، غالباً ما تكون الكنيسة المنزلية المكان الوحيد حيث يُلقّن الأولاد والشبّان الإيمان ويختبرون حياة الإيمان.
على الأسرة المسيحية أن تكون مستعدّة لخدمة المحبّة لدى القريب. فدعوتها إلى الشهادة لمحبّة يسوع المسيح تتكفّل بها الأسرة بصورة مُقنعة، عندما تحتفي بالقريب، وتعتني بالمرضى والمسنين، وتمارس أعمال الرحمة.
على الأسرة المسيحية أن تحيا بمقتضى الشريعة الجديدة، شريعة المحبّة، أن تكون مستعدّة لاستقبال جميع الناس واحترامهم ومساعدتهم. عليه أن توقّر كلّ إنسان في كرامته كشخص وكابن لله.
– الأسرة هي حيّز حياتيّ، يمكن أن تكون حيّة فيه، باسم يسوع المسيح، تلك الوحدة التي تجعله حاضراً في وسطنا (رَ:متى 20:18). وبهذا بالذات تصير كنيسة منـزلية مرئيّة وفاعلة.
من حياة الأسرة يمكن للكنيسة ويجب عليها أن تكتسب المقاييس التي تُظهرها هي نفسها
“أسرة الله”. عليها أن تتّسم ببُعد بيتي وعائليّ، وتسعى إلى نمط حياة أكثر إنسانية وأخوّة.
إنّ للأسرة المسيحية أهمّية يتعذّر استبدالها، بالنسبة إلى الكنيسة. فهي، ك ” كنيسة منزلية ” تُسهم بإيمانها وصلاتها وتصرّفها، في وسط الجماعة الكنسيّة والكنيسة الشاملة وفي الوقت عينه تُشعّ في العالم.
واجبات الإنسان الوطنية
1- واجبات السلطة المدنية:
على السلطة المدنية واجب رئيسي وهو أن تسعى للخير العام، فتستعمل كل قواها لإبعاد الشرّ عن المواطنين وتشجيع الخير، وحماية الدين والآداب، وتوزيع الحقوق والواجبات بالعدل والإنصاف وتطبيق القوانين دون محاباة، وتقليد الوظائف الرسمية من هو أهل لها فقط.
2- واجبات المواطنين:
على المواطنين أن يحبّوا وطنهم إذ أنّهم مدينون له بالحماية ونموّ المنافع المشتركة المتوارثة عن الجدود، فيعملوا في سبيل حلول الوئام بين أبنائه.
وعليهم أيضاً احترام السلطة. وأن يخلصوا لها وأن يخضعوا للقوانين بوجه عام.
هكذا يوضح لنا القديس بولس سرّ الطاعة كما يبزغ في كل ضمير مستقيم، إذ يكتب إلى الرومانيين: ” ليخضع كل امرئ للسلطات التي بأيديها الأمر، فلا سلطة إلا من عند الله، والسلطات القائمة هو الذي أقامها. فمن عارض السلطة قاوم النظام الذي أراده الله. والمقاومون يجلبون الحكم على أنفسهم. فلا خوف من الرؤساء عندما يفعل الخير، بل عندما يفعل الشرّ. أتريد ألاّ تخاف السلطة؟ إفعل الخير تنل ثناءها، فإنّها في خدمة الله في سبيل خيرك. ولكن خفْ إذا فعلت الشرّ، فإنّها لم تتقلّد السيف عبثاً، لأنّها في خدمة الله كما تنتقم لغضبه من فاعل الشرّ. ولذلك لا بدّ من الخضوع، لا خوفاً من الغضب فقط، بل مراعاة للضمير أيضاً ” (رومة 13/1-5).
هكذا يعتبر القديس بولس أن ” الخضوع للسلطات” هو عمل ” صالح” بالتالي من الضروري أن نخضع ” بدافع ضميري”.
خاتمة
الوصايا العشر تعبّر عن واجبات الإنسان الأساسية تجاه الله وتجاه قريبه. فهي تبيّن في مضمونها الأوّلي واجبات خطيرة. إنّها في جوهرها لا تقبل التغيير، وإلزامها ثابت أبداً وفي كلّ مكان. وليس في استطاعة أحدٍ أن يعفي منها. لقد حفر الله الوصايا العشر في قلب كلّ كائنٍ بشريّ.
وعلى المسيحيين واجب شكر خاصّ لمن تقبّلوا منهم عطيّة الإيمان، ونعمة المعمودية والحياة في الكنيسة. وقد يتعلّق الأمر بالوالدين، أو بآخرين من أعضاء الأسرة، أو بالجدود، أو الرعاة، أو بمعلّمي الدين أو بمعلّمين آخرين وأصدقاء.
” أيّها لأبنـاء، أطيعوا والديكم في الربّ، فذلك عدل. أكرم أباك وأمّـــك”. (أفسس 6/1-2).
المراجع:
– التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
– الخلقية نؤمن- منشورات معهد الليترجية في جامعة الروح القدس – لبنان 1993
Discussion about this post