تدبير الفكر: 4 /1: التأمل
أ ) التأمل والعمل
+ قال أنبا بفنوتيوس :
كثيرون يجعلون نفوسهم وحدهم مؤمنين باللسان لا بالعمل والكلام ، ويتظاهرون بأنهم قائمون وليس لهم شيء من الأعمال البتة ، ويفتخرون باطلا بما لم يصلوا اليه ” .
+ قال شيخ :
” أن الله يكالب الأنسام بثلاثة : العقل والكلام الروحاني والعمل به ” .
قال الأب أبيفانوس :
” أن التأمل في الكتب حرز عظيم يحفظ الإنسان من الخطية ،ويستميله إلى عمل البر ” .
+ قال سمعان العمودي :
” كما أن الخبز بقيت الجسد ويحييه ، كذلك الكلام الروحاني يقيت النفس ويحييها ، وهو نور للعينين ومرآة للقديسين ، يشفي من أمراض الخطية ،وكل من لا يعمل بكلام الناموس قد أحتقر واضع الناموس . وليس يكفي سماع الناموس والتكلم به من دون العمل بما قيل فيه ، فكما نؤمن أن الله رحيم ، كذلك نؤمن أنه صادق وأنه عادل ، ويجازي كل واحد كنحو عمله ، له المجد ” .
+ قال أنبا بيمن :
” علم قلبك ما تقوله بلسانك من العلم ” .
وقال أيضا:
” أن كثيرين من الناس ، يتكلمون بالأشياء الفاضلة ، ولكنهم يفعلون الفعال الدنيئة”
+ قال شيخ :
” ويح لنفسك قد اعتادت أن تسأل عن كلام الله ، وتسمعه ولا تعمل شيئا بما تسم “
+ وقال آخر :
” الأنبياء والرسل دونوا ما في الكتب فعمل يها آباؤنا ومن اتي بعدهم فلما جاءت هذه القبيلة وهذا الجيل كتبوها ووضعوها في الكوي بغير فائدة ” .
+ زار أخوة ومعهم علمانيون الأب فلكسيا ، وطلبوا اليه أن يقول لهم كلمة أما الشيخ فبقي صامتا . فلما طلبوا إليه كثيرا قال لهم : ” هل تبتغون أن تسمعوا للكلمة ؟ ” فأجابوه نعم أيها الأب فقال لهم : ” لما كان الأخوة يسألون المشايخ ويفعلون ما يقال لهم ، فأن الله كان يلهم الآباء بما يقولونه ،وأما الآن فانهم يسألون ولا يفعلون ما يقال لهم ، لذلك رفع الله موهبة الكلام عن الشيوخ ، اذ لا يجدون ما ينطقون به ، لأنه لا يوجد من عمل ، لأن المزمور يقول : ” إن الرب أطلع من السماء على بني البشر فلم يجد من يفهم .. الخ ” فلما سمع الأخوة هذا الكلام تنهدوا قائلين صل علينا أيها الأب ” .
+ قيل عن أخ راهب :
كان يسكن القلالي ، هذا أقام عشرين سنة مواظبا علي القراءة ليلا ونهارا ، وذات يوم نهض وباع الكتب والصحف التي كان قد اقتناها ، وأخذ وشارحه وذهب الي البرية الداخلية ، فألقاه أنبا اسحق وقال له : ” الي أين تمضي يا ولدي ؟ ” فأجابه الأخ قائلا : ” يا ابي ، أن لي عشرين سنة أسمع أقاويل الكتب فقط ، والآن أريد أن أبدأ في الابتعاد عملا بما سمعته من الكتب ” فقدم الشيخ صلاة من أجله ثم أطلقه .
+ قيل أن ثلاثة من الأخوة زاروا شيخا ،
فقال له الأول : ” يا معلم ، لقد كتبت بنفسي العتيقة والحديثة ( العهدين القديم والجديد ) ” ، فأجابه الشيخ ” لقد ملأت طاقات قلايتك ورقا ” .
فقال له الثاني : ” إني قد حفظت العتيقة والحديثة في صدري ” ، فقال له الشيخ ” ” لقد ملأت الهواء كلاما ” .
أما الثالث فقال له : ” لقد نبت الحشيش وملأ موقدتي ” ، فقال له الشيخ ” لقد طردت عنك محبة الغرباء ” .
( ب ) حفظ الوصايا
+ قال شيخ :
” إن حزني لكثير على راهب ، يكون قد ترك أهله ومقتنياته ، والزم نفسه الغربة من اجل الله ثم يرجع يسترخي في وصاياه ، فيذهب بعد ذلك الي العذاب ” .
فلنفرح بتكميل وصايا الرب وبنجاح أخوتنا .ولنحفظ أنفسنا من فرح العالم بالرب ؟ ” قال : إذا فرحنا بإتمام الوصايا فهذا هو فرح بالرب .
” قال الأخوة للديس أنبا أنطونيوس:
” ما معنى قول الرسول : “
افرحوا والضحك أن أردنا أن نكون من خواص ربنا . لأنه قال : أن العالم يفرح وأنتم تبكون كما قال الويل للضاحكين والطوبي للباكين ولم يكتب عنه قط أنه ضحك بل كتب عنه أنه حزن ودمعت عيناه .
+ قال القديس مقاريوس الكبير :
” إن أردت أن يقبل الله دعاءك فاحفظ وصاياه ” .
+ قال أنبا أغاثون :
” بدون حفظ الوصايا الهية لايستطيع أحد أن يقترب إلى واحدة من الفضائل ” .
+ قيل عن مار اسحق :
” أه لما حضرته الوفاة اجتمع إليه الأخوة قائلين :
” ماذا نصنع بعدك يا أبانا ؟ “
قال لهم : ” كما كنت أسلك قدامك أسلكوا واحفظوا وصايا السيد المسيح ، فيرسل اليكم نعمة روحه القدوس ، ويحفظ هذا الموضع وإن لم تحفظا ، فلن تثبتوا ههنا ، لأننا نحنأن تنيح آباؤنا اغتممنا ، ولكن لما حفظنا وصايا الهنا ثبتنا موضعهم ” .
( جـ ) القراءة
+ قال القديس أنيا أنطونيوس :
– أتعب نفسك في قراءة الكتب فهي تخلصك من النجاسة .
– أتعب نفسك في قراءة الكتب واتباع الوصايا فتأتي رحمة الله عليك سريعا .
– إذا جلست في خزانتك فلا تفارق هذه الأشياء : القراءة في الكتب ، التضرع إلى الله ، شغل اليد والراهب الذي يكون في خزانته غير ذاكر الله تعالى ولا قارىء في الكتب يكون كالبيت الخرب خارج المدينة الذي لا تفارقه الجيف النتنه وكل من احتاج إلى تنظيف بيته من جيفة رماها فيه .
+ قال شيخ :
” قراءة الكتب تقوم العقل الطواف ” .
+ وقال آخر :
” تعب الجسد بكثرة القراءة ، ينقي العقل ” .
+ قال الأب ابيفانيوس :
” أن الجهل بما في الكتب جرف عظيم السقوط ، وهوته عميقة ” .
مطالعة الكتاب المقدس
+ سأل أخ أنبا سيصويص الصعيدي :
– ” قل لي كلمة ” فقال : ” أي شيء لي لأقوله لك ؟ إني أقرأ في العتيقة ثم ارجع إلى الحديثة “.
+ تقدم أحد الحكماء في ذلك الزمان إلى القديس أنطونيوس وقال له كيف أنت ثابت في هذه البرية وليس لديك كتب تتغذى بها ؟ فأجابه قائلا : أيها الحكيم ، أنت ثابت في هذه البرية وليس لديك كتب تتغذي بها ؟ فأجابه قائلا : أيها الحكيم أن كتبي هي شكل الذين كانوا قبلي ، أما إن أردت القراءة ففي كلام الله أقرأ .
+ سئل شيخ :
” ما معنى المكتوب : وتبصر بني بنيك ؟ ” فقال : ” أن ثمرة أتعاب القديسين هي بنو بنيهم ” .
مطالعة سير القديسين
+ قال القديس موسي الأسود :
” كن مداوما لذكر سير القديسين كيما تأكللك غيرة أعمالك ” .
+قال الآباء :
” المناظرة في الآراء ، والقراءة في العقائد المختلفة ، والكلام في الايمان ، من شأن هذه أن تطرد من الإنسان خشونة ، أقول الآباء وأختبار القديسين من شأنها أن تنير النفس وتلينها ” .
+ قال شيخ :
” القراءة فلتكن في قصص الشيوخ ، وتعليمهم ، لأن بهذا يستنير العقل نحو الفعل”
+ سؤال :
إني أطلب اليك أيها الأب أن تعطيني قانونا ، أتدبر به في قراءة المزامير ، وفي الصوم وفي الصلاة ، وأخبرني أن كل ينبغي أن تكون الأيام مختلفة متفارتة .
الجواب :
اترك يا ابني قوانين الناس واستمع لقول الرب : ” أن الذي يصبر إلى التمام يخلص ” لأنه إن لم يكن
للإنسان صبر طويل فلا يدخل الي الحياة ، لأنه ” بأحزان كثيرة ندخل الملكوت ” كقول الرسول . فلا تطلب أن تكون تحت قانون ، لأني لست أريدك أن تكون تحت ناموس بل تحت النعمة لأنه مكتوب : أن الناموس لم يوضع للقديسين. تمسك
بالافراز وكمثل نوتي حكيم دبر سفينتك مقابل الرياح وبعد ذلك لا تبال ، لأن الجسد إذا مرض لا يقبل الطعام كعادته ، وإذا كان الأمر هكذا فقد بطل القانون .
أما عن الأيام فلتكن عندك كلها متساوية مقدسة ، وكل شيء تفعله فليكن بفهم ، وجاهد لتقطع عنك الغضب ، لأنه يحتاج الي جهاد مع معونة الله .
+ سؤال : كيف ينبغي لي أن أقضي يومي ؟
الجواب :
أقرأ في المزامير قليلا واحفظ منها قليلا ، وفتش أفكارك قليلا ولا تجعل ذاتك تحت رباط قانون ، ولكن أعمل بقدر ما قواك الله على فعله . ولا تترك تلاوة المزامير والقراءة قليلا قليلا هكذا ، وبذلك يمكنك أن تقضي يومك بمرضاة الله ، لأن آباءنا لم يكن قوانين ساعات بل كانوا يجتازون النهار كله في القراءة وقتا وفي تلاوة المزامير وقتا وفي تعليم حاجات
طعامهم وقتا آخر وهكذا ..
Discussion about this post