تدبير المحبة: 5 /1: الراهب والله
( أ ) ما هو الحب
+ قال مار أسحق :
النفس المحبة لله سعادتنا في الله وحده . محبة الله هي فردوس كل النعيم الذي فيه شجرة الحياة وما لم يخطر علي قلب بشر . فمن يدركه لا يموت لأنه يتغذى بلا تعب من الخبز الذي من السماء الذي يهب الحياة للعالم . فمن عاش في هوى حب المسيح قد استنشق من ههنا نسيم الأبرار بعد القيامة .
الحب هو هذا الملك المعد الذي وعد به السيد المسيح لمحبيه والحب هو المسيح لأن الرسول يقول : ” إن الله محبة ” .
+ قال القديس باسيليوس :
ابتداء المحبة حسن الثناء ، وابتداء البغضة الوقيعة .
+ وقال أحد الآباء :
كما أنه لا يستطيع أن تكون الصحة والمرض في جسد واحد ولا يفسد أحدهما من الآخر ، هكذا لا يمكن للحب والبغضة أن يسكنا في إنسان واحد ولا يفسد أحدهما رفيقه .
( ب ) كيف يقتني
+ يقول ماراسحق :
– أن مخافة الله تتقدم محبة الله .
– كما أنه لا يمكن عبور النهر بلا سفينة كذلك لا يمكن لأحد أن يعبر إلى حب الله . لأن التوبة هي السفينة والمخافة هي مديرها والمحبة هي ميناء السلامة والكرامة حيث يلقي المتعبون راحتهم والعمالون المجاهدون نياحهم والتجار ربحهم حيث هناك الآب والروح القدس الاله الواحد له المجد
– المخافة هي عصا الآب التي تسوقنا الي محبة الله .
( ج ) خوف الله
+ قال مار اقليمس :
” من لا يجد في نفسه خوف الله فليعلم أن نفسه ميتة ” .
+ قال أنبا مكسيموس :
” الخوف الإلهي هو غاية اهتمام الإنسان بألا يقع في عقوبة الآخرة بسبب خطاياه “
+ قال مار افرام :
” أن شئت ألا تخطىء ، احفظ مخافة الله ” .
+ من قول بعض الشيوخ :
” في كل شيء تصنعه ، اعلم ان الله ينظر دائما ، لتكون مخافته فيك .
+ من أقوال أنبا يعقوب :
” مثل المصباح الذي ينير البيت المظلم ، كذلك خوف الله إذا دخل في قلب الإنسان ، فأنه يضيئه ويعلمه جميع الوصايا “
+ قال القديس باسيليوس :
” كما أن الجسديين لا يقدرون أن يغضبوا بحضرة الملك ، كذلك الذين يتدبرون بالروحانية يمنعهم من الغضب الخوف من الله الملك المعقول الناظر اليهم دائما ” .
+ قال شيخ لتلميذه :
” ويح لنا يا أبني فاننا لا نخاف من الله حتي ولو مثلما نخاف من كلب ” فقال له تلميذه : ” لا تقل هكذا يا أبي ، والا فأنت تجدف على الله ” . فقال له الشيخ : ” أأجدف ؟ ! ” أني سوف أبين لك بهذه الحقيقة وهي : ربما أنا مضيت ليلا الي موضع لأسرق ، فكنت إذا أبين له بهذه الحقيقة وهي : ربما أنا مضيت ليلا إلى موضع لأسرق ، فكنت إذا سمعت صوت الكلاب ، أخرج لساعتي فزعا منها ، فالخطأ الذي لا يرذني عنه خوف الله ، ردني عنه خوف الكلاب ” .
+ سأل أخ أنبا بيمن :
” ماذا أصنع لأن نفسي قاسية ، ولا تخاف الله ؟ ” قال له الشيخ : اذهب وأجلس مع انسان يخاف الله ، وهو يعلمك خوف الله ” .
+ سأل الأخوة الأب سلوانس :
عند موته قائلين : ” أية سيرة صنعتها أيها الأب حتي أقتنيت هذه الحكمة ؟ ” فأجاب : ” لم أترك قط في قلبي ذكر يسخط الله ” .
+ قال دياراخس :
” لا يقدر إنسان أن يقتني خوف الله الا اذا أحب خصالا وأبغض خصالا أخرى ، وذلك أن أراد أن يكون راهبا حقا ” ، قالوا له : ” وما هي الخصال التي تحب ؟ ” قال : ” هي الشجاعة في غلبة الأهواء المظلمة ، المحبة ، العفة ، العلم ، الاتضاع ، المسكنة الرحمة ، حسن الحديث ولينه ، الصبر ، السهر ، التعب ، الطاعة ، وما اشبه ذلك مما يرضي الله ، فمن كانت له هذه الخصال رجوت له الخلاص ” فقالوا : ” وما هي الخصال التي تبغض ؟ ” قال : الشره ، العشق ، الحقد ، اللجاجة ، الرياء ، الكذب النميمة ، الحسد ، الشر ، العجز ، الضجر ، التواني ، الغفلة ، البذخ ، التيه ، التعظم ، العجب ، الصلف ، وما أشبه ذلك ” .
( د ) متى يقتني حب الله
+ قال ماراسحق :
حل قلبك من الرباطات البرانية أولا حينئذ تقدر أن تربطه بحب الله .
من لم يعظم نفسه من حب الدنيا لا يستطيع أن يتذوق حلاوة محبة الله .
أن أعمال الروحانية تتولد من الأعمال النفسانية والأعمال النفسانية تتولد من الأعمال الجسدانية .
( هـ ) محبة الله لنا
+ قال أحد الأخوة :
سمعت أن القديس أنبا انطونيوس اعتاد أن يقول :
” أن الله لا يسمح للقتالات في هذا الجيل أن تشتد كما اذن لها في الأجيال الغابرة لأنه يعرف أن البشر الآن أكثر ضعفا ولن يستطيعوا أحتمالا .
( و ) محبتنا لله
+ قال أنبا انطونيوس لتلاميذه :
” أنا لا أخاف الله فدهشوا وقالوا له : ما هذا الكلام الصعب يا أبانا : فقال : نعم يا أولادي لأني أحبه والحب يطرد الخوف .
ومرة ذهب انبا آمون الذي من نيتريا إلى أنبا أنطونيوس وقال له : آن الأتعاب التي أقوم بها أعظم من اتعابك فلماذا أرى أن اسمك ذو صيت حسن بين الناس دون اسمي . أجابه القديس : لأني أحب الله أكثر منك ” .
من كلام القديس سمعان العمودي :
” إذا كانت حمى الجسد تمنعه من أن يعمل أعماله الجسدانية ، كذلك مرض النفس بالخطية يمنعها من ممارسة أعمال
الحياة الروحانية ، فالله يريد من النفس أن تحبه وتطلبه بحرص ، فاذا أحبته وطلبته بكل قوتها ، فحينئذ يسكن فيها ويملك على أفكارها فيهديها إلى ما يريده لها ” .
+ قال القديس باسيليوس :
” علامة الخلوة مع الله هي الابتعاد من القلق والبغضة لسيرة العالم ” .
+ قال شيخ :
يجب علي الراهب في كل بكرة وعشية أن يحاسب نفسه ويقول :
” ماذا عملنا مما يحبه الله ؟
وماذا عملنا مما لا يحبه الله ؟ ” ، لأنه يجب علينا أن نفتقد حياتنا بالتوبة هكذا ، وبهذه السيرة عاش أرسانيوس لأن من عمل كثيرا ولم أتلفه ، ومن يعمل قليلا ويحفظه يبقي معه ” .
+ وقال أيضاً :
لو أننا نحب الله مثلما نحب أصدقاءنا لكان طوبى لنا ، فقد أبصرت أناسا كثيرين قد أحزنوا أصدقاءهم فلم يهدأوا الليل مع النهار بالشفاعات والهدايا حتي ردوا الحب فيما بينهم ، أما الله ، فحزين منأجل خطايانا ، وما نكترث لذلك ولا نطلب رضاه ” .
+ قال أنبا تيموثاوس :
” لا توجد طريق مستقيمة ، سوى طريق ربنا يسوع المسيح ، لأنه هو الطريق والحق والحياة ” .
+ قال شيخ :
” اذا أردت أن ترضي الله فنق قلبك من جميع الناس ، ضع ضميرك تحت الخليقة ، ولا تدن أحداً ، واجعل فكرك في الله ، واذا أبصرت أحدا يخطيء صل لله قائلا : ” أغفر لي فأني انا الذي فعلت هذه الخطية ” ، فتتم فيك الكلمة المكتوبة .
” ما من حب أعظم من هذا أن يضع الإنسان نفسه عن رفيقه ” .
+ التقى سائح بسائح آخر في برية سيناء ، فسأله : ” بماذا يكون الخلاص ؟ ” قال له : ” أذن فمن لا يعرف لا يخلص ؟ ” قال : ” لا ” فقال : ” وما هي المعرفة أذن ؟ ” قال : ” أن يعرف العبد حقيقة خالقه ، ومم خلقه ، وما يؤول اليه أمره ، فاذا عرف ذلك فإنه لن يعصياه ، بل سوف يصنع مرضاته طول حياته ” ، فقال ” صدقت ” ثم أنصرف .
+ قال شيخ :
” أهتم بالله ، ولا تتهم بشيء أرضي ، أستند الي الله ، ومن جهة المنافقين لا تفرغ”
+ سئل أحد الشيوخ :
” ما هو الباب الضيق ؟ ” قال :
أن يضيق الإنسان على نفسه ، ويزيل إرادته كلها لأجل حب الله وطاعته ، بحسب ما قيل : ” ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك ” ، لأنه لم يكن لهم غني وتركوه . بل تركوا مشيئتهم ” .
+ قال شيخ : ” الذي يريد الاختصاص بالملك ، فلا تحزن أحداً من الناس ، حتي ولو أكثر الإساءة اليك ، بل أترك الأمر لله . أما اذا صادقت الله فسوف يقوم الكل عليك ، ويرفعون عقبهم عليك ولكنك ان ثبت ففي النهاية يوضع أكليل من ياقوت عليك ، وتاج ملوكي على رأسك ” .
Discussion about this post