إنجيل الميلاد عيد الميلاد المجيد : (لوقا 2 /1-20)
أبناء موقع سلطانة الحبل بلا دنس
المسيح ولد فمجدوه , المسيح أتى من السموات فاِستقبلوه
المسيح على الأرض فاَرتفعوا
رتلي للرب أيتها المسكونة كلها لأن السماوي صار أرضياً
المسيح تجسد فلنتهلل بخوفٍ و فرح
خوفٍ من الخطيئة و فرحٍ في تحقيق الرجاء
المسيح ولد من البتول فتعففن أيتها النساء لكي تصبحن أمهاتٍ للمسيح
﴿وَصَعِدَ يُوسُفُ أَيضًا مِنَ الجَلِيل، مِنْ مَدينَةِ النَّاصِرَة إِلى اليَهُودِيَّة، إِلى مَدينَةِ دَاوُدَ الَّتي تُدْعَى بَيْتَ لَحْم لأَنَّهُ كَانَ مِن بَيْتِ دَاوُدَ وعَشِيرَتِهِ، لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ خِطِّيبَتِهِ، وهِيَ حَامِل. وفِيمَا كانَا هُنَاك، تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِد، فوَلَدَتِ ٱبنَهَا البِكْر، وَقَمَّطَتْهُ، وأَضْجَعَتْهُ في مِذْوَد لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ في قَاعَةِ الضُّيُوف﴾
فها هو القديس يوسف ينتقل مع خطيبته القديسة مريم إلى “بيت لحم” الذي يعني “بيت الخبز”، ليُولد هناك “خبز الحياة”. وقد سُجل اسمه مع البشر في الاكتتاب ليشاركنا كل شيء حتى في التعداد يُحسب كواحدٍ منا، إذ قيل:
“وأُحصيَ مع آثمة” (إش 53: 12)
ذلك لكي نُحصَى نحن في كتابِه الإلهي، ونُحسب أصدقاؤه.
فوَلَدَتِ ٱبنَهَا البِكْر
ويفسر القديس جيروم معنى ( ابنها البكر ) أي أول مولود فلا يقصد به أنه أخ من بين عدة إخوة، ولكن واحد من بين الأبكار فإنَّ الأسفار الإلهيّة تستعمل كلمة بكر أو أول في مواضع شتَّى ولم يقصد بالكلمة إلا واحد فقط، فقد ورد :
“أنا الأول والآخر ولا إله غيري” (إش 44: 6).
فأُضيفت كلمة أول إلى المولود للدلالة على أن العذراء لم يكن لها ابن سوى يسوع ابن الله على حد قول الوحي
“أنا أيضًا أجعله بكرًا أعلى من ملوك الأرض” (مز 89: 27)
ويقول أيضًا الحكيم بولس “وأيضًا متى أُدخل البكر إلى العالم يقول: فلتسجد له كل ملائكة الله” (عب 1: 6).
وكيف دخل المسيح البكر إلى العالم بأن الله صار إنسانًا ومع أنه ابن الله الوحيد إلا أنه بكر لنا، لأننا جميعنا إخوة له وبذلك أصبحنا أبناء الله.
وفي بيت لحم ولدت العذراء ابنها ، إذ قيل: “وبينما هما هناك تمَّت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمّطته وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل”
فهاهو ملكنا جاءَ يلقي بذور الفضيلة في نفوسنا منذ أولى لحظات ولادته من مريم العذراء فهو اذ لم يجد مكاناً له في منازلنا فجاء بكل اتضاع في مزود وولد بين البهائم محتقراً كل امجاد العالم و عظمتِهِ الفانية تلكِ كانت أولى دورس المعلِّم لنا على الأرض
( التواضع و الكفر بالذات حتى الصليب )
لقد شعر يسوع بما نشعر به من عوامل الطبيعة فلفتهُ امه مريم بأقمطة علَّهُ يتقي البرد القارص في بيت لحم . و يعلق القديس غريغوريوس النزينزي على هذه الآية بقوله :
وُلد في مذود ليرفعكم إلى المذبح
جاء إلى الأرض ليرفعكم إلى السماء
لم يجد له موضعًا إلا في مذود البقر، لكي يعد لكم منازل في السماء (يو 14: 2) وكما يقول الرسول بولس : “إنه من أجلكم افتقر وهو الغني لكي تستغنوا أنتم بفقره” (2 كو 8: 9).
فميراثي هو فقر المسيح، وقوَّتي هي ضعف المسيح.
“وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجدُ الرب أضاء حولهم
فخافوا خوفاً عظيماً. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة تجدون طفلاً مقمطاً مضجعاً في مذود.”
لم تشعر الأرض بميلاد المسيح فهاهو في المزود بعيداً عن الأنظار استقبلت الارض خالقها بصمتٍ رهيب ولكن السماء اهتزت، ولم تستطع أن تصمت أمام هذا المشهد العجيب فإله السماء، ها هو الآن في مذود. والملائكة بشروا الرعاة بأنه ولد لكم انتم ايها البشر المسيح الخلص.
وٱنْضَمَّ فَجْأَةً إِلى المَلاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الجُنْدِ السَّمَاوِيِّ يُسَبِّحُونَ ٱللهَ ويَقُولُون: أَلمَجْدُ للهِ في العُلَى، وعَلى الأَرْضِ السَّلام، والرَّجَاءُ الصَّالِحُ لِبَني البَشَر. هوذا الملائكة ترتِّل، ورؤساء الملائكة تغنِّي في انسجام وتوافق…
الشاروبيم يسبِّحون تسابيحهم المفرحة، والسيرافيم يمجِّدونه.
الكل اتَّحد معًا لتكريم ذلك العيد المجيد، ناظرين الإله على الأرض، والإنسان في السماء؛ الذي من فوق يسكن هنا على الأرض لأجل خلاصنا، والإنسان الذي هو تحت يرتفع إلى فوق بالمراحم الإلهيّة!
هوذا “بيت لحم” تضاهي السماء، فتسمع فيها أصوات تسبيح الملائكة من الكواكب، وبدلاً من الشمس أشرق شمس البر في كل جانب.
العلامة أوريجينوس
ولَمَّا ٱنْصَرَفَ ٱلمَلائِكةُ عَنْهُم إِلى السَّمَاء، قالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُم لِبَعْض:
«هيَّا بِنَا، إِلى بَيْتَ لَحْم، لِنَرَى هذَا ٱلأَمْرَ الَّذي حَدَث، وقَد أَعْلَمَنا بِهِ الرَّبّ».
أسرع الرعاة في البحث عن يسوع بلا تراخٍ، فقد آمن الرعاة بكلمات الملاك.
ويقدَّم لنا القدِّيس مار أفرام صورة مُبهجة للقاء الرعاة بالطفل الراعي إذ يقول:
[جاء الرعاة حاملين أفضل الهدايا من قطعانهم:
لبنًا لذيذًا ولحمًا طازجًا وتسبيحًا لائقًا… أعطوا اللحم ليوسف، واللبن لمريم، والتسبيح للابن!
أحضروا حملاً رضيعًا، وقدَّموه لخروف الفصح!
قدَّموا بكرًا للابن البكر، وضحيّة للضحيّة، وحملاً زمنيًا للحمل الحقيقي.
إنه لمنظر جميل أن ترى الحمل يُقدَّم إليه الحمل!…
اقترب الرعاة منه وسجدوا له ومعهم عصِيِّهم. حيُّوه بالسلام، قائلين:
السلام يا رئيس السلام.
هوذا عصا موسى تسبِّح عصاك يا راعي الجميع
لأن موسى يسبِّح لك. مع أن خرافه قد صارت ذئابًا
وقطيعه كما لو صار تنِّينًا!
أنت الذي يسبِّحك الرعاة، إذ صالحت الذئاب والحملان في الحظيرة ]
تأثَّرَت جدًا القدِّيسة مريم بهذا اللقاء، وكما يقول الإنجيلي: “وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذه الكلمات متفكِّرة به في قلبها”
ويعلّق القدِّيس أمبروسيوس على ذلك بقول: [من كلمات الرعاة تحصد مريم عناصر إيمانها.]
كما يقول: [إن كانت مريم قد تعلَّمت في مدرسة الرعاة فلماذا ترفض أنت أن تتعلَّم في مدرسة الكهنة ]
“ثم رجع الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوه ورأوه كما قيل لهم.” من يتقابل مع المسيح لا يمكن إلا أن يعود مسبحاً وفرحاً.
Discussion about this post