ضبط الفكر
+ سأل أخ شيخا قائلا : ”
أي شيء أصنع ، فأن أفكارا كثيرة تقاتلني ولست أدري كيف أقاتلها ؟ ” . فقال له الشيخ : ” لا تقاتل مقابل الكل دفعة واحدة ، ولكن قاتل واحدة ، لن أفكار الراهب أنما لها رئيس ، فاجعل بالك الي رئيسها ، ونحوه أجعل قتالك ، فإذا هزمت الفكر ، فقد أنهزمت البقية ” .
+ سؤال:
كيف يمكنني أن أجيب أفكاري وليست لدي قوة ؟
+ الجواب :
لأنك تدين أخاك ، لهذا تنقطع قوة الروح القدس ، فتعثر بأخيك وأنت سبب العثرة ، أن كنت متأكدا أن الله حاضر وناظر لكل شيء ، فلم تبغض أخاك . أوضح لله أفكارك ، وقل أن الله يعرف ما فيه الخير ، وبذلك تستريح ، وشيئا فشيئا تأتيك قوة تستطيع بها أن تحتمل كل ما يأتيك ، كل من لا يحتمل الشتيمة فلن يبصر التسبحة … وكل من لا يترك الغضب فلن ينذوق الحلاوة ، فأحرص بكل قوتك علي أن تكون غريبا عن الغضب ، ولتكن قدوة ومثالا لمنفعة الكل ولا تدن أحدا كما لا تحكم علي أحد .
+ سؤال :
كيف يمكن للإنسان أن يفتش أفكاره لينجو من السوء ؟
+ الجواب :
تفتيش الأفكار هو هكذا : إذا أتاك فكر تأمل كنهه ، ولكي أقرب لك المعنى أسوق اليك مثلا . اذا أتفق وشتمك
إنسان ، وأتاك الفكر أن ترد عليه ، قل لفكرك أن انا رددت عليه أحزانته وأعثرته ، فلأصبر أنا قليلا والأمر يجوز بسلام . كذلك أن كنت واحدا على إنسان أو في داخلك فكر بالشر من ناحية انسان فقل ما يأتي : أن الذي يفكر فتشه واقطعه عنك .
أما بخصوص الشهوة فأنها تحتاج انتباها كثيرا ، كما قال الآباء : أن أنت وجدت عقلك محاربا في الزنى فتعال به إلى القدسية . وأن حورب في الحنجرة فتعال به الي الامساك .وأن حورب في البغضة تعال به الي المحبة . وبذلك تصبح علي الدوام في يقطة وحذر ونجاة .
+ قال الأب برصنوفيوس :
إذا ما حركك فكر من الشيطان على
إنسان ، فقل في نفسك بطول روح : أني قد أخضعت ذاتي لله لكيما اخدم آخرين ، فكيف عنك الفكر ، وكن دائما مستقصيا عن أفكارك ، ولتبكتها ، لأن الذي يبكت أفكاره ويقول أنه خاطىء ، وهو في فعله ليسر خاطئا ، فلهذا هو غاية الاتضاع ، ومن كان متضعا ، فأنه لا يغضب ولا يدين أحدا ، ولكنه يري الناس كلهن أخيرا منه ، ومن يعلم أنه خاطيء لا يلوم الانفسه ، ولا يعتل به .
+ قالت القديسة سفرنيكي :
كما أن الوحوش النافثة يطردها حاد الأدوية ، هكذا الأفكار الخبيثة يطردها الصوم مع الصلاة .
+ أخذوا عن شيخ :
أنه كان جالسا في قلايته ، فأتاه أحد الأخوة في الليل ، وأراد الدخول اليه ، فلما بلغ الباب سمع صوته من داخل وهو يقول : يكفي ، يكفي حتى متى ؟ اذهبوا الآن من قدامي . ثم سمعه يقول ،تعال ، تعال ، يا صديقي . فلما دخل اليه قال : لمن كنت تتكلم يا أبي ؟ قال له : لحسياتي الرديئة كنت أطرد للصالحات كنت أدعو .
+ أخ من الاخوة سأل شيخا وقال :
يا أبت أعني فقد أهلكتني أفكار الزنى ؟
فقال له الشيخ :
يا بني ، إن كنت تستطيع فلا تترك الفكر يسكن عندك .
قال : وكيف استطيع ذلك يا أبت ؟
قال : كلما بدا لك الفكر ، فلا تدعه يصعد الي دماغك ، بل الحقه بذكر الموت ، وخوف الله ، واذكر نتنك ، وكيف تصير القبر لأن هذا الفكر الرديء ، أن غلب الانسان يقوده إلى قطع الرجاء واليأس من الخلاص ، وكمثل السفينة التي تصدمها الأمواج والعواصف الشديدة وأهوال البحر ، فأن أنزل عنها قدرا من الرمل أو مما تحمل ليخف حملها ، فأنها لن تعطب سريعا ، بل تسبح ، وأن أنكسرت رقبتها أو شيء منها ، فلا زال لها أمل صالح في السلامة . أما ان أصيبت بثقب من أسفلها ، وأمتلأت ماء فقد عطبت ، هكذا تكون حال الراهب ، فأنه أن تواني قليلا في بعض الأشياء قهو يؤمل أن يغلب بالتوبة ، أنما أن سقط مرة واحدة في الزنى فقد عطب ويوشك أن يقاد الي اليأس في هذا الغرق .
+ قال قائل من الاخوة الرهبان لشيخ من الشيوخ :
يا أبي ، لست اجد في قلبي قتالا ؟ . فقال له : أنك تشبه القبة المرتفعة في وسط السوق ، فكل من أراد جاز تحتها ، كذلك قلبك ، أما أن أغلقت باب قلبك ، ولم تدخله الأفكار الرديئة لنظرت الأعداء يقاتلونك قتالا شديدا .
الله لا ينسي جهادنا
+ قال شيخ :
” أنه كان اخ قد جرب بأفكار تسع سنين حتي انه يئس من خلاصه ، ومن الخوف كان يقول : هلكت . ولما كاد أن ينقطع رجاؤه بالكلية ، صار اليه صوت قائلا أن الشدائد التي لحقت بك في هذه السنين التسع ، هي أكليل لك . لا تكل من الجهاد . فلما سمع هذا تقوي بالرجاء وخفت عنه الأفكار .
+ أخ حريص :
قامت عليه قتالات صعبة سببت له حزنا شديدا لدرجة أنه كان يخاطب نفسه قائلا : ما دامت هذه الأفكار معي فلن أخلص .وكان يتواضع جدا فذهب إلى شيخ كبير وسأله أن يصلي عليه لكي يرفع الرب عنه القتال ، فقال له الشيخ : بل هذا خير
لم يابني . ولكنه ألح عليه ، فطلب الشيخ إلى الله ، فاستجاب طلبته ورفع القتال عن الأخ . وأذا بالأخ قد صار يسبح لوقته في لجة العجب والعظمة ولكنه ندم عليه القتال الذي كان يسبب له الاتضاع .
( ب ) يقظة العقل حراسة الأفكار
سؤال :
أخبرني يبا أبتاه كيف يرصد الإنسان قلبه ، وكيف يقاتل تجاه الشيطان ، وأن كان ينبغي له أن يسد مدخل الكلام قدام فكر الزني وأن هو دخل علي العقل فماذا يعمل ، وهل ينبغي أن يكون كعامي بوزن ؟
الجواب :
يا ولدي ، إذا حفظ الانسان قلبه فأنه يكون متنبها طاهراً ، وإنما يعرض له القتال اذا تهاون يوماً ، فإذا أبصر العدو تهاونه عمل علي قتاله ، لأننا لسنا نقع الا من تهاوننا ، وأن كدنا لا نقاومهم لأنهم يريدون منك المحادثة كيما يشغلونك ولا يكفون ، فتقدم
إلى الله من أجلهم ، والق ضعفك أمامه وهو يصرفهم عنك ويبطل قوتهم .
وأما من جهة شيطان تالزني فيجد هو أن تسد عليه ولا تدعه يدخل ، لأنه اذا دخل نجسك وسجسك ، لأنه يتخذ له
مادة منها وبها يستطيل عليم ، فأن هو خطفك فجأة ( بغتة ) ودخل فيك ، لا تتوان حتى ولا وقتا قصيرا ، بل قم وجاهد والق ذاتك أمام الله وأقر بضعفك وأسأله أن يلقيه خارجا عنك .
أما من أجل الطعام ووزنه ، فليكن ذلك بالتخفيف والتحفظ .
سؤال :
أخبرني يا أبي كيف يكون الفكر مأكلا للسباع ؟
الجواب :
يصير الفكر مأكلا للسباع اذا لم يسبق الانسان الي لوم نفسه ، فأن هو تغافل جرحته بأنيابها وأظافرها ، فحسن أن تحتاج إلى الالتصاق بالتوبة ، ويجب عليك الا تزكي نفسك ، وألا تقول إن شيء ، فتبرأ أوجاعك ، ولا تدين الآخرين .
+ قال شيخ :
” اذا جلست في قلايتك ، فلا تكن مثل قبر مملوء من التجاسات ، ولكن كن مثل اناء مملوء ذهبا كريما ، ولك حافظك ، حافظ النهار والليل ، التي هي قوة الرب ، التي تحفظ عقلك .
+ وقال أيضاً :
” أذا مدحك الفكر قل له : لماذا تمدحني ؟ أن السائرين في البحر حتي ولو هدأ عنهم هيجانه ، فما داموا بعد في
اللجة فأنهم يتوقعون اهو اله وغرقه . كما الا يسرون بالنسبة للهدوء الذي يكون له احيانا ، لأنهم لا يطمئنون جملة ، حتي يصلوا إلى الميناء ، نعم ، لأن كثيرين كانوا علي فم الميناء ولكنهم عطبوا .
+ وقيل أيضاً :
إن لم يحفظ الإنسان التعليم الروحي ، ولم ينق قلبه من الأفكار القذرة ، فكل تعليم ينساه ويذهب عنه . وعند ذلك يجد العدو فيه مطمعا فيسقطه ، لأن النفس تشبه مصباحا مضيئا ، إذا توانت عنه ولم تتعهده بالزيت أنطفأ .
+ وقال تادرس الاسقيطي :
أن الفكر السوء يأتي فيقلقني فاشغل وما أقدر أن أتمم الفعل لكنه يشغلني ويمنعني من الفضيلة .فأما الرجل المستيقظ فهو يتيقظ وينهض عليه بالصلاة .
+ قال القديس أبيفانيوس عند خروج نفسه :
أيقظوا قلوبكم بذكر الله . فتخف قتالات الأعداء عنكم .
+ قال أحد الآباء :
ليكن فكرك فكراً صالحاً هادئاً في أي موضع سكنت فيه .
+ قيل عن أخ من الرهبان :
أنه زار شيخا تعبا في عمل الخير ،كان ساكنا في المغائر التي تقع فوق المكان الملقب باسرائيل ، وكان الشيخ ذا عقله متيقظ لدرجة أنه كان حيثما توجه ، يتوقف عن السير ويستعرض فكره ويسأله : كيف حالك يا أخي ؟ أين نحن ؟ . فاذا وجد عقله يترنم بالمزامير ومتضرعا ، حمده واستدامه ، وأن وجد ذاته متفكرا في أي شيء من الأشياء ، شتم ذاته في الحال قائلا : هلم من هناك . قف عند حدك . والزم عملك . وكان الشيخ يخاطب نفسه . بهذا الكلام دائما : يا أخي . يلوح لي أن الانصراف قريب ولست أري مجالا للنوم أو التهاون بعد . ثم ظهر الشيطان في وقت من الأوقات لهذا الفاضل وقال له : لماذا تتعب . أنك لن تخلص .
فقال له الشيخ :
وماذا يهمك أن كنت لا أخلص ؟
لكني سوف أوجد في العذاب فوق رأسك . وتحت كل من فيه .
وقال هذا الشيخ أيضا:
سبيل الراهب اذا وقف مع أخوة رهبان ، أن يطرق برأسه دائما إلي أسفل ولا ينظر بالجملة إلى وجه إنسان ، وخاصة وجه شاب ، واذا كان منفردا ينظر الي العلو دائما . ذلك لأن الشيطان من شأنه أن يغتم ويرتاع إذا نظرنا إلى العلو نحو ربنا .
+ سأل أخ أنبا أمونا مرة قائلا :
يا أبي ثلاثة أفكار تضايقني ، الأول : أن اسكن في البراري وحدي ، والثاني : أن أمضي إلى القرية حيث لا يعرفني أحدا ، والثالث : أن أحبس نفسي في القلاية ولا أجتمع بأحد ، وأصوم يومين يومين .
قال له الشيخ :
ولا واحد من هذه الأفكار تستطيع أن تمارسه كما ينبغي ، بل الأفضل أن تجلس في قلايتك ، وتأكل في كل يوم قليلا ، وتجعل كلمة العشار في فمك دائما قائلا : يا الله أغفر لي فأني خاطىء . وأنت تتنيح .
+ وقيل عن الأب جلاسيوس :
أيضا أنه قلق من أفكار تعرض عليه الخروج إلى البرية ، فقال لتلميذه : احرص على عدم مخاطبتي هذا الأسبوع. ونهض وأخذ عصاه بيده وبدأ يمشي خارج القلاية ، وجلس قليلا ، ثم قام ومضي فلما صار العشاء قال لفكره : أن الذين يطوفون البرية ، خبزا لا يأكلون وتحت سقف لا ينامون . كما أن أولئك أيضا يقتاتون بالحشيش ، أما أنت فلكونك ضعيفا كل بقولا . فأكل ورقد تحت السماء ، واستمر علي ذلك ثلاثة أيام وهو يمشي طول النهار ، ويأكل في العشية بقولا يسيا وينام في العراء .
فلما تعب حينئذ بدأ يعاتب نفسه قائلا : بما أنك لا تقدر أن تقوم بأعمال أصحاب البرية ، فأولي بك أن تجلس في قلايتك وتبكي علي خطاياك ، ولا يطيش عقلك قائلا : أدخل الي البرية ، لأن عيني الرب في كل مكان ناظرة الي أعمال جميع الناس ، وهو يعرف جميع فاعلي الخير .
+ أخ من القلالي ،
بل خوصا فلما جلس يعمل قال له فكره : اذهب الي قلاية الشيخ . فقال هو لفكره : أصبر سوف أذهب بعد أيام .
فقال له فكره : فأن مت فكيف تذهب ؟ اذهب لتسأله عن الحصاد . فرد علي فكره : لما يأتي زمان الحصاد .. أو علي الأقل لما افرغ من هذا الخوص الملوك سوف أذهب .
عاد فكره وقال له : الهواء طيب اليوم . وأنه من ساعته نهض ليذهب الي الشيخ ، وكان لهذا الأخ جار قديس يري الغيب ، فلما رآه ذاهبا صاح به قائلا : يا مسبي ارجع وتعال . فلما قال له : ارجع الي قلايتك . فحدثه بقتاله كله ، وصنع له مطانية ، ورجع إلى قلايته ، فصارت الشياطين بصوت عال غلبتمونا يا رهبان . وصارت الحصير اليت كانت تحته تلتهب كلها نار . ثم بادوا مثل الدخان . وهكذا تعلم ذلك الأخ خبث الشياطين وحيلهم من هذا المر .
معينات لضبط الفكر
سؤال :
إن الآباء قالوا : ينبغي لنا أن ندخل الي القلاية ونتذكر خطايانا ، لكني أجد نفسي أني أتذكرها بدون توجع وأشتهي أن أتخشع فلا يأتيني التخشع فما السبب ؟
الجواب :
لست تسلك في سبيل الحق ، لأنك تحتاج إلى تفتيش القلب وضبط الفكر عن كل إنسان ، فمن لم يقطع هواه لا يوجعه قلبه ، وقلة الإيمان لا تدع الإنسان يقطع هواه ، وسبب ذلك هو محبة مجد الناس اكثر من مجد الله كما قال الرب ، فأن أردت بالحقيقة أن تبكي على خطاياك ، فمت عن كل الناس واقطع هواك وأجتنب تزكيتك لنفسك وإرضاءك للناس ، ولا تتلذذ بطعام ولا تشبع ولا تدن أحد ، وكن حسن الطاعة لتبلغ الاتضاع ، والاتضاع يميت الأوجاع .
سؤال :
كيف أعرف الفكر الذي من الله والفكر الذي من الطبيعة والفكر الذي من الشيطان ؟
الجواب :
افراز هذه المسالة أنما يكون قد بلغوا إلى التمام لأنه إن لم يطهر العين الداخلية بالعرق والعناء الكثير ،
فلا تقدر أن تفرز ، فاقطع هواك لله في كل شيء وقال : ليس كما أريد انا ، بل ليكن ما تريده انت ياربي والهي . وهو يعمل معك كهواه . فاسمع الآن فرز هذه الأفكار الثلاثة : اذا تحرك في قلبك فكر في ذات الله ووجدت فرحا ، وحزنا يساوي هذا الفرح ، فأعلم أن ذلك الفكر هو من الله ، فداوم فيه ، فأن جاء عليك فكر طبيعي الذي هو الهوي الجسداني فادفعه ، و أتمم القول القائل : أن تكفر بنفسك ، أي أنك تفكر بالمشيئات الطبيعة وهي تجر إلى الخلف ، فكل أمر تفكر فيه وتحس في قلبك ببلبلة ولو بمقدار شعرة ، فأعلم أن ذلك من الشيطان واعلم أن ضوء الشياطين آخره ظلمة . .
+ قال مار اسحق :
طريق الحكمة هو ترتيب الأعضاء ، وطموح الجسد هو تخبط . الحكمة الحقيقية هي النظر في الله ، والنظر في الله
هو صمت الأفكار ، الاحساس بالله هو عمق الاتضاع ، ثاؤرية تصور الحق ، هي مبتورة القلب ، القلب الذي هو قد مات عن العالم فبالله يتحرك جميعه ، الذي يبني نفسه أخير له من أن ينفع المسكونة جميعها . من قد ماتت اعضاؤه الخارجية فقد عاشت أعضاؤه الداخلية الساذج الحكيم بالله ، خيرا من الفهيم الغاش بضميره .
1- الشجاعة الفكرية
+ قال أنبا باخوميوس :
قاتل جميع أفكارك ليعطيم المسيح المواعيد التي أعطاها للقديسين .
إذا جاءك فكر بخصوص حب الأجسام أو بغض أو غضب أو أي رذيلة من الرذائل ، فكن قوي القلب وقاتل كالجبار حتى
تهزمها مثل عوج وسيحون وباقي ملوك الكنعانيين ، وحينئذ ترث جميع مدن أعدائك . أطرح عنك ضعف القلب لئلا يتملكك الكسل وقلة الايمان فيطمع فيك أعداؤك .
اجعل قلبك كقلب سبع واصرخ كبولس وقل :
من ذا الذي يستطيع أن يفصلني عن محبة الله ربي ؟ أن كنت في البرية فقاتل بالصلوات والتنهد والصوم وأن كنت في وسط الناس فكن وديعا كالحمام وحكيما كالثعبان .
+ سأل شيخا قائلا :
” ماذا أفعل يا أبي فأن الخوف يتبعني اذا لحقتني أفكار ؟ ” ، فقال له الشيخ : ” أن جندي الملك اذا خرج للحرب قبالة الأعداء ، فكلما رموه وجرحوه ينهض مسرعا لمقاتلتهم دفعات كثيرة ، فما لم يترك الحرب ويهرب فأن الملك لن يغضب لأجل أنهم جرحوه ، بل بالحري يفرح له بالأكثر ، لكونه قبل الجراح في سبيل مقاتلة أعداء سيده ، هكذا أنت أيضاً ، كما نخستك الأفكار ، انتصب بالأكثر لمقاتلتها ” .
2 – لا تلج مع الأفكار
+ قال أحد الآباء :
إمساك العقل والقلب هو أن الإنسان متيقظا . لا تتهاون بأفكارك ، وإذا قاتلك العدو بالفكر فلا تلتفت إلى قتاله لأنه يريد بذلك أن يشغلك عن مخاطبة الله .
+ قال شيخ : بخصوص مساعدتنا للأفكار:
” الشيطان فتال حبال ، فأنت تدفع له الخيوط وهو يفتل ” .
+ قال القديس باسيليوس:
” ما لا ينبغي أن تفعله لا تفكر فيه ولا تذكره ” .
+ قال أنبا بيمن :
” إذا أخذ الإنسان حية ووضعها في قارورة فغطي فمها فأنها تموت ، هكذا الأفكار الردية ، إذا قامت على الإنسان فالصبر والجهاد يهلكانها ” .
+ سأل الأنبا آمون الانبا بيمن :
عن الأفكار النجسة التي تتولد في قلب الإنسان والحسيات الباطلة فقال له : ” هل يقطع الفأس بغير انسات يقطع به ؟ ، فأنت أذن لا تعط هذه الأفكار أهمية ولا المسألة فأجابه :
+ وسأله أيضا أنبا أشعياء عن هذه المسألة فأجابه :
” مثل تابوت مملوء ثيابا ، ان تركتها دون أن تتعاهدها ، سوست وتلفت كذلك الأفكار أن لم تفعلها جسدانيا بطل ” .
+ قال أخ لشيخ :
” أفكاري لا تتركني أستريح ، ولذلك تجد نفسي مغمومة ” ، فقال له الشيخ : ” إذا زرع الشياطين فيك الأفكار، فلا
تتحدث معها ، فمن شأنهم أن يطرحوا زرعهم دائما ولكنهم لا يلزمون أحد بقبوله اضرارا ، فلك أن تقبله أو لا تقبله .. ألا تلاي ما عمله أهل مديان ، كيف أنهم زينوا بناتهم وأظهروهم ومنهم من لم يديدوا فلم يدنوا منهن ، كذلك من أغتاظ منهن فشرع في قتلهن . وهكذا تكون حال الرهبان مع الأفكار التي تهجس بها الشياطين اليهم . فأجاب الأخ وقال : ” كيف أعمل يا أبي لأني ضعيف والوجع غالب علي وليس لي قدرة علي مقاومة الأفكار ” قال : ” كيف أعمل يا أبي لأني ضعيف والوجع غالب على وليس لي قدرة علي مقاومة الأفكار ” فقال له الشيخ : ” إذا القوا فيك الأفكار فلا تجاوبهم ، بل اهرب الي الله بالصلاة
والسجود ، وقل يا الله ارحمني واصرف عني هذه الافكار بقوتك العظيمة ، فاني ضعيف عن مقاومتها ” ، فقال له الأخ : ” إني إذا وقفت لأصلي ، لا أحس بخشوع لعدم معرفتي بمعني الكلام وقوته ” ، فقال له الشيخ : هكذا : أن الراقـي ( الساحر ) لا يعرف قوة الكلام الذي يعزم به ، لكن الحية تحس بقوة القول فتخرج ، كذلك نحن أيضا ، أن كنا لا نعرف ما نقوله ، ولكن الشياطين تعرف قولنا وتنصرف عنا ” .
3– شغل العقل
+ قال القديس أوغريس:
” الذي يجمع كلام الكتب المقدسة إلى قلبه ، يلقي الأفكار براحة ، لأننا نحتاج إلى أتعاب كثيرة لكي نقطع كمال الأفكار ” .
+ سؤال :
أخبرني يا أبتاه ماذا أعمل ، لأن الأفكار قد اضطربت في جدا ؟
الجواب :
يا ولدي ، إن كان الإنسان باطلا ، فأنه يتفرغ لقبول الأفكار التي تأتيه ، وإذا كان له عمل . يعمله ، فلا يتفرغ لقبولها ، قم وقت السحر وامسك الطاحون وأطحن قمحك ، فتعمل منه خبزا لغذائك ، وذلك قبل أن يسبقك العدو ويجعل عليها رملا ، وأسرع فاكتب لوحك ، واحفظ الوجه الآخر ، لأن ربنا يقول للرسول : ” أنتم ملح الأرض ” ، فالأرض يا أبني هي جسدك ، فكن أنت له ملحا تملحه / وجفف ناموسه ودوده ، وأعني أفكارك الرديئة .
Discussion about this post