إمكانية القيامة ولزومها
إمكانية القيامة
إن إقامة الاجساد بعد الموت، معجزة تدخل في قدرة الله على كل شئ. ولاشك إن إقامة الأجساد أسهل من خلقها.
فالله الذي أعطاها نعمة الوجود، هو قادر بلاشك على إعادتها إلى الوجود. هو خلقها من تراب الأرض، وهو قادر أن يعيدها من تراب الأرض مرة أخرى. بل أعمق من هذا أنه خلق الكل من العدم. خلق الأرض وترابها من العدم، ثم من تراب الارض خلق الانسان.
أيهما أصعب اذن: الخلق من العدم، أم إقامة الجسد من التراب؟!
إنها القدرة غير المحدودة لالهنا الخالق، الذي يكفى أن يريد، فيكون كل ما يريد، حتى بدون أن يلفظ كلمة واحده أو يصدر أمرًا..
القيامة هي أذن عقيدة للمؤمنين: الذي يؤمن بالله وقدرته، يستطيع أن يؤمن بالقيامة… فهى في جوهرها تعتمد على إرادة الله، ومعرفته وقدرته.
+ فمن جهة الإرادة، هو يريد للإنسان أن يقوم من الموت، وأن يعود إلى الحياة. وقد وعد الإنسان بالقيامة والخلود. ومادام الله قد وعد، إذن لابد أنه سينفذ ما قد وعد به…
+ ومن جهة المعرفة والقدرة: فالله يعرف أين توجد عناصر هذه الأجساد التي تحللت، وأين توجد عظامها. ويعرف كيفية إعادة تشكيلها وتركيبها. كما يعرف أيضًا أين توجد أرواح تلك الاجساد.
ويسهل عليه أن يأمرها بالعودة إلى أجسادها، ويسهل عليها ذلك. وهو يقدر على هذا كله. جَلّ اسمه العظيم، وتعالت قدرته الالهية…
إن الذي ينكر إمكانية القيامة، هو بالضرورة ينكر المعجزات جملةً. وبالتالى ينكر الخلق من العدم، وينكر قدرة الله، وقد ينكر وجوده أيضًا!
يدخل في هذا الجهل، الملحدون، وانصاف العلماء، وغير المؤمنين. أما المؤمنون الذين يؤمنون بالله، وبقدرته غير المحدودة، فإنهم يؤمنون بالمعجزات، ومنها القيامة.
ضرورة القيامة
كما أن القيامة ممكنة بالنسبة إلى قدرة الله، كذلك هي أيضًا ضرورية بالنسبة إلى عدل الله وصلاحه وجوده
1- إنها لازمة من أجل العدل:
لازمة من أجل محاسبة كل إنسان على أفعاله التي عملها خلال حياته على الأرض خيرًا كانت أو شرًا. فيثاب على الخير، ويعاقب على الشر. ولو لم تكن قيامة، لتهافت الناس على الحياة الدنيا، وعاشوا في ملاذها وفسادها، غير عابئين بما يحدث فيما بعد! وأيضًا إن لم تكن قيامة، لساد الظلم واستبد القوى بالضعيف، دون خوف من عقوبة أبدية.
أما الإيمان بالقيامة وما يعقبها من دينونة وجزاء، فإنه رادع للناس. إذ يشعرون أن العدل لابد سيأخذ مجراه، إن لم يكن في هذا العالم، ففى العالم الاخر..
2- والقيامة لازمة أيضاً لأجل التوازن:
ففى الأرض لايوجد توازن بين البشر. ففيها الغنى والفقير، السعيد والبائس, المنعّم والمعذب… فإن لم يكن هناك مساواة على الأرض.
فمن اللائق أن يوجد توازن في السماء. ومن لم ينل حقه على الأرض، يمكنه ان يناله بعد ذلك في السماء. ويعوّضه الرّب عما فاته في هذه الدنيا، إن كانت أعماله مرضية لله.
3- إن الله وعد الانسان بالحياة الابدية. ووعده هو للإنسان كله، وليس للروح فقط التي هي جزء من الانسان، فلو أن الروح فقط اُتيح لها الخلود والنعيم الأبدي، أذن لا يمكن أن نقول إن الانسان كله قد تنعم بالحياة الدائمة، بينما قد حُرم الجسد من ذالك! فبالضرورة إذن ينبغى أن يقوم الجسد من الموت، وتتحد به الروح. ويكون الجزاء الأبدى للإنسان كله.
4- والقيامة ضرورة. لأنه لولاها لكان مصير الجسد البشرى كمصير أجساد الحيوانات! ماهى اذن الميزة التي لهذا الكائن البشرى العاقل الناطق, الذي وهبه الله موهبة التفكير والاختراع والعلم، والقدرة على صنع مركبات الفضاء التي توصله إلى القمر، وتدور به حول الأرض وترجعه اليها سالمًا..!
هذا الانسان الذي قام بمخترعات أخرى مذهلة كالكمبيوتر والفاكس والـالمحمول، أو الموبايل).. هل يُعقل أن هذا الانسان العجيب الذي سلّطة الله على نواح عديدة من الطبيعة، يؤول جسده إلى مصير كمصير بهيمة أوحشرة أو بعض الهوام؟! Mobile Phone ، إن العقل لايمكن أن يصدق هذا. اذن لابد من القيامة.
5- إن قيامة الجسد تتمشى عقليًا مع كرامة الانسان، الانسان الذي يتميز على جميع المخلوقات الأخرى ذوات الأجساد، والذى يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعًا، وأن يقوم لها بواجب الرعاية والاهتمام اذا أراد، أو أن يقوم عليها بحق السيطرة والاستخدام… أليست كرامة جسد هذا المخلوق العاقل لابد أن تتميز عن مصير باقى أجساد الكائنات غير العاقلة وغير الناطقة التي هي تحت سلطانه..؟!
6- والقيامة أيضاً لازمة لتقدم لنا الحياة المثالية التي فقدناها هنا: تقدم لنا صورة الحياة الجميلة الرائعة في العالم الآخر، حيث لا حزن ولا بكاء, ولا فساد ولا ظلم، ولا عيب ولا نقص. بل هي حياة النعيم الأبدي والانسان المثالى الذي بلا خطية.. بالاضافة إلى العشرة الطيبة مع الله وملائكته وقديسيه.
ما أجمل هذه الحياة التي في العالم الآخر، التي لم ترها عين، ولم تسمع بها اذن، ولم تخطر على قلب بشر.
القيامة هي عيد. فتهانئ للجميع بعيد القيامة.
Discussion about this post